غزة تُذبح والعرب نيام.. عودة عصور التوحش!
بقلم:د. محمود القاعود
أكثر مِن 51 ألف شهيد مِن المسلمين والمسلمات.. غالبيتهم مِن الأطفال والنساء في واحدة من أبشع فصول الإبادة الجماعية في العصر الحديث..
هذا العدوان لا يقتصر على القتل المباشر بل يمتد إلى فرض حصار وحشي يمنع وصول الماء والطعام والدواء مما يفاقم معاناة شعب أعزل يواجه الموت جوعًا وعطشًا ومرضًا..
العرب في مشهد يثير الحسرة والغضب يقفون متفرجين يُشاهدون غزة وهي تُباد دون أن يتحرك ساكن في تناقض صارخ مع أي قيم دينية أو إنسانية أو تاريخية يُفترض أنها تجمعهم.
إنَّ ما يحدث في غزة جريمة تاريخية تُعيد إلى الأذهان أحلك صفحات الإبادة الجماعية..
فكما فعل الأنجلو- ساكسون في القرنين الميلاديين السابع عشر والثامن عشر حين أبادوا أكثر من مائة مليون من الهنود الحمر في أمريكا الشمالية بأساليب وحشية شملت التجويع والقتل المُنَظَّم نرى اليوم إسرائيل تتبع نهجًا مماثلًا..
الأطفال في غزة يُقتلون بلا ذنب.. والنساء تُذبح في بيوتهن.. بينما تُجرى العمليات الجراحية دون تخدير في ظل انهيار النظام الصحي وقصف المستشفيات في مشاهد تُجسد أقصى درجات القسوة البشرية الممزوجة بتوحش شياطين الإنس..
السؤال الذي يفرض نفسه: بأي ذنب يُرتكب هذا الإجرام؟ ولماذا يظل العالم صامتًا أمام هذه الفظائع؟
لو كان أهل غزة حيوانات تتعرض لمثل هذا التنكيل.. لانتفضت المنظمات الدولية والمجتمعات الغربية احتجاجًا واستنكارًا.. لكن لأنهم بشر.. مسلمون.. فلسطينيون.. يبدو أن قيمتهم في ميزان العدالة الدولية العرجاء قد تلاشت.. هذا الانتقائية تكشف عن ازدواجية معايير تاريخية متجذرة.. حيث يُبرر الغرب تاريخه الاستعماري الدموي بينما يغض الطرف عن تكراره في غزة اليوم.
إسرائيل بدعمها الغربي المطلق.. تُعيد إنتاج نموذج الاستعمار الإبادي مستخدمة أحدث الأسلحة لتحقيق ما حققه الأنجلو -ساكسون بالسيف والمرض قبل قرون.
إنَّ صمت العرب ليس مجرد تقصير عابر بل انهيار للموقف الجماعي الذي كان يُفترض أن يُشكل درعًا لفلسطين.. الدول العربية التي تمتلك موارد اقتصادية وسياسية هائلة تكتفي ببيانات شجب هزيلة لا تُغيِّر من الواقع شيئًا تاركةً غزة تواجه مصيرها وحيدة..
هذا التخاذل يُضعف الموقف العربي عالميًا..
ويُعزز من قدرة الكيان النازي على التمادي في جرائمه دون رادع..
التاريخ يُعلمنا أن الشعوب التي تتغاضى عن ظلم إخوتها تُصبح شريكةً فيه.. وإن لم تكن بالفعل فبالسكوت.
إنَّ غزة اليوم ليست مجرد بقعة جغرافية تُحاصر.. بل رمز للصمود الإنساني في وجه الطغيان والتوحش.. كل طفل يُقتل.. وكل امرأة تُذبح.. وكل صرخة تُخنق تحت الأنقاض.. هي وصمة عار على جبين العالم.. وعلى العرب خصوصًا.. إذا لم يتحركوا الآن لوقف هذه المذبحة الرهيبة فمتى؟
التاريخ لن يرحم المتفرجين.. وسيُسجل أنَّ جيلًا عربيًا شهد إبادة غزة دون أن يرفع صوته أو يمد يده.. فلنستحضر درس الهنود الحمر ولنعِ أنَّ السكوت على الظلم سيجعلنا فريسة للظالم!
في 7 إبريل 2025م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق