النخب العربية والتركية.. من تشرشل إلى كرزون!
وكلاهما تشرشل وكرزون حددا في ذلك العام أي ١٩٢١ طبيعة النظام السياسي الذي سيقوم في العالم العربي وتركيا على أنقاض الخلافة العثمانية وهو العام الذي تشكل فيه الشرق الأوسط المعاصر.
وكان كرزون وزير خارجية بريطانيا أكثر وضوحًا وجدية مع الوفد التركي، الذي تطلع لجني ثمار النصر التركي في حرب الاستقلال، وأكد كرزون بأن بريطانيا لن تقبل بعودة تركيا لتكون دولة يجتمع حولها المسلمون مرة أخرى -أي الخلافة- بعدما عانوا منها لقرون.
وأما تشرشل فلم يكن مضطرا ليوضح العرب سياسة بريطانيا فوكلاء بريطانيا وضباطها السياسيين هم من يمثل أقطار المشرق العربي في مؤتمر القاهرة والذي ظلت محاضره الرسمية سرية ولم تنشر إلى اليوم!
وعلى الرغم من وضوح هذا الدور البريطاني الصليبي في تكوين وإنشاء المنظومة السياسية في الشرق الأوسط إلا أن النخب والجماعات في العالم العربي وتركيا بكل توجهاتها من علمانية وقومية وإسلامية وليبرالية ملتزمة بهذه المنظومة الوظيفية بل وتدافع عنه وتحارب كل من يدعو للتحرر منها وهو ما كشفه الربيع العربي والانقلاب في تركيا وانتخاباتها الأخيرة.
فهؤلاء جزء لا يتجزأ من المنظومة الوظيفية، التي شكلتها بريطانيا وأقامها تشرشل وكرزون، فهذه حقيقتهم ولا يرون أن الأمة وشعوبها تحت الاحتلال والهيمنة الخارجية والاستبداد الداخلي الوظيفي بل يُلبِسون على الأمة وشعوبها أدوارهم الوظيفية ويزينون لها الاحتلال باسم التعاون مع المجتمع الدولي والسلم والإنسانية، والاستبداد باسم الاستقرار والأمن، ليصبح كل من يدعو للثورة والتحرر صاحب فتنة وهذا بالضبط دورهم الوظيفي في تنفيذ شرط اللورد كرزون الثالث!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق