ليلة سقوط سور برلين
أستاذ علوم سياسية واستشرافية
في الحادي عشر من شهر أغسطس 2016 كتبت تحت هذا العنوان «ليلة سقوط سور برلين» السطور التالية:
الوجدان العام لأي شعب ونظرته للمستقبل لها معايير ولها انعكاسات ايجابية وسلبية ودائما ما تحوى خطابات القادة على مفردات تغرس الأمل في المستقبل وتبشر بالرفاه وتدلل عليها بمؤشرات ملحوظة يدركها الجميع حتى لو لم تمس بعض الطوائف من الشعب..
ولكن إذا أصيب الوجدان العام لأي شعب بالنظرة السلبية للمستقبل وساد الخوف وشاع في أكبر قاعدة شعبية فهو بذاته أي الخوف يصبح علة من العلل الإضافية لما سبقه من علل أنتجت تلك النظرة السلبية للمستقبل، ولكن علة الخوف أخطر مما سبقها من علل، لأن آثارها مدمرة.
وهو ما يجعل الخروج منها يعتمد على عدة قرارات الكل يعلمها،
ولكن في ظل الحكومات العسكرية والتي لا تعرف أدبيات الاستقالة والتنحي لصناعة الأمل والدفع بقيادات جديدة ورؤى مغايرة للسائد لتقليل الخسائر والتكلفة وهو ما أصاب الاتحاد السوفيتي عشية سقوط سور برلين عندما عجزت الدولة عن القيام بوظائفها الأساسية..
فتحلل الاتحاد السوفيتي بين عشية وضحاها بلا ثورات ولا انقلابات عسكرية ولكنه خسر نصف الجغرافيا التي شكلت عصب الاتحاد ومصادر قوته وثرواته لسبعين عام.
فلم تمنع مخازن القوة النووية ومعداتها التي تستطيع تدمير العالم من تفكك وتحلل الاتحاد السوفيتى وكذا لم تمنع القوات المسلحة وبعظمتها واقتدارها وما تملكه من معدات حديثة وتقليدية.
وكذا لم يمنع وجود مناجم الذهب والتي تعد في المركز الأول في العالم من انهياره إذ أصبح الاتحاد السوفيتي وقادته يعملون لحسابهم الخاص حتى بلغ الأمر منافستهم لبعضهم في تكوين الثروات الشخصية على حساب المجتمع.
فغاب الرضى العام ولم تعد هناك فوائض تقبل القسمة على رؤوس الفساد فبدأ الانهيار يعمل عمله على كافة المستويات الأفقية والرأسية في المجتمع وهو نفس المصير الذي سيواجه الشرق الأوسط حتى لو بعد عشر سنوات بعد هدر الفوائض المالية التي تشترى الولاء والشرعية الدولية إلى الآن..
قال تعالى {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون….}
لاحظ قول الله تعالى بما كانوا يصنعون وليس ما كانوا يفعلون أو يعملون، لأن الصناعة تحتاج لعلم وعمد وإرادة، والله لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق