الاثنين، 1 ديسمبر 2025

الخوف من النقد لا يزول إلا بمنهج عبس القرآني!

 الخوف من النقد لا يزول إلا بمنهج عبس القرآني!

إضاءات معرفية منهجية إيمانية ،،،

  مضر أبو الهيجاء

لم تسقط تجربة الإخوان في مصر نتيجة حضور النقد بل بسبب غيابه، أو رده!

لم تنهدم تجربة حركة حماس في فلسطين نتيجة حضور النقد بل بسبب غيابه، أو رده!

لم تنهار تجربة حركة النهضة في تونس نتيجة حضور النقد بل بسبب غيابه، أو رده!

لم تتفكك تجربة الجماعة الإسلامية في مصر نتيجة حضور النقد بل بسبب غيابه، أو رده!

لم تنحرف تجربة بن لادن والظواهري في أفغانستان نتيجة حضور النقد بل بسبب غيابه، أو رده!

وأخيرا وليس آخرا، فإن دولة الأمة الإسلامية الجامعة لم تتفكك وتتلاشى نتيجة حضور النقد، بل بسبب غيابه وتغييبه الذي أدى لتآكل وخراب الخلافة العثمانية قبل سقوطها المبرر والطبيعي!

تجربة الشام المباركة هل تنجو وتكون المنجية؟

إن من بركات أرض الشام ثورتها أهلها على كل مشاريع الباطل، تحت عناوين إسلامية هي دلالة توحيد الله وانعكاس لحقيقة الإيمان، سواء أكانت مشاريع الباطل سياسية أم عسكرية احتلالية أم فكرية ضلالية، وهي علامة متقدمة للنجاة والتمكين الموعود في أرض المعراج بإذن الله.

والسؤال يقول:

ما الواجب حتى لا تتعثر التجربة الإسلامية في الشام، ولا تتراجع كغيرها من تجارب المسلمين المليئة بالتضحيات؟

لاشك بأن مشروع التغيير والتحرير والتمكين يقوم على مسارين متوازيين هما مسار الهدم ومسار البناء.

إن المقصود بالهدم هو هدم كل أشكال الطاغوت في بناه الظالمة وأفكاره الضالة وتعدياته المتعددة وعلى رأسها الشرك الذي وصفه الله سبحانه بالظلم العظيم.

وأما البناء فهو عمران الأرض في كل جوانبه المادية النافعة، وبناء الإنسان في جوانبه العقلية والقلبية والسلوكية، الأمر الذي يفضي لتحقق التمكين وتعبيد الأرض لله وإقامة أحكام الدين.

لقد خلق الله شيطان الجان وجعل شياطين الإنس فتنة للإنسان، واختبارا قائما ودائما ما بقي الإنسان حيا على الأرض، كما جعل نفسه أمارة بالسوء، وذلك لتكتمل دائرة الصراع بين الحق والباطل في نفس الإنسان ومجتمعه وواقع الدنيا المحيط، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ولذلك فقد أنزل الله قرآنا عظيما وجعله دستورا يضيء للناس الطريق، ورفده بوحي على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى، ليجسد بين الناس بسيرته نموذجا بشريا قويما مستقيما كما أراده الله، وليكون قدوة يهتدي بها أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ولأن ابن آدم خطاء يعتريه القصور والزلل كما تعتريه الشهوات والأهواء، فقد شرع الله النصح وجعله دينا واجبا بين الناس، وهو جوهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يحفظ نقاء الدين وسوية المسار ويرعى مصالح الإنسان.

إن النقد الناصح والغيور هو من أعلى وأرقى وأوجب أشكال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -وقد فصل الفقهاء في أشكاله تفصيلا باعتبار أنواعه أي مواضيعه وباعتبار المعين أي بمعنى القائمين عليه- ليكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آلية ووسيلة ناجعة في استكمال وتقويم مساري الهدم للباطل والبناء للحق وما ينفع الناس.

التجربة الإسلامية في الشام وتعويق الهدم والبناء!

تتعالى في الساحة الإسلامية عموما والشامية خصوصا الأصوات الداعية لتعطيل النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بحسب أصوله الشرعية والأخلاقية الناظمة له- وفي هذا خروج عن منهج النقد القرآني الذي تبينه آيات الله في عتاب خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما اصطلحت عليه بمنهج عبس القرآني.

يقول الله سبحانه وتعالى: عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره. سورة عبس

إن كل المسوغات التي يطرحها المضطربون والمثبطون عن النقد والنصح -وهو من صميم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- تنسفها صورة عبس التي تطرح منهجا ربانيا قرآنيا الهدف من ذكره وتخليده في القرآن هو التقويم والاتباع والاقتداء.

لقد خلد القرآن صورة عتاب الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم دون أن يكون في هذا مس بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم أو شرط تفوق حبه لدخول الجنة، وفي هذا حجة على كل من يرفض النقد أو يضعفه باعتبار العاملين في الساحات من الدعاة والمجاهدين.

الرسالة تتقدم على الرسول ومصالح البلاد والعباد تتقدم على الحكومة والرئيس.

إن الخطاب القرآني الذي تضمن عتابا للنبي المعصوم والمبلغ عن ربه، كما تضمن تقريعا وتصويبا للصحابة الكرام يبين بوضوح أن الرسالة تتقدم على الرسول وهو ما يعكس الفهم الصحيح في واقع الأعمال التي تستهدف تمكين الدين اليوم، إذ يتقدم مسار الدين وتحقيق مصالح البلاد والعباد عن شخص الرئيس وحكومته كائنا من كان، فهو أقل من ظفر صحابي جليل ولا يزن قشة في ميزان عدالة وتضحية وعصمة النبي الأمين.

فيا أهل الشام الكرام انثروا بينكم النصح والنقد المشفق بشكل يجمع بين العلم والهدى والخلق.

 مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين الشام   27/11/2025     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق