أتكون الفضيحة هي الحل؟
فهمي هويدي
ما الذي يفعله مواطن إذا تعرض للنصب العقاري؟ هذا السؤال تثيره القصة التالية: في عام 2009 تعاقدت سيدة مع إحدى الشركات العقارية المحترمة على شراء شاليه فى أحد منتجعات الساحل الشمالي الذي أعطى اسما له رنينه وجاذبيته، ونفذت مرحلته الأولى قبل ذلك التاريخ. وعلى صيتها تشجع عدد من الناس وتعاقدوا على الشراء في المرحلة الثانية، وكانت السيدة «و.ع» واحدة منهم.
إذ اشترت وحدة بقيمة 980 ألف جنيه، وحررت بالقيمة شيكات مسحوبة على أحد المصارف. ولأن موعد التسليم كان 31/12/2012، فإن الشركة الحريصة على استيفاء حقوقها تسلمت أيضا شيكا بمصروفات الصيانة الذي يستحق في ١/١/٢٠١٣.
ظلت السيدة تنتظر موعد الاستلام، مطمئنة إلى سمعة الشركة ورصيد الأسماء الكبيرة القائمة عليه، خصوصا أن جهازها المالي ظل يصرف الشيكات طول الوقت لتمويل مراحل البناء.
وحين ذهبت لاستلام الشاليه صدمت لما رأت؛ إذ فوجئت أن الموقع الذي يفترض أن يقام عليه الشاليه لا يزال مجرد أرض فضاء، لم تقم عليه طوبة واحدة.
منذ عام 2009 حتى نهاية 2012 والشركة المحترمة تصرف الشيكات المستحقة كل شهر، دون أن تتقدم خطوة واحدة فى البناء دون أن تخطر المشترية بأنها توقفت عن استكمال المشروع.
وهو ما لا تفسير له سوى أن الشركة الكبرى مارست بحق المشترية عملية نصب كبرى. ولم يكن أمام السيدة المذكورة من سبيل للشكوى سوى اللجوء إلى القضاء، الأمر الذي يعني أن تظل القضية منظورة لعدة سنوات، ولا يعلم إلا الله وحده ما الذي يمكن أن يحدث خلالها، وحتى إذا طال الأجل بصاحبة المبلغ وقدر لها أن تسترده بعد ذلك فإن القيمة السوقية بعد تلك السنوات سوف تختلف لا ريب عما كانت عليه وقت الدفع.
وستظل الشركة التي مارست عملية النصب هي الفائزة فى كل الأحوال.
صديقي زوج السيدة محام كبير وجد نفسه عاجزا أمام المشهد، وغير مصدق أن الشركة صاحبة الصيت وأن القائمين عليها بأسمائهم الكبيرة يمكن أن يوقعوه في مأزق من هذا القبيل، ومما قاله إن الفوضى التي عمت مصر خلال السنتين الأخيرتين لم تمزق العديد من الوشائج فحسب، ولكنها هدمت الكثير من القيم أيضا.
فلم تعد البلطجة مثلا مقصورة على العاطلين وأرباب السوابق ومدمني المخدرات، ولكنها أغرت بعض المحترمين لركوب الموجة وممارسة النصب وأكل مال الناس، مضحين في ذلك بأسمائهم الكبيرة وبسمعة شركاتهم وتاريخهم.
وما لا يقل عن ذلك أهمية أنهم مطمئنون إلى أن القانون أعجز من أن يرد للناس حقوقهم في الأجل المنظور على الأقل.
استشرت فقيل لي إن سوق المكاتب التي تعمل على رد الحقوق المنهوبة لأصحابها راجت في مصر خلال السنوات الأخيرة. والذين يديرونها أغلبهم من رجال الأمن السابقين، الذين يستثمرون خبراتهم واتصالاتهم وأعوانهم في إجبار الذين أكلوا الحقوق على ردها مقابل نسبة من المبلغ المنهوب.
وهم في ذلك يستعينون ببعض البلطجية الذين يستخدمون القوة والتخويف أحيانا لتحصيل الحقوق.
ولكني فهمت أن ذلك الأسلوب يحقق نجاحا فى مواجهة الأفراد، لكن استخدامه مشكوك فيه، حيث يتعلق الأمر بالشركات الكبيرة، التي يحتاج الضغط عليها إلى الاستعانة بجيش من البلطجية وبقدرات ونفوذ مؤسسات كبيرة.
وفي البحث عن البدائل قيل لي إن فضح الجاني وكشف حقيقته إن لم يشكل ضغطا عليه لرد المال الذي اسقط عليه، فإنه يعريه أمام الجميع ويحذرهم من التعامل معه، الأمر الذي قد يشكل عقابا أدبيا وماديا له.
لما سألت كيف، قيل لي إن نشر القصة على فيس بوك وتعميمها على الملأ يوصل الرسالة ويحقق الفضيحة المطلوبة.
وفي هذا الصدد ذكر أصحاب الفكرة أن إحدى الصيدليات الشهيرة تبنت موقفا عنصريا إزاء أحد المواطنين، وحين روى المواطن قصته وسجلت على فيس بوك وأشير فيها إلى اسم الصيدلية الشهيرة، فإن صاحبها، بعد احتجاجات تلقاها ممن سمعوا بالقصة، سارع إلى الاعتذار عما بدر من أحد رجاله وعاقبه على فعلته.
قيل لي أيضا إن مجموعة من الناشطين والناشطات نظموا أيضا حملة ضد التحرش اتبعت-في غياب اي رادع آخر- نفس الأسلوب، وأطلقوا عليها اسم «امسك متحرش»، وبمقتضاها دعيت كل فتاة تتعرض لذلك الموقف إلى تصوير الشخص الذي يتحرش بها ان امكن، ثم وضع صورته على فيس بوك أو نشر قصتها على الصفحة لتعميمها بعد ذلك لفضحه بين أهله ومحيطه عقابا له على ما فعل.
لما سمعت مثل هذه القصص قلت لصاحبي المحامي القدير إنه فيما يبدو فإن الفضيحة باتت هي الحل، فإذا عجز القضاء أن يرد لزوجتك حقها، وتعذر على مكاتب التحصيل أن تحقق المراد، فليس أمامك سوى أن تذيع القصة بتفاصيلها والأسماء الحقيقية لأطرافها على مواقع التواصل الاجتماعي لتوقيع عقوبة «التجريس» على الشركة التي نصبت عليكم، فوعدني بتنفيذ الفكرة، ومن جانبي أعتبر ما كتبت شرحا لملابسات الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق