الأربعاء، 24 فبراير 2016

..لماذا لم يسجل هيكل شهادته على العصر (2)


..لماذا لم يسجل هيكل شهادته على العصر (2)


أحمد منصور
ودعت هيكل تاركا له فرصة دراسة الأمر على أن يكون بيننا تواصل، وأنا عادة لا ألح على أحد وأترك الفرصة تأخذ مداها والشاهد يأخذ وقته، فبعض الضيوف قضيت سنوات وأنا أتواصل معهم أو أقضي جلسات استماع مطولة لهم حتى أحصل على ثقتهم وموافقتهم وأسجل في النهاية أو تحول ظروف وأقدار دون ذلك، فالأمر بحاجة إلى مثابرة وتأن لأننا في النهاية لا نهدف إلا لتقديم الحقيقة إلى الناس وللأجيال القادمة ولابد من وجود حماسة لدى الشاهد للقيام بذلك.

كانت نقطة القوة لدى هيكل في العرض الذي قدمته له هي «الجزيرة» التي كانت حديث الدنيا وشاغلة الناس في ذلك الوقت وهيكل رجل تعود أن يكون في الأضواء الباهرة والتليفزيون حسر الأضواء عن الكلمة المكتوبة إلى حد كبير، لذلك فإن طلته على الجزيرة كانت ستنقله إلى عالم آخر وأجيال أخرى لا تعرفه ولم تكن تقرأ مقالاته وكتبه، هذا كان عنصر القوة الرئيسي في العرض، أما الموانع لديه فكانت دون شك طريقتي في التحقيق مع الشهود، فالبرنامج ليس مساحة لسرد القصص والحواديت التي يعشقها هيكل ويتميز بها في كتاباته وأحاديثه وإنما هو تحقيق مع شاهد في مواقف وأحداث محددة شارك في صناعتها أو كان شاهدا عليها، واذكر هنا أنه بعد لقائي الأول مع هيكل تعرفت على مصدر قريب منه تعامل معي بتقدير واحترام بالغ، وأكد لي أنه يحترم عملي ومهنيتي ويتابع برامجي باهتمام، وسوف يحرص على أن يقنع الأستاذ بالمشاركة معي في البرنامج.. شكرته وبقيت على تواصل معه، وبعد حوالي ستة أشهر تواصلت مع الأستاذ هيكل مرة أخرى، والتقيت معه في مكتبه، لكني قبل اللقاء علمت من مصدري أن هيكل كان يتابع برامجي لاسيما شاهد على العصر بشكل منتظم خلال الفترة الماضية، وأذكر أني حينما التقيت هيكل سألته سؤالا في هذا اللقاء ضمن نقاش أجريته معه حول مقالتيه عن الحسن الثاني اللتين نشرتا في مجلة وجهات نظر التي صدرت في شهري نوفمبر وديسمبر عام 1999 لاسيما عن دقة سرده للأحداث والتفصيلات، وقلت له أعرف أن الأستاذ جميل مطر كان يرافقك في كثير من الزيارات وكان يكتب محاضر الجلسات لكن ما تكتبه يتجاوز أحيانا نصوص محاضر الجلسات، فكيف تستطيع حفظ تفاصيل ما وراء الحوار لسنوات طويلة؟ كان سؤالي ذا مغزي قصدته وكان هيكل من الذكاء ليفهمه، فالحبكة القصصية تستدعي إضافات وتفصيلات وربما أحداثا تتجاوز ما يجري في اللقاءات، لهذا أخرج هيكل مباشرة ورقة وردية اللون مطوية وأعطاها لي وقال انظر إلى هذه؟ نظرت فوجدت ورقة زيارة بها خانة للاسم والتاريخ ومساحة لكتابة رؤوس عناوين كان عليها اسمي وتاريخ زيارتي والموعد، ثم قال الأستاذ بذكاء لم يجب به على سؤالي، بعدما تخرج سأكتب أهم ما دار بيننا في هذه الورقة، ثم تبقى في الأرشيف إلى أن أحتاج إليها..

نكمل يوم الأحد.


أقرأ ايضاً


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق