السبت، 22 فبراير 2020

سنن الله...والنصر الموعود!

سنن الله...والنصر الموعود!


سيف الهاجرى
تتسارع الأحداث الكبرى على الأمة وثورتها من تركيا شمالا إلى الصومال جنوبا ومن أندونيسيا شرقا إلى المغرب غربا، وستنطلق موجات ثورية وتحررية جديدة في كل الساحات لتنهي قرن مظلم من الاحتلال الصليبي والاستبداد الوظيفي.

وفي العقد الماضي منذ انطلاق الثورة مرت الأمة بأحداث كبرى محصت الصفوف، وعاشت الأمة وشعوبها تجربة الموجة الأولى من الثورة العربية بقدر رباني لتتهيأ وتستعد لاستكمال ملحمة التحرير والثورة لتحقيق النصر القادم الموعود بإحيائها لدينها وإلتزام سنن الله عز وجل في جهادها وثورتها على النظام الدولي وأدواته الوظيفية.

فمنذ قيام الثورة وانطلاق ملحمتها في العالم العربي دخل النظام الدولي مرحلة الانهيار بعد قرن من السيطرة على العالم العربي والإسلامي منذ سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية، وتفاجأ الجميع من أنظمة ىجماعات وقوى بالثورة ودخول الأمة وشعوبها في معركة مع القوى الغربية الاستعمارية.

وبادرت القوى الدولية لمواجهة الثورة بإنشاء غرفة عمليات دولية مشتركة وأطلقت الثورة المضادة، واستفادت قوى النظام الدولي من تفاهماتها السابقة مع جماعات وقوى وظيفية في كل العالم العربي لتعيد ترتيب أوراقها من جديد في هذه المواجهة مع الأمة وشعوبها.

ومع انكشاف طبيعة المعركة العقائدية بين الأمة وأعدائها من هذه القوى الغربية الصليبية منذ إعلان الرئيس الأمريكي بوش حملة أمريكا الصليبية واحتلالها لأفغانستان والعراق وإعلان بطريرك الكنيسة الروسية الأرثوكسية حملة روسيا المقدسة واحتلالها لسوريا، إلا أن من تصدر الثورة من الجماعات والقوى وخاصة الإسلامية غابت عنها هذه الحقيقة التي جلتها الأحداث التاريخية وأحداث الثورة.

ومع غياب الوعي بالطبيعة العقائدية للمعركة أهملت سنن الله عز وجل التي بينها في كتابه العزيز، وكان عدم الأخذ بهذه السنن من هذه الجماعات والقوى أحد أخطر أسباب اختراق حصون الثورة في موجتها الأولى في كل ساحات الثورة.

فقد حذر الله عز وجل في قوله تعالى ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ من خطورة المنافقين على الأمة ودينها وأنهم عدو بغض النظر عما يظهرونهم من اصطفاف مع الأمة ورفع لشعاراتها، وهذا ما حدث في الثورة وأحداثها، حيث قبلت قوى الثورة بجماعات وقوى وظيفية اصطفت مع الثورة ورفعت شعاراتها كما في اليمن ومصر وسوريا وليبيا، ليتم بعد ذلك سحب البساط من قوى الثورة وإخراجها من المشهد الثوري السياسي وليصبح العدو الخفي الذي حذرهم الله عز وجل منه هو من يمثل الثورة ليتم إعادة إنتاج النظام المستبد الوظيفي من جديد.



وحذر الله عز وجل من خطورة موالاة أعدائه في قوله تعالى ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، وبالرغم من هذا النص الصريح بتحريم موالاتهم فقد راهنت جماعات وقوى محسوبة على الثورة خاصة في اليمن ومصر وتونس على النظام الدولي وتفاهمت مع قواه الاستعمارية وقبلت بالمبادرات الدولية التي أطلقتها الأمم المتحدة واجهة النظام الدولي وأهم مؤسساته، ولم تأخذ هذه الجماعات والقوى بهذا التحذير الرباني فحجب الله عز وجل عنها الهداية وأصبحت بذلك أداة في يد النظام الدولي وقواه الصليبية لمنع تحرر الأمة.

فالجماعات والقوى التي صدرتها الشعوب خاصة في الثورات السلمية لم تأخذ بسنن الانتصار التي بينها الله تعالى في قوله ‏﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ﴾ فتعاملت مع من ثارت عليه الشعوب بكل بساطة وسذاجة بدعوى السلمية، ومنحت رجال الأنظمة المنهارة الفرصة ليعيدوا الكرة من جديد بالثورة المضادة ليصلوا إلى السلطة والحكم من جديد وباسم الثورة نفسها وبرعاية ومكر دولي.

ولم تأخذ هذه الجماعات والقوى واحدة من أهم السنن التي تحتاجها أي ثورة وهو إعداد القوة والتي أمر الله بها عباده المؤمنين في قوله تعالى ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ﴾ وركنت إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية ولم تنشيء قوتها الذاتية من لجان شعبية وقوى ثورية لحماية الثورة من العدو الداخلي الخفي الذي حذر منه الله عز وجل ‏﴿وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾، وعندما افتقدت الثورة لقوة تحميها ظهر هذا العدو الخفي واخترق الثورة من الداخل واحتوائها بدعم من مؤسسات النظام العسكرية والأمنية ودعم القوى الدولية.

لقد دفعت شعوب الأمة ثمن هذا الأداء الضعيف لقوى الثورة واختراق الجماعات والقوى الوظيفية لثورتها، واليوم أمام الأمة وشعوبها وقواها المجاهدة لإعادة بناء الصفوف من جديد وفق سنن الله عز وجل القدرية والشرعية لا وفق السنن الجاهلية للنظام الدولي الذي قامت ثورة الأمة عليه.‏


﴿وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾

الجمعة ٢٧ جمادى الآخرة ١٤٤١هـ
٢١ / ٢ / ٢٠٢٠م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق