د. سلمان بن فهد العودة
ذكر د. عبد الوهاب النجار أن محكمة مصرية حكمت ذات حين بكفر زوجٍ، والتفريق بينه وبين زوجته؛ لإنكاره نبوَّة آدم عليه السلام.. ونقضت محكمة أخرى الحكم حين قال الزوج: إنه لم يجد نصًّا في القرآن بنبوته، وإنه يقرُّ بنبوته!
هل هذا الحكم صحيح؟! وهل ثَمَّ إجماع قطعي على نبوة آدم عليه السلام؟! أو نص صريحٌ صحيح؟!
نقل أبو منصور البغدادي الإجماع على نبوة آدم.
ولعل المقصود إجماع الجمهور الأكبر من الصحابة والتابعين والأئمة والمفسرين.
وبإزاء هذا يوجد رأي ضعيف لا يُثبت نبوته، وهو رأي الشيخ عبد الله بن زيد المحمود حيث قال: «القرآن لا يثبت لآدم نبوة ولا رسالة، وما كان ربك نسيا، إنما هو أبو البشر يذنب ويتوب..».
وكتب فيه الأستاذ عز الدين بليق مؤلفًا بعنوان: «نبوة آدم ورسالته بين الظن واليقين»، وقد حشاه بالنقول المكررة والمقدمات والموضوعات الجانبية، وانتهى فيه إلى أنه لا فرق بين النبي والرسول، وأن نوحًا أول الأنبياء والرسل؛ كما في حديث الشفاعة [«صحيح البخاري» (4712، 7410)، و«صحيح مسلم» (193، 194) من حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما]، وبهذا خرج آدم عنده من دائرة الأنبياء والمرسلين..
آدم نبيٌّ معلَّم مكلَّم، في حديثٍ رواه ابن حبان، والحاكم، والطبراني..
آدم أول مَن ينتابه الناس يوم القيامة للشفاعة إلى ربهم، فيعتذر منها لأكله من الشجرة.. ولا يشفع يومئذٍ إلا النبيون، فلو لم يكن نبيًّا لكان عذره أوسع..
آدم ممن رآهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج في سياق مشاهد الأنبياء..
الجدال والمحاجَّة بين آدم وموسى في شأن القدر والخروج من الجنة [كما في «صحيح البخاري» (3409، 6614)، و«صحيح مسلم» (2652)]، مؤشر على نبوته..
لم يذكر القرآن نبوة آدم عليه السلام صريحة، بل ذكره بلفظ: (الاجتباء)، وبلفظ: (الهداية)، وهما لفظان استخدما مقترنين مع الأنبياء في القرآن: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا﴾ [مريم: 58]، وفي سياق آدم: ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: 122].
وجاء لفظ الاجتباء في شأن يونس: ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القلم: 50] (50:القلم).
وذكر آدم في سياق الأنبياء عليهم السلام: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].
ليس هذا صريحًا في نبوته، وليست نبوته من القطعيات في ثبوتها، ولا الإجماع المحكي بالإجماع القاطع الذي يكفّر جاحده..
نبوته من الأقوال الصحيحة الواضحة المؤيَّدة بظواهر أدلة من القرآن، وبعض أحاديث لا تخلو من مقال.
والأمر لا يستدعي جدلًا عقيمًا ولا مجالس للمناظرة، فالإيمان بالوحي والنبوة يجب إجمالًا فيما أُجمل وتفصيلًا فيما فُصِّل مما هو ثابت قطعي: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ [النساء: 164].
كان آدم يُعلِّم ذريته وهم ليسوا بمشركين، إلا أن البشر يفتقرون إلى الوحي فيما يتعلق بعبادتهم وأحكامهم وأمور غيبهم، ومن هنا قامت الضرورة التامة للنبوة و(الوحي).
النبأ هو الخبر إن كان خطابًا مباشرًا من الله؛ كما في حالة موسى، أو بواسطة المَلَك جبريل عليه السلام، ويسمَّى: (رسول الملائكة)، أو إلهامًا ربانيًّا لمَن يختارهم الله..
فهم النخبة المصطفاة الذين يأتيهم خبر السماء وتعليم الله، ولذا سمُّوا: أنبياء.
فإن اعتضد هذا بتكليفهم بالبلاغ، وإنزال شريعةٍ أو كتاب، وإقامة حجة، والإتيان بمعجزة؛ فهي الرسالة، فكل رسول هو نبيٌّ قطعًا، وليس كل نبيٍّ رسولًا..
والقول في الفوارق بين النبي والرسول أوسع من هذا، ولكن القرآن يدل على أنهما ليسا بمترادفين كما ادَّعى بعضهم، قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: 52].
وقال: ﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ [مريم: 51].
النبوة تعضيد للعقل، ورسم لمساره الصحيح، وتحفيزٌ لحركته: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:73]، وليست تخديرًا أو عزلةً عن الحياة والعمل وخلافة الأرض.. والنبي الأول هو أول مَن وضع لَبِنَات الكشوف في الحرث والصنائع، والانتفاع من تسخير السماوات والأرض وكشف أسرارها.
النبوة طمأنينة للقلب، وسكينة للروح؛ ترشد لسلامة الطريق، وحسن العاقبة، ويقين الإيمان، وصحة المعتقد؛ ليعلم الإنسان أنه ليس متوحِّدًا ولا معزولًا ولا مستوحشًا على هذه الأرض، وأنه موصول الحبل بدار الآخرة، مطمئن القلب إلى طريق النجاة فيها إن أراده..
النبوة نظام لتحجيم الصراعات، وتضييق دائرة الحروب والأطماع، ومنهج للتعايش بين البشر حتى لو لم يكونوا مؤمنين: ﴿وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [الأعراف:87].
النبوة كشف لعالم الغيب، وإخبار عن الله وملائكته، وعن الآخرة والحساب والثواب والعقاب بما هو حق مطابق: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:42].
النبوة تشريع مفصّل؛ يضبط علاقات الناس، وزواجاتهم، ومعاملاتهم، ويجعلهم أقرب للرشد والصواب.. وإن كان لا يخرجهم عن طبيعتهم المركبة.
النبوة ضرورة للعدل الرباني بتقديم البلاغ وإنذار الآخرة: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (15:الإسراء).
وهي رحمة للبشر في الدنيا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
ورحمة لهم من تعجيل العقاب: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: 59].
أن يكون الرجل الأول نبيًّا فهو ترسيخ لأصالة الخير في الإنسان وفي الأرض وعمقه واتساعه، ولذا لم تقم حضارة ولم تتكون أمة إلا والدين حاديها وملهمها.
حتى أعتى النظريات المادية اتَّكأت على موروث ديني، ولم تستطع إنكار دور الدين في حياة البشر، وشعوب العالم تشهد هبات متكررة في العودة إلى التدين؛ هروبًا من الضياع والكآبة والعدمية والقلق.. واستجابة للفطرة المطمورة المنتفضة.
وحسب استطلاعات مؤسسة (قالوب) فإن:
(٩٦٪) من الشعب الأمريكي يؤمنون بالله.
و(٧١٪) ينتمون إلى كنيسة ما.
و(٤٥٪) يمارسون عبادات وطقوسًا بانتظام.
ويقول الاستطلاع: إن معظم الأمريكيين يؤمنون بالوقائع والمعجزات الدينية التاريخية.
وفي الهند والصين تنشط الديانات الروحانية، وتكسب المزيد من الأتباع حول العالم.
أما العالم الإسلامي فهو الأكثر انتماءً لدينه وشعائره وإيمانه واستعصاءً على التذويب!
ذكر د. عبد الوهاب النجار أن محكمة مصرية حكمت ذات حين بكفر زوجٍ، والتفريق بينه وبين زوجته؛ لإنكاره نبوَّة آدم عليه السلام.. ونقضت محكمة أخرى الحكم حين قال الزوج: إنه لم يجد نصًّا في القرآن بنبوته، وإنه يقرُّ بنبوته!
هل هذا الحكم صحيح؟! وهل ثَمَّ إجماع قطعي على نبوة آدم عليه السلام؟! أو نص صريحٌ صحيح؟!
نقل أبو منصور البغدادي الإجماع على نبوة آدم.
ولعل المقصود إجماع الجمهور الأكبر من الصحابة والتابعين والأئمة والمفسرين.
وبإزاء هذا يوجد رأي ضعيف لا يُثبت نبوته، وهو رأي الشيخ عبد الله بن زيد المحمود حيث قال: «القرآن لا يثبت لآدم نبوة ولا رسالة، وما كان ربك نسيا، إنما هو أبو البشر يذنب ويتوب..».
وكتب فيه الأستاذ عز الدين بليق مؤلفًا بعنوان: «نبوة آدم ورسالته بين الظن واليقين»، وقد حشاه بالنقول المكررة والمقدمات والموضوعات الجانبية، وانتهى فيه إلى أنه لا فرق بين النبي والرسول، وأن نوحًا أول الأنبياء والرسل؛ كما في حديث الشفاعة [«صحيح البخاري» (4712، 7410)، و«صحيح مسلم» (193، 194) من حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما]، وبهذا خرج آدم عنده من دائرة الأنبياء والمرسلين..
آدم نبيٌّ معلَّم مكلَّم، في حديثٍ رواه ابن حبان، والحاكم، والطبراني..
آدم أول مَن ينتابه الناس يوم القيامة للشفاعة إلى ربهم، فيعتذر منها لأكله من الشجرة.. ولا يشفع يومئذٍ إلا النبيون، فلو لم يكن نبيًّا لكان عذره أوسع..
آدم ممن رآهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج في سياق مشاهد الأنبياء..
الجدال والمحاجَّة بين آدم وموسى في شأن القدر والخروج من الجنة [كما في «صحيح البخاري» (3409، 6614)، و«صحيح مسلم» (2652)]، مؤشر على نبوته..
لم يذكر القرآن نبوة آدم عليه السلام صريحة، بل ذكره بلفظ: (الاجتباء)، وبلفظ: (الهداية)، وهما لفظان استخدما مقترنين مع الأنبياء في القرآن: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا﴾ [مريم: 58]، وفي سياق آدم: ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: 122].
وجاء لفظ الاجتباء في شأن يونس: ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القلم: 50] (50:القلم).
وذكر آدم في سياق الأنبياء عليهم السلام: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].
ليس هذا صريحًا في نبوته، وليست نبوته من القطعيات في ثبوتها، ولا الإجماع المحكي بالإجماع القاطع الذي يكفّر جاحده..
نبوته من الأقوال الصحيحة الواضحة المؤيَّدة بظواهر أدلة من القرآن، وبعض أحاديث لا تخلو من مقال.
والأمر لا يستدعي جدلًا عقيمًا ولا مجالس للمناظرة، فالإيمان بالوحي والنبوة يجب إجمالًا فيما أُجمل وتفصيلًا فيما فُصِّل مما هو ثابت قطعي: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ [النساء: 164].
كان آدم يُعلِّم ذريته وهم ليسوا بمشركين، إلا أن البشر يفتقرون إلى الوحي فيما يتعلق بعبادتهم وأحكامهم وأمور غيبهم، ومن هنا قامت الضرورة التامة للنبوة و(الوحي).
النبأ هو الخبر إن كان خطابًا مباشرًا من الله؛ كما في حالة موسى، أو بواسطة المَلَك جبريل عليه السلام، ويسمَّى: (رسول الملائكة)، أو إلهامًا ربانيًّا لمَن يختارهم الله..
فهم النخبة المصطفاة الذين يأتيهم خبر السماء وتعليم الله، ولذا سمُّوا: أنبياء.
فإن اعتضد هذا بتكليفهم بالبلاغ، وإنزال شريعةٍ أو كتاب، وإقامة حجة، والإتيان بمعجزة؛ فهي الرسالة، فكل رسول هو نبيٌّ قطعًا، وليس كل نبيٍّ رسولًا..
والقول في الفوارق بين النبي والرسول أوسع من هذا، ولكن القرآن يدل على أنهما ليسا بمترادفين كما ادَّعى بعضهم، قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: 52].
وقال: ﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ [مريم: 51].
النبوة تعضيد للعقل، ورسم لمساره الصحيح، وتحفيزٌ لحركته: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:73]، وليست تخديرًا أو عزلةً عن الحياة والعمل وخلافة الأرض.. والنبي الأول هو أول مَن وضع لَبِنَات الكشوف في الحرث والصنائع، والانتفاع من تسخير السماوات والأرض وكشف أسرارها.
النبوة طمأنينة للقلب، وسكينة للروح؛ ترشد لسلامة الطريق، وحسن العاقبة، ويقين الإيمان، وصحة المعتقد؛ ليعلم الإنسان أنه ليس متوحِّدًا ولا معزولًا ولا مستوحشًا على هذه الأرض، وأنه موصول الحبل بدار الآخرة، مطمئن القلب إلى طريق النجاة فيها إن أراده..
النبوة نظام لتحجيم الصراعات، وتضييق دائرة الحروب والأطماع، ومنهج للتعايش بين البشر حتى لو لم يكونوا مؤمنين: ﴿وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [الأعراف:87].
النبوة كشف لعالم الغيب، وإخبار عن الله وملائكته، وعن الآخرة والحساب والثواب والعقاب بما هو حق مطابق: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:42].
النبوة تشريع مفصّل؛ يضبط علاقات الناس، وزواجاتهم، ومعاملاتهم، ويجعلهم أقرب للرشد والصواب.. وإن كان لا يخرجهم عن طبيعتهم المركبة.
النبوة ضرورة للعدل الرباني بتقديم البلاغ وإنذار الآخرة: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (15:الإسراء).
وهي رحمة للبشر في الدنيا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
ورحمة لهم من تعجيل العقاب: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: 59].
أن يكون الرجل الأول نبيًّا فهو ترسيخ لأصالة الخير في الإنسان وفي الأرض وعمقه واتساعه، ولذا لم تقم حضارة ولم تتكون أمة إلا والدين حاديها وملهمها.
حتى أعتى النظريات المادية اتَّكأت على موروث ديني، ولم تستطع إنكار دور الدين في حياة البشر، وشعوب العالم تشهد هبات متكررة في العودة إلى التدين؛ هروبًا من الضياع والكآبة والعدمية والقلق.. واستجابة للفطرة المطمورة المنتفضة.
وحسب استطلاعات مؤسسة (قالوب) فإن:
(٩٦٪) من الشعب الأمريكي يؤمنون بالله.
و(٧١٪) ينتمون إلى كنيسة ما.
و(٤٥٪) يمارسون عبادات وطقوسًا بانتظام.
ويقول الاستطلاع: إن معظم الأمريكيين يؤمنون بالوقائع والمعجزات الدينية التاريخية.
وفي الهند والصين تنشط الديانات الروحانية، وتكسب المزيد من الأتباع حول العالم.
أما العالم الإسلامي فهو الأكثر انتماءً لدينه وشعائره وإيمانه واستعصاءً على التذويب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق