الثلاثاء، 22 أبريل 2025

نتنياهو في المصيدة السورية

 نتنياهو في المصيدة السورية

عامر عبد المنعم

وقع نتنياهو في المصيدة السورية، ولن يخرج منها منتصرا، وإن لم يبادر ويخرج بسرعة من الفخ الذي أوقع نفسه فيه، ويبحث له عن طريق للهروب يحفظ له ماء الوجه سيكون في موقف لا يحسد عليه، ولن يخرج منه سالما، حيث ستغلق عليه كل الأبواب، ليواجه مصيره في أسوأ الجبهات التي فتحها بحثا عن انتصار بعد الهزيمة في غزة، وظن أنه يُنسي بها الإسرائيليين فشله وعجزه عن تحقيق أي إنجاز في القطاع الفلسطيني المحاصر من كل الجهات.

لم يتحمل الإسرائيليون سقوط بشار الأسد الذي لم يطلق رصاصة على الاحتلال، ودفعهم الغيظ والغضب للهجوم على سوريا منذ الليلة الأولى لتغيير النظام، مستغلين حالة الانتقال السياسي وضعف القدرة العسكرية للحكم الجديد، وبروز النزعة الانفصالية للطوائف المتمردة، ووجود الاحتلال الأمريكي في أكثر من 40% من الأراضي السورية، وغياب نصف الشعب السوري مهجرين بالخارج والربع نازحين في الداخل.

لم يعلن الإسرائيليون هدفا محددا من وراء التوغل واحتلال مناطق واسعة في جنوب غرب سوريا والوصول إلى جبل الشيخ، واستمروا في القصف الجوي منذ أكثر من 3 أشهر للمطارات والمعسكرات والمواقع الاستراتيجية، فتارة يقولون إنهم يوسعون منطقة أمنية منزوعة السلاح لحماية المستوطنات في الجولان، وتارة أخرى يزعمون أنهم يحمون الأقليات، وفي بعض الأحيان يقولون أنهم يخشون من هجوم جماعات سورية مسلحة، ومؤخرا أعلنوا رفضهم لوجود حكم إسلامي سني على حدودهم!

رعب طوفان الأقصى

لا يستطيع الإسرائيليون نسيان ما جرى في طوفان الأقصى وهجوم جنود القسام بأسلحتهم الخفيفة على فرقة غزة وهزيمتها، وأسر قادتها وجنودها، رغم التفوق العسكري الإسرائيلي وتقنيات الذكاء الاصطناعي وكل الترتيبات العسكرية التي تضمن الأمن للكيان، ويدفعهم الرعب من تكرار الهجوم البري إلى استمرار الحرب وتدمير القطاع، طمعا في استسلام حماس ورفع الراية البيضاء، ويفتحون جبهات أخرى في معارك لا نهائية غير مبالين بالعواقف.

الخوف من تكرار الهجوم أصاب نتنياهو ومعاونيه بالهلع وفقدان العقل والاتزان، وبدلا من وقف العدوان على غزة والبحث عن هدنة طويلة والاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه، وهي أقصر الطرق لاستعادة الأمن والهدوء؛ فتح الإسرائيليون جبهات خارجية واندفعوا في حروب عدوانية بدعاوى ” القضاء على التهديد” وهو هدف مستحيل، وقرروا التأسيس لسياسة دفاعية جديدة تنتقل من الدفاع إلى الهجوم الاستباقي، لا تكتفي بتقوية الدفاعات داخل حدود الكيان، وإنما بالتوسع العسكري خارجه، أي العمل العسكري الدائم داخل غزة وفي دول الجوار.

 منظومة الدفاع البري متعدد الطبقات

أعلن نتنياهو عن المنظومة الجديدة للدفاع البري متعدد الطبقات، وتناولها القادة العسكريون بالشرح في الإعلام الإسرائيلي، لإقناع الرأي العام بضرورتها الاستراتيجية لإنقاذ دولة الاحتلال من الزوال، وتتكون المنظومة من ثلاث طبقات، الأولى: داخل الأراضي الإسرائيلية حيث يتم تطوير الخطط الحالية وسد الثغرات التي كانت سببا في اجتياح الغلاف، والطبقة الثانية: داخل أرض العدو (غزة ولبنان وسوريا) حيث تنتشر القوات الإسرائيلية في منطقة فاصلة، يختلف عمقها حسب الطبيعة الجغرافية والعملياتية، ويتراوح الانتشار بين الوجود الدائم في نقاط استراتيجية أو من خلال دوريات برية، ومراقبة جوية دائمة بالمسيرات، والطائرات المقاتلة التي يمكنها قصف أي هدف أيا كان وفي أي وقت، والطبقة الثالثة: نزع السلاح من المناطق والدول المجاورة التي تشكل تهديدا لـ “إسرائيل”.

خطط نتنياهو للدفاع متعدد الطبقات تنقل الصراع العربي الصهيوني إلى مرحلة بالغة الخطورة، فهي لا تحترم سيادة الدول، وتعطي الإسرائيليين سلطات مطلقة في العدوان وتوجيه الضربات بلا حساب، وهي اعتداء صريح على القانون الدولي، الذي لا يعطي أي دولة مشروعية احتلال أرض الغير، والعدوان على الجيران بمزاعم منع التهديد.

إذا تم تمرير السلوك الإجرامي والقبول بحق الإسرائيليين في تنفيذ خططهم العدوانية في غزة ولبنان وسوريا، فما الذي يمنعهم من العدوان غدا على مصر والأردن وأي دولة عربية أو إسلامية إذا شعر الكيان وداعموه بالخوف والريبة؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق