قيـمـة الـقــانـون الدولــي
محمد هنيد
يستغرب كثيرون خاصة من العرب والمسلمين من موقف المجتمع الدولي والقانون الدولي والمنظمات الدولية مما يجري في غزة من مذابح ومجازر وجرائم إبادة لم تعد خافية على أحد.
كيف يتواصل قتل آلاف الأطفال منذ أكثر من سنة ونصف ؟ كيف يغمض العالم عينيه عن قصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة والجامعات والمصحات وكل المرافق الحيوية ؟ أين المجتمع الدولي ؟ وأين القانون الدولي؟
الجواب أنهم هنا كما كانوا دائما، لكن هذا الأمر لا يعنيهم ولن يتدخلوا لإيقافه. لماذا ؟ لأن القتل والإبادة يستهدفان عربا مسلمين وهي شعوب وأعراق لا يحميها القانون الدولي ولم يحمها يوما بل تواطأ على قتلها وتهجيرها كما فعل في العراق وأفغانستان وفلسطين وسوريا والبوسنة والشيشان..
إن القول بأن القانون الدولي لا قيمة له هو قول فاسد منطقيا لأنه لا يقول الحقيقة كاملة عن هذه الذراع الدولية الخطيرة بل يعفيها من المسؤولية القانونية والتاريخية ومن الدور المريب الذي لعبته في حق الدول النامية وخاصة شعوب العرب والمسلمين.
القانون الدولي هو الغطاء الذي تستعمله الدول الاستعمارية المشاركة اليوم في مذبحة شعب غزة لتبرير قتل الشعوب وإبادتها.
القانون الدولي هي المظلة التي يستظل بها السفاحون والمجرمون مثل نتانياهو وبلير وبوش وغالانت.. وغيرهم من القتلة.
القانون الدولي هو الذي صمت منذ سنة ونصف عن إبادة شعب غزة وهو نفس القانون الذي خرس منذ 1948 عن تنفيذ أي قرار يضمن حقوق شعب فلسطين.
وهو القانون نفسه الذي خرس طوال أكثر من أربعة عشر عاما عن مذابح شعب سوريا. إنه واحد من أخطر الأذرع الاستعمارية العالمية التي كشف زيفها المدعي العام للجنائية الدولية «كريم خان» عندما صرّح بتلقيه تهديدات له ولأسرته ولقضاة الجنائية الدولية بسبب مذكرة اعتقال مجرم الحرب «نتانياهو» ووزير دفاعه «غالانت».
لقد أرسل له نواب من الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ رسالة تهديد واضحة وصريحة بمنعه من دخول الولايات المتحدة وتهديده بالعقاب لأن هذه المحكمة «إنما وُضعت للأفارقة والعرب والروس» كما صرح المدعي العام.
بناء عليه فإن أعظم دروس ما يحدث اليوم في غزة هو اليقين بزيف المنظومات الدولية وضرورة بناء منظومات عربية وإسلامية بديلة. صحيح أن الأمر ليس بهذه السهولة والبساطة لكنه اليوم لم يعد خيارا بل صار ضرورة حتمية أمام الأنظمة والشعوب على حدّ سواء لأن مذبحة غزة لن تكون الأخيرة بل هي بداية البدايات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق