شعارهم الوحدة الإسلامية وثمرتهم الفرقة والانقسام!!
ولكن قبل الجواب على هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى أن الدعوة إلى الوحدة منهج قديم ويمارسه معمّموهم وسياسيوهم، ولعل من أقدم محاولات الخداع التي استغلت شعار الوحدة الإسلامية في العصر الحديث: محاولات العالم الشيعى اللبنانى عبد الحسين شرف الدين، من خلال كتابه "الفصول المهمة في تأليف الأمة" الذي حاول فيه خداع السذج من السنة وهم كثر وللأسف بأنه داعية تقريب ووحدة، لكن سرعان ما ظهرت حقيقة خداعه وتلاعبه في كتابه "المراجعات" المكذوب على شيخ الأزهر سليم البشري، والذي ملأه بالأحاديث الكاذبة والنقولات الباطلة وذلك فرع عن أصل الكتاب الذي زعم فيه أنه مراسلات بينه وبين شيخ الأزهر البشري دون أن يقدم صورة لأي رسالة من رسائل البشري ولم يجرؤ على نشره في حياته بل نشره بعد وفاته بسنين!!
وكذلك ظهرت حقيقته المخادعة والمراوغة لدكتور مصطفي السباعي كما بين ذلك في مقدمة كتابه" السنة النبوية"!!
ولو استعرضنا الخطوات الشيعية والجماعية منها وعبر 50 عاما، وفي أكثر من بلد، فسنجد أن الشيعة حريصون جداً على تنفيذ شعار "الوحدة الإسلامية" من خلال شق أي مؤسسة رسمية إسلامية لتصبح مؤسستين سنية وشيعية، وقد حدث هذا في لبنان والبحرين والكويت والعراق وهم يطالبون بذلك في فلسطين ومصر وغيرهما.
ففي لبنان ومنذ الخمسينيات من القرن الماضي وقبل بروز أي نزعات طائفية، حاول الشيعة فصل الوحدة القائمة بين السنة والشيعة عبر إنشاء مجلس شيعي ديني، فقد حاول نائب بعلبك شفيق مرتضى في العام 1956م إنشاء مجلس خاص للشيعة لكن المحاولة فشلت وبعده حاول محمد تقي صادق -أحد علماء الدين الشيعة في الجنوب- مرة أخرى، وفشلت محاولته أيضا!
ولكن وفي أواخر عام 1967م نجح موسى الصدر باستصدار قانون من مجلس النواب اللبناني لتنظيم الطائفة الشيعية؛ الذي تم بموجبه إنشاء «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» ورأى هذا المجلس النور في مايو/ أيار سنة 1969م برئاسة موسى الصدر، وأدى إنشاء المجلس إلى هدم الوحدة بين الشيعة والسنة لأول مرة في لبنان وصارت سنة متبعة شيعياً.
وكان لدعم المسيحيين الموارنة -على وجه الخصوص- دور في نجاح الصدر لإضعاف المسلمين اللبنانيين، بإيجاد طائفتين بدلاً من واحدة، الأمر الذي يسهل عليهم أن يبقوا متفوقين ومتميزين، في ضربة للوحدة الإسلامية وخدمة للمناوئين لها.
وفي الكويت شهد عاما 2001 و 2002 مطالبات ومنازعات شيعية لإنشاء "هيئة للأوقاف الجعفرية الشيعية" تكون مستقلة عن وزارة الأوقاف وعن الأجهزة الحكومية, بل وطالبوا بأن تكون تحت إشراف مراجع وعلماء مذهبهم كونهم ينوبون عن الإمام الغائب!
وهذه الخطوة الانفصالية والمخربة للوحدة تمت برغم إنشاء الحكومة وحدة للأوقاف الجعفرية تتبع وزارة الأوقاف، أعضاؤها من الشيعة, إلا أن الشيعة وقادتهم أعربوا في تصريحاتهم المتكررة أن هذا القرار لا يلبي طموحاتهم, لأنهم يريدونها هيئة مستقلة عن الأوقاف والحكومة, وفي أحسن الأحوال تتبع الديوان الأميري.
أما البحرين فبرغم إنشاء الدولة لـ "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية" الذي وزعت عضويته مناصفة بين السنة والشيعة إلا أن الشيعة تجاهلوا ذلك وقامت 80 شخصية شيعية بتأسيس «المجلس الإسلامي العلمائي» سنة 2004 بحجة أن التعامل مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كمؤسسة حكومية ينطوي على «شبهة فقهية» !!
والمضحك في الموضوع أن أول أهداف هذا المجلس هو: المحافظة على وحدة المجتمع وخدمته! مما يعد ضربة جديدة للوحدة الإسلامية والدستور البحريني الذي يتشدقون باحترامه!
وفي العراق مباشرة بعد الاحتلال 2003 قام الشيعة بتقسيم وفصل دائرة الأوقاف إلى الوقف السني والوقف الشيعي رغم انهم المسيطرون على زمام الأمور، وكان هذا حالهم حين طالبو بتقسيم العراق إلى فدراليات شيعية وكردية وسنية، مما يؤكد أن الشيعة ترغب بالانفصال تحت شعار الوحدة!!
وليس ذلك بجديد عليهم فبعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921 بست سنوات طالب الشيعة بانفصال الجنوب العراق وذلك سنة 1927.
كانت هذه بعض النماذج "الناجحة" في هدم الوحدة وضرب ثوابتها رغم كل شعاراتهم ومهرجاناتهم، أما على صعيد التجارب التي لم تنجح بعد في شرخ المؤسسات القائمة أو إيجاد كيانات شيعية ترسخ الفرقة والانقسام، فعندنا مثال اليمن ومصر وفلسطين، ففي اليمن ها هي المحاولة تلو المحاولة للإنفصال بالقوة العسكرية بحجج طائفية ومبررات شيعية والجميع يرى ويراقب!!
وفي مصر حاول بعض المتشيعة تأسيس "المجلس الأعلى لآل البيت في مصر" في أواخر عام 2004، ولم يتم الاعتراف به رسمياً، رغم محاولاتهم المتعددة، وكانت لديهم نية لمطالبة الأمم المتحدة بحق الإشراف والرعاية على "العتبات المقدسة في مصر"!!
وتكررت المحاولة في فلسطين، فقد تعجل محمد غوانمة سنة 2006 بالإعلان عن تأسيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في فلسطين"، لكن ضغوطات حركة حماس جعلته ينهى هذه الفقاعة بعد أسبوع.
إذاً الثمرة الحقيقية لشعارات الوحدة الإسلامية التي يرفعها الشيعة هي:
1- أنهم لم يقدِموا على تطبيق الوحدة في بلدهم إيران، بل إن واقع الظلم الذي تمارسه إيران على السنة واقع مرير فيكفيك أن تتابع إعلانات الإعدام التي تقام لسنّة إيران أو أخبار اضطهاد علمائهم لتعرف مقدار الكذب والزور الذي يمارسه الشيعة باسم الوحدة الإسلامية، لدرجة أن من مطالب السنة في إيران معاملتهم معاملة اليهود والمجوس الزرادشت الذين يحظون بمعاملة أفضل من معاملة السنة، فيكفى أنهم يملكون حق بناء دور عبادتهم في طهران بخلاف السنة، ولهم مقاعد مخصصة بالبرلمان وليست بحسب أهواء النظام في كل مرحلة.
2- الانفصال والانشقاق وتأسيس المؤسسات الطائفية كلما أتيحت لهم الفرصة.
ونستطيع القول أن شعار الوحدة يرفعه الشيعة لأسباب عدة:
1- إذا كان الشيعة في موطن ضعف فإنهم ينادون ويرفعون شعارات الوحدة الإسلامية، مما يقويهم ويدفع عنهم الضرر.
2- يتم استخدام ورفع شعار الوحدة الإسلامية من قبل إيران لخداع النخب والجماهير العربية والإسلامية في بقية البلدان وتعمل على استغلاله في الدعاية لها وترويج مخططاتها.
3- كما ان الشيعة يرفعون شعار الوحدة الإسلامية في وجوه من يطابهم بإنصاف شركائهم وجيرانهم، خاصة إذا كان الشيعة هم المسيطرون في بلد ما كإيران والعراق فهم يرفعون شعار الوحدة لمنع السنة من المطالبة بحقوقهم ورفع الظلم عنهم.
إذاً المصلحة الشيعية الطائفية هي الفلك التي تدور فيه مسألة الوحدة، فمتى يفهم بعض الحمقى الحقيقة ولو كانوا من حملة الدكتوراة أو كتبة في الصحف والمجلات؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق