الأحد، 28 فبراير 2016

لماذا لم يسجل هيكل شهادته على العصر: (3)

لماذا لم يسجل هيكل شهادته على العصر: (3)

أحمد منصور
التقيت مرة ثالثة مع الأستاذ هيكل وكان اللقاء سريعا هذه المرة فقد حرصت أن أعرف موقفه النهائي من التسجيل معه لكنه ظل كعادته ممسكا بالعصا من الوسط فقد كان يبدي رغبة وقبولا من حيث المبدأ لكن في نفس الوقت يطلب مزيدا من الوقت للدراسة والتفكير.

هنا تواصلت مع المصدر الذي كان مقربا منه والذي كنت أتواصل معه من آن لآخر وطلبت منه أن يكون صادقا معي في تبيان موقف الأستاذ، صمت المصدر قليلا ثم قال لي: سأكون صادقا معك والقرار النهائي لك، باختصار شديد الأستاذ يريد الظهورعلى شاشة الجزيرة فهذه ستنقله إلى عالم آخر وجماهير أخرى أكثر رحابة وسعة من الكتابة وهو يحب ذلك، لاسيما بعدما كتب مقاله الشهير عن الاستئذان بالانصراف، وقد فهم الناس أنه يريد الاسئتذان بالانصراف من الحياة العامة لا، ولكن بالأنصراف من عالم الكتابة إلي عالم آخر جديد هو عالم التليفزيون، لكن على نفس طريقة الكتابة.

قلت له: كيف أرجو أن توضح لي ؟
قال: حينما يكتب الأستاذ يكتب ما يريد لا يناقشه أحد ولا يتداخل معه أحد ولا يكذبه أحد ولا ينفي كلامه أحد ولا يأتي أحد له برواية أخرى وهو يريد أن يكون ظهوره التليفزيوني على نفس النحو يحدد موضوعاته و يقول ما يريد دون أن يتداخل معه أحد أو يناقشه أو يحرجه أحد، فالأستاذ يحب أن تبقى صورته لدى نفسه ولدي الناس في البرواز الذي صنعه لها وأن من يمد يده للصورة أو البرواز يمدها ليزينها بوردة أو إكليل من الزهور، لكن الحوار معك لا يخدش الصورة فقط بل سوف يشوهها وهذا ما يرفضه الأستاذ، وما شغل الأستاذ في متابعة حواراتك و ما أقلقه هو أنه وجدك تحقق مع الشهود وتحرجهم وتأتي بالروايات المختلفة ولن يقبل الأستاذ مطلقا أن يوضع في هذا الإطار، الأمر الآخر الهام هو موقفك من عبد الناصر فالأستاذ منزعج جدا من موقفك من عبد الناصر .. صمت المصدر قليلا ثم قال لي: لقد سألتني وقد أجبتك والقرار لك.

قلت له أشكرك على صدقك، قررت بعد ذلك التوقف عن الاتصال بهيكل وأن أتفرغ لشهود آخرين، وهذا ما فعله هيكل تماما نجح هيكل في صناعة فرصة وانتهازها للظهور على الجزيرة بالشكل الذي خطط له وهو أن يروي حكاياته دون أن يناقشه أحد أو يخالفه أحد أو يعترض عليه أحد وأن يبرزما يشاء ويخفي ما يشاء ورغم أنه عرض في البداية أن يتحدث في 50 حلقة أسبوعية أي لمدة عام إلا أنه لم يفوت هذه الفرصة التاريخية فأخذ يروي قصصه وحكاياته على شاشة الجزيرة سبع سنوات كاملة من أغسطس 2004 وحتى أكتوبر 2011.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق