الخميس، 5 ديسمبر 2024

كل هذه العنصرية ويقولون إنهم جمهورية الإسلامية .

 كل هذه العنصرية ويقولون إنهم جمهورية الإسلامية .

 صباح الموسوي

داعية اسلامي و مفكر احوازي وباحث في الشؤون الايرانية و عضو منتدى المفكرين المسلمين


أن الحديث عن أي فعل عنصري صادر عن السلطات الفارسية تجاه الشعب العربي الأحوازي أو أياً من الشعوب والقوميات الأخرى في إيران لا يبدو غريبا او شيء جديد بنسبة لهذه الشعـوب,
والسبب في ذلك يعود إلى كثرة المعانات التي عاشتها وما تزال تعيشها من جراء السياسات العنصرية للسلطات الفارسية المتحكمة برقاب ومصائر هذه الشعوب التي تشكل بمجموعها ما أطلق عليه اسم دولة إيران من قبل رضا شاه بهلوي عام1926م بعد أن أطاح بالمملكة القاجارية التي كانت تسمى آنذاك بمملكة فارس المحروسة وذلك عقـب اغتصابه لعربستان (الأحواز) في نيسان عام 1925م.
ولكن الذي قد يستغرب من هذه الأرقام والحقائق التي تكشف الممارسات العنصرية للسلطات الفارسية المتمثلة اليوم بنظام ما يسمى بالجمهورية الإسلامية, 

هم أصحاب الضمائر الحية من أبناء العرب والمسلمين المغرورين بهذه الجمهورية الذين استهوتهم شعاراته الرنانة التي تتغنى بالإسلام ليل نهار, و يعتقد ون بأنها كما وصفها زعيمها الراحل الخميني (إيران أم القرى) تجاوزا على مكة المكرمة, حيث أن اغلب هؤلاء لم يقم ولو لمرة واحدة بزيارة لهذه الجمهورية ليتعرف على حقيقتها من الداخل ويرى كم هو الفارغ بين الواقع وبين الإعلام الذي صور ومازال يصور هذه الجمهورية وكأنها أم القرى كما أطلق عليها الخميني ذلك, حيث لا يخفى على الذين لديهم إلمام في مجال الصحافة والإعلام أو العامل فيها كم هو حجم تلك المبالغ التي تنفقها الجمهورية الإسلامية على الكّـتاب من أصحاب الأقلام الرخيصة ووسائل الإعلام التجارية لتضخيم حقيقتها وتلميع صورتها وإظهارها وكأنها أم القرى بحق وحقيقة, وما أكثر اولاءك الأفاكون من الكتاب العرب والمسلمين الذين يتسكعون على أبواب المراكز الثقافية الإيرانية وسفاراتها في لندن ودمشق والقاهرة وبيروت وإسلام أباد وغيرها لتقديم ما يقدرون على ابتداعه من كذب وتزوير وقدرة على التلاعب بعواطف الناس وخداعهم, وما أكثر هؤلاء في وطننا العربي, حيث أنهم قد    
حيث من المعروف أن إيران التي تتألف من شعوب وقوميات متعددة كانت حتى قيام نظام البهلوي عام 1926م تعيش نظام فدراليا تمارس فيها الشعوب والأقليات القومية سيادتها الذاتية من دون تدخل للحكومة المركزية في شؤونها الداخلية, ولكن مع انقلاب رضا بهلوي ألغيت جميع الحقوق القومية وأطيح ليس بالعرش القاجاري فقط وإنما بشكل ونظام الدولة وتأسست مملكة إيران الشاهنشاهية التي صادرت سيادة الشعوب وضمتها تحت سلطة واحدة وهي السلطة الفارسية, وحسب الإحصائيات الصادرة عن مراكز دراسات إيرانية شبه رسمية, إن نسبة الفرس من عدد سكان إيران البالغ 62 مليون نسمة تقريبا يقدر بـ 40 % فقط ويأتي الشعب التركي الاذري (نسبة إلى أذربيجان) في المرتبة الثانية بنسبة 35 %, ويأتي الشعب الكردي في المرتبة الثالثة بنسبة 10 % ومن ثم الشعب العربي الأحوازي (العربستاني) بنسبة 5 % حيث يقدر عدد نفوسه بأكثر من أربعة ملايين نسمة, وبعد ذلك يأتي البلوش بنسبة 2,5% و التركمان بنفس النسبة أيضا, يضاف إلى ذلك بعض القوميات الأخرى مثل الأرمن واليهود والآشوريين وغير هم وهذا يدل على أن الفرس هم الأقلية في إيران بنسبة لعدد مجموع السكان ولكن رغم ذلك فأنهم أصحاب السلطة والسيادة , ولغتهم هي اللغة الرسمية في البلاد ومفروضة على باقي الشعوب دون أن يسمحوا لهذه الشعوب بإظهار هويتها الثقافية أو السياسية , بل العكس من ذلك فقد عملت السلطات الفارسية ومنذ أكثر من خمس وسبعين عاما مضت على طمس جميع المعالم ثقافات والحضارية لشعوب الأخرى في إيران إضافة إلى مصادرة الحقوق القومية والتي كانت تتمتع بها تلك الشعوب أيام المملكة القاجارية.
وفي دراسة مختصرة قدمها الكاتب والصحفي يوسف عزيزي في ندوة أقيمت قبل عدة اشهر في طهران بدعوة من قبل مؤسسة التعليم والتنمية الفكرية التابعة لمنظمة الإدارة والتخطيط وهي منظمة حكومية أظهرت هذه الدراسة حجم السياسات العنصرية التي تمارسها السلطات الفارسية ضد الشعوب والقوميات الأخرى الواقعة تحت سلطتها حيث قـدم السيد عزيزي في تلك الندوة أرقام موثقة عن صور التمييز العنصري التي تمارسها سلطات الجمهورية الإسلامية في جميع المؤسسات وعلى كافة الأصعدة.
فعلى صعيد التعليم فقد أظهرت الدراسة حجم التفاوت بين أعداد الطلبة الفرس الذين يحصلون على مقاعد دراسية في جامعات ومعاهد البلاد وبين زملائهم من أبناء الشعوب الإيرانية الأخرى وعلى سبيل المثال فقد أظهرت الدراسة أن العدد الطلاب في جامعة جمران في إقليم الأحواز في العام الدراسي(2000-2001) كان( 30000) ثلاثون ألف طالب منهم 2000 ألفين طالب عربي أحوازي فقط, مما يعني أن من بين 66% من العرب سكان الأحواز 6, 6 % فقط هم الذين تمكنوا من دخول اكبر جامعة في إقليمهم, وأما عددهم في باقي جامعات البلاد فهو اقل من ذلك بكثير, ففي إحصائية قدمتها وزارة التعليم العالي للعام الدراسي (2002-2003) أكدت أن عدد الطلاب بلغ أربعة ملايين طلاب في عموم جامعات إيران وقد تأكد للباحث أن نصيب الطلبة العرب من هذا العدد هو 6000 طلاب مما يعني أيضا أن حصة الـ5% من مجموع سكان إيران هو 15 0% صفر فاصلة خمسة عشر في المئة من عدد كراسي جامعات البلاد فقط, وهذا يعني إن من بين كل عشرة آلاف طالب إيراني منهم 15 طالب عربي احوازي فقط.
أما حول الآثار السلبية الناجمة عن حرمان الطلاب الأحوازيين من التعلم بلغتهم العربية يقدم الباحث أرقام مذهلة في هذاالخصوص, فقد اكد أن 33% من الطلاب في المرحلة الابتدائية و50% منهم في المرحلة المتوسطة يضطرون إلى ترك التعليم وهذا العدد يتضاعف في المرحلة الثانوية حيث يصل إلى نسبة 60-70% والسبب في ذلك يعود لأمرين, الأول هو إجبار العرب على التعلم باللغة الفارسية وحرمانهم من التعلم بلغتهم العربية, والثاني يعود أما لقلت وأما لفقدان العديد من القرى والأرياف للمدارس أصلا.
هذا في الأحواز أما فيما يخص الشعوب والقوميات الأخرى فالأمر ليس بأفضل من ذلك, وفي هذا الإطار ينقل الباحث نصا موثقا لمسؤول إيراني كبيرهوالسيد عبدالعزيز دولتي العضو السابق في البرلمان الإيراني والمستشار الحالي لوزير التربية والتعليم أن عدد الطلاب البلوش في جامعة سيستان وبلوجستان في العام الدراسي (2002-2003) هو 9 طلاب فقط, علما إن عدد البلوش في إيران 2 مليون نسمة.
هذا في جانب التعليم, أما على صعيد المطبوعات ووسائل الإعلام فمن بين أكثر من خمسة عشر نشرة وصحيفة فارسية تصدر في الأحواز فقد سمح للعرب بإصدار مجلة شهرية واحدة تصدر باللغتين العربية والفارسية ومجلة أسبوعية تصدر بالفارسية والعربية, علما أن صاحب امتياز إحدى هاذين المطبوعتين هو فارسي, و قد تقدم العرب في العام الماضي لوزارة الإرشاد والثقافة بثلاثين طلبا للحصول على موافقة لإصدار نشرات وصحف باللغة العربية ولكن لم يحضا أيا من طلباتهم بالموافقة لحد ألان.
فمن هنا ألا يعني السماح لأكثر من أربعة ملايين عربي بصدور مطبعتين فقط نوع من أنواع التمييز العنصري الصارخ.
مع العلم أيضا إن الإذاعة والتلفزة في الأحواز لا تبث باللغة العربية سوى أكثر من نصف إلى ساعة في اليوم, والبلوش لا يحظون حتى بهذا الوقت الزهيد, فهم محرومين من الاستماع إلى إذاعة ناطقة بلغتهم.
فأما على صعيد التمييز الاقتصادي والاجتماعي وعدم المساواة بين المناطق التي تسكنها غالبية فارسية وبين مناطق القوميات والشعوب الأخرى فقد كشفت الأرقام عن الهوة الواسعة التي تفصل بين تلك المناطق من النواحي العمرانية والخدماتية وحجم الاستثمارات التي تقوم بها الدولة في هذه المناطق وهوما يظهر بوضوح عمق التمييز العنصري لدى هذه السلطات.
وبهذا الخصوص فقد اعتمد الكاتب على بعض المصادر الفارسية وكمثال على ذلك فقد نشرة صحيفة نوروزالصادرة في شهر تير سنة1380تاريخ فارسي (الموافق لشهر حزيران على تموز 2001م ) تقريرا مفاده أن حجم الاستثمارات في محافظة كرمان في عهد رئاسة الشيخ هاشمي رافسنجاني يعادل 300 مرة حجم الاستثمارات في محافظات أذربيجان الشرقية والغربية وزنجان واردبيل, في نفس الفترة, و المحافظات الأربعة هي محافظات تركية القومية.
وأما حجم الاستثمارات الحكومية في إقليم الأحواز فقد تدنت إلى اقل مما كانت علية في زمن ما قبل الثورة, علما أن النفط ليس هو أللثروة الوحيدة التي تتمتع بها الأحواز فإلى جانب النفط هناك الثروة الزراعية والحيوانية إضافة إلى المواني التي تجاهلتها الحكومة واستعاضت عنها بمواني أخرى كميناء بندر عباس وجار بهار عند مدخل الخليج العربي.
وفي هذا الصدد فقد صرح ممثلو مدن عبادان والمحمرة في البرلمان الإيراني وهن من اشهر مواني منطقة الخليج العربي في زمن ما قبل الثورة إن الحكومة لم تقم سوى بإعادة إصلاح 20-30% فقط من الأضرار التي لحقت بهذه المواني جراء الحرب الإيرانية العراقية.
ففي الوقت الذي لايوجود في إقليم سيستان وبلوجستان سوى سد واحد وهولم يكتمل بعد ومعمل نسيج واحد وهو قد تم إنشائه أيام نظام البهلوي, نجد إن جل اهتمام السلطة قد انصب على أعمار وتوسعة المناطق الفارسية مثل طهران والمحافظات المركزية وسيرجان وكرمان ويزد وأصفهان وشيراز ومناطق فارسية أخرى.
علما أن الدستور الإيراني وفي مادته 48 ينص على أنه (لايجوز التمييز بين مختلف المحافظات والمناطق ,في مجال الأ نتفاع من مصادر الثروة وتنظيم الطبيعة , والموارد الوطنية العامة و وتنظيم النشاط الاقتصادي في البلاد بحيث يكون لكل منطقة رأس المال الازم والامكانيات الضرورية بما يتناسب وحاجاتها واستعدادها) .
وأما على صعيد التميزي القومي في مجال العمل فقد اظهرت دراسة السيد عزيزي أن نسبة العاطلين عن العمل في الأحواز عام 2000م كانت بين 46-21% واحتلت المرتبة الثانية بعد محافظة كرمانشاه ذات الاغلبية الكردية من حيث نسبة العاطلين عن العمل .
أما على صعيد الخدمات الأجتماعية فأن عدد العوائل التي تتلقى المساعدات من قبل منظمة التأمينات الأجتماعية في مدينة اصفهان فهي 18029 عائلة , أما في إقليم الأحواز عامة فهي 67909 عائلة فقط تحظي بهذه الرعائة .
أما على صعيد تولي المراكز والمناصب الحكومية المهمة فمن بين 25 منصب بمستوى مديراو مايوازيه في اقليم الأحواز نجد أن 2-3% من هذه المناصب يشغلها العرب فقط مما يعني ان العرب لايشغلون سوى 5 % من عدد المناصب المهمة في منطقتهم .
اما في إقليم سيستان وبلوجستان ذات الأغلبية السنية فقد شهدالعام الماضي وللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الإسلامية تنصيب اول قائم مقام سني في تلك المنطقة .
إذن هذه الشواهد التي ممرنا عليها بشكل سريع ومختصر الاتدل على الممارسات العنصرية التي تتنهجها سلطات الجمهورية الإسلامية .
رغم أن المادة 19 من الدستورهذه الجمهورية تقول : يتمتع أفراد الشعب الإيراني- من أية قومية أو قبيلة كانوا- بالمساواة في الحقوق ولايعتبر اللون أو اللغة أو ماشابه ذلك سببا للتفاضل .
ولاندري ايهما اصدق المواد الدستورية التي ماهي سوى حبر على ورق أم ممارسات مسؤولين نظام الجمهورية الإسلامية التي ملؤها تمييزالعنصري فاضح .

أرسلت في 14/06/2003


الإسلاموفوبيا واسبابها





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق