فوق الألم.. وفوق الحزن..يا رابعة..
أنا غاضب مما حدث في رابعة
وحزين
بل ما فوق الغضب وفوق الحزن
ليس من أجل يتيمة أو يتيم
ولا لطيمة أو لطيم
ليس من أجل ثاكلة ولا ثاكل
ولا أرملة ولا أرمل
أنا غاضب وحزين
ليس من أجل قطع لحم أو كسر عظم أو سفك دم
بل لما هو أشد من ذلك كله
ذلك أن ما حدث:لم يجرح ولم يقتل إنسانا فقط
ولا ألف إنسان فقط
ولا حتى مليون إنسان فقط
بل أكثر من ذلك وأفدح وأطمّ..
لأنه جرح وقتل قيماً
جرح وقتل المعنى قبل المبنى
وجرح المبنى قد يصيب مبنى واحدا أو مائة أو ألفا أو مليونا
أما جرح المعنى فيصيب كل المباني عبر كل الأزمنة فكأنك حين هدمت هدمت المباني جميعا وكأنك حين قتلت قتلت الناس جميعا.
وذلك قتل يختلف وجرح مختلف..
جرح وقتل وسحق معنى الرحمة
ومعنى الشهامة
ومعنى العقل
ومعنى الكرامة
ومعنى النخوة
ومعنى الترفع ومعنى التسامي
ومعنى الأبوة
ومعنى الأخوة
ومعنى الشرف
ومعن الشجاعة
ومعنى الأمانة
و..
و...
و...
وذلك كله أشد وأنكى من قتل البشر
فقتل البشر مرتبط بزمان قد يتوقف الفعل بعده
أما قتل الصفات والمعاني فجرح عميق فيها لا يندمل أبدا ولا يتوقف عن النزف أبدا
جرح بلا زمن
أو جرح بطول الزمن وعرض الألم
فكأنه يلحق بارتباط تلك الصفات بالجنس البشريّ منذ هبط آدم وحتى يرث الله الأرض ومن عليها
وكأنما سيقف الجنس البشري كله في نهاية الزمان أو يوم القيامة نازفا كرامته وشرفه لأن هذا الفعل ارتبط به
وربما شهد التاريخ جيوشا تبيد الملايين
لكن
من الأعداء
وربما شهد شرطة تقتل مئات المجرمين
لا شرطة تقتل الأشرف والأطيب والأكرم
والذي لم يتوقع هذه الوحشية من أعدى أعدائه فجاءته من أقرب أقربائه
وكأن الجنس البشري سيقف خزيان يوم القيامة وأمم الحيوانات تباهيه يوم القيامة
فتزأر الوحوش:
لسنا بهذه الخسة أبدا وحاشانا أن نفعل مثلما فعلتم
وتقف الضواري مزمجرة
لسنا بهذه القسوة أبدا وحاشانا أن نفعل مثلما فعلتم
وتأتي الزواحف تفح:
لسنا بهذه الخيانة أبدا وحاشانا أن نفعل مثلما فعلتم
وكأن الجنس البشري كله لا بعض زمانه ولا بعض تاريخه ولا بعض رجاله سيقف ينزف كرامته وكبرياءه وشرفه وعقله
وما كان يتيه به فخارا على العالمين..
فهل أدركتم لماذا قلت ما قلت
ولماذا أقول ما أقول..
وأن ما اجتاحني كان فوق الألم وفوق الحزن
فهو أكثر بكثير من أن يكون غضبا أو أن يكون حزنا
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق