الثلاثاء، 21 أبريل 2015

"التلغراف": ليس أمام سنة العراق اليوم إلا الفرار والتهجير


"التلغراف": ليس أمام سنة العراق اليوم إلا الفرار والتهجير
خدمة العصر

المهارة الوحيدة التي يتعلمها تقريبا كل عراقي مدني اليوم هي كيفية الفرار بسرعة.

وهذا الأسبوع، جاء دور سكان الرمادي للهروب بالآلاف مع تقدم مسلحي تنظيم الدولة داخل مدينتهم.

"كانت الساعة الثالثة من صباح اليوم عندما أصبح القتال أكثر سوءا"، كما قال أبو محمد، وهو أب لطفلين، لمراسل صحيفة "التلغراف البريطانية، وأضاف: "كنت مستعدا للهروب، وقد أبقيت وثائق الهوية في السيارة حتى نتمكن من الفرار بسرعة. وهذه هي المرة السابعة التي شُردت فيها عائلتي بسبب الحرب". وتضطر عائلته، في كل مرة، التخلي عن مسكنها وممتلكاتها.

وقال تقرير الصحيفة إن الصراع الدموي من أجل السيطرة على العراق يجري على جبهتين، مع تباين صارخ في ميزان القوى في كل جبهة.

على طول وادي الفرات وعبر صحراء محافظة الأنبار، لا يزال مقاتلو تنظيم الدولة "داعش" سائرين في طريقهم، حيث بدأوا منه هجوما جديدا على مدينة الرمادي، وهي عاصمة المحافظة، تقع على بعد 100 ميل إلى الغرب من بغداد.

وعلى الجبهة الأخرى عبر وادي دجلة، في محافظة صلاح الدين، اضطر مسلحو داعش إلى الاكتفاء بموقف دفاعي. وقد طرد الهجوم المضاد من جانب حكومة بغداد مقاتلي تنظيم الدولة من جميع مناطق تكريت ولكن لا زالت هناك جيوب قليلة تقاوم في مدينة صدام حسين.

وسمح هذا الفوز للقوات الحكومية، وفقا للتقرير، لشق ممر للسيطرة يمتد شمالا بطول 120 ميلا من بغداد إلى تكريت.

وعلى العموم، وفقا للصحيفة، فقد مقاتلو داعش المزيد من الأرض على طول نهر دجلة أكثر مما اكتسبوا بجانب نهر الفرات. وخلص تقويم البنتاغون، الذي نشر الثلاثاء الماضي، إلى أن تنظيم داعش خسر ما لا يقل عن ربع المساحة التي احتلها في العام الماضي.

وبعد الاستيلاء على تكريت، فإن الهدف التالي لهجوم نهر دجلة المضاد سيكون الموصل، أكبر مدينة في شمال العراق التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.5 مليون نسمة.

وفي فبراير الماضي، قال متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية إن أمريكا وحلفاءها سيدربون 25ألف من القوات العراقية لاستعادة الموصل في وقت مبكر من مايو. لكن تلك الخطة تبدو الآن في حالة يرثى لها. كما كشف الهجوم المضاد على طول نهر دجلة هشاشة قوات الأمن العراقية.

في الصيف الماضي، انهار الجيش الوطني في مواجهة اجتياح مقاتلي داعش. ولا يزال الجيش إلى اليوم أضعف من أن يشن هجوما مضادا من دون مساعدة.

وشكلت ميلشيات الحشد الشعبي الشيعية العمود الفقري في الهجوم على تكريت، فمن مجموع 24 ألف مقاتل شاركوا في الهجوم، 20 ألف منهم كانوا من الميليشيات الشيعية، وفقا لمسؤولين أمريكيين، في حين لم يتجاوز تعداد الجيش العراقي 3 آلاف فقط والألف المتبقية من مقاتلي القبائل السنية.

ولكن سكان مناطق الصراع هم في أغلبيتهم الساحقة من السنة. لذا، فإن السكان المحليين قد لا يرحبون بهذا "التحرير" من قبل مقاتلي الميليشيات الشيعية، وخاصة إذا أعقب الهجوم عمليات انتقام وفظائع.

وفي هذا، رأى أيمن التميمي، من منتدى الشرق الأوسط، وهو مؤسسة فكرية، أن "الحكومة تعتمد كثيرا على الميليشيات الشيعية، فهم المؤثرون بشكل كبير في معظم خطوط الجبهة".

وقال التقرير إن تعبئة القوى الشيعية لاستعادة المناطق التي تسكنها غالبية سنية محفوفة بالمخاطر، ففي تكريت أظهرت صور حالات نهب وحرق لبعض بيوت السكان.
 ولم تكن بالكثرة المعهودة لأن معظم سكان تكريت كانوا قد فروا. ولكن الشيء نفسه قد لا يكون صحيحا في مكان آخر. إذ إن " تكريت كانت في معظمها فارغة"، كما كشف التميمي، وأضاف: "لكن الرمادي والموصل لا تزالان مأهولتين من قبل الآلاف من السكان السنة. وعلى هذا، فعمليات القتل الانتقامية هناك قد تكون وحشية".

وفي حين يصر المسؤولون الأميركيون على أن الجيش الوطني، وليس الميليشيات الشيعية، هي التي ستتولى عملية استعادة الموصل، هناك احتمال ضئيل أن القوة المطلوبة ستكون جاهزة بحلول مايو أو حتى لعدة أشهر بعد ذلك، وفقا للتقرير. وهذا ما يفسر جزئيا التقدم الأخير لمقاتلي تنظيم الدولة على طول الجبهة الفرات، حيث تعثرت القوات العراقية في حرب استنزاف.

وأشارت الصحيفة إلى أن المدنيين العراقيين هم أكثر المتضررين من هذه الحرب الشعواء، حيث قتل منهم 14 ألف شخص على الأقل خلال 12 شهرا الماضية، وفقا لتقرير الأمم المتحدة.

واختتمت التقرير بالقول: "مهما كانت موازين القوى بالنسبة للجبهتين المتقاتلتين، تعد الجولة الأخيرة من الحرب أكثر الأعوام دموية في العراق على مدار عقد من الزمن".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق