مشكلاتنا المزمنة، وآفاتنا المتعددة (نحن أهل السنة ) أكبر من أن تحتجب وراء شمس الحقائق، ولكن ؛ ودون التصريح بلوم أو تجريح؛ يمكننا أن نعبِّر عن عناوين إخفاقاتنا وعثراتنا من خلال ذكر الواجب الغائب الذي تسبب في حدوثها، فنَصِفُ الدواء دون الإسراف في شرح أعراض الداء ، فالواجبات المتعينة لعلاج صور الخلل في العمل الإسلامي كثيرة وكبيرة، وأكثرها- لو تأملنا - ترتبط بمكونات مشروعنا الإسلامي الغائب في صيغته السُّنية، القائمة على إصلاح الدنيا بالدين لكسب الآخرة بهما .
لذلك لاينبغي أن نَمَل من ذِكر متطلبات وواجبات الوقت وكل وقت ، لعلاج الآفات القاتلة التي تفتك بحقول ادعوة الإسلام ؛ وتتسبب في تأخير انطلاق مشروعها أو تعطيله..
● فمن الواجبات المُضَيعة في تجاربنا الإسلامية؛ ضبط الآليات والآداب في إدارة الحوار، لضمان الاقتراب من الصواب عند اتخاذ القرار ، وبدون هذا ستظل السبل تلتبس وتضيع الأعمار دون اتفاق على التعاون في الحد الأدنى من المتفق عليه، وهو كثير على كل حال ..ويدخل في ذلك السعي الواجب لصياغة مايشبه ميثاق شرف بين فصائل وتجمعات العاملين من أهل السنة، لعلاج آثار الفرقة والشتات الناشئ عن التحزب والتعصب للكيانات والاتجاهات ، وبذل الجهد في ذات الوقت لإيجاد "تيار" إسلامي عام أممي رشيد ( ليس تنظيمًا او جماعة ) يجتمع على الولاء الحر والبراء المنضبط ، بحيث لا يكون بديلا للكيانات القائمة، ولكن رديفًا لها ،ومكملًا لأدوارها ، وقادرًا على استيعاب أكبر شرائح المتدينين، وهي شريحة غير المنتمين ، الذين يحبون عموم المؤمنين ويتفانون في خدمة كل المسلمين ،لا لشئ إلا لأن ذلك هو الدين ..
● ومن تلك الواجبات المغَيَّبة ؛ إيجاد صيغة لتثبيت قيادة اعتبارية جماعية، عِلمية وفكرية ، حرة راشدة ، لا قطرية و لاحزبية و لا رسمية؛ ، تتحدث بلسان مجموع المسلمين ، وتقود مسيرتهم في التغيير، وتعوِّض غياب أو ذهاب القيادة السياسية الواحدة للمسلمين في عصر التكتلات الذي نعيشه ، حيث إن (ولاية الأمر العِلمية )..في حال حضورها ..هي المُقدَّمة في حقوق الريادة من ( ولاية الأمر السياسية ) حتى في وقت وجودها، كما قال الله تعالى :(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (83).والاستنباط في العلم لا يكون إلا لأهل العلم..
● ومن الواجبات لعلاج الآفات..بذل الجهد الكافي لإيجاد الجواب العلمي الشافي على الخلافات المنهجية التي تتوارثها الأجيال فتمضي فيها الآجال في اللغط والغلط وكثرة الجدال، حيث تتحول هذه الخلافات الفكرية في أحيان كثيرة إلى تنافرات قلبية ونفسية، تنقلب إلى سجالات جدلية ثم إلى نزاعات تفضي إلى صراعات، قد تتحول إلى منازلات واشتباكات، كما تكرر في كثير من الساحات ، مع أن تلك الخلافات في اصلها ، ليست إلا مجرد خلافات في مسائل علمية ، لم تأخذ حقها من الخدمة البحثية التأصيلية.
● البدء دون تسويف أو تخوف في بذل الجهد العلمي والبحثي النظري المستطاع ، في الترتيب والتقريب الواقعي ، لمستقبل العمل الإسلامي السني، ضمن مشروع ذي مراحل، يغطي الجوانب المنهجية والاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والتعليمية ، التي لا يستغني عنها أي مشروع على مستوى أمة وليس جماعة أو اتجاه او فصيل، لأن ذلك مهمة تسليم جيل إلى جيل ، يتشاركان في تأصيلها وتوصيلها، حتى لانظل نتوارث الأخطاء والاخطار.
على ان نوقن أن هذه المهام العظام تفتقر دائما إلى تسديد وتأييد وبركة من العلي القدير سبحانه..
على ان نوقن أن هذه المهام العظام تفتقر دائما إلى تسديد وتأييد وبركة من العلي القدير سبحانه..
وأعتذرعن الإطالة ، فقد تكون هذه المقالة آخر إطلالة إلى حين قد يطول..وأتمنى من الله ألا يكون الأخير ..
أستودعكم الله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق