الأحد، 22 فبراير 2015

لماذا أغلقت قناة العرب؟


لماذا أغلقت قناة العرب؟
علي الظفيري

موضوع هذه القناة مثير للغاية، ويفتح نقاشات لا حصر لها، ليس عن القناة وظروف إغلاقها فقط، بل حول مجمل فكرة الإعلام في عالمنا العربي، وكيف يفهم الناس هذه المسألة ويتفاعلون معها، خذ على سبيل المثال ماذا تعني لدى كثير من الناس عبارة الترحيب بالقناة من قبل إعلامي عامل في المجال ذاته، مباشرة يذهب الأمر إلى فكرة العمل في القناة أو مغازلتها على الأقل، وقليل من يأخذ الأمر على أنه احتفاء بالإعلام ومنابره، وأنه رغبة صادقة بتوسع المنابر الإعلامية وتنافسها المهني لصالح المتلقي، كل شيء لدى هذه الفئة شخصي ومصلحي!
ولما أغلقت القناة في ساعات عملها الأولى، وجدتني مضطرا ومن باب الواجب الأخلاقي والمهني، أن أسجل تضامني وتعاطفي مع العاملين فيها، عبارة واحدة فقط في موقع تويتر هدفها تسجيل الدعم لمئات العاملين ممن تركوا بلدانهم وأسرهم للعمل في هذه القناة، لكن هذه العبارة البسيطة والواجبة بدت غريبة في بحر الشماتة والسخرية من إغلاق القناة، وهذا ما يطرح السؤال الكبير: لماذا فرح البعض بإغلاق قناة العرب؟ ولماذا أغلقت من الأساس؟
استضافت العرب في أولى نشراتها نائب رئيس جمعية الوفاق البحرينية المعارضة، واعتبر الأمر سببا رئيسيا لوقف بث القناة ومراجعة ترخصيها، ولا أعتقد أن هذه الاستضافة كانت السبب الوحيد، إذ كان يمكن تلافي الأمر والنقاش حوله مع القناة، وعدم اتخاذ هذه الخطوة الغريبة والقاسية، علما بأن وزير الإعلام البحريني ظهر في النشرة التالية وأفردت له مساحة الرد والتعليق، مع عدم إغفال أحاديث سابقة للزميل جمال خاشقجي مدير القناة عن استضافة الجميع، وهذه كلمة مفتاحية في الموضوع، من يريد للجميع أن يظهر ويتحدث ويعبر عن وجهة نظره؟
ثمة ما له علاقة بالمالك، الأمير الوليد بن طلال، وعلاقاته السياسية والاقتصادية، وقد يكون السبب الرئيسي في إغلاق القناة من اللحظة الأولى لانطلاقتها، خاصة أن قناة إخبارية واسعة الانتشار لا يمكن أن تعمل بغرض تجاري، فهذا النشاط مكلف ولا عائد مالي متوقع منه، وبالتالي تقف السياسة خلف هذا الأمر من اللحظة الأولى، ويمكن تفسير الأشياء بها، النشأة والعمل والتوجه، والإغلاق أيضا، وهذا أمر يتجاوز البحرين إلى المحيط الذي ينتمي له المالك.
 وهناك أيضا موضوع الإدارة، فلا يمكن أن نتجاوز الجدل حول الزميل جمال مدير القناة، وهو كاتب صحافي وصاحب رأي مختلف عن السائد في صحافتنا المحلية، خاصة في قضية مصر والإسلاميين وغيرها، وقد تعرض لعملية تحريض واضحة نتيجة آرائه المستقلة في هذه القضايا.
ثم يأتي موضوع القناة ذاتها، ومن يمكن أن تنافس، وماذا يمكن أن تقدم للمشاهد المحلي والعربي، وهذا أمر لا يمكن إغفاله في تفسير ما تعرضت له القناة، ما يجعل المسائل الثلاث، المالك والظروف المحيطة به، إدارة القناة، والخط المتوقع لها، قد أدت مجتمعة إلى النتيجة التي شاهدناها، القضاء على وسيلة إعلامية في لحظة ولادتها.
على الصعيد الشخصي، لا أجدني مهتما سوى بالنقطة الأخيرة والمتعقلة بالقناة وما يمكن أن تضيفه على الساحة الإعلامية العربية، مهنياً سيزداد التنافس وينكسر الاحتكار وهذا أمر يصب في صالح المهنة، ويعود على المتلقي العربي بالخير، فكلما زادت المصادر وتنوعت استفاد الجمهور، والمسألة الأخرى تتعلق بالزملاء في القناة، والذين لا يملك المرء إلا الشعور بالأسى لما تعرضوا له في يومهم الأول، وبعد أعوام من العمل والاستعداد لهذه اللحظة، وكل ما أتمناه أن تتجاوز القناة هذه العثرة، وتجد أرضا أخرى لانطلاقتها، وتسهم مع الآخرين في خدمة الجمهور بشكل متزن وعقلاني.?

• ? @alialdafiri

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق