سلام عليكِ رابعة..
خلود عبدالله الخميس
لا أعلم من أين أتينا بتجديد ذكرى المآسي والمصائب والهول!
أهو جزء من الشخصية المازوخية التي تشكلت لدى العرب مع اعتياد الانبطاح للمستعمر، أو هو نتاج تكريس الاستعباد للأنظمة البديلة التي جاء بها المستعمر من جلدتنا مكانه، بعد أن مل منّا وقرر العودة والاستقرار في أرضه؟!
لا أعلم حقيقة كيف صرنا نجعل للأحزان ذكرى نحتفل بها كل عام، ولكننا نفعل وسنفعل حتى يبدأ خط النهضة البياني في انتصاف الطريق لأعلى، فتتحول معه ثقافتنا وتنسف مفاهيمنا الراسخة التي بذرها الاستعمار، وسقتها أنظمة الحكم، وركنتْ لها الشعوب.
اليوم الرابع عشر من أغسطس، هذا الشهر الذي تحول من شهر احتفال وفرح -بالنسبة لي لأن فيه ذكرى ميلادي وابنتي- صار منكوباً بذكرى الغزو على الكويت في الثاني منه، وبأكبر محرقة متعمدة في تاريخ البشرية لإخوة في الإسلام في مصر، بفعل جيشها هي «مذبحة رابعة العدوية».
عزيزي القارئ، لقد غبتُ عنك في إجازة رمضانية وكنتُ أتشوق للعودة إليك بمقال وديّ يقطر تفاؤلاً وإيجابية.. وعذراً إن كانت المهنة التي نضطر لاتباع فروضها جعلت عودتي في يوم نكبة، ولكن أعدك بالتعويض وزيادة!
يوم أمس الأول، أصدرت منظمة «Human Rights Watch» تقريرها حول مذبحة رابعة العدوية تزامناً مع ذكرى مرور عام على قيام الحكومة المصرية والمؤسسة العسكرية بفض اعتصامات في ميادين عامة في العاصمة القاهرة (النهضة - رابعة العدوية) بقتل متعمد لمتظاهرين عُزّل، مع الحرمان من فرص الهروب وإنقاذ النفس والأطفال والعائلات التي كانت في الاعتصام، والإجهاز على الجرحى بمنع الإسعافات وحرق المستشفيات الميدانية بمن فيها من قتلى وجرحى وأطباء وطاقم طبي أحياء.
بعد كتابتي للفقرة أعلاه توقفتُ، وأعدت قراءتها أكثر من مرة، يا إلهي! بخمسة أسطر فقط، فيها وصف لتفصيل مذبحة القرن، وبمجرد قراءته يشعر الإنسان أن جسده مُكفَّن وهو حي، وأنه يخبر ضمة القبر بينما ما زال يجلس على أريكته، فكيف بمن عاشوها وفقدوا فيها، وحتى الآن لديهم مفقودون لا يعلمون مصيرهم ومرضى نفسيون من آثارها، ومن فقد عائلا وعيالا؟!
اقرأ كلمات تقرير هيومن رايتس ووتش: «أكد التقرير أن عمليات القتل في «رابعة» لم تشكل انتهاكا للقوانين الدولية فقط، ولكنها قد تصل إلى أن تكون «جرائم ضد الإنسانية»، بسبب المنهجية في القتل ونطاقها الواسع والأدلة التي تشير إلى أنها كانت عمليات موسعة ضمن سياسة ممنهجة لمهاجمة الأشخاص العُزل. وأكد عدد من المعتصمين والأطباء الذين حضروا الفض، أن قوات الجيش والشرطة ظلت تهاجم الميدان من خمسة منافذ، ولم تدع مجالا للخروج الآمن حتى نهاية اليوم، وأن قوات الشرطة عمدت إلى حرق مسجد رابعة العدوية والمستشفى الميداني، بعد اقتحام الميدان ظهرًا، واعتقلت القوات ما يقرب من 800 متظاهر خلال اليوم، وضربت وعذبت بعضهم، والأمن المصري خطط لمذبحة رابعة».
هذا مقتطف ونموذج لتقفوا على المصطلحات التي استخدمها التقرير، ومن أراد الاستزادة فهو متاح كاملاً في الوسائل الإعلامية.
والآن، وبعد عام من جريمة ارتكبت بقيادة من يرأس اليوم مصر بعد انتخابات فكاهية، هل يستطيع أي ذي ضمير، ولو كان ضميراً في غرفة الإنعاش ويحتضر، أن يرى مصر كما يراها قبل مذبحة رابعة وأختها نهضة؟
يوم أمس الأول، أصدرت منظمة «Human Rights Watch» تقريرها حول مذبحة رابعة العدوية تزامناً مع ذكرى مرور عام على قيام الحكومة المصرية والمؤسسة العسكرية بفض اعتصامات في ميادين عامة في العاصمة القاهرة (النهضة - رابعة العدوية) بقتل متعمد لمتظاهرين عُزّل، مع الحرمان من فرص الهروب وإنقاذ النفس والأطفال والعائلات التي كانت في الاعتصام، والإجهاز على الجرحى بمنع الإسعافات وحرق المستشفيات الميدانية بمن فيها من قتلى وجرحى وأطباء وطاقم طبي أحياء.
بعد كتابتي للفقرة أعلاه توقفتُ، وأعدت قراءتها أكثر من مرة، يا إلهي! بخمسة أسطر فقط، فيها وصف لتفصيل مذبحة القرن، وبمجرد قراءته يشعر الإنسان أن جسده مُكفَّن وهو حي، وأنه يخبر ضمة القبر بينما ما زال يجلس على أريكته، فكيف بمن عاشوها وفقدوا فيها، وحتى الآن لديهم مفقودون لا يعلمون مصيرهم ومرضى نفسيون من آثارها، ومن فقد عائلا وعيالا؟!
اقرأ كلمات تقرير هيومن رايتس ووتش: «أكد التقرير أن عمليات القتل في «رابعة» لم تشكل انتهاكا للقوانين الدولية فقط، ولكنها قد تصل إلى أن تكون «جرائم ضد الإنسانية»، بسبب المنهجية في القتل ونطاقها الواسع والأدلة التي تشير إلى أنها كانت عمليات موسعة ضمن سياسة ممنهجة لمهاجمة الأشخاص العُزل. وأكد عدد من المعتصمين والأطباء الذين حضروا الفض، أن قوات الجيش والشرطة ظلت تهاجم الميدان من خمسة منافذ، ولم تدع مجالا للخروج الآمن حتى نهاية اليوم، وأن قوات الشرطة عمدت إلى حرق مسجد رابعة العدوية والمستشفى الميداني، بعد اقتحام الميدان ظهرًا، واعتقلت القوات ما يقرب من 800 متظاهر خلال اليوم، وضربت وعذبت بعضهم، والأمن المصري خطط لمذبحة رابعة».
هذا مقتطف ونموذج لتقفوا على المصطلحات التي استخدمها التقرير، ومن أراد الاستزادة فهو متاح كاملاً في الوسائل الإعلامية.
والآن، وبعد عام من جريمة ارتكبت بقيادة من يرأس اليوم مصر بعد انتخابات فكاهية، هل يستطيع أي ذي ضمير، ولو كان ضميراً في غرفة الإنعاش ويحتضر، أن يرى مصر كما يراها قبل مذبحة رابعة وأختها نهضة؟
هل بقيت إنسانية ودين وخلق بعد ذلك يدّعيها أولئك الداعمون المساندون؟!
أكاد أجزم أن الشعوب في أصقاع العالم -إلا شرذمة قليلة- تعتبر الذي حدث في مصر انقلاباً على الشرعية الشعبية واختياراته وإرادته، بل كثيرون قد تغيرت حياتهم الشخصية بسبب ما شاهدوه من فتك وانتقام بسبب خلاف سياسي، بينما قلة ممن طالبوا بالاستسلام للواقع ومنطق أخذ السلطة بالقوة لأسباب دينية، هم لا ينكرون الظلم، ولكنهم يرون أن الوضع تم «حكم بالغلبة» وحقناً للدماء يجب الصبر عليه، وهناك من -وهذا رأي فقهي مقابله- يخالفه من الآراء الفقهية.
وتبقى قضية التوصيف الشرعي لما حدث في مصر وإن اختلفت تتفق على رفض البغي والعدوان وقتل الأنفس المعصومة، وللأسف فمن يتنطعون بالإفتاء في الحالة المصرية أغلبهم ليسوا من المختصين في السياسة الشرعية، بينما فقه النوازل يتطلب مختصيه ولا يجب أن يُسمع ويؤخذ أبداً من وعاظ البلاط والسلاطين.
أكاد أجزم أن الشعوب في أصقاع العالم -إلا شرذمة قليلة- تعتبر الذي حدث في مصر انقلاباً على الشرعية الشعبية واختياراته وإرادته، بل كثيرون قد تغيرت حياتهم الشخصية بسبب ما شاهدوه من فتك وانتقام بسبب خلاف سياسي، بينما قلة ممن طالبوا بالاستسلام للواقع ومنطق أخذ السلطة بالقوة لأسباب دينية، هم لا ينكرون الظلم، ولكنهم يرون أن الوضع تم «حكم بالغلبة» وحقناً للدماء يجب الصبر عليه، وهناك من -وهذا رأي فقهي مقابله- يخالفه من الآراء الفقهية.
وتبقى قضية التوصيف الشرعي لما حدث في مصر وإن اختلفت تتفق على رفض البغي والعدوان وقتل الأنفس المعصومة، وللأسف فمن يتنطعون بالإفتاء في الحالة المصرية أغلبهم ليسوا من المختصين في السياسة الشرعية، بينما فقه النوازل يتطلب مختصيه ولا يجب أن يُسمع ويؤخذ أبداً من وعاظ البلاط والسلاطين.
لأنهم جزء من «الملأ» المذموم أغلبهم في قصص القرآن، والذي يقف أمام المصلحين والأنبياء على اختلاف الرسالات كِبراً وعناداً، ولأنه ذو مصلحة مع النظام القائم أو الفائز..
هكذا هم أهل النفاق على مر القرون، ولم يستثن منهم الدين قاضيا أو واعظا أو حافظ قرآن أو مفتيا.
ختاماً.. فلا أحد -إلا من شقوا- ينتمي لدائرة الإنسانية يمكنه التبرير لنظام دولة، مهمته حفظ وتوفير الأمن للمواطن، إذا استحال وحشاً ضارياً منزوع الرحمة، بلا عقل، مسيّر من الشيطان، يقتل ويحرق، ويقف بعد ارتكاب جرائمه على أبوابها يدخن سيجارته؛ ليتحقق أن لن ينجو أحد!
ختاماً.. فلا أحد -إلا من شقوا- ينتمي لدائرة الإنسانية يمكنه التبرير لنظام دولة، مهمته حفظ وتوفير الأمن للمواطن، إذا استحال وحشاً ضارياً منزوع الرحمة، بلا عقل، مسيّر من الشيطان، يقتل ويحرق، ويقف بعد ارتكاب جرائمه على أبوابها يدخن سيجارته؛ ليتحقق أن لن ينجو أحد!
فماذا بعد تقرير الـ»هيومن رايتس ووتش» الذي طالب بالتحقيق مع السيسي وإبراهيم لكونهما المسؤولَيْن المباشِريْن عن المذابح في مصر ضد الشعب؟!.
Twitter: @kholoudalkhames
Twitter: @kholoudalkhames
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق