الأحد، 30 أكتوبر 2016

"محسوب" والوعي المسلوب (2)

محسوب .. والوعي المسلوب(2)

د.محمد عباس
24/10/2016 
تشكلت التيارات الثلاثة من روافد تطورت عبر قرنين من الزمن.. مخطئ من يضع أي اتجاه في خصومة مع الدين أو في تناقض مع الوطنية أو في خلاف مع الحريات والحقوق الأساسية ؛ فجميعها تتفق في الأهداف لكنها تختلف في التأسيس النظري.

وأيضا: هذا قول دجال لا مفكر..
الدكتور محسوب ليس الدكتور محمد أبو الغار الذي لا يكاد يفيق من الخمر والذي تظهر على وجهه علامات إدمانه على الخمر وتليف كبده منها..

الدكتور محمد محسوب.. المهذب الوديع الرقيق لا أتخيل أنه يشرب الخمر أبدا..

لكنني أيضا لا أتخيل أن يقول هذا الكلام الذي قاله دون أن يكون : "سكران طينة"

لا تناقض؟

كيف كيف كيف كيف كيف كيف؟

منذ حملة نابليون اختلطت الأنساب وتداخلت النطف فضاع أبناء الشرعية بين أبناء السفاح..

تشكلت تلك التيارات في جو قمع وحشي للحركة الإسلامية وللإسلام ابتداء من نابليون ومحمد علي، ومرورا بالطهطاوي وكرومر ودنلوب وعلمانية الوفد ووحشية العسكر.. وكان كل ذلك يتم في حضّانة الغرب، وسط تشويه هائل للإسلام والمسلمين، ورعاية هائلة لليساريين والليبراليين.

***

يقول د محسوب:

لم تعبر أي من الحكومات المصرية المتعاقبة – إلا استثناء– عن أي من التيارات الثلاثة. فالشمولية والتعالي على المجتمع واعتباره غير قادر على حكم نفسه كانت وجهة نظر كل سلطة، بينما تسعى الروافد الثلاثة إلى تكريس حق الشعب في حكم نفسه. التنازع بين التيارات الثلاثة هو ما يعطي مساحة للدكتاتوريات للسطو على السلطة والاستمرار في سدتها.


اليسار والليبرالية

وذلك اليساري القذر الملعون الذي جعلوه مسئولا عن حقوق الإنسان فضيعها وكتب مقرا معترفا أن سجوننا فنادق سبع نجوم وأنه لا يوجد تعذيب مطلقا وأن الشيخ الجليل حازم أبو اسماعيل رضي الله عنه قد سمن بدرجة خطيرة لأن الطعام الشهي الذي يقدمونه لهم مستوي خمس نجوم.

كان الوغد الجبان قد صورته الكاميرات وهو يلوك الطعام باستمتاع وشبق لواطي!.

اليساري الآخر الذي أعرفه رفعت السعيد

والثالث عبعال..

هل هؤلاء هم الذين يقصدهم الدكتور محسوب ويقول  أنهم يسعون إلى تكريس حكم الشعب لنفسه..

ولكن هذه أيضا قول دجال لا مفكر،  أقوال مخبر شرطة تعود دائما على تزوير محاضره ولا حسيب ولا حتى محسوب!!

إن الواقع يقول ويشهد، أن ما أدى إلى نجاح وانتصار الديكتاتوريات ليس تنازع تلك الفئات الثلاث ، بل خيانة اليساريين والليبراليين الذين أدركوا أن الشعب لن يحملهم على أعناقه أبدا، لذلك قرروا أن يأتوا على أكتاف الدبابات والبوارج..

في كل مرة..

وهذا الإعلام الذي يسيطرون على كل مداخله ومخارجه اليوم، ألم يكن ذلك باتفاق مع خروشوف؟!

لمصلحة الشيوعية والرأسمالية ونكاية في الإسلام..

نعم..

لم يفلت مني الخيط..

وليس خطأ مطبعيا..

كان طلب تولي الشيوعيين ، الكفار الملحدين، مناصب الإعلام ليس مطلبا روسيا فقط، بل أيضا مطلبا أمريكيا إسرائيليا..

وأزيدكم على هذا، وأقول لكم أنكم لكي تفهموه لابد أن تعودوا إلى أحداث الوحدة بين مصر وسوريا..

كانت مطلبا أمريكيا ملحا..

كانت أمريكا تدرك عنف وقوة التيار القومي في سوريا، وأنها توشك على الوقوع في براثن الشيوعية، وأن التدخل الأمريكي المباشر سيزيد الأمور اشتعالا، فكان لابد من خطة  غير مباشرة، يتولى فيه زعيم ذو كاريزمية كبيرة، أمر القضاء على التيار القومي في سوريا دون أن تتلوث يد أمريكا بدماء الشعب السوري حتى لا يكرهها، وبعد عامين أو ثلاثة من اطمئنان أمريكا لانهيار الفكر القومي، يتقدم رجالها لإسقاط الوحدة، وهو ما حدث بالفعل، وقرأه في حينه الشهيد أحسبه كذلك- سيد قطب ونشره منذ ما قبل فبراير 1958 وحذر منه.

في نفس هذا الإطار اتفق الشرق والغرب على أن يتولى الملاحدة شئون الإعلام (ليس في مصر فقط، بل في العالم الإسلامي كله، وعلى رأسه السعودية) فقد كان المقصود إلى جانب القضاء على الفكر القومي، القضاء على الإسلام أيضا، لكن: ببطء شديد وأناة وصبر.

***

وسوف نلاحظ بعد ذلك دور كرومر ودنلوب وزويمر وإسرائيل والمخابرات الأمريكية  ورعايتها لليسار والليبرالية التي زعمت  أنها عربية بل وحتى –ويا للفجور- إسلامية..

***

يا محمد محسوب:

هل أنت حقا محمد محسوب؟!

سوف نربأ بأنفسنا أن نهبط إلى جدل في مستوى الغيطي وأحمد موسى عندما نزعم ونصدق سمادير أطلقها من نوع :

في كل مرة أمكن للتيارات الثلاثة أن تتجاوز خلافاتها التفصيلية وتوحد صفها حققت إنجازا غير مسبوق. ويمكن الإشارة لأربعة وقائع انتصر فيها الشعب عندما توافقت تياراته الثلاثة وتبدد النصر عندما عادت للفرقة"

وسنترك دون أي نقاش نماذج د محسوب الأربعة:1882- 1923- 1973(وهي بالذات ضد منطق محسوب كله لكننا ترفعنا ابتداء- ثم 25 يناير 2011 ..

إن النماذج الأربعة التي استشهد بها محسوب ضد قضيته بل وتهدمها هدما ..

وهي نماذج دجال لا مفكر يحاول إقناعك أن الدجاجة حمار وأن البغل سيسي وأن الشمس تشرق من الغرب، لا أتطرق للأمثلة الأربعة لأن أي قارئ مهما كان مستواه الثقافي سيكتشف عوارها على الفور. ولأن التطرق إليها ومناقشتها ستطيل هذا المقال فوق ما يحتمل.

لكننا سننتفض للحقيقة الذبيحة بين يدي الدكتور محسوب في موقع آخر يقول فيه:

"غير إن تبديد نتائج النصر جاء بسبب عودة التيارات الثلاثة للتشرذم وترك إدارة نتائج النصر لسلطة دكتاتورية وأخيرا ثورة 25 يناير 2011 التي حملها تحالف هذه التيارات متشابك الأيدي من حركة كفاية ثم في الجمعية الوطنية للتغير ثم ميدان التحرير"

وهذا كذب لا يليق بإنسان بله بمفكر..

فالواقع أن رؤوس كفاية و6 أبريل كانا جزءا من مخطط دولي بالفعل وقد اشتركت فيه المخابرات وأمن الدولة والغرب في لعبة أمن مزدوجة علم بها مبارك فتغاضى عنها عجزا وذكاء ودهاء، ثم أن الخلاف  لم ينشب بينها فتشرذمت وإنما أمرها المجلس العسكري أن تنقلب على الاتجاه الإسلامي كما أمر برهامي أن يشق الصف، والحقائق في ذلك ناصعة دامغة ولي في ذلك مقالات كانت شهيرة جدا أيامها، ومنها الدلائل القاطعة على عمالة الدكتور البرادعي، أعلى درجات العمالة، التي لا يخون فيها خيانة مباشرة ولا يتلقى منافع مباشرة، بل عمالة جوهرها أن يؤمن إيمانا راسخا بصواب وعدالة ما يقول به أعداء قومنا وديننا.

شاهد

مصر الحرة مع د وسام عبد الوارث وفي ضيافته د محمد عباس المحلل السياسي مستجدات الاحداث وثيقة السلمي موقف أمريكا من اليونسكوmisralhurrah2,410 views

أما المقالات التي تتحدث عن علاقته بجورج سورس فقد كانت مفحمة لكننا لا نحتاج إليها، فالبرادعي بنفسه اعترف أنه ظل ستة شهور يقنع أمريكا وأوروبا بالانقلاب على النظام الديمقراطي..

***

يا دكتور محسوب:

أشعر بامتهان لعقلي لأنني أحاول إثبات ما هو مثبت.

***

..ولم يكن الأمر يا دكتور محسوب بسبب توهان نداء الوطن بين تشنجات الفرقة وروح الأنا..

بل كان بسبب الخيانة  السافلة السافرة  لليبراليين واليساريين.. تلك الخيانة التي تنبأت فيها في صفاء مذهل الكاتبة اليسارية الناصرية القومية الليبرالية أروى صالح، حين اكتشفت قبل معظمنا، أن النهاية الطبيعية للقوميين واليساريين والليبراليين أنهم سيجلسون على حجر إسرائيل، فليس لهم أي مشروع فكري إلا العداء للإسلام. كتبت أروى صالح ذلك في كتابها :"المبتسرون" ثم ذهبت لزيارة خالتها في المهندسين، في الدور الحادي عشر، وقفزت من النافذة، وأصبحت إحدى المحرمات على التيار اليساري والليبرالي أن يذكروها، لأنها فضحتهم.

***

***

*** 

انتهى ما قاله الدكتور محسوب..

وأجد نفسي مضطرا لتوجيه الأسئلة التي وجهتها للدكتور أيمن نور إليه:

 

لابد أن نعلم منذ الآن مرجعية الشريعة في مشروعك

هل الإسلام مرجعية؟

هل هو مصدر التشريع أم مصدر له؟

بل هل هو مقبول أصلا أم مرفوض بالكلية؟

وكيف سيكون التصرف إذا ما اختاره الناس؟

هل نقصيهم؟

أم نلفق لهم اتهامات الإرهاب ونحيلهم إلى محاكم عسكرية

وهل سيكون هناك شفافية في التصرف أم تأمرون أجهزة الأمن بمنع الإسلاميين من الترشح أصلا أو على الأقل إسقاطهم في كل الانتخابات؟

أيضا..

لابد من إجابة مثلا عن الموقف من إسرائيل؟ هل هو في حدود الموقف الآن: الاعتراف بما احتل قبل ٦٧ وعدم الاعتراف بما احتل بعده؟

أم الاعتراف بإسرائيل كليا لتكون صديقا استراتيجيا وعونا ضد الإرهابيين المسلمين

أم أنه الموقف المبدئي الذي خدعنا به العسكر لنصف قرن: فلسطين من النهر إلى البحر..

ثم ..

ما هو موقف الدكتور محسوب مما ينسبه لنفسه من مبادئ

ما هو موقفه من الليبرالية والديمقراطية (يظن الكثيرون أنهما مترادفان بينما الحقيقة الفلسفية تكشف أنهما يكادان يكونان متناقضين: فالديمقراطية تعني حكم الأغلبية، بينما ترى الليبرالية عدم حق الأغلبية في فرض قوانينها على الأقلية، فلو أن لديك حزب بتسعين في المائة من مجلس الشعب، فإنه ليس من حقه أن يشرع قانونا بمنع الشذوذ.)

هل يخضع الدكتور محسوب للديمقراطية بمفهومها فيوافق على أن يتولى حزب الأغلبية الحكم؟

أم سيضع شرطا يستبعد أصحاب البلاد الأصليين والأغلبية المطلقة: المسلمين؟

أسئلة كثيرة أقولها على سبيل الاستفهام لا الاتهام.

وأتمنى أن يجيب عليها الدكتور محسوب 

فعدم الإجابة عليها يثير بلبلة ويصدع أفئدة

 

***

هذه هي الأسئلة التي وجهتها للدكتور أيمن نور أعيد توجيه معظمها للدكتور محسوب.

ورغم احترامي للدكتور أيمن نور إلا أن الدكتور محسوب ليس هو أيمن نور بل هو مفكر كبير وأستاذ جامعي شهير ووزير سابق كبير يشار إليه بالبنان لذلك وجب علينا أن نسأله أكثر وأكثر وأكثر.

***

نحن لا نتنفس تحت الماء ولا نسير على الهواء بل نسأل أسئلة صلبة على أسس راسخة لعالم متمكن كالدكتور محسوب، الذي لا يمكن أن يجهل قناعات المنظِّرين الأمريكيين من أمثال (هنتنجتون) و (فوكوياما) و (برنارد لويس) بأن الإسلام يملك الأيديولوجية الوحيدة القادرة على تحدي المنظومة الليبرالية العلمانية للحضارة الغربية.

ومن هنا خطورة الإسلام وضرورة هزيمته بأساليب مبتكرة.

الإسلام إذن يا دكتور محسوب ليس دينا محافظا..

الإسلام هو عدو كل الطغاة في التاريخ..

منذ آدم عليه السلام وحتى يبعثون..

والإسلام هو الثورة

ولا ثورة إلا بالإسلام وفيه

حتى لو كنت يهوديا أو نصرانيا فإن السبيل الوحيد للثورة على الظلم والبطش والقهر والجبروت والسرقة والاستخراب وازدواج المعايير هو الإسلام،  فنحن الأمة الوسط ونحن الشهداء على الناس ونحن الذين سنضع للعالم معاييره غير المزدوجة. وإذن.. حتى لو كنت نصرانيا أو يهوديا فالسبيل أمامك هو أن ترفع لواء الإسلام كمنهج إن لم يكن كدين..

أدركها فوكوياما فكيف لم تدركها أنت يا دكتور محسوب

الإسلام يا دكتور محسوب ليس جناحا متساويا مع أجنحة أخرى، وإذا تجاهلنا العناصر الخارجية فإننا سننافس دارون في حماقة نظريته، التي لم ينقضها فقه الفقهاء بقدر ما نفاها وسخر منها الميكروسكوب الإليكتروني وشعاع الليزر والفيتمو ثانية وتفاصيل جزئ الدي ان ايه وتعقيده الذي أسقط دارون سقوط جاهل أبله كانت الأميبا وحيدة الخلية أساس نظريته الكسيحة، مع تركيب بالغ البساطة لتلك الخلية الواحدة، ألمس جانبا واحدا من تخلف نظرية دارون، وهو اقتصاره على ما حدث على الأرض (بتشويه كامل وجهل فادح) وإهماله ما حدث في الكون كله، الكون الأكبر من الأرض  مليارات لا حد لها ولا عد، رغم أن ما حدث في الأرض لم يكن ليحدث أبدا دون ارتباط عضوي بالكون لا ينفصم، كذلك فإن تركيز الدكتور محسوب على الأجنحة الثلاثة المزعومة ونسيان أو تجاهل تأثيرات حاسمة للعالم حولنا، يذكرني بحماقة عبد العاطي دارون!!

***

إن قهر الإسلام وإرغامه على الالتحاق بالتبعية الغربية يا دكتور محسوب ليس شأن شرذمة داخلية تفككت فيها الأجنحة في تصور ساذج (لو افترضنا حسن النية)  هو الهدف المحوري لتلك السياسة  الدولية الذي تدور حوله باقي أهدافها الأخرى. السياسة الدولية من إسرائيل لأمريكا لأوروبا للصين بل وللهند أيضا.. وقبل هؤلاء جميعا يأتي دور الحكام الخونة لبلاد المسلمين،  ومع استعصاء الإسلام على هذا القهر الذي يتجلى في المقاومة الجهادية  في أماكن مختلفة من هذا العالم اقتضى العمل على اختراق الإسلام نفسه من الناحية الفكرية بابتداع ما يسمى بـ (الإسلام الليبرالي) كما يسميه الأستاذ محمد إبراهيم مبروك، الإسلام الليبرالي الذي شاع عنه الحديث في المرحلة الأخيرة والذي يعني بكلمة مبسطة للغاية: ابتداع بناء مفاهيمي مزيف يجمع بين بعض الأطر الشكلية للإسلام والمضمون الليبرالي للحضارة الغربية القائمة، ويتم تبنيه ودعمه والترويج له بالطريقة التي تصنع منه الضوء الذي يخفي الحقائق.

بأسلوب آخر أسهل: نجحت الليبرالية في هزيمة كل الأفكار المناوئة طيلة القرون الأربعة الأخيرة، إلا الإسلام، الذي استطاع في صلابة مدهشة لهم أن يصد أعتى حملاتهم، وما زال أفقر مسلم في العالم، وأدنى وظيفة، ينظر إلى أي ليبرالي بتعال وكبرياء وازدراء، مدركا أنه على الحق، وأن الليبرالي على الباطل، فلما حدث ذلك، اكتشفوا ما كان لويس التاسع قد نبههم لها فنسوه، حين أخبرهم شجرة الإسلام لا يمكن أن تقطع من الخارج، لابد أن يقطعها أحد من أهل البيت، وأنه لابد من تزوير الإسلام وتشويهه ثم الهجوم على ما تم تزويره وتشويهه للقضاء عليه، إلا أن ذلك لا يمكن –كما تقول الأدبيات الأمريكية نفسها إلا عبر مرحلة وسيطة لابد من إنجازها قبل الوصول إلى الهدف الكامل: القضاء على الإسلام، هذه المرحلة تسميها الأدبيات الأمريكية نفسها وفلاسفة الليبرالية..

تسميها...

تسميها..

تسميها ويا للهول..

تسميها ويا للمفاجأة: الإسلام الليبرالي!!!!!!!

نعم فلاسفة الليبرالية يسمون تلك المرحلة الإسلام الليبرالي..

حيث يفعلون بالإسلام ما يفعلونه بالطيور المحنطة..

يقتلوه أولا..

ثم يزيلون قلبه وحشاياه..

ويضعون القش بدلا منها.. ويضعون زجاجة مكان كل عين، لامعة براقة بأكثر من العين نفسها، لكنها ميتة. ثم يلمعون ريش الطائر فكأنه هو.. إلا أنه ليس هو على الإطلاق، إنه جثة ميتة محنطة..

ولكن كيف يفرغون الإسلام من قلبه وحشاياه، ستنطلق جوقة سابقة التجهيز، مدربة في أجهزة المخابرات ( لابد أن نضيف إلى أقسام الليبرالية المختلفة: الليبرالية المخابراتية، وربما تكوم هي أهم أقسام الليبرالية واكثرها تأثيرا وحسما) سينطلق جمال البنا وخليل عبد الكريم وفرج فودة وسيد القمني وإبراهيم عيسى ومحمد الغيطي وأحمد موسى ولميس و.. و.. وسيكون سبيلهم الرئيسي، أنهم مسلمون، بل هم أكثر إسلاما منا، وهم يعترفون بالإسلام كله، ويؤمنون به كله، إلا أنهم مستنيرون وليسوا ظلاميين مثلنا، أذكياء وليسوا أغبياء مثلنا، أحرار وليسوا عبيدا مثلنا، وأنهم لذلك أكثر قدرة على فهم الإسلام، عبر عقولهم الحرة المثقفة الذكية، وهم الأقدر على فهمه منا، بل ولأنهم الأذكى سيتخلصون من تراث الفقهاء كله. وسيفسرون الدين بعقولهم. لن تكون الليبرالية هي المنتج النهائي الآن، بل الإسلام الليبرالي، حيث يكون لكل واحد منهم تفسير الإسلام بطريقته الخاصة، للوصول إلى قواعد له ليست بقواعد، لأنها تتعدد بتعدد الناس.

نعم..

والحقيقة أن الإسلام الليبرالي بدأ في بلادنا منذ عقود طويلة تحت إشراف ودفع من العسكر وأيضا من شيوخ الخليج!! ويا للمفاجأة.. لأن هدف كل الطواغيت سواء كانت طواغيت الداخل أم الخارج، سواء كان أوباما أو بوش أو نتنياهو أو شارون أو جمال عبد الناصر أو السيسي أو جلالة الملك أو فخامة الرئيس أم سمو الأمير أم الأمم المتحدة أم مجلس الأمن، هدف كل هؤلاء ألا يكون هناك أبدا مرجع خارجي أعلى نحتكم إليه فيقول لنا هذا خطأ وهذا صواب، أو أنت تستحق أن تحكم وأنت تستحق أن تُحاكم،  لأنهم إن اعترفوا بإله مألوه يقول ذلك فقد وجب عليهم طاعته، وهم لا يريدون إطاعة أي صوت خارج ذواتهم وشياطينهم، بل لا يريدون الاعتراف به أصلا، فذلك الذي يضمن لهم السيادة والسيطرة والاستمرار، فإن فقدوا ذلك المنهج، فقدوا سلطتهم وسُلبوا لذتهم، ولهذا يحاربون حرب حياة أو موت، كي يمنعوا وجود أي مرجع فوق البشر يحكم بينهم ويحدد طريقهم.

نعم..

نعم يا دكتور محسوب وأنت تعلم..

أنت تعلم أنه لا يوجد شيء اسمه الليبرالية الإسلامية بل إن استعمال المصطلح نفسه حرام فوق أنه وقاحة ويكفيك أنه يشي أن الله لم يكمل لنا إسلامنا حتى أتت الليبرالية وأكملته.

وفوق الحرمة في استعمال المصطلح فهو مضحك أيضا، لأن الليبرالية لا تظل ليبرالية إن قيدتها بأي قيد، حتى لو كان هذا القيد فحشا حراما! فكيف بك إن كانت قيودك إسلامية، بل ، ويا للهول أمر بالمعروف ونهي عن المنكر واستنكار للزنا والسحاق واللواط والزواج المثلي و..و..و.. إن التزام الليبرالية بأي قيد من هذه القيود يقضي عليها قضاء مبرما فلا تعود من بعده ليبرالية أبدأ.

***

لماذا لم تقل لهم ذلك نيابة عنا يا دكتور محسوب

لماذا

فقد كنت أظن أنك منا..

ألست تعلم يا دكتور محسوب أنه تحكمنا مجموعات تظهر الإسلام وتبطن العلمانية.. تحكمنا طواغيت تجعل من الدين بعد أن تميته وتفرغه من محتواه مجرد طيور محنطة لها شكل الطيور ولمعة عينيها ولكنها بلا قلب ولا حياة. وتدفع تلك المجموعات من الطواغيت إلى واجهات الإعلام بنماذج مريضة تنكر من الإسلام ما هو معلوم بالضرورة.. ويشكل كثيرا مما تقوله كفرا بواحا لاشك فيه (بشهادة مجمع البحوث الإسلامية).. هذه النماذج تُفتح أمامها كل الطرق الموصدة أمام آخرين.. وتقدمها الميديا الإعلامية على أنها النماذج المستنيرة أو المجددة المبشرة بالإسلام الجديد.. والتي تنقذ الإسلام من الإرهابيين القتلة، الذين هم نحن، وكل مجاهد أو مفكر حقيقي أو عالم يخشى الله ولا يخشى فيه لومة لائم،  هذه الحكومات تتصدى أحيانا للأمر بنفسها.. لكنها في أغلب الأحوال توعز إلى اتجاهات ليبرالية أو علمانية بتبني هؤلاء الأفراد والترويج لفكرهم ويل المديح لهم.. وهذه الاتجاهات الليبرالية والعلمانية أشد خسة وخطورة من الحكومات نفسها.. لأنها تدلس على الناس وتخيل لهم أن أفكارها المنحرفة نابعة من صفوف الناس وأضابير الفكر المجرد لا الموجه والممول ومدفوع الثمن ( راجع على سبيل المثال لا الحصر تبني صحيفة الأهالي لخليل عبد الكريم والقاهرة لجمال البنا والعربي لسيد القمني وبعدهم إسلام البحيري وإبراهيم عيسى وخالد منتصب). وراجع أيضا مانشيتات سفيه من سفهائهم الذي يتحدى بنشر كتب الكفر كي تكون قنديلا أسود ينشر الظلام،  ولا نعلم من يتحدى هذا السفيه: الأمة المكبلة أم الله.!!

أستغفر الله العظيم.

هذه النماذج التي تقدمها الميديا الإعلامية تتجرأ على ثوابت الدين وتنشر الفحشاء بشكل لا يتصوره عقل..

هذه هي الصورة الذهنية التي هي جزء من الليبرالية عامة وما يسمى زورا بالليبرالية الإسلامية خاصة :

فقيهة تونسية على سبيل المثال ترى أن القرآن لم يحرم المثلية الجنسية و أن بعض الأنبياء كانوا يمارسونها.. ومفكر شيطاني سوري يفسر الجيوب الواردة في آية الحجاب بأنها الجيوب ما بين الفخذين وتحت الإبطين!!.. وأن كشف ما دون ذلك مباح ( والفتوى توافق الأزياء الفاجرة التي تكشف البطن) ..

ولعل الدكتورة آمنة ودود (وهي غير آمنة نصير وإن كانت مثلها) التي خطيت وأمت الرجال في صلاة الجمعة في كنيسة في أمريكا والتي ظفرت بتأييد العديد من التنويريين مثل جمال البنا ونوال السعداوي وهويدا طه . آمنة ودود هذه لا تري في غطاء الرأس أو الحجاب فرضاً في القرآن أو الإسلام وأنه لا حرج في اللواط أو السحاق وأن المرأة تصلي أثناء حيضها وأن مفسري القرآن وضعوا المرأة في تفسيراتهم للقرآن دون مستوي الإنسانية وأنها من أشد المعجبين بالدكتورة نوال السعداوي وأن للمسلم أن يرفض الحدود لأنها حكم غير حضاري !.

في نفس السياق ظهرت نقية جاكسون "25 عاماً" التي أقامت صلاة الجمعة في بوسطن أمت فيها المصلين لتكون ثاني إمرأة تؤم المصلين وكذلك إسراء نعماني وهي سحاقية وأنجبت طفلا من سفاح وتحظي بدعم إعلامي من الحكومة الأمريكية والأوساط العامة والرسمية وهي تريد إبطال سلاسل المحرمات والأحكام الشرعية وفي نفس كتيبة الشيطان ظهرت إرشاد منجي وهي صحفية وتليفزيونية من أصل باكستاني تنشر كتبها دور نشر صهيونية وإسرائيلية وقد ووصفت الحجاب بأنه مانع للفهم والإبداع وشبهته بمانع الحمل الرجالي "التوبس" ( ولاحظ أن هذا هو نفس الوصف الذي يستعمله الليبراليون والعلمانيون في بلادنا) والواضح أن الألفاظ مملاة من أجهزة غربية تابعة في النهاية للمخابرات كما يؤكد الدكتور عبدالصبور شاهين المفكر الإسلامي المعروف من أن هذا كله في الحقيقة مؤامرة للمخابرات الأمريكية

***

لكم أخشى يا دكتور محسوب أن تكون أحد أساطين هذا المفهوم المزيف.

لكم أخشى أن تكون إحدى نقاط الاختراق..

وأن يكون جهدك في العمل على توظيف الإسلام للمصالح السياسية، لا عن طريق تعميق الفكر بل عن طريق تسطيحه بل وقلبه وتشويهه وتزييفه.

أنت مهذب جدا يا دكتور محسوب ومؤدب وعفيف، ولم تنطق بذلك، ولكن مجرد دفاعك عن الليبرالية شهادة باطل وزور، أما مساواة الليبراليين بالإسلاميين (المحافظين؟؟؟؟!!!!) فجناية كبرى وكذب بواح.

هل يرضيك يا دكتور محسوب أن تقوم بدور في هدم الإسلام كدور جمال البنا؟! وإسلام البحيري و إبراهيم عيسى؟ هؤلاء هم أساطين ومنظرو الإسلام الليبرالي فهل أنت منهم؟

جمال البنا، ذلك العامل الجاهل، الذي اقتنصه ربيب المباحث صلاح عيسى، ليقول على سبيل المثال أن الحجاب ليس فرضا وأنه يعوق المرأة عن حياتها العملية، وأنه لا يوجد في الاسلام ما يؤكد فرضيته. وأضاف: شعر المرأة ليس عورة، قائلا "مطلقا لا أرى ذلك"...ويفجر مفاجأة جديدة خاصة بالزواج قائلا إن مسألة الشهود توثيقية فقط، فيكفي رضا وتوافق الرجل والمرأة على الزواج وحصول توافق بينهما لتصبح علاقتهما صحيحة، بشرط وجود النية باستمرار هذا الزواج وقبول نتائجه المتمثلة في الانجاب والاقامة في بيت واحد .

ويرى البنا أن القبلات بين الرجال والنساء حلال وأن السجائر لا تفطر وأن ارتداء المرأة للبنطلون أكثر حشمة وسترا.. كما يرى أن الزواج يصح بلا شهود ولا مهر ولا ولي

واستطرد: اذن هو عقد رضائي من الدرجة الأولى، فلا شهود ولا مهر ولا ولي، وما حصل في الزواج من هذه الأمور عملية تنظيمية لجأ إليها الفقهاء لاحقا. وردا على سؤال لـ"العربية. نت" أجاب: لو أن رجلا وامرأة ليسا في حالة موانع شرعية، توافقا على الزواج فانه يصح ، وتجوز علاقتهما، هذا ما أراه،.

وبخصوص الطلاق قال البنا: لا يجوز مطلقا للرجل أن يطلق منفردا، لأنه تزوج بصفة رضائية، ولذلك تقتضي صحة الطلاق رضا الاثنين واتفاقهما على الانفصال البدنية.

ويرى أن المرأة الأكثر علما تؤم الرجال في الصلاة

***

زد على هذا كله أن الإسلام الليبرالي لا يعترف مطلقا بالجهاد، ولا بكلمة حق عند سلطان جائر. كما أنه يرى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكبر الكبائر

إنه إسلام جديد لم ينزل به نبي ولم يبعث به رسول

فإذا سألتهم ابتداء من البنا إلى البحيري ما هو مرجعهم فيما يقولون : العقل، فإن قلت لهم أن عقلي لا يوافق عقولكم أجابوا أن هذا حقك! فلتفسر إسلامك كما تشاء!  وذلك شيء بينك وبين ربك وأغلب الظن أنه مقبول. أما ما يستعصي على التفسير فهم يلجئون إلى التأويل ليلووا أعناق النصوص ، فإذا عجزوا تماما يقولون لك أن هذا النص زمني موقوت بوقته وقد انتهى فعله، يقولون لك ذلك بثقة لا يجاريهم فيها إلا الشيطان حين قال خلقتني من نار وخلقته من طين. لكنهم في النهاية يكونون قد قضوا على الإسلام فعليا وذبحوه فلم يبق منه إلا الإهاب الخارجي والعينين الزجاجيتين والريش اللامع وجناحين ميتين لا يتحركان يا دكتور محسوب..

جناحان لا ثلاثة!!

إسلام جديد .. لا نعرفه ولا نؤمن به بل نجحده ونكفر به يا دكتور محسوب لأنه ليس إسلامنا المنزل من السماء..

إسلام جديد يأتي وحيه من واشنطن وتل أبيب أما حواريوه فضباط مباحث أمن الدولة والمخابرات

إسلام آخر غير إسلامنا

إسلام خانع مستسلم..

إسلام المسجد فيه بلا مئذنة والمرأة بلا نقاب والحجاب دون احتشام بل خلع الحجاب سيتم  بالقوة الناعمة أو القوة الخشنة

هل هذا هو الإسلام الذي تسعى إليه يا دكتور محسوب؟

أو بالأحرى الإسلام الذي تخدعنا به..؟

***

لماذا حجبت معظم المعلومات عن الليبرالية يا دكتور محسوب؟

لماذا لم تعرض علينا إلا الريش اللامع والعينين الزجاجيتين ، ثم زعمت أنك تحس دفء دمه ونبض قلبه وهسيس تنفسه.

لماذا لم تقل لنا الحقيقة يا دكتور محسوب..

لماذا لم تقل لنا أن الليبرالية هي حرية بلا محددات ولا  قواعد ولا قيود، وأنها تشمل  الحرية الاقتصادية وآدم سميث و: دعه يعمل دعه يمر كما تشمل أيضا  الليبرالية الاجتماعية وفيها كل الموبقات ومنها حق الكفر والشذوذ..

لماذا لم تصارح معجبيك وأنا منهم أن الفرق الأساسي بين كل تلك المذاهب العلمانية والحداثية والليبرالية هي : انعدام الغائية، في الإسلام كل واحد منا كادح إلى ربه كدحا فملاقيه. أما في تلك المذاهب فليس إلا افتقاد الغاية بصورة مطلقة.

باختصار:

الإسلام مرجعية مطلقة

والليبرالية هو انعدام المرجعية بصفة مطلقة

الإسلام الليبرالي ليس إسلاما بل هو تصور الليبراليين للإسلام، أو بالأحرى الإسلام المحنط المجوف المفرغ كالطيور المحنطة

ولقد استطاعت الليبرالية إسقاط كل المذاهب الأرضية إلا الإسلام فقد عجزت حياله فلم يعد أمامها إلا تزييفه كمرحة انتقالية بين الإسلام والكفر، تيسر بعد ذلك الكفر الكامل.

***

هل كنت تعرف ذلك كله يا دكتور محسوب؟

أكنت تعرفه من البداية؟

أم أنهم خدعوك أيها المهذب الوديع ففوجئت ..

ولكن:

بعد أن علمت:

لكم كنت أتمنى أن تقدم شرحا واسعا عميقا لليبرالية تثري به أذهان الناس وتضيء وعيهم

كنا نريد أن نعرف أكثر عن أنواع الليبرالية الثلاثة

وأنا أزيد عليهم نوعا رابعا هو أهمها وأخطرها وهو الليبرالية المخابراتية.

وكنا نريد أن نعرف شيئا عن الليبرالية المتوحشة..

والليبرالية الجديدة..

وكنا نريد أن نعرف تطور مفهومها منذ نشأتها منذ أربعمائة عام..

وكنا نريد أن نعرف علاقتها بالعلمانية الإلحاد والحداثة..

وكنا نريد أن نعرف إن كان يمكن أن نمسك الليبرالية في لحظة ما لنشير إليها هاتفين : هذه هي الليبرالية! أم أنه في اللحظة التي يتم إمساكها فيها تتوقف عن أن تكون ليبرالية.

هم الذين يقولون ذلك لا نحن..

ففي اللحظة التي تتوقف فيها لتشير إلى كتاب وتقول هذه هي الليبرالية تكون قد خرجت من زمرة الليبراليين..

فاللبرالية حركة بلا حدود وتمدد بلا قيود لا تحده صفحات ولا يحصره حتى الخيال..

إنه السيولة الكاملة والجنون الكامل..

كنا نريد أن نعرف على سبيل المثال موقف الليبرالية  من أفكار مثل حرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية الأديان، والسوق الحر، والحقوق المدنية،و المجتمعات الديمقراطية، والحكومات العلمانية والتعاون الدولي، والمواد فوق الدستورية وهيمنة مواثيق الأمم المتحدة على قوانين البلاد.

كنا نريد أن تشرح لنا هذا وتطبيقاتها  عن الليبراليين في الخارج، حيث الليبراليون ليبراليون حقا، وليسوا مجرد جماعات مأزورة من المرتزقة تلبس لباسا مزركشا يمكنها من العداء للإسلام تحت غطائه.

وكنا نريد منك أن تفسر لنا كيف أن الليبراليين في الخارج يقفون في صف أمتهم حتى على حساب الليبرالية، تماما كما يخدم الملحدون اليهود إسرائيل كدولة دينية.. وأن هذا الاتفاق بين الليبراليين في الداخل والخارج جدير بدجال لا بمفكر..

فكلاهما يكره الإسلام ويحاربه

ليس الدين

وإنما الإسلام فقط

فالليبرالي المسيحي يخدم قضية التنصير

والليبرالي اليهودي يصدق أسطورة الأرض الموعودة..

أما من يزعمون أنه الليبرالي المسلم فهو ضد الإسلام ومع النصرانية واليهودية..!

وكنا نريد أن تشرح لنا شيئا هاما جدا:

لماذا تقف أنظمة الحكم الطاغوتية العميلة موقفا استئصاليا حادا ضد الإسلام الحقيقي..

بينما تحتفظ بعلاقات ودودة جدا مع الإسلام الليبرالي!

هل تعرف لماذا يا دكتور محسوب؟

لأن هدف الإثنين: الطاغوت والإسلام الليبرالي هو القضاء على الإسلام الحقيقي قضاء مبرما..!!

هل كنت تدري يا دكتور محسوب؟

أم كنت لا تدري؟

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم..!!

***

لماذا يا دكتور محسوب؟

لماذا تضع الله حاش لله طرفا مساويا لأطراف أخرى

أجعلتهم آلهة؟

أم جعلت الله بشرا؟!

أإله مع الله..

ما فرضه الله على المسلمين في جانب.. وفي الجانب الآخر الليبراليون واليساريون الذين يكفرون بالله قولا أو فعلا أو كليهما..

لماذا يا دكتور محسوب قدمت الدين لا كرسالة سماوية وإنما كوجهة نظر بشرية

يا دكتور محسوب الإسلام الليبرالي خطة أمريكا حاليا للقضاء على الإسلام ولشق بلادنا  والسيطرة على مجتمعاتنا.

ووسائلهم في ذلك عديدة منها هدم الأسرة

هل لاحظت يا دكتور محسوب ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعات الإسلام الليبرالي من نصف في المائة إلى 45%، بل في بعض مناطق السعودية ارتفعت نسبة الطلاق إلى 60%

هل أحصيت كمّ الشقاء وتشرد الأبناء لأنك تصر على أن العيون الزجاجية ترى وأن الأجنحة الميتة تتحرك!

هل لاحظت يا دكتور محسوب، أيها المهذب العفيف الهادئ أنه تحت راية الليبرالية فإن حرمان فتاة في الخامسة عشرة من ممارسة الزنا جريمة كبرى..

لكن زواجها جريمة أكبر!!

ألم تفطن يا دكتور محسوب إلى أن الخطة الأمريكية اليهودية هي حاصر الإسلام بأشباه المسلمين  ثم أطلق كلابك عليه

المسألة كلها لعبة مخابرات محلية وخارجية

***

لماذا لم تنبه  الناس يا دكتور محسوب، الذين أحبوك وأحبوا ملامحك الهادئة الوديعة واحترموا منطق القوي، لماذا لم تنبههم أن الليبرالية كفر

بل وليس كفرا واحدا

بل كفر متعدد الوجوه

كفر الاستحلال

وكفر الإباء

وكفر الاستبدال وتنحية الشريعة

وكفر الشك والتسوية بين العقائد

وكفر الإرادة: أنه أراد الحياة الدنيا دون الآخرة

وكفر الولاء والبراء

وكفر الاستهزاء والسخرية

وكفر الكذب على الله

وكفر من لم يكفر الكافر فقد كفر..

كفر الفكرة أما كفر المعين فيحتاج إلى شيء آخر

***

يعطي الليبراليون وجها كاذبا لليبرالية يغطي على وحشيتها..

ويتجاهلون فضائحها..

يتجاهلون مثلا ما فعله طه حسين بزكي مبارك ومحمد غنيمي هلال وبالعلامة الأكبر محمود شاكر

ويتجاهلون الشبهات العميقة حول إسلام طه حسين أصلا، وضعوا إصرار سكرتيره فريد شحاته  على أنه تنصر  وضعوا إلى جوارها إصرار الدكتور محمد عمارة على أنه تنكر لآرائه القديمة وتاب عنها وحسن إسلامه فغسل أستار الكعبة بدموعه، وضعوا إلى جوار ذلك أيضا أن المؤكد المجمع عليه أن ابنه مؤنس تعمد في باريس وتنصر باسم موريس ودفن بطقوس مسيحية

***

يًنسب لفيلسوف القرن السابع عشر جون لوك الفضل في تأسيس الليبرالية باعتبارها تقليد فلسفي مميز. وجاء بعده فولتير، و جان جاك روسو و جون ستيورات مل الذي يعد منظر الليبرالية الأكبر.

واستخدم الثوريون البارزون في كل من الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية الفلسفة الليبرالية ليبرروا الإطاحة المسلحة لما رأوا أنه حكم استبدادي، أما في بلادنا فقد قام الليبراليون بالانقلاب على الحكم الديمقراطي.

***

ثم نأتي لنقطة هامة..

إن الدكتور محسوب يتهم القوى الإسلامية بأنها قوى محافظة..

وهو تعبير مهذب عن الرجعية والتخلف..

إلا أنه وهو المفكر الكبير لا يقصد ذلك فقط..

وإنما يقصد في إشارة موحية كغمزة من ارتضت أن تكون جارية وعشيقة، ومبادرة تلك التي أعلنت استعدادها لإرسال مفتاح شقتها رسالة إلى الليبراليين أنه يدرك العداء التاريخي العميق بين الليبرالية والدين، وهو عداء لا يعرف الاعتراف ولا الالتقاء بالدين ما لم يتم ترويضه بل وتطويعه بل وتبديله، خاصة الإسلام

***

يا دكتور محسوب..

كنت أظنك معنا

كانت المصائب تتهاطل حولي.. ولم يعد في القلب سوى مزق أعجب كيف تستطيع الاستمرار وتنبض.. وكنت قد أدركت منذ أمد طويل أن الكارثة التي انقضت على رؤوسنا ليس منبعها فساد الحكام – لا نفيا لفسادهم الذي يبزون فيه الشيطان نفسه- بل فساد الأمة التي لو لم تكن هكذا لما وُلــِّــى عليها مثل هؤلاء الطواغيت المجرمين. إلا أنني ما لبثت حتى أدركت أن فساد الأمة لم يكتمل إلا بفساد العلماء.. وانحراف الفقهاء .. وجلد الفاجر ووهن الثقة..

كنت أظن يا دكتور محسوب أنك خنجر في يدنا لا في خصرنا..

ولقد هالني الأمر عندما اكتشفت أن الإسلام – مجازا - قد تم الاستيلاء عليه لكي يوظف في مصلحة السلطان والشيطان.. تماما كما كان الإنجليز يجندون المسلمين لحرب المسلمين...

كنت أصرخ دون صوت : هل أصاب العلماء وباء؟! أم أصاب الفقهاء عماء؟

وأنت يا دكتور محسوب من العلماء..!..

كنت أصرخ فيهم بعد أن جرفهم الطوفان ليسموا الجهاد إرهابا فيدعون إلى مقاومته:

بكم بعتم آية: ".. ترهبون .."..؟!..

بكم بعتم آية : " .. ترهبون .."..؟!.

اعترف للناس إذن يا دكتور محسوب

قل لهم أنك لجأت لليبرالية بعدما رأيت أن الإسلام عاجز عن مجابهة الواقع .                 قل لهم دعكم من الإسلام، فالإسلام ذخيرة لم تعد وسائل إطلاقها موجودة.. الإسلام قنبلة نووية لا يوجد لدينا من يحملها وما يحملها.. والإسلام صاروخ هائل نجح الأعداء في التشويش على أجهزة توجيهه فما عاد – حين يطلق – يصيب أحدا غير المسلمين.. قولوا للناس: الإسلام لا يدعمكم في معركتهم هذه.. الإسلام – بتفسيرنا -  سيقف على الحياد بينكم وبين الشيطان وبينكم وبين السلطان وبينكم وبين شارون وبوش وبريمر وطالباني وكل أسرة الشيطان.. أما نحن العلماء والفقهاء فإننا نعترف أننا رضينا ولاية الكافر على المؤمن فلا تصدقوا فتاوانا ولا تعملوا بها

..

اعترف لهم وقل لهم ذلك أو قل أي تفسير آخر يريح ولو قليلا عقولهم المنهكة وقلوبهم الجريحة....

يا دكتور محسوب : أقول لك وقد بلغ الغضب مني غايته:

                قل للناس أنكم عجزتم عن حماية الإسلام.. فإن أردتم إلقاء اللائمة على الإسلام فقولوا لهم أن الإسلام – حاش الله- عاجز عن الدفاع عن نفسه.. قولوا للناس دعكم من موقف الإسلام وانسوا أنكم مسلمون.. نعم إنسوا أنكم مسلمون واذهبوا ودافعوا عن أوطانكم وشعوبكم وشرفكم وكرامتكم واستقلالكم، نعم.. اذهبوا ودافعوا.. ليس دفاع الجهاد في سبيل الله بل كما دافع الهندوس والبوذيون والملاحدة عن إلحادهم و أوطانهم وشعوبهم وشرفهم و أموالهم.. دافعوا بالعصبية عصبية الجاهلية الأولى.. دافعوا بالقبلية النتنة.. أما الإسلام فلا تنتظروا منه عونا ولا دعما لأنه – بتفسيرنا وفتاوانا -  على الحياد.. ولأننا توقفنا عن تكفير الكافر، بل واتبعناه وجعلناه إماما!!.

***

 نسأل الدكتور محسوب أي ليبرالية  سيمكنها لو تمكن منا

هل ستقف الدولة على الحياد فعلا بين كل الطوائف..

أم سيكون هناك مواد فوق دستورية لحصار الإسلام والمسلمين..

هل نحكم بأمثالك يا دكتور محسوب..

أم بأمثال عبد المنعم الشحات وخالد منتصب.. ولا فرق كبير بينهما..

***

باعتبار أستاذيته وباعتبار أن أسفر بوضوح كامل عن ليبراليته كنا نريد أن نسأل الدكتور محسوب عن أشياء كثيرة..

نسأل الدكتور محسوب عن الليبرالية والإسلام الليبرالي ، وعن البراجماتيه الفكرية الليبرالية، وعن الظاهر الماسوني وعن ليبرالية فوكوياما ....وغيرها .

نسأله عن الليبرالية الاجتماعية؛ ومفهوم المواطنة والمساوة وحقوق المرأة والحركات النسوية وحقوق الإنسان ..

نسأله عن الليبرالية الاقتصادية، والاقتصاد الحر، والاستهلاك ومفهوم الاقتصاد الإسلامي، نسأله عن استعباد الليبرالية الاقتصادية للشعوب . وعن الليبرالية الإعلامية وعلاقتها بأساطير الإعلام الليبرالي حيث لا وجود لشيء اسمه الحقيقة فليس للحقيقة نفسها أي قيمة وليس هناك أي دليل على أن الصدق أسمى من الكذب إلا في العقول الجامدة المتخلفة، عقولنا، على العكس، فالكذب غالبا أكثر فائدة من الصدق كما أن الزنا ألذ من العفاف، لن نزعم أن هذه أسس ليبرالية، فليس لليبرالية أي أسس، ولكنها لا تمانع ولا ترفض ولا تنتقد  ولا تنتقص أن تكون كذلك.. بل وتعتبر أمرك بالكف ونهيك عن الاستمرار  كبيرة الكبائر..

كنا نريد أن نسأل الدكتور محسوب أيضا  عن أسطورة الحياد،  وعن استطلاعات الرأي السياسة، وعن الهيمنة الثقافية.. وعن سحق ثقافة الآخر .

يزعم الليبراليون أنهم يقبلون الثقافات الأخرى..

وهم كاذبون

والأدلة كثيرة على مستوى الأفراد والدول..

بل أنا نفسي دليل على ذلك، فما أكثر الكتب التي صودرت لي، وما أكثر الصحف التي أغلقت بسببي ومع ذلك لم يصدر صوت ليبرالي واحد يدافع عني بل انطلقت جوقة الليبراليين ككورس شيطاني تحرض علينا وتسفك دماءنا ويهددون بالهجرة من مصر إذا انتصرنا عليهم، ووقف جمال الغيطاني يصرخ في جنون أن صحيفة الشعب لا ينبغي أن تعود أبدا، وذهب الكسيح، معدوم الموهبة، الذي حاولت المخابرات المستحيل كي تحول فسيخه إلى شربات، ذلك الذي لا يجيد كتابة صفحتين لكنه يأمل في جائزة نوبل! ذهب ذلك الكسيح إلى مدبولي رحمه الله يتشاجر معه لأنه ينشر كتبي. ولم يكتف بفعل هذا العار بل نشره في الصحف واعترف به.

***

لماذا لم يقل الدكتور محسوب لجمهوره أن الليبرالية تسحب الاعتراف بكل أسس العقيدة

وأنها تتفق مع العلمانية على الاقتصار على العقل الإنساني متجاهلة الدين، لكن الليبرالية تتجاوز العلمانية فتنكر العقل أيضا في سيولة فكرية كاملة تجعل الإنسان حيوانا..

ولقد بدأت الليبرالية كحركة تحرر ضد الكنيسة واللاهوت ثم تطورت إلى إنكار دور الدين –المسيحي- كمصدر للحقائق، ثم تطورت إلى الإنكار التام للدين أو ما يشبه ذلك من أن يخلق البشر إلها خاصا بمواصفاتهم أو يلجئون إلى

التأويل للوصول إلى دين براجماتي ليس فيه من الدين شيء. وإنه لعار على مفكرينا يا دكتور محسوب أن ننقل حركة نشأت ضد خطايا المسيحية والكنيسة لنواجه بها الإسلام.. فنترك كنزا ونأخذ وباء..

نشأت الليبرالية كحركة احتجاج ضد الكنيسة..

فجعلها ليبراليونا ضد الإسلام..

صدق حبيبي ومولاي صلى الله عليه وسلم..

حذو القذة بالقذة..

***

***

قد تسألني يا دكتور محسوب وقد يسألني سواك:

ما هو الحل؟!..

فأدرك من السؤال أن السائل لم يدرك بعد خطورة ما نحن فيه..

لأنه يسأل إذ يسأل، ويظن أن لدى إجابة نتجت عن علم لم يحط به، أو خبرة لم تصل إليه، أو فكر لم يطف بخلده، و لو أنهم أنصفوا ما سألوا، فقضيتنا، والقارعة آلتي توشك أن تقرعنا، ليس لها في التاريخ ولا في الفكر ولا في كتب الفقه ما يمكن أن نرجع إليه لنضبط أفعالنا عليه.

لقد تناول الفقه الحاكم الغاصب والحاكم الظالم والحاكم الفجر الفاسق والحاكم الذي لا يقيم شرع الله. واحتوت تجارب التاريخ على كيفية التصرف مع مثل هؤلاء..

ولقد حرص الفقه دائما في سمو لا يبارى على درء الحدود بالشبهات، على ألا يظلم بريئا ولو أفلت بسببه مائة فاجر. لكنه لم يتناول قضايا من تلك آلتي تواجهنا الآن.

ربما لأن فترات كتابة الفقه كلها تمت والدولة الإسلامية أقوى دولة في العالم، أو على الأقل من أقوى دوله. كان بعض الأمراء يخونون الدين والأمة، وكانت الخيانات سافرة، وكان الجزاء هو القتل.

لم تتناول كتب الفقه وضعا كالذي نعيشه في أزمنتنا، وضع الحاكم العميل والجاسوس، الذي دلس على أمته فأوهمها أنه يهديها سبيل الرشاد، وكرس حوله حاشية خائنة تخفى عن الأمة حقيقته، و إعلاما يلبس الباطل ثوب الحق، وكتابا أشد علينا من أعدائنا، وعلماء استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.

***

تناول الفقهاء والمفكرون أوضاعا صحيحة كما تناولوا الانحرافات عنها، لكنهم لم يتناولوا أوضاعا مقلوبة. وليس ذلك لقصور فيهم، و إنما جدّ ما لم يخطر ببال.

تناولوا أن يكون الحاكم لصا، و أن يكون قاتلا، و أن يكون فاسقا، و أن يكون مجرما، و أن يكون كاذبا، و أن يكون فاجرا، و أن يكون حتى كل ذلك، لكنهم لم يضيفوا إلى ذلك أن يكون كل من يصطفيهم حوله كذلك، و أن يكون الإعلام والصحف بيده، والكتاب ملك يمينه، والعلماء رهن إشارته، إلا من يعترض عليه فهو يفرض عليه صمت القبور فلا يصل صوته إلى الناس أبدا،  و أن تكون الأمة ليست مغلوبة على أمرها فقط، بل مغيبة، تساق إليها الوقائع عكس الحقائق.

***

لقد قال محمد حسنين هيكل أنه ذهل - وربما قال أنه ذعر - عندما اكتشف أنه لا توجد محاضر لاجتماعات السادات بحكام أمريكا و إسرائيل، و أنه لذلك اضطر في كتبه إلى الاعتماد على محاضر الجانب الآخر..( و أظن أن الوضع الآن كما كان وربما أسوأ)..

ولقد ذهلت وذعرت عندما قرأت عن اجتماعات منفردة بين المجرم بوش والأمير عبد الله.. اجتماعات منفردة لم يحضرها أحد سواهما..

وبعد الاجتماعات خرج المجرم ليصرح:

"أبلغت ولي العهد أن لنا علاقة فريدة مع إسرائيل وأن هناك شيئا واحدا يمكن أن يعول عليه العالم وهو أننا لن نسمح بتدمير إسرائيل".

فما موقف ليبراليتك من مثل هذا يا دكتور محسوب.

***

لقد غلّب بعض الفقهاء استمرار الحاكم الظالم- الذي لم يظهر منه كفر بواح- على الفتنة، لكنهم لم يناقشوا الحاكم الذي هو فتنة، والذي يعد كل يوم لاستمراره في الحكم خطرا ماحقا على الإسلام والمسلمين.

لم يتناول الفقهاء فيما أعلم الوضع حين يستولى قرصان على سفينة كيف يكون تصرف أصحاب السفينة

***

أشعر بالخزي يا دكتور محسوب  من تبسيطك المخل في حكاية الأجنحة الثلاثة..

أشعر بالخزي والعار من حماقة دارون وتركيزه على كوكب الأرض

كما أشعر بالغضب من تركيزك يا محسوب على أوهام وسمادير في الداخل وتجاهلك لحقائق الخارج.. بينما أوضاع الخارج ومؤامراته هي التي تحدد أوضاع الداخل

بل إن مؤسسات الداخل جلها من حكومات عميلة وحتى معارضة وعلى رأسها الليبرالية والليبرالية الإسلامية ليست سوى قفازات تلبسها وتحركها أصابع الخارج.

أريد أن أركز على معنى مهم .. مهم جدا..

أن التخطيط لتفتيت العالم الإسلامي مستمر منذ ألف عام..

والأدوار الناقصة آلتي لم يكملها الاستعمار في القرن التاسع عشر تقوم أمريكا الآن بإكمالها..

سبق أن قلت مرات عديدة  أن  ( لويس التاسع ) ملك فرنسا بعدما هزم جيشه في مصر وسجن في سجن المنصورة وأفرج عنه فذهب إلى تونس ليقيم بها عاما و إلى القدس ليقيم بها أعواما ثم عاد إلى فرنسا وقد نصبوه قديسا  ليكتب في مذكراته بعد طول تأمل ( إنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب والقوة وذلك بسبب عامل الجهاد في سبيل الله .. وأن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ أولاً من تزييف عقيدتهم الراسخة التي تحمل طابع الجهاد والمقاومة .. ولا بد من التفرقة بين العقيدة والشريعة ).

ولقد طبق كرومر هذه الرؤية فقال عندما قدم إلى مصر كحاكم عسكري لها عن طريق بريطانيا ( جئت إلى مصر لأمحو ثلاثا : القرآن والكعبة والأزهر ).

وقبلها كان  (نابليون) عام 1798م قد  قدم لليهود إغراءات واخذ يغازلهم بتقديم الوعد لم لتمكينهم من القدس في حال مساعدتهم له في محاصرة مدينة (عكا) الفلسطينية وقد قدم لهم هذا الوعد رسميا بتاريخ 20 أبريل 1799م. والأمر يعود إلى ما قبل ذلك ليتصل بالحروب الصليبية آلتي توهمنا كتب التاريخ آلتي تدرس في جامعاتنا ومدارسنا ومعاهد تعليمنا أنها - أي الحروب الصليبية - قد انتهت عام 1291م.. رغم أنها لم تنته قط.. ولا يوما واحدا.. وفى الفترة ما بين 1291 و 1924: نهاية الدولة العثمانية كانت هذه الدولة الإسلامية قد خاضت أكثر من ستمائة معركة صليبية.. لكن فجارنا العلمانيين لا يعتبرون الحروب مع الدولة العثمانية حروبا صليبية.

وفجارنا العلمانيون هؤلاء هم تلاميذ كرومر وصبيان كبير المبشرين زويمر.

يقول زويمر كما في كتاب ( الغارة على العالم الإسلامي ) ( تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها ) ويقول كما في كتاب ( الإسلام في وجه التغريب ) ( إن الغاية التي نرمي إليها إخراج المسلمين من الإسلام ليكون أحدهم إما ملحداً أو مضطرباً في دينه، وعندها لا يكون مسلماً له عقيدة يدين بها، وعندها لا يكون للمسلم من الإسلام إلا الاسم

***

أصرخ فيك يا دكتور محسوب: هل ستكون واحدا ممن سيقطعون الشجرة؟!

***

يقول المستشرق جيب في كتابه ( وجهة الإسلام ) " تغريب الشرق إنما يقصد به قطع صلة الشرق بماضيه جهد المستطاع، في كل ناحية من النواحي .. حتى إذا أمكن صبغ ماضي الشرق بلون قاتم مظلم يرغب عنه أهله، فقدت شعوب الشرق صلتها بماضيها، ففقدت بذلك أعظم جانب من حيوتها، .. وترى في خضوعها له شرفاً كبيراً )..

 لقد اصطنع كرومر ورجال الاستعمار والماسونية غطاء من الدعم والمكانة المرموقة لمروجي هذه الأفكار لتتسرب مبادئها إلى المجتمعات الإسلامية، ولا زال هذا الدعم متواصلاً ومكثفاً من قبل أبناء كرومر الذين ما يزالون يحكمون بلادنا ويشكلون نخبها.

***

كانت الهجمة الصليبية الإنجليزية هي آلتي تصدت لتفتيت دول المسلمين منذ ثلاثة قرون، واستمرت  لتغرق المنطقة منذ مطلع القرن العشرين في سيناريوهات التقسيم.. وظلت بريطانيا تمهد وتنفذ تلك التقسيمات بعد معاهدة "سايكس ـ بيكو" من وكانت هي آلتي  أغرقت المنطقة في مشكلات الحدود.. ونزعت العرب من انتمائهم لأرضهم الواسعة إلى حدود الانتماء للأقطار العربية الضيقة وكان إنشاء الجامعة العربية لهدفين: الهدف الأول هو التفريق ما بين العرب وبين المسلمين والهدف الثاني هو تحديد الأسس آلتي ستشتعل على أساسها الحروب الحتمية بين العرب وبين إسرائيل.. كانوا يخططون وكنا نندفع كالعجماوات.. وكان تخطيطهم إبعاد الحمية الدينية للمطلق الإسلامي من الدخول في المعركة ضد إسرائيل.. وفى نفس الاتجاه كان تلاميذ دنلوب و خلفاء كرومر وصبيان زويمر من مثقفينا يدفعون في ذات الاتجاه. فتقلبوا ما بين الليبرالية والشيوعية والقومية والاشتراكية والعلمانية والفرعونية وكل اتجاه إلا الإسلام.. كانوا وما زالوا ينفذون سياسات كرومر ودنلوب وزويمر.

تكمل أمريكا الآن ما لم تنجزه بريطانيا..

وتتكرر المأساة.

بالمناسبة يا دكتور محسوب:

هل لاحظت أن مفهوم الليبرالية الإسلامية قد بدأ يتوارى بعد أن قلت الحاجة إليه كستار وتقدمت الليبرالية وحدها سافرة كافرة عاهرة؟!!

***

ليست أجنحتك الثلاثة المزعومة يا دكتور محسوب

يتحدث الدكتور محمد عمارة في مقالة  نشرت في باب "نظرات إسلامية" بمجلة "عقيدتي" عدد الثلاثاء غرة ربيع الأول1420هـ، 15 يونيو 1999م عن المخطط المعادي لوحدة الأمة الإسلامية منذ الغزوة الاستعمارية الغربية الحديثة والمحاولة البونابرتية التي أرادت سلخ مصر باسم الاستقلال .. عندما أخذ مخطط بونابرت مع اليهود - والذي تبناه الإنجليز إبان تصاعد دورهم الاستعماري في الوطن العربي - عندما أخذ هذا المخطط طريقه إلى التطبيق في أرض الواقع .. عبر وعد بلفور سنة 1917م .. والانتداب البريطاني على فلسطين (1920 - 1948م) .. وقيام الدولة الصهيونية سنة 1948م .. أصبح لهذه الدولة - كقاعدة غربية في قلب وطن الأمة - مخططها للتفتيت والتفكيك، والذي يستهدف إلغاء الأمة، وتحويلها إلى ركام من الطوائف والملل والنحل والمذاهب والأقوام والأعراق.

ولأن الإسلام هو عامل التوحيد الأول لهذه الأمة، فلم يقف مخطط التفتيت الصهيوني عند دائرة الأمة العربية، وإنما امتد ليشمل عالم الإسلام، من شبه القارة الهندية إلى المغرب الأقصى على شاطئ الأطلسي!.. فكانت الخطة التي صاغها المستشرق الصهيوني برنارد لويس والتي نشرتها مجلة Executive Intelligent Research Project والتي تصدرها وزارة الدفاع الأمريكية - البنتاجون - والتي يخطط فيها - "لتقسيم الشرق إلى دويلات أثنيه أو مذهبية" .. وبموجب تلك الخطة يدعو برنارد لويس إلى:

  • ضم إقليم بلوشستان بالباكستاني إلى مناطق البلوش المجاورة في إيران، وإقامة دولة بلوشستان.
  • ضم الإقليم الشمالي الغربي من الباكستان إلى مناطق البوشتونيين في أفغانستان، وإقامة دولة بوشتونستان.
  • ضم المناطق الكردية في إيران والعراق وتركيا، وإقامة دولة كردستان.
  • أن اقتطاع المناطق الكردية والبلوشية من إيران، يفتح ملف التقسيم الداخلي لإيران، في ضوء الواقع الإثني، مما يحقق إقامة الدويلات التالية:

أ. دويلة إيرانستان.

ب. ودويلة أذربيجان.

ج. ودويلة تركمانستان.

د. ودويلة عربستان.

  • وإقامة ثلاث دول في العراق:

أ. إحداها كردية سنية في الشمال.

ب. والثانية سنية عربية في الوسط.

ج. والثالثة شيعية عربية في الجنوب.

  • إقامة ثلاث أو أربع دويلات في سوريا:

أ. منها واحدة درزية.

ب. وثانية علوية "نصيرية".

ج. وثالثة سنية.

  • تقسيم الأردن إلى كيانين:

أ. أحدهما للبدو.

ب. والآخر للفلسطينيين "دون الإشارة للضفة الغربية للأردن، .. التي ستضمها إسرائيل"..

أما العربية السعودية، فسوف يحسن إعادتها إلى الفسيفساء القبلية التي كانت فيها قبل إنشاء المملكة سنة 1933م، بحيث لا يعود لها من الوزن سوى ما للإمارات الصغيرة-!..

  • يعاد النظر في الجغرافيا السياسية للبنان، على أساس إقامة:

أ. دويلة مسيحية.

ب. ودويلة شيعية.

ج. ودويلة سنية.

د. ودويلة درزية.

ه. ودويلة علوية.

  • تقسيم مصر إلى دولتين على الأقل:

أ. واحدة إسلامية.

ب. والثانية قبطية.

  • يفصل جنوب السودان عن شماله، لتقام فيه:

أ. دولة زنجية مستقلة في الجنوب.

ب. ودولة عربية في الشمال.

  • يعاد النظر في الجغرافيا السياسية للمغرب العربي، بحيث تقام للبربر أكثر من دولة حسب التوزع والانتماء القبليين.

كذلك يعاد النظر في الكيان الموريتاني، من خلال الصراع القائم بين العرب والزنوج والمولدين وبعد هذا التخطيط، الذي يضيف إلى "تجزئة وتفتيت "سايكس - بيكو" سنة 1916" أكثر من ثلاثين دويلة عرقية، ودينية، ومذهبية .. يضيف برنارد لويس قوله: "إن الصورة الجغرافية الحالية للمنطقة لا تعكس حقيقة الصراع، وأن ما هو على السطح يتناقض مع ما هو في العمق: على السطح كيانات سياسية لدول مستقلة، ولكن في العمق هناك أقليات لا تعتبر نفسها ممثلة في هذه الدول، بل ولا تعتبر أن هذه الدول تعبر عن الحد الأدنى من تطلعاتها الخاصة"!..

فالمخطط لا يرى إلا الصراع .. وهو يريد تفتيت الأقوام والملل والمذاهب إلى دويلات، ليس لها أدنى مقومات الدول .. كل ذلك لحساب جعل الطوائف اليهودية، التي لا تجمعها روابط الأمة الواحدة، والتي لم تقم، عبر تاريخها الطويل دولة متحدة، كل ذلك لحساب أن تصبح هذه الطوائف الدولة المهيمنة على وطن العروبة وعالم الإسلام!..

نعم، يفصح برنارد لويس عن هذا المقصد، فيقول في هذا المخطط: "ويرى الإسرائيليون أن جميع هذه الكيانات، لن تكون فقط غير قادرة على أن تتحد، بل سوف تشلها خلافات لا انتهاء لها على مسائل الحدود وطرقات ومياه، ونفط، وزواج، ووراثة، الخ .. ونظراً لأن كل كيان من هذه الكيانات سيكونأضعف من إسرائيل، فإن هذه ستضمن تفوقها لمدة نصف قرن على الأقل"!..

ففي سبيل العلو الإسرائيلي، الموظف لحساب المشروع الغربي، يكون التخطيط والتنفيذ لتفتيت وحدة الأمة الإسلامية إلى ذرات من الأقوام والملل والنحل والمذاهب والطوائف والأعراق والألوان..

***

هذه هي الحقيقة يا دكتور محسوب

وهي حقيقة مكتوبة ومنشورة على العالمين من أكثر من 35 عاما..

هذه هي الحقيقة..

أما أجنحتك الثلاثة فليس إلا أدوات طمس الحقيقية..

قل لي:

ماذا ستفعل أجنحتك الثلاث في ذلك..

وكيف ستواجه بها خطة برنارد لويس..

والحاصل يا دكتور محسوب أننا لن نحتاج إلى أجنحتك..

ولا حتى إلى أقدامنا.. لأننا إن استسلمنا لمنهجك سوف نزحف على بطوننا كالدود..

متى ستدرك يا دكتور محسوب أن الإسلام هو الثورة..

وأنه لن يمكنك المواجهة إلا به..

حتى لو لم تكن مؤمنا به إيمان العقيدة.

***

الحقيقة واضحة وجلية إذن..

الحقيقة واضحة وجلية

في كتاب: النزاعات الأهلية العربية: الناشر مركز دراسات الوحدة العربية كتب كل من الدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور عدنان السيد حسين والدكتور عبد الإله بلقزيز والدكتور ساسين عساف بحوثا مستفيضة عن الخطة الأمريكية الصهيونية لتفتيت العالم العربي.

إذ يرى الفكر الصهيوني الأمريكي أن مصر - على سبيل المثال -  قد فقدت قوتها السياسية القائدة في الوطن العربي . وهي تتخبط في حالة سياسية داخلية متأزمة.

لاحظ أن هذا الكتاب مكتوب قبل عقود

يقول:

"إن تجزئة مصر إقليميا إلى مناطق جغرافية متميزة هو الهدف السياسي لإسرائيل"

إن انهيار مصر في الخطة الصهيونية هو بداية الانهيار الكبير الذي سيصيب دولا قريبة منها وأخرى بعيدة، فإذا ما تجزأت مصر فإن بلادا مثل ليبيا والسودان، بل وحتى الدول الأبعد عنها، لن يكتب لها البقاء على صورتها الحالية وستلحق بمصر عند سقوطها وانحلالها . . . إن  مسار تجزئة مصر وتفتيتها وانحلالها، لا بد آخذ طريقه إلى بلوغ ذلك مهما طال الزمن ! ! يجب أن تقسم مصر إلى دولة قبطية مسيحية في صعيد مصر بجانب عدد من الدول الضعيفة ذات قوى محلية وبدون حكومة مركزية ."

كانت السبعينيات أعوام النفط الذي يتحول إلى قذائف وصواريخ صهيونية في صدور العرب، وكانت أعوام المال العربي السائب في شرايين التقدم الغربي . ولكنها أولا وأخيرا كانت أولا و أخيرا السيطرة الغربية/ الصهيونية بقيادة أمريكا على السلطة في مصر. كان الغرب بكل أشكال الغزو الاقتصادي والسياسي والثقافي قد تمكن أخيرا من إقامة (سلطة الثورة المضادة) في وادي النيل و أخذ يستعملها لبلوغ غاياته أساليب ووسائل متنوعة.

وتقول مصادر مقربة من سلطات الأمن المصرية إن هذه السلطات ضبطت

مرة كميات من المخدرات قادمة من إسرائيل، وكان من المقرر أن تستخدم من هذه المخدرات لتمويل الفئات المسؤولة عن الاعتداءات على الأقباط مصر: صحيفة السفير، 7/ 7/ 993 1

***

والفقرات السابقة واللاحقة بين علامات التنصيص نقلها مؤلفو الكتاب من تقارير استخباراتية في دوريات منشورة معظمها صدر في أمريكا و إسرائيل!!.. ويعود بعضها إلى أكثر من خمسين عاما..

نعم..

منشورة منذ أكثر من خمسين عاما..!!..

***

على الجبهة الشرقية (لبنان، سوريا و العراق ) يشكل لبنان انطلاقة المشروع التفتيتي، فهو النموذج الذي به وعلى شاكلته يتحقق التقسيم والتجزئة :

***

وتجزئة لبنان بأكمله إلى خمس مقاطعات من شانه أن يخدم كسابقة للعالم العربي بأجمعه، بما في ذلك مصر وسوريا  والعراق وشبه الجزيرة العربية، بل هو بداية مسيرة في هذا الاتجاه .. وإذا كان لبنان هو الهدف القريب في خطة التجزئة، فإن سوريا والعراق يشتملان الهدف البعيد فيها .

***

تقول تلك التقارير المخابراتية منذ نصف قرن: ...... فالعراق، بحسب "أوديد ينون"، أقوى من سوريا، وهر يختزن القوة الفعلية التي تشكل مصدر التهديد الفعلي للدولة العبرية . فالقضاء عليه يستدعي نشوب حرب عراقية - إيرانية تمزق العراق وتؤدي إلى سقوطه .

***

وليلاحظ القارئ أن هذا كان مكتوبا قبل نشوب الحرب العراقية الإيرانية!!

***

ويواصل الكتاب نقله عن المراجع الأمريكية والإسرائيلية:

إن حربا عراقية - إيرانية سوف تمزق العراق إلى أجزاء وتؤدي إلى سقوطه داخليا. وكل نوع من أنواع المجابهة العربية الداخلية ما بينهم سوف تساعد على المدى القريب وسوف تختصر الطريق إلى الهدف العام المتمثل في تقسيم العراق إلى طوائف، مثل سوريا ولبنان " .

"أما تقسيم العراق إلى مقاطعات وفق تقسيمات عرقية/دينية كما حدث في سوريا أثناء العهد العثماني فأمر ممكن . وهكذا فان ثلاثة (أو أكثر) من الدول يمكن أن تتواجد حول المدن الرئيسية الثلاث : البصرة وبغداد والموصل.

***

وليلاحظ القارئ مرة أخرى أن كل هذه المعلومات كانت منشورة قبل استدعاء القوات الأمريكية لضرب وحصار العراق..

وكل الجيوش العربية التي شاركت في الكارثة إنما شاركت في خطة تفتيت العالم العربي والإسلامي..

وبرغم ذلك كله لم يتورع أكثر من حاكم أكثر من صفيق أن يعتذر عن عدم نجدة الفلسطينيين بأن جيوشه لا تحارب خارج بلاده..

ومسطول مصرى - هل ينبغى علىّ حقا أن أصحح الكلمة إلى مسئول - يطلب مائة مليار دولار كي تفكر مصر في الحرب.. لا يدرك المسطول أنه بذلك وجه أكبر إهانة إلى جيش بلده وكأنه جيش مرتزق.. ولا يدرك المسطول أنه هو بالذات لا يمكن لأحد أن يأتمنه على مائة دينار لا مائة مليار دولار.. ولتجرب حكومة المسطول أن توسد الأمر إلى أهله.. أن تستدعى مثلا الفريق الشاذلي وتسند إليه قيادة جيش محمد الذى - لا ريب سوف يعود- .. لتجرب حكومة المسطول ذلك.. ساعتها لن تنتظر الأمة الحكومات.. وستجهز هي جيش محمد.

***

ولنعد إلى الكتاب الذى يواصل حديثه عن مشاريع تفتيت الدول العربية..

وشبه الجزيرة العربية بأكمله مرشح طبيعي للتجزئة نتيجة لضغوط داخلية وخارجية، وهذا أمز حتمي، وبخاصة في العربية السعودية . وبغض النظر عما إذا كانت قوتها الاقتصادية القائمة على النفط ستظل على حالها لا تمس أو أن هذه القوة ستتقلص على المدى البعيد، فان الانشقاقات الداخلية والانقسامات هي تطور واضح وطبيعي على ضوء البنية السياسية الحالية.

***

أما بنية الأردن السياسية والبشرية الحالية فهي لا تضمن له البقاء إلى أمد طويل . إن نظام حكمه الحالي ليس في يد الأغلبية الفلسطينية، ما يجعل هذه الأكثرية مرشحة إلى تسلم السلطة عاجلا أم آجلا. . وهذا ما ينبغي أن يكون سياسة إسرائيل في الحرب وفي السلام .

***

الكيان اللبناني من وجهة نظر صهيونية هو خطأ جغرافي /تاريخي، والتعبير هو لموشي أرينز يوم كان سفيرا لإسرائيل في واشنطن، فهو، تاليا، كيان مركب يحمل في ذاته عطبه التكويني مند لحظة تأسيسه أو إعلانه (دولة لبنان الكبير) وهو كيان يجمع في داخله أقليات دينية صاحبة آمال وتطلعات قومية/ ذاتية.

***

أما بالنسبة للعراق فلقد كانت محاولات القيادات الصهيونية للاتصال بالحركة الكردية في شمال العراق قد بدأت منذ منتصف الأربعينيات.

"رؤوبين شيلواح ومردخاي بن فرات وشلومو هليل تولوا مهنة الاتصال بالحركة الكردية في العراق ونقلوا تصور بن غوريون للوسائل التي يمكن إسرائيل من خلالها دعمهم للحصول على الحكم الذاتي أو الاستقلال التام . أما العلاقات الجدية بين إسرائيل وبعض أكراد العراق، فلقد أخذت بعدها العملي على مستوى المساعدة اللوجستية في الستينيات، بعدما أرسلت إسرائيل في 1965 ضباط مخابرات وخبراء عسكريين إلى كردستان العراق .

وقد تمت الزيارات المعلنة بين قيادات من الطرفين في النصف الثاني من الستينيات، وتحديدا بعد حرب الخامس من حزيران / يونيو 1967 . فالهزيمة آلتي ألحقها الجيش الإسرائيلي بالجيوش العربية شجعت بعض القيادات الكردية على تمتين  علاقاتها المباشرة بالدولة الصهيونية، طلبا لمساعدات عسكرية لاستخدامها في حركة التمرد في شمال العراق .

إن المحاولات الصهيونية للاتصال بالحركة الكردية هي نموذج التدخلات الإسرائيلية في العراق ومن شانه، كما هو ماثل في التصور الصهيوني، تحقيق مصالح إسرائيل في المنطقة، وذلك يتم، كما عبر زئيف شيف، المراسل الحربي لصحيفة هارتس، والذي ربما كان من أكثر الناس اطلاعا في إسرائيل على هذا الموضوع، عن طريق تجزئة العراق إلى دولة شيعية وأخرى سنية، وكذلك فصل المنطقة الكردية..

***

تصور أيها القارئ، أنه في وسط كل هذه المخاطر التي تستهدف أمة الإسلام أنه لا يوجد بلد عربي واحد يسمح للإسلام فيه أن يحكم..

ولا يوجد بلد عربي واحد إلا و حاكمه يعتمد في استمرار حكمه على تعطيل حكم الإسلام.. والتكييل بالمسلمين .. تعاونه النخبة الحاكمة وخنازير العلمانيين.. تلاميذ كرومر..

***

يقول اللورد كرومر أول حاكم بريطاني في مصر : إن مهمة الرجل الأبيض الذي وضعته العناية الإلهية على رأس هذه البلاد هو تثبيت دعائم الحضارة المسيحية إلى أقصى حد ممكن بحيث تصبح هي الأساس في العلاقات بين الناس و إن كان من الواجب منعا من إثارة الشكوك ألا يعمل على تنصير المسلمين و أن يرعى من منصبه الرسمي المظاهر الزائفة للدين الإسلامي كالاحتفالات الدينية و ما شابه ذلك.

هكذا تحدد الهدف الإنجليزي بكل وضوح و هو اجتثاث الإسلام من نفوس الناس من قلوبهم وعقولهم و إحلال قيم المسيحية بدلا منها و بالطبع يقصد قيم المسيحية المحرفة و كانت الاستراتيجية البريطانية في ذلك الوقت slow but sure كما يقول الأستاذ محمد قطب و تحددت مسارات الحرب هذه في المسار الفكري و الإعلامي و الاقتصادي و السياسي.

هل ترضى يا دكتور محسوب أن تكون امتدادا لمشروع كرومر؟

هل قرأت هذا يا دكتور محسوب؟

في عام 1556 قام الروس بإغراء حاكم مسلم هو الأمير تيمروك بالتحول إلى المسيحية مقابل مساعدة الروس له ضد منافسيه، وبالفعل تحول تيمروك إلى المسيحية وزوج إحدى بناته للقيصر الروسي إيفان الرهيب .. ولقِي الحاكم المرتد جزاءه عام 1558 فقد استعاد المسلمون الإمارة ودمروا المرتدين ..

 

في كتاب: " حصوننا مهددة من داخلها" يكشف الدكتور محمد محمد حسين أمر الحداثيين والعلمانيين والليبرالية الإسلاميين  والمستغربين ودعاة التنوير والثقافة، والليبرالية الإسلامية وغير الإسلامية وكلها ضد إسلامية، يكشف دسائسهم التي يلقون عليها حجبا كثيفة من الرياء. والنفاق، حين يندسون بين صفوف الأمة، يتظاهرون بالغيرة على إسلامنا وعلى عروبتنا، حين تنطوي ضمائرهم على فساد العقيدة وحين يعملون لحساب العدو الذي يستعبدنا ولحساب الصهيونية الهدامة التي لا تريد أن تبقى على بناء قديم .

يصرخ الدكتور محمد حسين: هؤلاء هم أخطر الأعداء، وهم أول ما ينبغى البدء به في تطهير الحصون وتنظيف الدار، لأن الأعداء والمارقين ظاهرين أمرهم لا يخفون، وهم خليقون أن ينفروا الناس، فهم كالمريض الظاهر يتحاشاه الناس ولا يقتربون منه أما هؤلاء فهم كالمريض الذي لا يظهر المرض على بدنه، فالمخالطون لا يحتاطون لأنفسهم في مخالطته.

ويتهم الدكتور حسين أعداء الأمة هؤلاء من المنافقين والضالين والمضللين بأنهم يزينون للأمة الباطل زاعمين لها أنه هو سبيل النهضة، ويوهمونها أن كثيرا من عاداتها الصحيحة الأصيلة هي من أسباب تخلفها وضعفها"، ويزجون بها فيما رسمته عصابتهم من قبل وما قدرته من طرق ومسالك " .

ويستطرد الدكتور حسين في مرارة عاتية ذوبت قلبي رقة وألما حين يقول في نوبة ندم عاتية::

وأنبه إلى ما انكشف لي من أهدافهم وأساليبهم التي خدعت بها أنا نفسي حينا من الزمان مع المخدوعين، أسأل الله أن يغفر لي فيه ما سبق به اللسان .والقلم . وإن مد الله في عمري رجوت أن أصلح بعض ما أفسدت مما أصبح الآن في أيدي القراء (…)

 وقد كان مصابي هذا في نفسى وفي تفكيري مما تجعلني أقوى الناس إحساسا بالكارثة التي يتردى فيها ضحايا هؤلاء المفسدين وأشدهم رغبة في إنقاذهم منها، بالكشف عما خفى من أساليب الهدامين وشراكهم. (…) ..

ويكشف الدكتور حسين أن هؤلاء المنافقين من دعاة الليبرالية وما يسمى الليبرالية الإسلامية أو الإسلام الاشتراكي  قد اشتراهم الغرب كي يكونوا حراسا على أوطاننا التي حولوها إلى سجون.

فيقيموا فيها معبدا يسبح كهنته بحمد آلهتهم التي يعبدونها من دون الله . وينكل بالذين ينبهون النائمين والغافلين والمخدوعين ..

***

تحت رعاية الليبراليين والعلمانيين والحداثيين – عبدة الشيطان - كنا ننتقل من الإيمان إلى الكفر تحدونا سياط حداثيينا قبل سياط جلادينا وقبل سياط شارون وبوش.

 كانوا يقيمون دعائم مملكة الكفر.. وكانوا قد تسلحوا بمقولة قاطعة خدعوا بها الأمة فاستجابت أو رضخت.. ذلك أنهم وهم يقيمون مملكة الكفر

 منعونا من استعمال السلاح الوحيد الذى كان يمكن أن يحمينا من مكرهم .. ألا وهو الحكم عليهم بالكفر.. و أصبح التكفير رجعية وتخلفا.

وأصبح التخلف جمودا، و أصبح الجمود أصولية، و أصبحت الأصولية تطرفا وأصبح التطرف إرهابا.. و أصبح الاستشهاد انتحارا.

كما أصبح الطفل الذى يحمل حجرا يهدد الأمن والسلام العالميين أما استخدام الطائرات والدبابات في سحق المدنيين فهو دفاع مشروع عن النفس

***

نعم.. تعامل حداثيونا مع الأمة بالخداع والكذب.. و أخفوا عنها طول الوقت الخلفيات الفلسفية الإلحادية لفكرهم وللقضايا التي يطرحونها، كما تعمدوا إلصاق الليبرالية بالإسلام والإسلام بالليبرالية مع أن كل واحد منهما ينفي الآخر.

 بل تعمدوا الكذب الصريح والتضليل الواضح في أحيان كثيرة، تعمدوها مثلا عندما خلطوا ما بين الحداثة كفلسفة كافرة مجرمة علينا  أن نحاربها جميعا، وبين التحديث كهدف علينا أن نسعى جميعا إليه.. وتعمدوها عند الخلط ما بين العلمانية والعلم.. وبين التشريع الإلهي والبشرى .. وبين التحرير والتعهير.. وبين التنوير والتزوير..

***

ولعل قارئا، ولعل الدكتور محسوب نفسه يسألني الآن: وما الحل؟؟؟!!!

ولست أدعى لنفسي الصواب والحكمة.. كما أنى لن أخدعكم أبدا لأدعي أنى وحدى اكتشفت طريق النجاة.. فما أنا إلا بقايا من أعظم و أنبل وأرقى حضارة في الدنيا.. حضارة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. نعم بقايا من  مزقة شراع تمزق.. وشظية سفينة تحطمت.. ومزقة الشراع تدرك أنها وحدها لا تدفع السفينة أبدا ثم أنه لا سفينة.. وشظية الخشب تدرك أنها لا يمكن وحدها أن تكون سفينة أبدا ثم أنه لا شراع.. بك يا أمة يلتئم الصدع ويرتق الفتق وتعود المزق شراعا والشظايا سفينة ناوى إليها فتعصمنا من جبال الماء.. من الطوفان يا أمة.. كل واحد منا معلق بشظية أو يمسك مزقة من شراع.. بك يا أمة.. بكم يا قراء.. حينما يدرك كل واحد منكم أنه مزقة وشظية.. وحين يجاهد كي يقترب من الآخرين كي تعود السفينة سفينة والشراع شراعا.. بك يا أمة.. وبكم يا قـراء..

هل تلوت يا أمة  وهل تلوت يا دكتور محسوب قول الله:

قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقينْ}

فتربصي يا أمة .. تربصي..

أين نذهب بهذه الآيات يا دكتور محسوب.

أين نذهب بـ:

يقول تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله"آل عمران:110

والحديث الشريف في صحيح مسلم:ـ

الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )

وأيضاً الحديث الوارد في صحيح مسلم

من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان

***

يقول الكاتب الفرنسي إبتين لامى : " إن مقاومة الإسلام بالقوة تزيده انتشارا، أما الوسيلة الفعالة لهدمه وتقويض دعائمه فهي تربية بنيه في المدارس التبشيرية أو المسيحية، ونفث جراثيم الإلحاد في صدورهم منذ نشأتهم من حيث لا يشعرون، فإن لم يتنصروا فقد أصبحوا لا مسلمين ولا مسيحيين"..

أما زويمر كبير المبشرين في العالم الإسلامي فيتحدث عن هدفهم من عزل القرآن عن الناشئة وتشويه تاريخ الإسلام لتكوين مجتمع لا هو يهودي ولا هو مسيحي ولا هو مسلم فيقول: " ناشئة مضطربة مادية الأغراض لا تؤمن بعقيدة ولا تعرف حقا فلا للدين كرامة ولا للوطن حرمة.."..

ويقول جب: " تغريب الشرق إنما يقصد به إلى قطع صلة الشرق بماضيه جهد المستطاع في كل ناحية من النواحي. وإذا أمكن قطع صلة التفكير والعقيدة بين الماضي والحاضر، حتى إذا أمكن صبغ ماضي الشرق بلون قاتم مظلم يرغب عنه أهله فقدت شعوب الشرق صلتها بماضيها ففقدت بذلك أعظم جانب من حيويتها.. وبقيت عيالا على الغرب تتطلع إليه تطلع إعجاب وتقديس وعادة. وترى في خضوعها له شرفا كبيرا.."..

***

لكنهم بالعلمانية والحداثة والليبرالية اجترأوا على كل شيء

وحتى حصنك الأخير يا أمة: "القرآن" اجترأوا عليه..

فهل رأيتم قائدا يدمر أسلحة جيشه قبل أن يخوض المعارك إلا إذا كان متحالفا مع الأعداء.. وشريكا في المؤامرة..

نعم .. المؤامرة..

يقف الجهابذة منهم ليتحدثوا عن تفاصيل المؤامرة التي قام بها الغرب ضد الاتحاد السوفيتي حتى انهار وتفتت.. وكيف أنفق الغرب على مؤامرته تلك ألف مليار دولار.. فلا ينكر من السامعين أحد.. بل ويتبارى كل منهم في إضافة المزيد.. ويتحدث العالمون ببواطن الأمور عن المؤامرة التي حاكتها أمريكا ضد بريطانيا وفرنسا في حرب السويس كي تحل امبراطوريتها الفتية محل امبراطورياتهم المتهاوية، فلا ينكر عليه أحد ما ذهب إليه بل يقدمون المزيد من التفاصيل.. يتحدثون عن مؤامرات الغرب على جنوب شرق آسيا والصين واليابان وأمريكا اللاتينية فلا ينكر منكر..

إلا الإسلام والمسلمين.. ما أن يتصدى أحد لكشف فكرة المؤامرة حتى يسلقونه بألسنة حداد. نفس الألسنة التي تبارت في إضافة المزيد ووشى التفاصيل الدقيقة للمؤامرات ضد أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. نفس الألسنة تعوى عواء ذئاب حين نتحدث عن المؤامرة ضد الإسلام، يصرخون: هؤلاء المتأسلمون الظلاميون غير القادرين على التكيف مع العالم.. لا يكفون عن الحديث عن المؤامرة..

نعم.. هناك مؤامرة هائلة نرى ونحس آثارها تحيط بنا كأذرع الأخطبوط.. هناك مؤامرة على الأمة وعلى الأوطان وعلى الدول وعلى الصناعة والتجارة والزراعة والحرب.. وعلى الثقافة..

مؤامرة هائلة أحد أدواتها الليبرالية والإسلام الليبرالي والاشتراكية الإسلامية.

نعم.. هناك مؤامرة تحاك لنا منذ أكثر من ألف عام، مؤامرة تستهدف انتزاع الدين من قلوبنا، لنساس بعد ذلك كقطيع من الخراف يندفع نحو المجزرة وهو فرح بها نشوان.

وليس لنا ولا أمامنا إلا الإسلام.. لا لنحميه بل ليحمينا..

 إننا لا نختار الإسلام لأنه يحل لنا مشاكل الدنيا، بل إننا نتجاوز شعار: "الإسلام هو الحل"  لكى نقول : بل حتى  لو لم يكن الإسلام هو الحل لمشاكل الدنيا فلا اختيار لنا سـواه..

نعم .. ليس ثمة اختيار إلا الإسلام..و أن سياستنا وحياتنا يجب أن تسير في هذا الاتجاه..وكذلك ثقافتنا.. ثقافتنا التي تقدس ربنا فلا رب لنا سواه.. ولا منتهى لنا إلا عنده.. ثقافتنا المؤمنة.. ثقافتنا التي لا تبجل كتابا في الدنيا كما تبجل كتاب الله.. ثقافتنا التي  تحترم ديننا ونبينا وأسلافنا الصالحين .. وتعتز بهـم .. وتتيه فخارا على العالمـين..

***

دعني يا دكتور محسوب أحكي لك قصة حزينة

رائعة وحزينة

نبيلة ورائعة وحزينة..

كنا مثخنين بالجراح بعد أن أعطينا العالم أنبل حضارة في التاريخ وبعد أن خضنا كل بحار العلوم..

ومع انتفاضة أوربا وهزيمة المسلمين في الأندلس ابتدأت موجة عاتية كادت تبيد المسلمين جميعا كما أبيد الهنود الحمر.. وكان ميناء جدة قد حوصر تمهيدا لهدم الكعبة والاستيلاء على رفات الرسول صلى الله عليه وسلم لولا أن قيض الله دولة إسلامية هي الدولة العثمانية لوقف سرعة انهيارنا.. أجلت الدولة العثمانية انهيارنا ثلاثة قرون.. أجلت شِقّ الاستعمار ثلاثة قرون لكن التبشير والاستشراق كان يؤتى أكله.. كنا ننهزم من داخلنا.. وكنا نقرأ تاريخنا بعيون المستشرقين.. .

كنا نستلب.. نفقد منهج ديننا شيئا فشيئا.. كنا نُروض كالعبيد.. مسخوا ديننا وشوهوه.. تركوا القشرة الخارجة واستلبوا القلب والعقل والضمير..

ولقد قام محمد على بالدور المطلوب خير قيام .. فإن الجيش الذى صنعته له فرنسا، وقام بتدريبه سليمان باشا الفر نساوى قد استخدمه محمد على لا في محاولة الاستقلال عن الخلافة فحسب، بل في محاربة الخليفة نفسه ! وقد كاد يتغلب على جيش الخليفة بالفعل لولا تدخل بريطانيا.. تظاهرا بالوقوف في صف الخليفة، وغيرة في الحقيقة من أن تستأثر فرنسا بصداقة السلطان، وبالنفوذ في مصر! وفى الوقت نفسه لتخدم الهدف العام للصليبية بطريقة أخرى.. فقد أوقفت بريطانيا محمد على عند حده في ظاهر الأمر، و منعته من مهاجمة الخليفة، وفى الوقت ذاته ضمنت له الاستقلال الفعلي عن الخليفة، وكرست أول شق عميق لفكرة الدولة  الإسلامية المحورية.. سلحته أوروبا كي يستنزف قوة الإسلام وكى يكون كل الضحايا مسلمين.. هذا بينما تجمعت أوربا الصليبية كلها لتحطيم محمد على في معركة نافارين لأنه نسى نفسه وتجرأ على مهاجمة دولة صليبية هي اليونان ! فقد كبّرته الصليبية وسلحته لمحاربة الإسلام فقط، فإذا فعل ذلك فله كل العون . أما إذا هاجت أطماعه لحسابه الخاص، فمسّ أحد الصليبيين بسوء، فإنهم يتحدون عليه لتحطيمه تحطيما كاملا إذا لزم الأمر..

ادرس ما حدث في القرن التاسع والقرن العشرين.. حين أكمل الغرب حركتي التبشير والاستشراق بالاحتلال المباشر.. حين استطاع بقوة الدبابة والمدفع.. أن يغير النخبة القائدة في كل بلد إسلامي.. قرّبَ الخونة وأعدم الأبطال.. ونحّى منهج الإسلام تماما.. ثم راحوا ينشرون من أكاذيبهم وضلالاتهم ما ينزع الإسلام من قلوبنا ويبغّضه إلى عقولنا..

فقدنا كنزنا  وأخذنا وباءهم عندما نحينا الإسلام عن صياغة أمرنا.. كان كخيط العقد فرطنا فيه فانفرط أمرنا..

ظللنا ألف عام أقوى أمة وأنبل أمة وأشجع أمة وارقى حضارة..

لم نضعف بالإسلام أبدا بل ضعفنا عندما تخلينا عنه..

إن إعلامنا وتعليمنا وسياستنا مكرسة كلها ضد الإسلام ولصالح حضارة الغرب..

ولقد ابتدعوا بالتغريب فلم يأخذوا منه إلا قشور الانحلال التي سمح لهم بها الغرب ثم انتقلوا من التغريب إلى التغييب..

لم يكن للإسلام أن يستسلم.. أبدا لم يكن له ذلك.. وحاول بعض أبنائه الجهاد في سبيل الله.. أخطئوا وأصابوا .. لكنهم كانوا إلى الصواب أقرب.. وإنني لا أملك حتى في الخطاة فيهم إلا قول الإمام على كرم الله وجهه أنهم قوم طلبوا الحق فأخطأوه.. وأن النخب الحاكمة في جل عالمنا الإسلامي قوم طلبوا الباطل فأصابوه..

ماذا فعلت السلطة التي لم تنشأ إلا بالاستعمار في الاتجاه الإسلامي..؟..

نصبت المشانق..

طلبوا الباطل فأصابوه..

ماذا فعلت السلطة التي لم تنشأ إلا بالاستعمار في الاتجاه الإسلامي..؟..

نصبت المشانق..

زورت الانتخابات..

أوصدت كل الأبواب..

ولقد تصرفت أجهزة الأمن في جل عالمنا الإسلامي كما لو كانت فرقا بقيت من جيوش الصليبيين لتستأصل ما بقى من شأفة الإسلام..

لقد بلعنا الطعم..

هم يخافون الإسلام وعلمونا أن نخاف نحن أيضا منه..

وهم منطقيون في خوفهم من الإسلام.. فهو الحضارة الأرقى وهو القادر على كبح جماحهم كما فعل لألف عام..

نحن الآن في قعر الهزيمة يا دكتور محسوب..

حيث الليبرالية  آخر سفن الهزيمة التي ركبناها..

فهل ترضى أن تكون قائدا لآخر فلول الاستسلام رافعين رايات الليبرالية .. ضد الإسلام..

***

لكم وددت أن يكون العالم والأستاذ الدكتور محمد محسوب في مستوى ذكاء ابن خلدون ونظرته الشاملة المحيطة والتي لخصت نظم الحكم في ثلاثة (مع تبسيط واختصار شديدين) نظام الحكم الفردي سواء كان جمهوريا أم ملكيا حيث تدور شئون الحكم كلها لصالح الحاكم  سواء كان صالحا أو طالحا، والنظام الثاني الذي تحدث عنه هو الديمقراطية الإغريقية، حيث يكون الحكم لصالح الشعب (دعنا هنا من استثناء 90% من هذا الشعب ما بين عبيد ونساء وأمم مستعمرة)  وفي هذا النظام إذا أراد هذا الشعب أن يقتل العبيد جميعا أو يقتل الشعوب المجاورة فإن رغبته مقدسة وإرادته قانون.

أما النظام الثالث للحكم، فهو حكم الخلافة، وهو نظام لا مثيل له، وهو أرقى بما لا يقاس من النظامين السابقين، حيث أن حكم الخلافة كله يتركز في هدف واحد: إتمام مكارم الأخلاق، ومحاربة شهوات الشعب في الإفساد والظلم والقهر والجبروت والدم  والاستيلاء على حقوق الآخرين.

الخلافة يا محسوب

الخلافة وليست الليبرالية

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق