الاثنين، 20 أبريل 2015

“السلام لا يسدد الفواتير”: التربح من الشرق الأوسط الذي مزقته الحرب

‘Peace doesn’t pay the bills’: Profiting from a 
war-torn Middle East

“السلام لا يسدد الفواتير”: التربح من الشرق الأوسط الذي مزقته الحرب

ميدل إيست آي – التقرير
Sharif Nashashibi
قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري في 9 أبريل الجاري، إن الولايات المتحدة سوف تدعم أي دولة في الشرق الأوسط تشعر بالتهديد من جانب إيران، وإنها “لن تقف موقف المتفرج” إذا ما زعزعت طهران استقرار المنطقة. 
وسيكون من السذاجة الاعتقاد بأن ذلك هو نوع من الإيثار الأمريكي، فالأمر كله يتعلق بالمال، لا سيما في شكل مبيعات الأسلحة.
فالحرب -أو حتى مجرد التلويح بها- هي أمر مربح، خصوصا بالنسبة لأولئك الذين يعملون في توريد الأسلحة ولكنهم لا يشاركون في القتال في الواقع.

حيث توفر صادرات الأسلحة فوائد اقتصادية هائلة، والتي تترجم إلى فوائد سياسية محليا ومن حيث النفوذ مع العملاء.
وقد كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ فترة طويلة مسرحا للقتال -على العديد من الجبهات في كثير من الأحيان-، وبالتالي تعتبر من بين الأسواق الأكثر إرباحا على هذا الكوكب. ومع ذلك، فقد ارتفعت مشتريات الأسلحة في السنوات الأخيرة، مع تزايد الاضطرابات والتوتر والحرب بين الدول وداخلها بشكل ملحوظ.

وتمثل مبيعات الولايات المتحدة ما يقرب من نصف مجموع مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط، تليها روسيا والمملكة المتحدة.
كما ارتفعت مبيعات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بنسبة 71٪ على مدى السنوات الخمس الماضية، وهو ما يمثل 54٪ من الواردات إلى الشرق الأوسط. وأصبحت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ثاني ورابع أكبر مستوردي السلاح في العالم على التوالي.
وتمثل الجزائر والمغرب أكبر وثاني أكبر مستوردي السلاح في أفريقيا على التوالي، حيث ارتفع حجم مشتريات المغرب من السلاح بمقدار 11 ضعف خلال نفس الفترة.

ويقول بيتر ويزمان، الباحث البارز في معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم الذي يعد أفضل معهد في مجال إحصاءات تجارة الأسلحة:
“إنه من المقرر أن تتلقى دول مجلس التعاون الخليجي، جنبا إلى جنب مع مصر والعراق وإسرائيل وتركيا شحنات أخرى كبيرة من الأسلحة الرئيسة في السنوات المقبلة“.

فالدول ذاتها التي تتحسر على الصراع الإقليمي -الولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الأوروبية- تغذي وتحافظ عليه من خلال بيع العديد من الأسلحة بقيمة مليارات الدولارات إلى الأطراف المتحاربة.
أما الحديث عن الولاء للحلفاء والحاجة للدبلوماسية فهو مجرد واجهة، والحقيقة أن الحرب تعني الأعمال التجارية المزدهرة.

ويحقق موردو السلاح فوائد قصوى من مجرد الحفاظ على حالة زعزعة الاستقرار بالقدر الذي يكفي لجعل العملاء الكبار يشترون منهم، ولكن ليس بما يكفي ليصبحوا تهديدا وجوديا لهم أو يعطلوا إمدادات الطاقة. ولهذا السبب، على سبيل المثال، استفادت الولايات المتحدة كثيرا من الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، حيث قامت بتسليح الجانبين، مما أدى إلى حرب الاستنزاف التي استمرت عشر سنوات تقريبا.

وبالمثل، كان الربيع العربي، والتوترات العربية الإيرانية وصعود تنظيم الدولة الإسلامية، من بين الأزمات الحالية الأخرى نعمة اقتصادية لأولئك الذين يمسحون دموع التماسيح بيد ويوقعون عقود الأسلحة باليد الأخرى. كما كانت عملية عاصفة الحزم التي شنت مؤخرا على اليمن إضافة أكيدة إلى موجة شراء الأسلحة.

كما استفادت صناعة السلاح الروسية من الاضطرابات في سوريا ومصر، فضلا عن التهديدات بهجوم عسكري أمريكي أو إسرائيلي ضد إيران، فزادت صادرات الأسلحة إلى دمشق منذ اندلاع الانتفاضة السورية.

وتعد موسكو المورد الرئيس لإيران التي يتزايد حجم الإنفاق العسكري بها مع تزايد تورطها في الصراعات في سوريا والعراق. حيث شهد هذا الأسبوع اتفاقا لتسليم نظام الصواريخ S-300 المضادة للصواريخ إلى طهران، على الرغم من الاعتراضات الأميركية والإسرائيلية القوية.

كما استفادت روسيا أيضا من توتر العلاقات الأمريكية-المصرية بعد القطع الجزئي للمساعدات العسكرية الأمريكية إلى القاهرة مع حملة القمع الأخيرة ضد المعارضة، حيث تحولت مصر، التي دمرها العنف المتزايد -ولا سيما التمرد المتزايد في سيناء- بسرعة إلى روسيا لملء ذلك الفراغ.

ولحسن الحظ، استجابت موسكو، التي تعد ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة، لذلك. ففي شهر أغسطس من العام الماضي، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القاهرة بأنه سيقوم بتسريع تسليم صفقة الأسلحة التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات. وكان الرد الأمريكي هو رفع الحظر على شحنات الأسلحة إلى مصر.

ويسلط ذلك الضوء على نتائج المبيعات العسكرية، وهي أن الموردين يغضون الطرف عن الانتهاكات التي يرتكبها عملاؤهم، ويتحدثون فقط عن تلك التي يرتكبها عملاء منافسيهم. وعلى هذا النحو، أدى الحديث الانتقائي حول حقوق الإنسان إلى المزيد من القمع إقليميا وشعور عال بإمكانية الإفلات من العقاب، أو كما يقول أندرو سميث من حملة مناهضة تجارة الأسلحة: “إنهم لم يكتفوا بمجرد تقديم الدعم العسكري للأنظمة المسيئة، بل إنهم يرسلون إشارة واضحة بالدعم السياسي لها“.

كما تتنافس روسيا والغرب أيضا على مبيعات الأسلحة إلى العراق. فقد تضاعفت موافقات حكومة الولايات المتحدة على مبيعات الأسلحة إلى بغداد ثلاث مرات تقريبا في العام الماضي لتصل إلى نحو 15 مليار دولار أمريكي، كما طالب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، هذا الشهر بمزيد من الأسلحة.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في شهر ديسمبر الماضي إن تصاعد المعركة بين القوات المسلحة المنهكة في العراق ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية قد حفز الطلب على المعدات باهظة الثمن، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية والصواريخ الموجهة بالليزر.

كما ساهمت أحداث الربيع العربي والحروب بالوكالة بين إيران والدول العربية، وانتشار الجهاديين في خلق شعور عال بالتهديدات الخارجية والداخلية في جميع أنحاء المنطقة. وبرغم أن هذه الظواهر ناتجة إلى حد كبير عن القمع، إلا أنه قد تم تناولها بنفس الطريقة، مع التركيز على القوة العسكرية والديكتاتورية بدلا من الإصلاحات والتركيز على الحقوق.

لا عجب إذن، أن يكون الحديث في هذه الأيام حول التعاون مع الحكام المستبدين في المنطقة، فهم من يشترون معظم الأسلحة. فوجود شرق أوسط ومنطقة شمال أفريقيا سلمية وديمقراطية هو أمر أقل ربحية بكثير. وربما لن يقول مصدرو الأسلحة ذلك أبدا؛ ولكن السلام لا يسدد الفواتير.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق