الأحد، 20 أبريل 2025

الحويني نسيج وحده 3/2 «أبو إسحاق الحويني في ميزان الشيخ كشك»

الحويني نسيج وحده 3/2 «أبو إسحاق الحويني في ميزان الشيخ كشك»

رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبيﷺ ، وعضو مجلس الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.



في طبقات العلماء المختلفة نرى عناية الله تسوقهم إلى طلب العلم، وتذلل لهم مسالكه وهم في بداية الطلب، قبل الإدراك الكامل لعظم المهمة التي تنتظرهم.

وأحيانا يتأخر الأمر ليكون تحولا من طريق إلى طريق، ومن فريق إلى فريق، وهنا يترقى الأمر من الهداية والعناية إلى ظهور الكرامة، وهذا في التاريخ كثير، ومن أوضح أمثلته المعاصرة، ما حدث للشاب حجازي شريف، الذي أصبح بعد ذلك الشيخ الحويني، حيث عُرف أشقاؤه بجودة التحصيل الدراسي والتفوق العلمي، وكان شقيقه الأكبر الدكتور رزق شريف في كلية الطب ساعة أن كان شقيقه حجازي في مرحلة الثانوية، وهي نقطة التحول في حياته، حيث انشغل عن دراسته بالقراءة والثقافة العامة والاطلاع، وخاصة كتب الشعر والأدب حتى حفظ ديوان الحماسة لأبي تمام كاملا، وهذا في عرف الأسر المصرية ضياع للوقت والمستقبل.

وهنا تدخل شقيقه الأكبر رزق، وطلب منه أن يصحبه إلى القاهرة، ليرى طلاب الطب كيف يجتهدون في التحصيل ويستفيدون من الوقت، فيعدل ذلك من سلوكه، ويرى مثالا يحتذي به.

وكان الدكتور رزق يسكن قريبا من شارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة، وفيه مسجد “عين الحياة” الذي يخطب فيه فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك عليه سحائب الرضوان، وساقت الأقدار الشاب الوافد إلى القاهرة بصحبة أخيه لصلاة الجمعة في أقرب المساجد إليه، وإذا به يرى المسجد غاصا بالمصلين، بل وامتلأت الشوارع المحيطة به، فصلى معهم وكان يسمع الخطبة من خلال مكبرات الصوت المنتشرة في الشوارع.

اللقاء بالشيخ كشك

وحانت اللحظة الفارقة عندما تحدث الشيخ كشك عن فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذكر أثرا من جملة هذه الفضائل وفيه “أن الله تعالى يتجلى لأهل الموقف العظيم عامة، ويتجلى لأبي بكر خاصة”، وهنا تحركت الملكة الحديثية المغروسة في فطرة الشاب القادم من بعيد، ولم تسترح نفسه لهذا الأثر، فخرج ينظر في الكتب التي أمام المسجد لعله يجد فيها شيئا عن هذا الأثر فلم يجد.

فدخل مكتبة للغرض نفسه، فوجد كتاب “المنار المنيف في الصحيح والضعيف” للإمام ابن القيم ووجد فيه الأثر المقصود وحكم ابن القيم عليه بالبطلان وعدم الصحة.

وهنا قرر سؤال الشيخ عما اعتمل في نفسه وجال في خاطره، ووجده عند ابن القيم، فلم يستطع من زحمة الحشود، ولما سأل عن كيفية الوصول إلى الشيخ والاقتراب منه، قيل له إذا أردت الصلاة في المسجد والسلام على الشيخ كشك فعليك أن تحضر مبكرا قبل التاسعة صباحا، أو تحضر الدرس الذي بين المغرب والعشاء.

وبالفعل ذهب الحويني إلى الدرس، واصطف خلف الناس للسلام على الشيخ وسؤاله عن مقولة خطبة الجمعة، ونظرا إلى أن الشيخ كشك لا يبصر محدثه ولا يعرف تخصصه، سأله عن سبب بطلان الأثر أو علامة عدم صحته، مما جعله يعترض عليه.

فقال الحويني فلم أجد جوابا وكان موقفا شديدا على نفسي، فقال له الشيخ كشك بما انفتحت له أبوب السماء: “يا بني تعلم قبل أن تعترض” في نصيحة عابرة لم يلق لها الشيخ عبد الحميد بالا، لكن الشاب الحويني اتخذها دستورا ونبراسا، وأدرك أن هناك علما عظيما خلف الحكم على صحة الأقوال والآثار وتضعيفها، وأن لهذا العلم رجالا اختصهم الله به.


الحويني نسيج وحده بين الأزهريين والسلفيين 1/3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق