ستيف جوبز يقتله قانون الجذب ... السرطان...
وابنته ليزا!
محمد العوضي
mh_awadi@
ينتظر المهتمون بحياة المشاهير ومحبو ستيف جوبز ومعجبوه، صدور مذكرات ليزا برينان ابنة مؤسس شركة أبل التي تتعلق بوالدها.
وما أثار الرأي العام، هو صحيفة «نيويورك تايمز»، بأن ما كتبته ابنة جوبز تحتوي على تفاصيل مدمرة.
وهكذا الناس يريدون من أذكياء العالم وعباقرة الابتكارات والمشاهير الذين خطفوا الأبصار بإنجازاتهم، أن يكونوا قدوات عامة ومتميزين مثاليين في كل مناشط الحياة.
وفي ذلك تأكيد على النزعة الإنسانية التي تحب أن يظل الرمز المحبوب نقي الصورة.
لكن ما كتبته ليزا عن والدها كان صادماً. ولعل أقسى ما ورد في مذكراتها، أن والدها جوبز نفى عن ابنته صفة الأبوة، برغم أن الحمض النووي أثبت ذلك، بل لم يقدم لها سوى القليل من الدعم المعنوي والمادي، كما لا تنسى حرمانه لها من حقها في الميراث!
وخلاصة ما يخرج منه قارئ الكتاب من انطباعات، أن جوبز سيبدو شريراً مع ابنته ومن حولها بحسب وصف «نيويورك تايمز».
لكن الذي لفت نظري تصريحات ابنة جوبز، أنها لم تقرأ أدق وأهم ما كُتب عن والدها في حياته، وهو ماسطره رئيس قناة «CNN» ومدير تحرير مجلة «تايم»، ثم المدير التنفيذي لمعهد «أسبن» والتر إيزاكسون وكتابه الضخم عن سيرة جوبز التفصيلية بإتقان بالغ في العام 2011، بل قالت إنها لم تتحدث مطلقاً مع والتر.
ولقد قرأت ما كتبه والتر لسيرة جوبز (طبعة وترجمة مكتبة جرير) والتي عرضها المؤلف على جوبز وقرأها ورضي بها قبل أن تصدر في السنة التي توفي فيها جوبز.
لقد استقصى المؤلف أهم المؤثرين والملازمين والقريبين من جوبز في مسيرة حياته، فأخرج لنا رصيداً تفصيلياً ضخماً عن حياته بكل ما تحتويه من نقاط القوة والإبداع ومناطق الضعف والارتباك. واستوقفتني انفعاليته ولامبالاته بمشاعر الآخرين.
كما لفت نظري تقلبه واضطرابه المعرفي العقدي وأثر الموقف الكنسي الصادم في شكه بالأديان، وربما الإله بسبب مشكلة الشر في الكون.
ثم دخوله مرحلة البحث عن الخروج من التيه ووجد بغيته في الهروب اللاواقعي واللامنطقي إلى المذاهب الشرقية، خصوصاً مذهب الزن البوذي بنسخته اليابانية كما يشرح في الفصل الثالث عشر من الكتاب.
لكن تطورت قناعات جوبز في البديل الإيديولوجي المناسب بعد أن كفر بإله الكنيسة أو بالخالق، ليعتنق أوهاماً أضرت بصحته ومواقفه ونظرته لحقائق الأشياء ولتحليلاته الخارجة عن منهج العلم ومنطق العقل.
فقد جاء في الفصل الخامس والثلاثين، وتحت عنوان «تذكر الموت»: «بعد أن فتك السرطان في جسد جوبز وكلمه المختصون بالحمية الغذائية مثل دين أورنش الذي يعتبره كثيرون رائداً في مجال الأساليب البديلة والغذائية لعلاج الأمراض وأخبره يجب أن تجري عملية جراحية بالفعل»، لكن جوبز لم يأخذ بكل النصائح ولا بالرجاءات التي توالت عليه من المحبين والقريبين كالأطباء وزوجته وزملائه، لأنه كان خاضعاً للتفكير الرغبوي كمثل الذي يروجه المغيبون من أبناء الشرق تحت مسميات قانون الجذب وما يوازيه من إطلاقات فضفاضة.
وصفت زوجته طريقة تعاطيه مع الأحداث بـ «التفكير السحري»، ثم شرحت ذلك بقولها «حيث كان يفترض أنه قادر على تحويل الأشياء لتكون حسبما يشاء. لكن هذه الطريقة لا تفلح مع مرض السرطان».
ومن سمات هذا النمط من التفكير، أنها تجعل الإنسان «يُظهر رغبته الرهيبة في تجاهل الأمور التي لا يريد التعامل معها»، كما وصفه المؤلف والتر، ويؤكد (جروف) صديق ستيف جوبز وهو مشفق عليه «لقد تحدثت مع ستيف عندما كان يحاول علاج نفسه من خلال تصديق الهراء والأفكار الحمقاء، ولقد أخبرته بأنه مجنون».
وهذه القسوة والصراحة من باب الشفقة المؤلمة على الغارقين في الأوهام المؤذية كما نقسو أحياناً على من وقع في هذا التخريف من شبابنا وبناتنا.
يقول المؤلف والتر: «ولكن للأسف، كان السرطان قد انتشر حيث اكتشف الأطباء - أثناء العملية الجراحية - أن هناك ثلاثة أورام ثانوية خبيثة على الكبد، ولو كانت هذه العملية قد أجريت منذ تسعة أشهر لربما استطاع الأطباء احتواء السرطان قبل انتشاره...».
فمن الذي قتل ستيف جوبز ؟!
لقد اشترك في قتله وعلى مراحل، أوهامه بهذه القناعات الفضفاضة، الجذب والطاقة وغيرها، وقتله السرطان، قبل أن تقتله ابنته بمذكراتها الأخيرة.
لكن تظل البنت في كينونتها بقايا حب لا يمكن أن يختفي لأبيها، وكأنها تعاتب نفسها أو تكفّر عن ذنب ما كتبته، فقالت عشية النشر: «إن ما تريد ليزا أن يعرفه الناس أن والدها رفضها لسنوات وأنها غفرت له ذلك وتحبه وتريد لمشاهد الضحك والمحبة والتزلج على الجليد أن تعلو على الألم وحرمانها من الميراث».
وأخيراً؛ يظل ستيف جوبز رائداً في ابتكاراته ومجالاته وسيظل أثره الكبير باقياً في حياة الناس ومصالحهم وتسهيل أمورهم.
وما أثار الرأي العام، هو صحيفة «نيويورك تايمز»، بأن ما كتبته ابنة جوبز تحتوي على تفاصيل مدمرة.
وهكذا الناس يريدون من أذكياء العالم وعباقرة الابتكارات والمشاهير الذين خطفوا الأبصار بإنجازاتهم، أن يكونوا قدوات عامة ومتميزين مثاليين في كل مناشط الحياة.
وفي ذلك تأكيد على النزعة الإنسانية التي تحب أن يظل الرمز المحبوب نقي الصورة.
لكن ما كتبته ليزا عن والدها كان صادماً. ولعل أقسى ما ورد في مذكراتها، أن والدها جوبز نفى عن ابنته صفة الأبوة، برغم أن الحمض النووي أثبت ذلك، بل لم يقدم لها سوى القليل من الدعم المعنوي والمادي، كما لا تنسى حرمانه لها من حقها في الميراث!
وخلاصة ما يخرج منه قارئ الكتاب من انطباعات، أن جوبز سيبدو شريراً مع ابنته ومن حولها بحسب وصف «نيويورك تايمز».
لكن الذي لفت نظري تصريحات ابنة جوبز، أنها لم تقرأ أدق وأهم ما كُتب عن والدها في حياته، وهو ماسطره رئيس قناة «CNN» ومدير تحرير مجلة «تايم»، ثم المدير التنفيذي لمعهد «أسبن» والتر إيزاكسون وكتابه الضخم عن سيرة جوبز التفصيلية بإتقان بالغ في العام 2011، بل قالت إنها لم تتحدث مطلقاً مع والتر.
ولقد قرأت ما كتبه والتر لسيرة جوبز (طبعة وترجمة مكتبة جرير) والتي عرضها المؤلف على جوبز وقرأها ورضي بها قبل أن تصدر في السنة التي توفي فيها جوبز.
لقد استقصى المؤلف أهم المؤثرين والملازمين والقريبين من جوبز في مسيرة حياته، فأخرج لنا رصيداً تفصيلياً ضخماً عن حياته بكل ما تحتويه من نقاط القوة والإبداع ومناطق الضعف والارتباك. واستوقفتني انفعاليته ولامبالاته بمشاعر الآخرين.
كما لفت نظري تقلبه واضطرابه المعرفي العقدي وأثر الموقف الكنسي الصادم في شكه بالأديان، وربما الإله بسبب مشكلة الشر في الكون.
ثم دخوله مرحلة البحث عن الخروج من التيه ووجد بغيته في الهروب اللاواقعي واللامنطقي إلى المذاهب الشرقية، خصوصاً مذهب الزن البوذي بنسخته اليابانية كما يشرح في الفصل الثالث عشر من الكتاب.
لكن تطورت قناعات جوبز في البديل الإيديولوجي المناسب بعد أن كفر بإله الكنيسة أو بالخالق، ليعتنق أوهاماً أضرت بصحته ومواقفه ونظرته لحقائق الأشياء ولتحليلاته الخارجة عن منهج العلم ومنطق العقل.
فقد جاء في الفصل الخامس والثلاثين، وتحت عنوان «تذكر الموت»: «بعد أن فتك السرطان في جسد جوبز وكلمه المختصون بالحمية الغذائية مثل دين أورنش الذي يعتبره كثيرون رائداً في مجال الأساليب البديلة والغذائية لعلاج الأمراض وأخبره يجب أن تجري عملية جراحية بالفعل»، لكن جوبز لم يأخذ بكل النصائح ولا بالرجاءات التي توالت عليه من المحبين والقريبين كالأطباء وزوجته وزملائه، لأنه كان خاضعاً للتفكير الرغبوي كمثل الذي يروجه المغيبون من أبناء الشرق تحت مسميات قانون الجذب وما يوازيه من إطلاقات فضفاضة.
وصفت زوجته طريقة تعاطيه مع الأحداث بـ «التفكير السحري»، ثم شرحت ذلك بقولها «حيث كان يفترض أنه قادر على تحويل الأشياء لتكون حسبما يشاء. لكن هذه الطريقة لا تفلح مع مرض السرطان».
ومن سمات هذا النمط من التفكير، أنها تجعل الإنسان «يُظهر رغبته الرهيبة في تجاهل الأمور التي لا يريد التعامل معها»، كما وصفه المؤلف والتر، ويؤكد (جروف) صديق ستيف جوبز وهو مشفق عليه «لقد تحدثت مع ستيف عندما كان يحاول علاج نفسه من خلال تصديق الهراء والأفكار الحمقاء، ولقد أخبرته بأنه مجنون».
وهذه القسوة والصراحة من باب الشفقة المؤلمة على الغارقين في الأوهام المؤذية كما نقسو أحياناً على من وقع في هذا التخريف من شبابنا وبناتنا.
يقول المؤلف والتر: «ولكن للأسف، كان السرطان قد انتشر حيث اكتشف الأطباء - أثناء العملية الجراحية - أن هناك ثلاثة أورام ثانوية خبيثة على الكبد، ولو كانت هذه العملية قد أجريت منذ تسعة أشهر لربما استطاع الأطباء احتواء السرطان قبل انتشاره...».
فمن الذي قتل ستيف جوبز ؟!
لقد اشترك في قتله وعلى مراحل، أوهامه بهذه القناعات الفضفاضة، الجذب والطاقة وغيرها، وقتله السرطان، قبل أن تقتله ابنته بمذكراتها الأخيرة.
لكن تظل البنت في كينونتها بقايا حب لا يمكن أن يختفي لأبيها، وكأنها تعاتب نفسها أو تكفّر عن ذنب ما كتبته، فقالت عشية النشر: «إن ما تريد ليزا أن يعرفه الناس أن والدها رفضها لسنوات وأنها غفرت له ذلك وتحبه وتريد لمشاهد الضحك والمحبة والتزلج على الجليد أن تعلو على الألم وحرمانها من الميراث».
وأخيراً؛ يظل ستيف جوبز رائداً في ابتكاراته ومجالاته وسيظل أثره الكبير باقياً في حياة الناس ومصالحهم وتسهيل أمورهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق