الخميس، 30 أبريل 2015

أوامر الفجر.. بشارات للأمة


أوامر الفجر.. بشارات للأمة

خلود عبدالله الخميس

بشارات ليست للسعوديين فحسب بل للأمة، وذلك لما تمثله المملكة من مكانة دينية ومرتبة سياسية وقوة اقتصادية وامتداد وعمق اجتماعي وثقل سيادي للخليج أولاً، وللوطن العربي والإسلامي ثانياً.
مع نداء الفجر يوم أمس أفقنا على عاصفة مدوية من الأوامر الملكية، انطلقت بحزم من الديوان الملكي في المملكة العربية السعودية، وأحدثت تغييرات جذرية لترتيب بيت الحكم السعودي من جهة في تسلسل المناصب العليا في السلطة، ومجلس الوزراء ونواب الوزراء.
لقد بزغ مع «سلمان» فجر انتزاع واسترداد القيادة للأمة الإسلامية.
بداية، محمد بن نايف كان ساعدي أبيه وليس جديداً على إدارة الدولة، فمنذ العام 1999 كان مساعداً في وزارة الداخلية ثم وزيراً لها في 2012، هذا بالإضافة إلى عضويته في المجلس الأعلى للإعلام. واختياره لمنصب «ولي ولي العهد» في الأمر الملكي الذي سبق اختياره لولاية العهد أمس، كان نتاج أعوام من الإعداد وخوض التجارب الحساسة خصوصا ملف مكافحة الإرهاب الذي برع وبرز فيه وعلى مستوى عالمي.
 وكان من أبرز أعماله لجان المناصحة التي تهدف لنصح ووعظ الذين يُقبض عليهم وأصحاب الفكر المنحرف عن أسس العقيدة وأتباع الغلو في الدين، وذلك عبر إخضاعهم لدورات تعليمية تتضمن برامج شرعية ودعوية ونفسية واجتماعية وقانونية.
كان منتظراً أن يحصل محمد بن نايف على ما يليق بتاريخه وأبيه في خدمة المملكة.
كذلك كان متوقعاً أن يقلد محمد بن سلمان (مواليد 1985) منصباً أعلى وأوسع وأشمل وبصلاحيات أكبر بعد عاصفة الحزم، التي أثبت من خلالها جدارة في القيادة والإدارة والتخطيط والحسم ودقة التنفيذ.
وما استحداث منصب «ولي ولي العهد» إلا لضمان السلاسة في انتقال السلطة عبر نظام أقرته هيئة البيعة في المملكة في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فكان ترتيب منصبين من أعلى هرم السلطة حنكة تقف في وجه أي احتمال للاختلاف عند خلو منصب الملك.
ونتمنى أن تحذو بقية دول الخليج حذو المملكة في ترتيب بيوت الحكم والمناصب الثلاث العليا حفاظاً على أنظمة الحكم من العبث الداخلي والخارجي، وأطماع النفس البشرية في السلطة التي تعمي عن كل شيء.
فالفراغ السياسي من أخطر ما يمكن أن يحدث ويتسبب في الفوضى والتنازع على المناصب، وهذا ما تيقنه الملك سلمان بإعادة ترتيب المناصب بناءً على خطته ورؤيته لمملكة المستقبل، وكما يطلق عليها السعوديون «الدولة السعودية الرابعة»، وذلك لتدشين مرحلة حكم الأحفاد، ولأن الملك سلمان هو آخر من سيحكم السعودية من أبناء المؤسس.
وكان التغيير المحزن والسعيد في الوقت ذاته، هو إعفاء أقدم وزير خارجية سعود الفيصل من (أربع عقود في منصبه).
حزين لظروفه الصحية، وسعيد لأن خلفه كان اختياراً من عامة الشعب عادل الجبير لمنصب سيادي وزيراً للخارجية، وهذا مؤشر لدخول المملكة في مرحلة مختلفة وجذرية في إدارة الدولة السعودية.
العهد الجديد يتجدد بعزم، وما «عاصفة الحزم وما تبعها من إعادة للأمل» إلا بداية فقط لإعادة هيبة ومكانة الأمة الإسلامية أجمع، والتي سعى المشروع الإيراني لتقويض دولها عبر التغلغل في مؤسساتها ليهيمن عبر شيعة الخليج والعراق ولبنان وعلويي سوريا على القرار الإسلامي. ولكن هيهات.
فما الرسائل خلف تلك الأوامر؟
أرى أن أهم رسالة كانت الاعتماد على الشباب بتجديد الفكر وأسلوب العمل عبر تنصيب اثنين منهما في أهم منصبين للدولة، فولاية العهد لمن في مثل عمر محمد بن نايف (مواليد 1959) أمر جديد على الخليج، ولم يسبق المملكة إليه إلا قطر بإمارة الشيخ تميم بن حمد (مواليد 1980) للدولة. وكذلك محمد بن سلمان الذي لم يتعد عقده الثالث وتحت يديه مسؤوليات أربع: ولي ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
أيضاً، منح أفراد الشعب السعودي من الكفاءات فرصة تقلد المناصب السيادية مدخلاً لتوسيع رقعة قرارات مشابهة في المستقبل.
كذلك، سرعة إعفاء بعض الوزراء تقول إن منهج القيادة الجديدة: لا تهاون مع المقصرين، وها هو العهد الجديد يتجدد.
ولعل الخليج يحتاج لكثير من التغييرات التي تحفظ مصالح شعوبه وتكون بسلاسة التغيير في المملكة.

•  @kholoudalkhames

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق