كيف سترد السعودية على القانون الأميركي «جاستا» (1-2)
د. محمد عياش الكبيسي
بأغلبية ساحقة تزيد على الثلثين، أبطل مجلس النواب الأميركي الفيتو الذي استخدمه الرئيس أوباما ضد قانون (جاستا)، الذي يتيح لذوي ضحايا العمليات الإرهابية مقاضاة الدول التي لها صلة بمنفذي هذه العمليات.
القانون اكتسب صيغته النهائية رغم كل الاعتراضات المحلية والدولية، حيث ينظر إليه محليا على أنه يقوض الشراكات الاقتصادية مع (الحلفاء)، بينما يُنظر له عالميا أنه تهديد صارخ لسيادة الدول، حيث ينص على أنه (لا يجوز لدولة أجنبية أن تكون في مأمن من اختصاص المحاكم الأميركية في أي قضية من القضايا التي تطالب بتعويضات مالية ضد دولة أجنبية جراء إصابات جسدية لشخص أو ممتلكات أو حوادث قتل تحدث في الولايات المتحدة)، وعلى هذا جاء تحذير الاتحاد الأوروبي (أن اعتماد مثل هذا القانون سيدفع بلدانا أخرى إلى تطبيق نفس المبدأ مع تفسير مبدأ سيادة الدول بشكل فضفاض)، هناك أيضا اعتراضات قانونية لأن القانون وبمنظور علمي مجرد يطيح بالثوابت القانونية التي تحرم امتداد العقوبات على الجريمة إلى غير فاعلها، فكيف بمعاقبة شعب بأكمله بجريرة فرد متمرد على دولته وخارج عن قانونها؟ من هنا تنبه مدير وكالة الاستخبارات المركزية إلى التداعيات الخطيرة لهذا القانون في حالة تبني الدول الأخرى لقوانين مماثلة لملاحقة أفراد أميركيين تورطوا بعمليات إرهابية.على خلاف ما توهمه كثير من المعلقين، فإن القانون لا ينص على المملكة العربية السعودية ولا يشير إليها، سوى ما يردده بعض الأميركيين خارج السياق القانوني من إمكانية تحريك دعاوى ضد المملكة، لأن بعض المنفذين لهجمات 11 سبتمبر يحملون الجنسية السعودية!
القانون بعنوانه ومضمونه ينطبق على إيران ولا ينطبق على السعودية، وذلك بناء على التقارير الأميركية الموثقة، ففي يوليو 2012 أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرا حول الإرهاب في جميع أنحاء العالم، جاء فيه أن إيران لا تزال دولة راعية للإرهاب، ثم جاء قرار محكمة نيويورك الفيدرالية الأخير الذي يؤكد تورط النظام الإيراني بهجمات 11 سبتمبر، وقد قدم القاضي جورج دانيلز ست وثائق قضائية تثبت أن إيران سهلت انتقال عملاء القاعدة إلى معسكرات التدريب في أفغانستان، مما كان ضروريا لإنجاح مهمتهم، كما أثبتت أن الحكومة الإيرانية أصدرت أوامرها إلى مراقبي الجوازات في الحدود بعدم وضع أختام على جوازات المنفذين، وأظهرت الوثائق أن عماد مغنية -القيادي في حزب الله- زار المنفذين في أكتوبر 2000. ومن ثم فإن التقديرات الأولية للتعويضات التي يمكن أن تتحملها إيران تتجاوز 21 مليار دولار.
وفي المقابل فإن نتائج التحقيق في هجمات 11سبتمبر، التي سمح الكونجرس بنشرها قبل شهور، أثبتت أن التقرير فشل في العثور على أي دليل بتورط المملكة العربية السعودية بأي صلة مع أي من المنفذين.
الذي ينبغي تذكره هنا، أن قيادات كبيرة في تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة (داعش) قد أدلت باعترافات مسجلة بالصوت والصورة عن علاقات واتفاقات خطيرة بين تنظيماتها وبين إيران، وأن إيران قد احتضنت كبار القاعدة ووفرت لهم الدعم اللوجستي, في مقابل استهداف الدول العربية ومن بينها السعودية وعدم استهداف إيران، وهذه الاعترافات يصدقها الواقع كما هو مشاهد وملموس.;
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق