شرفاء الشام لن يذهبوا إلى جنيف
موقع المسلم ليس خافياً على متابعٍ أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في أسوأ ورطة يمر بها منذ تكوينه،مع أنه في مأزق من بداية تأسيسه في ضوء ضغوط غربية هائلة.
فهو يعاني من مشكلة بنيوية تتعلق بعدم تمثيله سائر القوى الثورية السورية،وبطبيعة صناعة قراراته المرتبكة،ولم تنجح محاولات أعضاء الائتلاف لتجاوز مأزقه بعد اجتماعات مضنية على امتداد أسبوع.
بل إنه يمكن الجزم بأن الائتلاف خرج من اجتماعات إسطنبول المشار إليها،وهو أضعف صفاً وأوهن بينة.فأربعة تجمعات رئيسية تمثل الحراك الشعبي الثائر في الداخل،صدعت برفضها مسار الائتلاف وهددت بالخروج منه،بما يعد ضربة قد تكون قاتلة.
وزادت التعقيدات الإقليمية والدولية من أزمة التجمع الأكبر لقوى المعارضة السياسية السورية لعصابات بشار الأسد،فالغرب المنافق يضغط على الائتلاف للذهاب إلى مسرحية جنيف 2، لم يقدم للثورة سوى الثرثرة الكاذبة،وحتى الكلام الغربي يتذبذب فينخفض مستواه بحسب ظروف القاتل واحتياجات مهمته التي يدعمه الغرب والشرق فيها وهي تصفية الثورة ولو اقتضت تصفية نصف الشعب السوري العنيد!!
بل إن الغرب اسدى خدمات حيوية للنظام الأسدي العميل على امتداد سنتين وثلاثة شهور.
والجيش السوري الحر أعلن أنه سوف يتخذ موقفاً حازماً،إذا غامر الائتلاف بمستقبل الثورة كلها،بصرف النظر عن الصعوبات والضغوط.
وما يثير ضحك الثكلى،أن جنيف 2 عبارة عن مهلة إجرامية جديدة قرر البيت الأبيض منحها لأداته بشار،لعله ينجح في جريمته القذرة،بعد أن أصبح الحلف المجوسي يتدخل علانية بينما كان حريصاً على إنكار مشاركته الفعلية في استئصال السوريين.
فنصر الله غدا وقحاً وحشود المجوس الجدد تحتشد في شوارع إيران والعراق ومناطق الحوثي في اليمن،لتجنيد مزيد من القتلة الأنجاس ضد السوريين العزل.
فالمؤتمر بلا أي ضمانات ولا سقف زمني،ثم أضاف الأمريكي إليه شرطاً مثيراً للسخرية وألصقه بالدب الروسي،وهو عدم حق المؤتمر في مناقشة شؤون الجيش والاستخبارات والمالية، إذ قرر القوم أنها حق حصري لعائلة الأسد!!فهل ثار السوريون إذاً لكي يحق لهم الإشراف على نظافة الشوارع مثلاً؟ والنكتة أن نظافة الشوارع في ظل عصابة الأسد تدخل في نطاق العمل الأمني(الاستخباراتي)،والدليل قيامهم بسجن وتعذيب شباب قبل الثورة بمدينة داريا لأنهم ألفوا جمعية أهلية للعناية بالبيئة في مدينتهم!!
وتسرب عن الروس تعهدهم ألا يتم عقد جنيف2 قبل أن تسقط مدينة القصير في أيدي مرتزقة حسن نصر الله،الذي داس سيادة دولتين معاً،ولم يضربه الغرب بوردة،وهي مهزلة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية في الأقل!!
أما السر وراء ذلك كله، فقد أصبح مفضوحاً بعد أن خرج المُخْرِجُ عن صمته وبدأ بتسريب مواقفه المعروفة للعقلاء، فاليهود بحسب تقاريرهم المخابراتية ليسوا قلقين من أن الاسد سيستخدم الأسلحة الروسية و الايرانية المتطورة ضد هم ،فكل ما يشغل بالهم هو ” أين ستذهب تلك الأسلحة إن سقط النظام ” .
فالخوف الصهيوني محصور في احتمال خروج الأسلحة المتطورة من "الأيدي الأسدية الأمينة" وتصبح تحت سيطرة قوى إسلامية لن تتردد في استعمالها على الأقل لتحرير الجولان الذي باعه المقبور حافظ في هزيمة 1967م!
ولا يخفي مسؤول صهيوني تحدث إلى صحيفة الجارديان البريطانية المعروفة، أن كيانه ” بالاضافة الى عدد كبير من اللاعبين الدوليين عدا ايران, راضون تماماً عن استمرار الحرب الأهلية لفترة أطول قليلاً لعدم وجود بديل مستساغ جاهز “ يكون عميلاً في مستوى " أمانة عائلة الأسد" مع سادتهم الصهاينة!!
وفي مسار مُوَازٍ،كشف الدبلوماسي الفرنسي السابق والباحث في الشؤون العربية، إينياس لوفوغري في مدونته على صحيفة "لوموند"، استناداً لمصادر أمريكية مطلعة في واشنطن، أن النقاش بين أوباما وبوتين خلال شهر يونيو المقبل،سوف يتضمن الاتفاق على وقف لإطلاق النار بين الجيش السوري الحر وقوات الأسد،وتحديد موعد للمفاوضات بين أطراف الصراع السورية. وأثناء التحضير لهذا المؤتمر، يعين الجيش الحر المجلس العسكري الأعلى، ويشرف على إدارته ضابط مقبول من قبل النظام والأمريكان، وتحديداً العميد المنشق مناف طلاس، الذي سوف يقوم بتصفية الجماعات "المتطرفة" كجبهة النصرة وأحرار الشام، وغيرها من الجماعات غير المقبولة بالنسبة للولايات المتحدة.
وبعد تصفية الجماعات "الإرهابية"، يؤلف المجلس العسكري الأعلى، برئاسة طلاس وفداً عسكرياً، ينضم إلى المفاوضات التي يقودها الوفد السياسي الذي ألفه الائتلاف.
وهكذا يحلم الأمريكيون بتصفية الثورة السورية،من خلال عميلهم المتفق عليه بينهم وبين عصابات نيرون الشام،ويجري إخراج مسرحي لإجراء تغييرات ديكورية في نظام الحكم الذي سوف يظل طائفياً،برعاية نصيرية ومشاركة فعلية لسائر الأقليات،التي سوف تتعاون معاً لاضطهاد الأكثرية السنية بطريقة أكثر خبثاً وأقل وقاحة من الحكم العلوي المتغطرس.
لكل ذلك،لا يتوقع المرء أن يوافق الشرفاء في المعارضة السورية-وهم كثرٌ بفضل الله- على المشاركة في خيانة شعبهم،الذي قدم-وما زال يقدم-أنبل صورة لشعب مؤمن شجاع مستعد لبذل أقصى التضحيات الممكنة إنسانياً،لكي يتحرر من الظلم الأسدي والاحتلال الصفوي، ويستعيد حريته وكرامته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق