استعادة"جحيم غزة" لإغراق "فجر ليبيا"
من الآن وحتى إشعار آخر سيتوقف الكلام عن قصف ثوار ليبيا بالطائرات، وستقيد الجريمة "ضد مجهول"ولن ينبش فيها أحد، على وقع اشتعال غزة مجددا.
إن أسابيع من التفاوض بالقاهرة على أرضية ما يسمى بهتانا"مبادرة مصرية" لم تفعل أكثر من تبريد بركان الغضب الجماهيري مع المقاومة الفلسطينية، وإرباك الجبهة الداخلية الفلسطينية، ومحاولة فض الاشتباك بين مناهضة انقلاب الثورة المضادة في مصر وليبيا، وبين مقاومة الاحتلال في غزة، وتوفير الغطاء لمغامرات المعسكر الداعم لواحد من مشاريع الثورات المضادة في ليبيا.
إن المخرج القدير الذي يتحكم بالعرض في المنطقة قرر أن يخفف الإضاءة عن ليبيا في ذروة تأجج السؤال عمن قصف طرابلس بطائراته، وينقل الانتباه كله إلى غزة ، خصوصا أن المعتدي الصهيوني قد أخذ قسطا وافرا من الراحة والاستجمام على مرافئ التفاوض لاستئناف همجيته ووحشيته.
ويلفت الانتباه أن الذين يتباهون بقدراتهم الخرافية على رصد المكالمات الهاتفية، ولا يخجلون من أنفسهم وهم يعترفون بتسجيل دبيب النمل وحفيف الشجر ورغبات الجنين في بطن أمه، هم أنفسهم الذين يدعون "العبط" والغفلة والبلادة، ويتصنعون الجهل أمام الغارات التي نفذتها طائلرات "أجنبية" على مجموعات الثوار في ليبيا.
الذين يعرفون من أين تقصف"داعش" وتؤكل أكتافها، ويملكون بيانات دقيقة عن أسعار صبايا وسبايا سوق "الإرهاب" يلزمون الخرس أمام واقعة تحليق الطائرات فوق الأراضي الليبية، وإفراغ حمولتها فوق من يقاومون محاولة الانقلاب المستنسخة من الحالة المصرية، والمدعومة من المعسكر ذاته الذي يقوم بعملية تغذية وتسمين السلطة الانقلابية في مصر.
رادارات العالم المتقدم وأقماره الصناعية أصابها العمى، ووقفت في حياء الأنثى عاقدة حاجبيها أمام السؤال البسيط الذي يبحث عن إجابة منذ يومين: من قصف جموع الثوار بطائراته.. من حاول خنق"فجر ليبيا" في اللحظة التي أوشكت فيها قواته على إحكام سيطرتها على طرابلس وبنغازي، بعد أن أشرفت محاولة الانقلاب على الاندحار والانتحار؟
التصريحات الصادرة عن الحكومة الليبية حاولت هي الأخرى التدثر برداء من الدبلوماسية لا يصلح لمداراة الجريمة، وما رشح عن الاتحاد الأوروبي والناتو بدا نوعا من التغابي أو ادعاء الغياب كي يفلت الجاني ويمر الفاعل بجريمته.
وتقف تكنولوجيا العالم المتطور مثل طالب يتصنع البلادة وهو يتهرب من السؤال، ثم تجيب كمن يعرف الماء بعد الجهد بالماء لتقول إن الطائرات المغيرة جاءت من خارج ليبيا، وتقطع بأنها "أجنبية"
في مقابل هذا الصمت الدولي المتواطئ تأتي التصريحات والبيانات من ثوار ليبيا، ومراقبين محايدين بأن الطائرات جاءت من الشرق، وبعضها اتهم صراحة النظام المصري بتوجيه الضربات، ومع ذلك لم يخرج مسؤول مصري يرد أو ينفي أو يؤكد، كما لم نسمع أن شبكات الرصد الأميريكية والأوروبية أدلت بدلوها في حل هذا اللغز.
وهنا يحسن أن تجري محاولة فك طلاسم هذه المعادلة بعيدا عن الحسابات التقنية، ما دامت التكنولوجيا تدعي العطب، ومن ثم يصلح أن يتم النظر للأمر بحسابات المقدمات والنتائج، وعلى طريقة "فتش عن المستفيد"
المقدمات تحتوي على اعترافات معلنة من السلطة في مصر بالانحياز إلى المعسكر المعادي للثوار في ليبيا، و تشمل أيضا إعلانا من مقربين من دوائر السلطة بأن القاهرة بصدد تدخل عسكري في طرابلس، كما تتضمن تحريضا رسميا مصريا على ما أسمته سلطة الانقلاب إرهابا في ليبيا.
ويبقى أن الذي قرر توجيه ضربة لإيقاف تقدم ثوار ليبيا في معركة دحر النسخة الليبية من الانقلاب، ليس بعيدا عمن قرر قلب مائدة التفاوض المصرية العامرة بمنتجات المطبخ الإسرائيلي منذ البداية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق