الجمعة، 8 أغسطس 2014

شعب الخصيان يكسب في مصر!


شعب الخصيان يكسب في مصر!

شريف عبد الغني

في الدول واممالك التي حكمت مصر قبل قرون، كانت تجرى عمليات إخصاء للعبيد والمماليك في قصور الخلفاء والسلاطن. الهدف من العملية القاسية كان زيادة قوة العبيد الجسدية من أجل العمل، فضلا عن منعهم من معاشرة الجواري، فقد كان الخلفاء يغارون من هذا الأمر، وأرادوا أن تكون الجواري – مثلما كل شيء في الدولة- حصريا عليهم.

ولأن مصر بلد "امضحكات امبكيات" فقد صعد أحد هؤلاء العبيد المخصيين على رأس الحكم وهو "كافور الإخشيدي"، والذي مدحه شاعر العرب الأكبر أبوالطيب المتنبي، ثم انقلب عليه وهجاه:

نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها ... فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ

صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا ... فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ

لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ ... إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ

مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً ... أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ

أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً ... أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ

أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ ... في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ

وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ ..عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟

رغم أن مبارك كان يكره الثقافة كره العمى، ولم تثبت عليه طوال حياته "تهمة" القراءة، إلا أن واقع حكمه يؤكد أنه درس جيدا حكاية "إخصاء العبيد" واتخذها نهجا لحكمه.
لكنه لم يكتف بأن يخضع لهذه العملية "عبيد" قصره من راغبي السلطة ومنافقيه ولاعقي حذائه، بل عمد أن يخضع لها الشعب كله، حتى لا يطمع في سلطة أو يملك قدرة على محاسبته أو حتى يطلب طلبا لا يطيب للقصر.
المطلوب فقط أن يكون "شغيلا" يحصل على أقل القليل، بينما مبارك وزمرته يملؤون "كروشهم" بالمال العام. الهدف أن يكون الشعب سجينا يطلب الأمن من سجانه.
مبارك نجح في هذا الأمر نجاحا ساحقا شهد به العامون، وربما هو الشيء الوحيد الذي نجح فيه طوال 30 سنة.

انتشرت في عهده ثقافة "اإخصاء" والتلذذ بمعاملة "العبيد" والتمتع بالحياة بلا كرامة. راغبو "الإخصاء" كان يقفون طوابير أمام "الزعيم الحكيم" ليحظوا بها على يديه الكريمتين.. سياسيون باحثون عن منصب.. مثقفون يريدون مساحة من عطفه.. إعلاميون يهيمون شوقا لعطاياه.. ومعارضون مشتاقون لرضاه. من لم يخضع للعملية برغبته خضع لها مجبرا وبلا رحمة من السلطة الغاشمة.

الرجال فقط ظلوا رجالا، جماعة "الإخوان المسلمن" لم تخضع للعملية. كانت شوكة في حلقه. يتباهى نفر ممن يسمون أنفسهم النخبة أنهم عارضوا مبارك بقوة وكتبوا ضده المقالات. لكنهم لم يعترفوا حتى الآن أنهم كانوا استكمالا لديكور النظام، وأنه وقت الجد كان "الإخوان" هم من يُعتقلون ويُعذبون ويُشردون.
كانت السلطة تدرك أن الإخوان هم القوة الفاعلة المؤثرة في الشارع، وأن مقالات نخبة الخيبة مصيرها "قراطيس" حمص وفول سوداني.

نجا من العملية أيضا، الشباب الطاهر الذين أشعلوا شرارة ثورة 25 يناير. هؤلاء هم من خلصّوا مصر من حسني مبارك. صحيح انضم إليهم الملايين بعدما رأوا الثوار يسيطرون على ميدان التحرير. نزلوا بعدما اختفى "البعبع".. الشرطة. لكن الطبع غاب لقد عادوا إلى مواقعهم سريعا للفرجة. أما الذين لم ينزلوا إلى الميادين أصلا فاستنكروا المطالبة ب "الحرية" و "الكرامة" و "العدالة". لسان حالهم: لماذا هذه المطالب الغريبة ونحن مرتاحون بحياة "العبودية والإخصاء"؟

أما السلفيون فالواضح أنهم استمتعوا كثيرا بالعملية؛ حيث وصلوا في درجة "العبودية" إلى آفاق غير مسبوقة بعدما حرّموا الخروج على مبارك. أحد مشايخهم افتخر بزهو أنه نزل إلى ميدان التحرير يوم "جمعة الغضب" الكبرى على الرئيس المخلوع ليدعو المتظاهرين إلى العودة إلى ديارهم بدعوى أن الخروج على الحاكم -حتى لو كان ظاما- حرام، وأن عملية "إخصاء" لهذا التيار كانت محكمة فربما يفسر هذا الأمر حالة الازدواجية عندهم، فمعظمهم وفي المقدمة رموزهم لا يكتفون بزوجة واحدة. بعضهم متزوج من 4 دفعة واحدة، وكأنه ينفي عن نفسه خضوعه للعملية!!

المشهد المصري الحالي يتصدره "عبيد مبارك امخصين". كلهم عادوا بسلامة الله إلى قواعد البجاحة والقذارة والفهلوة. صوتهم مسموع. أذرعهم الإعلامية منتشرة ومتوغلة. يردحون في كل مكان وعلى أي شاشة من غبائهم ورغبتهم المحمومة في تشويه كل ما هو إسلامي يقعون فريسة جهلهم.
 أرادت المذيعة إياها في ظل سباق السباب لإسلاميين أن تقتحم منطقة جديدة من قلة الأدب، فقالت إنهم رعاة الرذيلة والدعارة في بلد شقيق. وكانت النتيجة فضيحة مصر كلها، لكن في زمن "خمسة باب".. كله ماشي.تحقيق صوري يتبعه نقل المذيعة من قناة إلى أخرى، لتواصل المهمة القومية.
 الفرعون لا يحيا من دون عبيد، والقذر لا يتخلى عن "اأوساخ"..
لا مانع أن يكون "العبد الخصي" رحيما شاعرا بآلام غيره، لكن السلطة وصلت معه إلى آخر حدود الهمجية. أفقدته حتى صفة "الإنسانية".
حال الأحداث الدامية التي نشهدها منذ أكثر من عام والقتل الممنهج ل "رجال امحروسة"، افتقد العبيد أبسط الصفات البشرية.
لم يتعاطفوا مع الضحية وتضامنوا ودعموا وهاموا في رموش عيون القاتل. أدانوا من لقوا حتفهم بأسلحة من لا يخاف عبدًا أو يخشى ربًا، وتساءلوا في بلاهة:
"إيه اللي خلاهم يعتصموا، ما كانوا رجعوا بيوتهم واتلموا".
تندروا على من فقدوا عيونهم بفعل القناصة ومن أصيبوا بعاهات دائمة: "يستاهلوا اللي يجرالهم،عاوزين يعملوا أبطال يستحملوا بقى".

من شدة سقوطهم الأخلاقي، ليس غريبا أن يخرج أحدهم ليدافع عن منهج السلطة بالتمييز في الشكل بين المصريين. من يسميهم النظام ب "المواطنين الشرفاء" من العبيد المخصين الذين يؤيدونه يكونون بعينين، بينما الرجال الرافضن للذل والعبودية ب "عن واحدة".

فيه ناس تحب تعيش خدم.. وتموت خدم.. وإن راح صنم بتجيب صنم وبتركع له!!

shrief.abdelghany@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق