أطفال بعض المستشارين معينون بمجلس الدولة
أزمة القضاة التي يفتعلها بعضهم ليست لأنهم يتمسكون باستقلالهم وأنهم في مواجهة شرسة مع السلطة التشريعية دفاعًا عنه.
لو كان "الاستقلال" هو المشكلة ما رأينا المستشار زكريا عبد العزيز أكبر المدافعين عنه في مواجهة هجمات نظام مبارك يحال إلى التحقيق من المجلس الأعلى للقضاء لأنه قال في مداخلة على قناة الجزيرة إن أعضاء المجلس السبعة غير قادرين على إدارة شئون القضاة بعد بلوغهم سن السبعين، مطالبًا بأن يتبادل رؤساء محاكم الاستئناف والنقض منصب رئيس المجلس على غرار المحكمة الإدارية العليا.
المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة السابق، هو رمز كبير من رموز الاستقلال حين كان المطالب به في عهد مبارك كالقابض على الجمر، وليس مثل الزمن الحالي حيث يدعو البعض بأريحية إلى تدخل أوباما ويفخر بالتدويل، ثم تنتهي مكلمته بطريق مفروش بالورود إلى بيته لينام قرير العين.
كان من المنتظر تحويل المستغيث بأوباما إلى التحقيق ومخاطبة وزير العدل لندب قاضي تحقيق معه، لكن هذا لم يحدث بل تعامل المجلس الأعلى للقضاء مع الموضوع كأن مصر أقل من جمهورية موز، إلا أن القيامة قامت لأن المستشار عبد العزيز قال كلامًا يتفق مع قانون الطبيعة وطبائع الأشياء وسنة الحياة.
نسبت "المصريون" يوم الجمعة 24/5 للمستشار قوله إن ذلك دفع مجلس القضاء لتشويه سمعته، فلم يستغرق الوقت أكثر من 6 ساعات ليتحرك عقب المشادة الكلامية المتبادلة على قناة الجزيرة بينه وبين المستشار زكريا شلش رئيس محكمة جنايات الجيزة. هناك تصريح سابق للمستشار عبدالعزيز تناول فيه ملف إصلاح المجلس الأعلى للقضاء كأول الملفات التي تتصدر اجتماع مغلق لتيار الاستقلال، حيث يحتاج إلى إعادة تشكيل سواء بإضافة أعضاء أو الاستغناء عن آخرين.
وهكذا تفهم المسألة في إطار المصالح الشخصية لأن زكريا عبد العزيز الذي كان مقاتلًا صلدًا ضد النظام السابق لم يعرف عنه موالاته للنظام الحالي، فلا يزال على صلابته دفاعًا عن الحريات التي يؤمن بها، كتأييده لحق الآخرين في جمع توقيعات رفض حكم رئيس الجمهورية وقوله "إنه إذا نجحت حملة تمرد في "تجييش" المواطنين وحشد توقيعاتهم لسحب الثقة من الرئيس فهذا مؤشر على عدم الرضا تجاه السلطة الحاكمة، وتكشف حقيقة واقع لا يستطيع استطلاع الرأي الوصول إليها لأنه يُجرى على عينة محددة".
مقاتل بطبيعته، اليوم وأمس، دفاعًا عن استقلال العدالة والحريات العامة.
إنه الفارق بين قضاء يساهم في بناء نظام ديمقراطي قوي أساسه العدالة وبين شغب لا يتعدى أثره ساعته ومكانه وما يحدثه من ضجيج. أدري أن للبعض ثأرات سياسية معه..
من أول وقفته الشجاعة ضد تزوير انتخابات 2010 إلى رفضه الإساءة لرئيس الجمهورية في نادي القضاة ووصفه ذلك بأنه شطط وأمور غير مسئولة.
من مهازل التوريث ما كشفه موقع اليوم السابع يوم الجمعة 24/5 عن خطاب سترسله اللجنة التشريعية بمجلس الشورى في اليوم التالي (أمس) إلى رئيس مجلس الدولة لوقف تعيين أكثر من ألفين بالمجلس من أقارب المستشارين، من بينهم أطفال حاصلون فقط على الابتدائية والإعدادية، ومنهم من لم يستخرج بطاقة الرقم القومي، وغيرهم ممن قارب على الخمسين. المضحك أن الخطاب تضمن أسماء معينين بالابتدائية والإعدادية من أبناء المستشارين ما زالوا بالدراسة ويتقاضون رواتبهم بدون عمل، كي يضمنوا لهم الوظيفة إلى حين تخرجهم من الجامعة على حد قول الدكتور جمال جبريل عضو اللجنة التشريعية لموقع اليوم السابع معتمدًا على مستندات.
نحمد لله أن بعض المستشارين لم تصل به الجرأة لحجز الوظيفة لأولياء العهد الذين لم يأتوا إلى الدنيا بعد كما يفعل الملوك والقياصرة.
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق