كيف تم احتلال مصر (1)
آيات عرابي
تعتبر مصر هي الدرع الغربي للأماكن الإسلامية المقدسة في كل من الحجاز وفلسطين
فهي الحاجز السكاني المماس جغرافياً لمقدسات الاسلام والأكثر كثافة من الناحية السكانية
وهي القاعدة الجغرافية التي تنطلق منها أي مجهودات لحماية قلب الإسلام
– في عهد صلاح الدين الأيوبي انطلقت جهود تحرير بيت المقدس من مصر (جيش من المماليك من غير المصريين وليس جيش مصري كما تنشر دعاية الجيش المصرائيلي الكاذبة للإيحاء بوجود اتصال لتاريخ العسكر وكلاء المحتل بتاريخ الإنتصارات الإسلامية الكبرى)
– في عهد السلطان قطز انطلقت جهود الدفاع ضد الغزو المغولي من مصر (جيش من المماليك وليس جيش مصري)
– أثناء الحملة الصليبية على مصر, وقعت هزيمة الحملة الصليبية وتم أسر ملك فرنسا (معركة خاضها المسلمون من الشعب المصري ضد الصليبيين ولم يكن جيشاً كما تنشر دعاية العسكر بل كان الشعب المسلم المصري)
– أثناء الاحتلال الفرنسي لمصر اندلعت ثورتان قام بهما مسلمو مصر ضد جيش فرنسا واقتحموا فيها معسكراتهم وجعلتا وجود جيش الاحتلال في مصر مستحيلاً (المسلمون المصريون يساندهم أخوتهم من طلبة الأزهر المغاربة والأتراك)
– حملة فريزر والتي هُزم فيها الجيش البريطاني أمام مسلمي مصر (حارب فيها المسلمون من الشعب المصري كأفراد ضد حملة فريزر وهزموها بينما كان جيش محمد علي عاجزاً عن التدخل)
أي أن مفتاحي قوة مصر في وجه أي غزو يهدد الأماكن المقدسة ويجعلان مصر من الناحية الجيوسياسة درعاً يدافع عن أماكن الإسلام المقدسة من الجهة الغربية (تلعب تركيا وسوريا نفس الدور من الشمال والعراق من الشرق واليمن من الجنوب)
هما اثنان :
الأول : الإسلام الذي تعتنقه الأغلبية الساحقة من السكان
الثاني : الموقع الجغرافي
وكان لابد لحماية أي كيان احتلال في فلسطين أن يتم تخريب مصر قبلها وتغريبها وإفقادها فاعليتها كحارس غربي لقلب الأراضي الاسلامية
وتركزت عناصر برنامج التخريب من الداخل في الآتي :
أولاً : تخريب الأزهر على يد رجل فرنسا محمد علي وإفقاد الشعب القيادة الدينية القادرة على حشده وتنصيب قيادة دينية ظاهرياً ولكنها في جوهرها تابعة للحاكم (الذي هو في الأساس وكيل عن الاحتلال الأجنبي)
ثانياً : سحب مهمة الدفاع عن الأرض من الشعب المسلم وتفويضها لقوة مرتزقة تابعة للحاكم (وكيل الاحتلال) وترسيخ احتكار الدويلة (المصنعة على خط انتاج غربي) للسلاح, وبالتالي تدحين الشعب المسلم.
ثالثاً : تثبيت عملية التدجين النفسية للشعب المسلم عن طريق عدة اجراءات منها التجنيد الإجباري وهو ما يعني أن يأخذ كلُّ نصيبه من ضربات عصا العبودية العسكرية بالاضافة الى تطبيق أحدث وسائل السيطرة النفسية على الشعوب وقتها (فلسفة البانوبتيكون التي ابتدعها البريطاني جيريمي بنثام) والتي تقوم على ان تعمل مؤسسات الدويلة كسجان للشعب وأن توهمه بسيطرتها عليه 24 ساعة في اليوم لترسيخ عملية السيطرة النفسية وانتاج أجيال لاحقة من المدجنين.
رابعاً : سير عملية التغريب وارسال البعثات للخارج لنشر الثقافة الغربية ونشر الاحتقار للثقافة الاسلامية السائدة بكل عناصرها وذلك من أجل المزيد من فصل الشعب نفسه عن الدين.
وقبل أن نكمل نلاحظ هنا عدة ملاحظات هامة
الأولى أن مسألة احتكار الدويلة ومؤسساتها للسلاح, كانت اللبنة الأولى في فصل الشعب المسلم عن خلفيته الإسلامية, ففي الاسلام يتحول كل المسلمين إلى جنود في حالات الغزو والدفاع عن أراضي المسلمين, وهو ما ادى فيما بعد كنتيجة غير متوقعة إلى سقوط مصر تحت الاحتلال البريطاني بسهولة سنة 1882 بينما انهزمت حملة فريزر البريطانية قبلها بسبعين سنة تقريباً, وهو ما يوضح لك أن الشعوب المسلمة هي الحارس الحقيقي للأراضي الاسلامية وليست تلك الجيوش التي صُنعت على عين الاحتلال.
الملاحظة الثانية هي أن عملية تدجين الشعب مرت بعدة مراحل, المرحلة الأولى كانت مرحلة الصدمة حين واجه مرتزقة محمد علي أو جيشه, المسلمين في مصر وقتلوا منهم 4000 آلاف أثناء ثورة الشعب ضد التجنيد الإجباري وهو رقم ضخم بالنسبة لعدد السكان وقتها, ثم تلى ذلك فرض التجنيد قسرياً على الشعب وترافق هذا مع عملية تغريب شرسة.
الملاحظة الثالثة هي أن كل هذا لم يكن ليبدأ ويثمر آثاره التي نراها كلنا الآن بعد قرنين لو كانت هناك قيادة دينية يثق بها الناس ولذلك كانت أولى خطوات رجل فرنسا محمد علي لتثبيت حكمه في مصر هي الانقضاض على عمر مكرم وازاحته من الأزهر ونفيه.
وللحديث بقية ان شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق