السبت، 17 نوفمبر 2018

حتى لا نتوارثَ الأخطاءَ والأخطار ..


حتى لا نتوارثَ الأخطاءَ والأخطار ..

د.عبدالعزيز كامل
الإقرار الواجبُ بحصول ( التجديد ) لأمر الدين منهجًيا ونظريًا على مستوى الأمة، مع بدايات كل قرنٍ هجريٍ ، تصديقًا للقدر الإلهي الذي صح به الخبر عن النبي - صلى عليه وسلم - في قوله : ( إن الله يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مئةِ عامٍ من يجددُ لها دينها ) ؛ هذا الإقرار لا يمنع من ضرورة الاعتراف بأن الإسلاميين كانت لهم - ولا تزال - أخطاء عملية ؛ ورَّثتَْ أخطارًا كارثية ، وكانت سببًا لجريان سُنن أخرى قدرية في تأخير النصر وغياب التمكين .. و في اعتقادي أن معظم أخطائنا تعود إلى أمرٍ جوهريٍ أساسي ؛ وهو : ( غياب المشروع ) بكل مايعنيه هذا الغياب من ترك أو إهمال لمؤهلات النصر الدينية والدنيوية .

من الواضح لكل ذي عينين ؛ أن المسلمين السُّنة وحدهم - وعلى قدر استمساكهم - هم محطُّ تآمر و تجبُّر كل أصحاب المشروعات المعادية ، وهم أيضا وحدهم - ولعجيب المفارقة - الذين لا يملكون لليوم مشروعًا تغييريًا متكاملًا .. يواجِهون به تلك المشروعات المتصارعة على أرضهم ، والمتعاقبة على استهداف دينهم وديارهم ومقدساتهم ومقدراتهم ومستقبل أجيالهم.. عبر مراحلَ يسلِّم بعضها إلى بعض ، كالمشروع الصهيوني اليهودي ، والمشروع الصليبي الغربي، والمشروع الروسي الشرقي، والمشروع الفارسي الشيعي..إضافةً إلى المشروعات التغييرية العلمانية ، المتناوبة نيابة عن العدو الخارجي في مهام التغريب والتخريب الداخلي ، تحت مسمى المشروعات القومية أو المشروعات الوطنية .
والكلام في أسباب ( غياب) أو (تغييب) " المشروع الإسلامي " في وجهته السُّنية رغم توسعه وتوزعه ؛ لا ينبغي أن يصرف الأذهان عن حتمية التصدي بجدية لوضع الأسس الكلية لذلك المشروع الغائب، في مجالاته المنهجية والاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والتربوية و الإعلامية و التعليمية ، حيث أدى غيابه او عدم وضوحه ونضوجه إلى حصر تحركات الإسلاميين المعاصرين في إطار التداعيات وردود الأفعال أو ردود الأقوال . ولهذا لابد من فتح نقاش وحوار معمق بين المهتمين والمهمومين بأمر النهوض بالمسلمين في هذا الشأن ، على ألا يكون ذلك الحوار تكرارًا لسجالات التلاوم أو اجترارا لذكريات الندم ..
أعرف أن تناول مثل هذا الموضوع بالبحث والحوار الجاد ؛ هو من مهمات مؤسسات الفكر ومراكز البحث ، ومن واجبات العقليات الوازنة في التخصصات المتعددة..و أدرك أيضا أن كثيرين لا يدركون للآن ماهية ولا اهمية السعي للشروع في تأسيس ذلك المشروع ، ومع ذلك فلابد من حفز القرائح و المواهب واستدعائها، مع استنهاض الهمم العلمية والعملية وتوظيفها ، نحو جهد ناصح وسعيٍ صادق ، يهدف لكشف الغُمة التي تعيشها جماهير الأمة ، وعلى وجه الخصوص أهل السُّنة.. المسؤولين دون العالمين .. بمهام نصْر الكتاب ونشْر السُّنة..
يُتبع بإذن الله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق