الجمعة، 30 مايو 2014

منتدى الجزيرة.. وانتخابات مصر الراقصة!


منتدى الجزيرة.. وانتخابات مصر الراقصة!

شريف عبدالغني

كعادتها، قطر هي ملتقى كل الأفكار من مختلف التيارات، قطر تقدم نموذجا يفتقده العرب المنكوبون بالاستقطاب.
في العالم العربي وبعد ربيعه الذي تحول إلى خريف إلا قليلا، أنت «أبيض» أو «أسود».. «مع» أو «ضد». لا حل وسط. لا قبول للآخر. لا منطقة معتدلة يلتقي فيها الجميع.
تلاقي الأفكار هي سمة كل المؤتمرات والمنتديات التي تشهدها الدوحة.
 في منتدى شبكة الجزيرة الثامن «26- 28 مايو 2014» حضر مسؤولون وأكاديميون ومفكرون من نحو 50 بلدا، يرسمون اتجاه حركة التغيير في العالم العربي. قدموا رؤى وحلولا أمام صانع القرار لصالح استقرار المنطقة.
الجزيرة، المتهمة دائما، المثيرة للجدل باستمرار، هي نفسها الجزيرة التي أصبحت منبرا وحاضنا حقيقيا لكل الآراء والرؤى الجادة في المنطقة.
كان طبيعيا أن يجذب المشهد المصري أنظار الحضور. مصر هي أكبر بلد عربي وأمرها محل اهتمام القاصي والداني. وتأثيرها لا شك فيه. هكذا يقول التاريخ وتؤكد الجغرافيا. تعثر ثورتها يعني ردة في الربيع العربي. وسرقة ثورتها يؤكد أن عصابة الأربعين حرامي التي تمول الثورات المضادة، تدرك أن موت القلب نتيجته المؤكدة نهاية الأطراف، وهكذا رأينا «حفتر» «يبرطع» في ليبيا ونظام «صالح» باقيا بشحمه ولحمه في اليمن، و «الأسد» يزداد زئيرا، وبراميل متفجرة في سوريا، والدور على تونس!
أظن أن مصر لم تنحدر في فترة من تاريخها مثلما تنحدر منذ «سهرة 30 سونيا». طالما السلطة في أيدي أشخاص على باب الله تعليميا وثقافيا، فلا بد أن تطفو على السطح نماذج مثلها. 

إنها نظرية المبدع نجيب الريحاني «الشيء لزوم الشيء».
تزامن المنتدى مع إجراء الانتخابات الرئاسية، التي خاضها اثنان من فريق المنقلبين العسكريين والمدنيين على رئيس شرعي جاء -للمفارقة- وفق انتخابات رئاسية أيضا! المعركة الانتخابية المفترضة أعطت مصر زخما إضافيا. لكن أحداثها كانت محور سخرية في الأروقة، الضحكات مكتومة وتظهر عند اللزوم.
شعرت بالخجل أمام الزملاء، كان المنظر مضحكا مبكيا ولجان الانتخابات الرئاسية تتحول إلى «مرقصة»، أجساد مخيفة، ووجوه أصابها الفقر والمرض والجهل و «الفكاكة» و «العكشنة» تهتز وتغني. إنه فعلا «عرس» ديمقراطي كما يتغنى إعلام لميس وبعلها ومن في ركبهما. كلامي واضح.. «عرس»، حتى لا «تروح» عقول وأدمغة البعض إلى كلمة أخرى!!
بجانب وصلات الرقص، وقف كبار السن يدلون بأصواتهم. مؤكد أنهم يختارون الماضي لأنهم بلا مستقبل، الشباب غياب تام، عصب المجتمع وشريحته الأكبر تتخلف عن التصويت و «تلبية نداء الوطن» كما تقول نشرات السلطة وبياناتها إلى المواطنين.
أيا كان الرئيس القادم لأن النتيجة لم تعلن وقت كتابة المقال، ومن شدة وسخونة المعركة لا يعرف أحد اسمه!! فإن هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة: كيف سيحكم وهو قادم بأصوات «المعاشات» ممن توقف عقلهم عند حدود المقهى الذين يتسامرون عليه وهم يحبسون أنفاس «الشيشة» ويقذفون زهر «الطاولة»؟
كيف سيتصرف مع عموم الجماهير بينما من قاد عملية التصويت فريق يسرا وإلهام والممثلات و «المواطنون الشرفاء» ولاعبو الكرة الفاشلون أصحاب فضيحة الستة أمام غانا؟
ماذا سيقدم حتى يستوعب الشباب، وبعضهم نزل أمام اللجان يحث على التصويت بكلمات مسيئة للمرشحين، والبعض الآخر تفرغ لتلطيخ صور و «بانرات» الدعاية بالدماء؟
كيف سيتعامل مع أسر ضحايا المظاهرات والاعتصامات ومن يقبعون في سلخانات الشرطة والمعتقلات، وكلا المرشحين يرفع راية الإقصاء، ويزايد كل منهما على الآخر في أن هؤلاء الضحايا إرهابيون أولاد إرهابيين؟
الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة، والأسهل أن ننظر إلى إيجابيات الانتخابات، إذا كان عدد الراقصات ازداد فهؤلاء يعتبرن ثروة قومية.
في فيلم «لعبة الست» حث عبدالفتاح القصري ابنته تحية كاريوكا على الاجتهاد في الرقص حتى تنال إعجاب مخرج السينما الذي جاء لاكتشافها. قال عبدالفتاح لابنته: «لعّبي وسطك شوية».
إذا كان الحال واقفا، والحياة غما، ومصر تعيش على الاستيراد ولا تصدر حتى «سندوتش فول»، فإن الحل الوحيد أمام السلطة الجديدة هو تصدير الراقصات المنجذبات أمام اللجان إلى الخارج، وإدخال عملة صعبة للبلاد.
أخيرا انتهى عصر استيراد الراقصات. ولّى عهدك يا «صافيناز» يا وارد الأرمن وروسيا.
انتخابات أميركا وأوروبا واليابان والهند وكل الدول المحترمة هي انتخابات بلا لون ولا طعم ولا رائحة ولا إثارة. شحن هذا الصنف إليهم سيعطى عمليات التصويت عندهم مذاقا يجعل المواطن يأكل أصابعه بعد التصويت من شدة «طَعَامَة» الديمقراطية.
 ثم إن راقصاتنا غير كل راقصات الدنيا. مصر الجديدة بعد ثورتها المباركة الميمونة في 30 يونيو وضواحيها، أعطت الراقصات حقهن.
 فيفي عبده أصبحت أم المحروسة المثالية، ودينا صارت منظّرة سياسية، ولوسي ستعيد تقديم نفسها بشكل مكشوف مثلما قدم نظام مبارك نفسه للجماهير مرة أخرى.
من الآن سيكون توجيه النظام المنتخب الديمقراطي لابنته الحنونة مصر، بعبارة واحدة: «لعّبي وسطك شوية»!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق