بين السخرية والمأساة: أوروبا تضحك على أنقاض غزة
أثار مشهد ضحك عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي خلال جلسة ناقشت الوضع الإنساني في غزة موجة من الصدمة والغضب، خاصة لدى الشعوب العربية والإسلامية التي تتابع، بقلوب مكلومة، ما يتعرض له المدنيون من قصف وحرق وتجويع وقتل يومي.
في الوقت الذي يُقتل فيه الأبرياء حرقًا بالصواريخ الأمريكية، ويُحاصر الأطفال والنساء جوعًا بقرارات إسرائيلية مدعومة من قِبل غالبية الحكومات الغربية، يجلس هؤلاء المسؤولون في بروكسل يضحكون بلا مبالاة، وكأن الدم العربي لا قيمة له، وكأن المأساة مجرد مشهد عابر في نشرة أخبار مسائية.
إنه مشهد لا يمكن فصله عن السياق الأوسع. لقد نجحت القوى الاستعمارية في ترسيخ أنظمة سياسية وأمنية في وطننا العربي، أُطلق عليها زورًا اسم “الدول الوطنية”، بينما كانت مهمتها الحقيقية هي قمع الشعوب، وتدمير طموحاتها، وتجويعها، وتحويلها إلى كتل خاملة مغلوبة على أمرها.
غزة والضفة ليست وحدها. فالعراق يعيش موجة من الإعدامات الطائفية على يد وكلاء طهران، واليمن غارق في المجاعة والموت على أيدي الحوثي، والسودان يتفكك تحت وطأة صراعات تشعلها أطماع خارجية، لا سيما من قبل أنظمة تسعى للهيمنة الإقليمية كالإمارات.
فكيف لا يسخر ساكنو القصور في بروكسل وباريس ولندن، وهم يرون أن مشروعهم الاستعماري لا يزال يثمر؟ يرونه واضحًا في وكلائهم الذين يمارسون القمع نيابة عنهم، ويديرون أنظمة مهترئة تضمن استمرار تدفق المصالح إلى الغرب على حساب دماء العرب والمسلمين.
إن ما يحدث ليس مجرد مأساة إنسانية، بل هو انهيار كامل للقيم التي يتشدق بها الغرب، وتعرية لمنظومة حقوق الإنسان التي تُستخدم فقط حين تخدم المصالح. ومتى كانت حياة أمتنا تعني لهم شيئًا؟
ومتى كان ضمير هذا العالم يصحو إلا إذا مسّت المأساة غيرنا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق