الأحد، 10 أغسطس 2014

لماذا هذا التحريض الإعلامي ضد قطر وتركيا على خلفية الحرب على غزة؟!

لماذا هذا التحريض الإعلامي ضد قطر وتركيا على خلفية الحرب على غزة؟!



من أجل فهم كيفية عودة مصر إلى دور الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل من أجل إبرام تهدئة تنهي الحرب الدائرة، وكيف عادت القاهرة مجددا محورا للتفاوض والنقاش، يجب أن نلقي نظرة على ما قامت به وسائل الإعلام الغربية ومعاهد الأبحاث ومراكز الدراسات من ضغط على صنّاع القرار بهدف وضع حد للدورين القطري والتركي في المفاوضات التي تجري حاليا.

بالتوازي مع حملات التحريض في وسائل الإعلام العربية "المعتدلة"، تداعت الأقلام اليمينة والصهيونية للتحذير من أن تدخل قطر وتريكا لن يصب في صالح إسرائيل، بل واتهام جون كيري نفسه بأنه ينفذ مطالب حماس، في محاولة لترهيب أي جهود دولية تتعاطى بواقعية مع التوازنات التي فرضتها المقاومة الفلسطينية.

قطر تؤوي مجرمي حرب وأردوغان معادي للسامية

وصف «آلان ديرشويتز»، الباحث بمعهد جيتستون، قطر بأنها محطة غاز تملكها عائلة أكبر منها دولةً، وانتقد إيواءها قادة حماس، الذين وصفهم بـ«مجرمي الحرب»، و«المتاجرين بدماء المدنيين» من سكان قطاع غزة.

كذلك، شن ديرشويتز - في مقال له بعنوان "قطر وحلفاء أمريكيون آخرون ضمن أوغاد غزة" - شن هجوما على تركيا، واصفا رئيس وزرائها، «رجب طيب أردوغان»، بأنه رجل "غريب الأطوار"، متهمًا إياه بمعاداة السامية وتأجيج النزاعات مع إسرائيل ودعم حماس ماديًا وإيواء بعض قادتها في بلاده.

واتهم الباحث رئيسَ الوزراء التركي أيضًا بأنه يضغط على الأقلية اليهودية في تركيا من أجل تبني ذات المواقف التي يتبناها هو، مثيرًا نزعات “ثنائية الولاء” بين مواطنيه اليهود.

وانتقد ديرشويتز استعانة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بتركيا وقطر في مفاوضات الوساطة بين المقاومة وإسرئيل، منبهًا إلى أن إشراك هاتين الدولتين كوسطاء لم يثُر فقط غضب إسرائيل التي تعتبرهما أطرافًا في الحرب لا مجرد وسطاء، بل أيضًا أثار غضب دول "محور الاعتدال العربي"، مثل السعودية ومصر والأردن.

ودعا ديرشويتز إلى أن تسحب عضوية تركيا في حلف الناتو، إذ أن عضوية هذه المنظمة تتطلب بعض المسئوليات، في إشارة إلى الالتزام بأمن إسرائيل، متهمًا تركيا أنها لم تلتزم بهذه المسئوليات. كذلك دعا الباحث الجامعات الأمريكية التي افتتحت فروعًا لها في قطر ألا تترك طلابها يذهبون إلى بلدٍ تؤوي «منظمات إرهابية» قتلت الكثير من الأمريكيين والإسرائليين، وأن تنسحب من قطر.

وألمح أيضًا إلى أنه من المفضل ألا تقوم قطر بتنظيم كأس العام عام ٢٠٠٢م، متهمًا إياها أنها قامت بشرائه بفضل ثروتها النفطية.


وثيقة كيري تروج لحماس دوليا

وفي سياق آخر، أشار «جوناثان رينولد»، الباحث بمعهد بيجين-السادات للأبحاث الإستراتيجية، إلى أن الوثيقة التي توصل إليها كيري بعد مناقاشاته مع وزيري الخارجية التركي والقطري تعد بمثابة أرضية صلبة لتغيير الصورة الدولية عن حركة حماس، وأن هذه الوثيقة قد أصابت كلاًّ من إسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية بالصدمة، مشيرًا إلى أن هذه القوى تقف بالأساس خلف الورقة المصرية للتهدئة لا غيرها، باعتبار أن الورقة المصرية لا تتضمن شروط حماس كأساس لوقف إطلاق النار، في حين أن وثيقة كيري قد أثر على مضمونها مَن اعتبرهم حلفاء حماس، تركيا وقطر.

وانتقد رينولد - في تحليل له نشر على موقع المعهد يوم 3/8/2014 - انتقد وزير الخارجية الأمريكي بأنه لم يوفق في التفريق بين البراغماتية والاعتدال، مشيرًا إلى أن بعض الإسلاميين أمثال حماس يمكن أن يبدوا قدرًا كبيرًا من البراغماتية في سبيل تحقيق أهدافهم، لكنهم برأيه يظلوا قوًى غير معتدلة. 
وانتقد الباحث كيري أنه لم يستطع التفريق “بين المواقف التي تحتاج نهجًا تصالحيًا والأخرى التي تحتاج تدخلاً صارمًا.”

وشدد رينولد إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تقود دول محور الاعتدال العربي لمواجهة الخطر المحدق بكلا الطرفين، والذي يتمثل في إيران والحركات الإسلامية السنيّة “المتشددة”، ومن بينها حماس. مشيرًا إلى أن هذا من شأنه “الحفاظ على ميزان القوة في مواجهة الأخطار الناجمة عن تلك التهديدات.”

قطر وتركيا رعاة "الإرهاب الفلسطيني"

أما «جوناثان شانزر» فقد أشار في مقالٍ له نشرته دورية «فورين بوليسي» إلى أنه في أي مرة قادمة تجري مفاوضات بين المقاومة وإسرائيل، فإن تركيا وقطر لا يمكن أن يجلسا مع حركة حماس وفصائل المقاومة، لا مع الوسطاء والدبلوماسيين، معتبرًا إياهما من رعاة حماس و«الإرهاب الفلسطيني»، ولا يمكن الثقة بنزاهتمها في عملية الوساطة والمفاوضات. وقد أكّد كذلك ما انتشر مؤخرًا من أن إدراج قطر وتركيا على قائمة الوسطاء هو استجابة لمطالب حماس، وهو ما أثار غضب إسرائيل والقوى الإقليمية العربية، مثل مصر والسعودية والأردن.

هذا وقد أكد شانزر أن ظهور تركيا وقطر على رأس الوسطاء بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية قد أغضب، فيما يبدو، السلطة الوطنية الفلسطينية التي رأت في البلدين حلفاء لحماس ويضعون شروطها قبل أي شيء من أجل التفاوض، ونقل الباحث عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قوله أن مَن أراد أن تمثله قطر وتركيا فليذهب من أجل العيش هناك، في إشارة واضحة إلى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية - حماس، والذي يراه عباس منافسًا سياسيًا.

وانتقد الباحث موقف تركيا ووزير خارجيتها «أحمد داوود أوغلو»، مشددًا على أن الأخير رفض تحميل حماس مسئولية اندلاع الحرب أو اختطاف الجنود الإسرائليين، وأنه "راوغ" حين طلب منه كيري البحث عن طريقة لإطلاق سراح الجنود الإسرائليين كشرط من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، وأن داوود أوغلو ركّز على أنه يحضر من أجل تسوية الأمر وأن مسؤولية بلاده هي البحث عن سبل وقف إطلاق النار وتجديد التهدئة في القطاع.

جميع هذه الرسائل تتناغم بصورة فجة مع الهجوم المنظم الذي شنه الإعلام الإسرائيلي على كل من قطر وتركيا، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

حرصت هذه الأقلام وغيرها على التاكيد أن الموقف المصري استكمالا لأهداف الحملة الإسرائيلية، باعتبار أن الوسيط المصري - ودول الاعتدال العربي - لديه مصلحة في إضعاف حماس، عكس قطر وتركيا اللتان ظهرتا في صورة داعمة لحقوق الفلسطينين وخاصة رفع الحصار عن قطاع غزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق