إعصار "محاسن" المصرية
فراج إسماعيل
مليونية يوم الجمعة الماضي قياس حقيقي لشعبية المعارضة والقول الفصل الذي يثبت تهريج ما يسمى بحركة "تمرد".بضع عشرات تناثروا هنا وهناك بعد دعاية شرسة بأنها ستكون مليونية العودة لميدان التحرير وخلع مرسي، وهنا لن أضيف جديدًا إلى ما كتبه المحللون بشأنها، لكن ما أنا بصدده هو ذلك التحريض العلني من خلال برامج التوك شو على الانقلاب ضد النظام الشرعي.
توقيع مقدمي التوك شو على منشورات "تمرد" لسحب الثقة من مرسي هو اشتراك علني في جريمة يعاقب عليها القانون، وهو ما استشعره الأستاذ محمود سعد فاستضاف محاميًا ليسأله عن ذلك، لكن للأسف لم يكن المحامي مذاكرًا للقانون أو أنه أراد توريط البعض.
محمود سعد تورط فعلًا بالدعوة للتوقيع على منشورات "تمرد" وليته لم يفعل، فأنا أشفق عليه من النتائج إذا تم التصدي لهذا العبث بالقانون، هو صديق قديم ومتدين جدًا ومرات عديدة صلى بي إمامًا في المكتب الذي ضمنا معًا فترة من الوقت عندما كان مديرًا لمكتب مجلة "سيدتي" في القاهرة، ولذلك فهو يهمني كثيرًا وتمنيت لو تريث أو اتصل بمحامٍ كبير حصيف ليقول له إن ذلك يجرمه القانون.
برنامج توك شو آخر استضاف الفنانة آثار الحكيم فوقعت على الهواء واعتبرت الموضوع حرية رأي. إنه تحريض علني باستخدام محطة تليفزيونية المفروض أن عقدها مع هيئة الاستثمار والنايل سات يمنعها من ذلك، ولو تم تطبيق القانون على تلك القنوات لصدر قرار بإغلاقها لأنها تدعو علنًا إلى الانقلاب على نظام الحكم.
هذه أول مرة أسمع عن آثار الحكيم منذ سنوات طويلة.
المرة السابقة عندما كتب الروائي الكبير الراحل توفيق الحكيم مقالًا ساخرًا عنها في الأهرام، فقد سُلطت عليها الأضواء فجأة حينها بسبب مسلسل اشتركت فيه.
صار اسمها "آثار الحكيم" عنوانًا عريضًا للصفحات الفنية بالصحف اليومية والمجلات.
كتب توفيق الحكيم مستغربًا اهتمام الإعلام المفاجئ بآثاره، فهل تغيرت اهتمامات الدولة والمجتمع بحيث يتتبع "آثار" أمثاله من الأدباء الكبار أو العلماء. إلا أنه صدم عندما بدأ يقرأ وكله فخر ظنًا أن الزمان أنصفه في حياته، فقد اكتشف أن المعنية بالأمر ممثلة اسمها آثار الحكيم!!
توفيق الحكيم توفي في 26 يوليو 1987.
"آثار" ظهرت أخيرًا بعد نحو 26 سنة من وفاته لتوقع على منشور "تمرد" واضعة بصمتها على إعصار "محاسن" المصرية التي تتفوق في نزعتها التدميرية والهلاكية على إعصار "محاسن" الذي شرد مسلمي بورما من بيوتهم مضاعفًا معاناتهم وضرب بنجالاديش وسيرلانكا.
مجرد تشبيه فقط بين إعصار هناك وإعصار هنا مع احترامي وتقديري لكل من تحمل اسم "محاسن"..
ما أكثر "محاسن" اللاتي يظهرن على فضائيات رجال الأعمال. الكل يهاجم مرسي ويتمنى الانقلاب عليه.
لا ننسى بكاء المطرب أمام وزير الدفاع وهو يقول له "مصر أمانة في يدك" ولا المخرج الذي قال إنه يستحيل قبول رئيس بخلفية شرعية لأن الشرع يحرم خلوة الرجل بامرأة فكيف سيخلو ممثل بممثلة في فيلم؟!
أذكر الزملاء الذين يحملون على الهواء منشورات "تمرد" ويوقعون عليها أو يوقع عليها ضيوفهم بأن القانون يعاقب بالسجن المشدد كل من يدعو إلى الفوضى والانقلاب في وسائل الإعلام.
هذه المنشورات ليست استطلاع رأي كما يتوهم البعض فقد جاءت في صيغة تحريض على سحب الثقة من الرئيس، وهي تختلف عن استطلاع الرأي الذي ينحصر في التأييد أو عدم التأييد، ولو حدث هذا الكلام في أي دولة ديمقراطية عريقة لاعتقل كل من يروج لها وحوكموا بموجب القانون.
هناك جرأة غير عادية في مصر تجتاج المشاغبين والانقلابيين بدليل أن محمد أبو حامد لم يجد أي غضاضة في الاعتراف في مقطع على "اليوتيوب" بأنه كان سيدخل إلى ساحة قصر الاتحادية في حال نجاح اقتحامه يومي 3 أو 4 ديسمبر الماضي، ويعقد مؤتمرًا يعلن فيه إسقاط حكم الرئيس مرسي وتعيين مجلس رئاسي يضم رئيس المحكمة الدستورية العليا وأحمد الطيب شيخ الأزهر وتواضروس الثاني بابا الكنيسة الأرثوذكسية، وأحد أعضاء المجلس العسكري السابق - ليس وزير الدفاع - وإحدى الشخصيات البارزة المعارضة.
أليس ذلك اعترافًا صريحًا بالضلوع في انقلاب؟!.. أين الجهات الأمنية التي كان يجب عليها أن تتحرك فورًا للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة؟!
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق