الجمعة، 15 أغسطس 2014

مـصـر يـجـب أن تبـقـى أم الدنـيـا

جرة قلم

مـصـر يـجـب أن تبـقـى أم الدنـيـا


سلوى الملا

يتذكر كل صاحب قلب وروح ومشاعر المشهد الرائع والصورة الرائعة لمصلين رجالا ونساء وأطفالا في ميدان رابعة في مصر، كنا نتابعهم في بث مباشر تسمع وتشاهد بشرا لم يكن ذنبهم إلا أنهم اختاروا رئيسهم بالصناديق والديمقراطية، بشرا مؤمنين بالله يحفظون القرآن ومتعلمين وعاشوا سنوات طوال من ظلم وقهر وإقصاء فقط لأنهم من الإخوان المسلمين!!
وكأن أن تكون مسلما فاهما وصاحب رأي وإرادة وصوت وقوة لا يستحق ذلك ويجب إذلاله وإقصاؤه وسلب كل حقوقه وإبادته من الوجود!!

يوم 14-8-2013 استيقظ العالم على صوت الأسلحة النارية والطلقات وصوت الدبابات وصراخ النساء وبكاء الأطفال وأصوات تكبير الرجال وصدمتهم وهلعهم من الذعر والخوف الذي كان والقتلى والجرحى والشهداء.. والأعداد التي قتلت والمستشفى الميداني وصراخ الأطباء وهرولة الممرضين وصدمة البعض أن يجد ابنه أو أخاه وقريبه بين الشهداء والجرحى.

الطريقة التي تم بها فض اعتصام رابعة لا يمكن أن يستوعبها عقل بشر ولا ضمير حي ولا يمكن لأحد أن يقتنع بالأسلوب الذي قام به الجيش المصري والداخلية في تفريق المجتمعين السلميين والذين كنا نتابعهم طوال الفترة ونستفيد مما يقدمونه من محاضرات ومن أنشطة لم تكن كما يدعون في الصحف والإعلام والأبواق المضللة من حمل أسلحة ومن زواج متعة وهراء أفكار وكلام لا يصدر عن جاهل وكافر وكان للأسف يصدر عن شعب ضد شعب بما تم شحنه من حقد لتقسيم الشعب لشعبين «أنتم شعب وإحنا شعب» وكذب إعلام أقل ما يقال عنه يعمل وفق مصالحه وما يقبض من أموال وما يحمله من أنانية وحقد وسواد قلب وخبث روح وزرع الفتن بين أبناء الشعب المسلم والقبطي وإثارة الفتن وإشعالها من لا شيء فقط ليبقى الوضع متوترا وفوضى.

وصل بحال انقسام الشعب المصري وسجن كل من يخالف الرأي ويعبر عن ذلك باختلاف المستويات العمرية والحزبية بأن تجد طلبة محتجزين وأطفالا ونساء ناهيك عما يتعرضون له من تعذيب وفصل واغتصاب!

أصبحت الفتنة الكبرى في أم الدنيا مصر سلب الحقوق وإهانة كرامة الإنسان وغياب القانون والعدل والإنصاف وزرع الحقد والانتقام لمن يخالف الرأي والقول واتباع أسلوب القمع والقتل والسجن والتعذيب وما جاء في تقرير هيومن رايتس الأخير ليثبت قانونا وإنسانيا حجم الفظاعة الإجرامية وتسميتها جرائم ضد الإنسانية التي كانت في فض الاعتصام برابعة وقتل ما لا يقل عن 1150 متظاهرا بأيدي قوات الأمن المصرية!

أينما كنا وسمعنا أحدهم يتحدث اللهجة المصرية إلا تجدنا تلقائيا نسأل أنت تبع من؟ وبعد هذا السؤال إما سلام وحب ونقاش عقلاني وإما جدال ونقاش يصل في نهايته إلى خصام وبعضهم يصل بهم وضعك وتصنيفك من جماعة الإخوان وبعضهم يمحو اسمك من قائمة الأصدقاء!

الغريب أنك لن تجد من يحدثك بعقل وحكمة وتحليل منطقي ما يتلفظون به نسخة مطابقة وترديد لما يقوله إعلامهم المضلل والضحية من ذلك كل هم الطبقة الكادحة التي تعيش في مصر وتعاني الظلم وانقطاع الكهرباء المتكرر الذي يصل إلى 16 ساعة وتعيش في المقابر والأسطح ومن يدافع عن مصر والانقلاب ولا يعترف به يعيش خارج مصر بوضع ممتاز ويسكن الفلل والقصور!

مصر يجب أن تبقى أم الدنيا الحنونة على شعبها وجيرانها والقيادة الحقة تدرك ذلك وموقع مصر الاستراتيجي وما يحدث في غزة وما يصل إلى إغلاق معبر رفح لأمر يخرج عن معنى الإنسانية والتعاطف والتراحم والجسد الواحد.. مصر لم تقم كدولة حديثة وإنما لها من التاريخ الكبير والقديم ويكفي مصر ذكر اسمها في القرآن الكريم.. فكل ذلك يجعل لها من المكانة ما لا لغيرها متى حكمها العقلاء وأهل الحكمة والضمير.

مصر صدرت للعالم العربي إن لم يكن للعالم الأطباء والعلماء والمعلمين والأساتذة والممرضين والمحاسبين والمزارعين والفنانين والمثقفين والمفكرين وعمال المصانع وغيرهم، مصر وقوفها بقوة وقدرة وعودتها وتميزها تميز وقوة للدول العربية والإسلامية.

آخر جرة قلم
قرأنا التاريخ وقرأنا بقصص إجرامية وقتل وإبادة وجرائم في حق الإنسانية إلا أنها من عدو ومحتل ومجرم وبحث عن مصالح، ولكن ما حدث في فض اعتصام رابعة وما سبقه من انقلاب عسكري متكامل الأركان وما كان من خيانة وغدر وممارسة القوة لإسقاط وإفشال أول رئيس منتخب لحقائق وصور وتوثيق وتاريخ أيام وعام سجلتها الكاميرات ووسائل التواصل الحديثة ولا ينكرها إلا جاحد وكاذب ومنافق!

السياسة لغتها غامضة والمصالح تحكمها والفساد يرفض أن يغادرها والضمير يغيب عنها عند سيادة القوة والبطش.. وإن جاؤوا بمن يحكمها بحكم الضمير وما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مارسوا القتل والفتن والبطش لنفيهم لأن هناك من أصحاب المصالح والقوة والنخبة السياسية من ترفض ذلك وترفض تميز مصر وحضورها ودورها الإقليمي.

رحم الله شهداء رابعة وغيرهم ولانزال نذكر ذلك اليوم الكئيب وكم الألم والوجع الذي شعرنا به فما وجع وألم وفقد وشوق من فقد ابنا وزوجا وزوجة وقريبا وصديقا؟

نسأل الله لهم الصبر والسلوان وأن يولي على مصر من يحفظ الحقوق ويحكم بالعدل.

نشر في: 14 Aug 2014

مقالات سلوى الملا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق