السبت، 21 فبراير 2015

السيسي يهرب إلى القاع


السيسي يهرب إلى القاع

إسماعيل ياشا

الانقلاب العسكري الذي قام به الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي لإسقاط الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، كان خطيئة كبيرة أرجعت مصر سنوات إلى الوراء، وزاد الطين بلة في بلد بحاجة ماسة إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والخروج من ظلام الدكتاتورية إلى نور الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ولكن الانقلابيين وداعميهم كانوا في عجلة من أمرهم، وجدوا المخرج في الهروب إلى الأمام من خلال ما يسمى «خارطة الطريق».
الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وجميع أنواع الحريات تراجعت من سيئ إلى أسوأ، ولكن قادة الانقلاب اختاروا دائما الهروب إلى الأمام في كل أزمة واجهوها، ظنا منهم أن هذا الهروب سوف ينجيهم من ملاحقة الأزمات التي تتراكم يوما بعد يوم.
التسريبات التي نشرتها قناة «مكملين» قبل أيام وإساءة السيسي ومدير مكتبه اللواء عباس كامل إلى دول الخليج الممولة للانقلاب، كشفت عن عقلية الانقلابيين، وجعلت وصول «أكياس الرز الخليجي» إلى مصر في خطر، وأضافت أزمة إلى أزمات قادة الانقلاب، ولكنهم هربوا مرة أخرى إلى الأمام كما دأبوا أن يفعلوا منذ إسقاط الرئيس المنتخب، وقصفوا مدينة درنة الليبية بحجة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والرد على ذبح 21 قبطيا.
مصر السيسي تتدخل في ليبيا منذ أشهر لصالح قائد الثورة المضادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وتقصف طائرات الجيش المصري أهداف الثوار الليبيين، ولكن القصف الأخير كان معلنا بخلاف ما سبق، واستهدف الأحياء السكنية، وسقط في الغارات الجوية على مدينة درنة سبعة قتلى بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان، وأصيب سبعة عشر آخرون جميعهم مدنيون، في انتهاك صارخ للسيادة الليبية وخرق للقوانين الدولية.
قادة الانقلاب يحاولون تصدير أزمات مصر خارج البلاد من خلال التدخل في الشؤون الليبية الداخلية لصالح طرف ضد آخر وضرب جهود المصالحة والحوار بين الأطراف الليبية، وإيجاد عدو خارجي ليشحن الشعب المصري ويحرض ضده حتى ينسى المشاكل الداخلية ولا يطالب باستحقاقات ديمقراطية، كما يسعون للانضمام إلى جبهة مكافحة «داعش» لتعزيز شرعية انقلابهم لدى المجتمع الدولي بدعوى مكافحة الإرهاب.
لم تقتصر محاولة قادة الانقلاب للهروب من الأزمات على قصف مواقع مدنية في درنة الليبية، بل طالت إلى توجيه أصابع الاتهام بدعم الإرهاب إلى دول تقف إلى جانب الشعبين الليبي والمصري ومطالبهما. وزعم السفير طارق عادل مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية، أنه «بات واضحا أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب».
وهناك تنسيق وتبادل أدوار وتضامن بين انقلابيي مصر ونظرائهم الليبيين الذين يؤكدون أن قصف الجيش المصري لمواقع في درنة تم بتنسيق كامل مع حكومة طبرق، التي تتهم هي الأخرى تركيا بدعم الإرهاب في ليبيا والتدخل في شؤونها. وكان عبدالله الثني رئيس حكومة طبرق، هدد تركيا بوقف التعامل مع شركاتها «إذا واصلت تدخلاتها في شؤون ليبيا الداخلية».
التدخل المصري السافر في ليبيا وتصعيد قادة الانقلاب لهجتهم ضد قطر وتركيا يهدف إلى التغطية على فضيحة التسريبات وفشلهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر، ويعكس حالة التخبط واليأس التي يعيشها السيسي ورفاقه في ظل بوادر التراجع في الدعم الخليجي السخي أو على الأقل في موقف بعض الدول الداعم للانقلاب.
المشكلة أن السيسي يظن أنه يهرب إلى الأمام للتخلص من الأزمات، ولكنه في حقيقة الأمر يهرب إلى القاع، وينتقل من أسفل إلى ما هو أسفل منه، ويجر معه من يلتفُّ حوله ومن يدعمه، ويصب الزيت على النار المشتعلة في المنطقة لتحرق الأخضر واليابس، إن لم يتدارك الوضع عقلاء من قادة دول المنطقة والعالم ويلجموا السيسي وجنونه قبل فوات الأوان.?

? ? @ismail_yasa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق