الأربعاء، 2 أبريل 2025

الضربة الأمريكية المحتملة لإيران!

 الضربة الأمريكية المحتملة لإيران!

في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نيته توجيه ضربة عسكرية «قوية» لإيران.. تتزايد التكهنات حول التداعيات الچيوسياسية لهذا السيناريو على الشرق الأوسط.. يأتي هذا التهديد في وقت تُعاني فيه إيران مِن تراجع غير مسبوق في نفوذها الإقليمي.. نتيجة سلسلة مِن الضربات الاستراتيچية التي طالت «محور المقاومة» الذي تقوده.. مقتل قادة بارزين مثل حسن نصر الله أمين عام حزب الله وهاشم صفي الدين.. خليفته في قيادة الحزب.. إلى جانب سقوط نظام المجرم النصيري بشار الأسد في سوريا وتدمير قدرات الحوثيين في اليمن.. يضع هذا التغيير إيران في موقف دفاعي غير معهود.
التطورات الأخيرة تُشير إلى أنَّ إيران تواجه أزمة وجودية تهدد هيكلها السياسي والعسكري.. لقد كان حزب الله في لبنان بمثابة الذراع الأقوى لطهران في المنطقة.. لكن مقتل نصر الله وصفي الدين في غارات إسرائيلية دقيقة أضعف قدراته التنظيمية والعسكرية بشكل كبير..
وفي سوريا أدى سقوط الأسد وعصابة القرامطة النصيرية الباطنية إلى قطع خط الإمداد الرئيسي بين إيران وحزب الله.. مما جعل الأخير معزولًا جغرافيًا..
أما في اليمن.. فقد نجحت الضربات الأمريكية والإسرائيلية في تحجيم قدرات الحوثيين الصاروخية والطائرات المسيرة.. مما قلَّص من قدرة إيران على استهداف المصالح الغربية في البحر الأحمر.. هذه التطورات مجتمعة تضع إيران أمام خيارات محدودة خاصة إذا نفذت الولايات المتحدة تهديدها بضربة عسكرية شاملة.
وفي حال نفذت إدارة ترامب تهديدها فمن المرجح أنْ تستهدف الضربة الأمريكية البنية التحتية العسكرية والنووية لإيران بما في ذلك مراكز القيادة والسيطرة ومواقع الدفاع الجوي والمنشآت النووية الرئيسية مثل «نطنز» و«فوردو».. الهدف الاستراتيچي سيكون تعطيل قدرات إيران العسكرية وإجبارها على التفاوض من موقع ضعف.. ومع ذلك فإنَّ نجاح هذه الضربة يعتمد على عوامل مختلفة منها دقة المعلومات الاستخباراتية وقدرة الولايات المتحدة على تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية التي تعتمد جزئيًا على أنظمة روسية مثل إس- 300.
إنَّ سقوط المرشد الأعلى علي خامنئي سواء نتيجة الضربة الأمريكية أو بسبب الاضطرابات الداخلية الناتجة عنها سيفتح الباب أمام تحوّلات جذرية في الإقليم العربي..
ستشهد دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات شعورا كبيرًا بالقوة بعد زوال القوة الإيرانية.. وقد يؤدي انهيار النظام الإيراني إلى صعود قوى معارضة داخلية في إيران مثل المنظمات القومية أو الليبرالية مما قد يعيد تشكيل ديناميكيات السلطة في طهران ويقلل من طموحاتها الإقليمية..
وفي العراق ولبنان قد تفقد الفصائل الموالية لإيران مثل الحشد الشعبي وحزب الله دعمها اللوچستي والمالي مما يعزز نفوذ الحكومات المركزية أو القوى السنية والمستقلة.
رغم ضعفها الحالي تمتلك إيران أدوات للرد على ضربة أمريكية لكن فعاليتها ستكون محدودة.. يمكن أن تلجأ طهران إلى استهداف القواعد الأمريكية في الخليج مثل قاعدة العديد في قطر أو قاعدة الظفرة في الإمارات باستخدام صواريخ باليستية أو طائرات مسيرة.. ومع ذلك فإنَّ أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية مثل باتريوت وثاد قد تحد مِن تأثير هذه الهجمات.. كما أن أي رد إيراني قد يُستخدم كذريعة لتصعيد أمريكي أكبر مما يضع النظام في موقف أكثر هشاشة.. وفي الداخل قد تواجه إيران تحديات إضافية إذا استغلت المعارضة الشعبية الوضع للتحرك ضد النظام.
السؤال: هو ما إذا كانت إيران قد تتخلى عن برنامجها النووي تحت ضغط ضربة أمريكية مدمرة.. منذ نشوء نظام الولي الفقيه اعتبرت طهران برنامجها النووي ركيزة أمنها القومي وأداة ردع ضد التهديدات الخارجية.. لكن في ظل انهيار نفوذها الإقليمي وتهديد بقاء النظام ذاته قد تجد إيران نفسها مضطرة للتفاوض.. إدارة ترامب المعروفة بسياسة «الضغط الأقصى» قد تشترط تفكيك البرنامج النووي مقابل تخفيف العقوبات أو ضمانات أمنية.. ومع ذلك فإنَّ أي تنازل سيعتمد على حسابات النظام الداخلية خاصة موقف الحرس الثوري الذي يرى في السلاح النووي رمزاً للصمود.
ولننظر الآن في مواقف الدول التي تصنيفها أمريكا «مارقة»: روسيا والصين وكوريا الشمالية..
- ستعارض روسيا أي ضربة أمريكية بشدة لأن إيران تُعد شريكًا استراتيچيًا في مواجهة الهيمنة الأمريكية.. قد تقدم موسكو دعمًا دبلوماسيًا في مجلس الأمن.. وربما تزوِّد إيران بأسلحة دفاعية متقدمة.. مثل إس- 400 لكنها ستتجنب التدخل العسكري المباشر خوفًا مِن مواجهة مع الولايات المتحدة..
- تركز الصين على حماية مصالحها الاقتصادية خاصة استثماراتها في قطاع الطاقة الإيراني.. قد تدعم طهران دبلوماسيًا لكنها ستتردد في الانخراط عسكريًا مفضلة الحفاظ على توازن علاقاتها مع الغرب والخليج.
- قد تقدم بيونج يانج دعمًا رمزيًا مثل تبادل الخبرات في مجال الصواريخ لكن تأثيرها سيكون محدودًا بسبب عزلتها الدولية وقدراتها الاقتصادية الضعيفة.
يمكننا القول إنَّ الضربة الأمريكية المحتملة لإيران قد تكون نقطة تحول في الشرق الأوسط حيث ستعيد تشكيل موازين.. وسقوط خامنئي قد يُسرع من انهيار النظام الثيوقراطي.. لكن ذلك قد يتبعه فوضى داخلية تهدد الاستقرار الإقليمي.. وإيران قد ترد بضربات محدودة لكنها ستكون حذرة من التصعيد الذي قد يطيح بها نهائيًا أما روسيا والصين وكوريا الشمالية.. فستقتصر مواقفها على الدعم السياسي والتقني دون مواجهة مباشرة.
في 2 إبريل 2025م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق