الأربعاء، 19 سبتمبر 2018

ثنائية العسكر والإسلاميين: صراع وجودي أم تنافس على السلطة

ثنائية العسكر والإسلاميين: صراع وجودي أم تنافس على السلطة


الشيخ محمد المختار دي
العسكر والإسلاميون في بلاد العرب، عداء تاريخي وصراع أبدي إيديولوجي وفكري ووجودي، من الجزائر وتجربة العشرية المريرة إبان تسعينيات القرن الماضي مرورا بالقاهرة.
والتجربة الديمقراطية الموءودة بالقاهرة وقبلها الصراع الناصري الإخواني في الخمسينيات مرورا بالسودان وسوار الذهب وهي التجربة الأقل تكلفة وإن كان العسكر فيها خرجوا منتصرين ومحتضنين التيار الإسلامي الذي اختفى تأثيره إن لم يكن أثره بحسب بعض السودانيين.
الصراع الإسلامي العسكري الذي غالبا ما يلعب فيه الجنرالات دور المافيا التي تستولى على قصور الإسلاميين، ويعيش الإسلاميون في السجون بقية أعمارهم يبدو أنه قادم في بلاد شنقيط بعد أن كشفت انتخاباتها البرلمانية والبلدية تحقيق الحزب الإسلامي "تواصل" لنتائج باهرة لم تكن في حسبان الجنرال الحاكم للبلاد ولا حزب صاحب الأغلبية المريحة في كل زمان ومكان.
وصراع انتخابي حضر الشعب أم غاب النتائج الأولية في الانتخابات الأكثر حدة في موريتانيا منذ سنوات كانت في المعارضة بإسلامييها وائتلافها وبقية الأحزاب من المقاطعين وشهدت على ذلك الانتخابات البلدية سنة ألفين وأربعة عشر وانتخابات الرئاسة التي حسمها الجنرال عام الفين وخمسة عشر بعدما خلت من منافسين حقيقيين
وكذلك كان حال الاستفتاء الأخير على مشروع الدستور عام ألفين وسبعة عشر الذي أقصى مجلس الشيوخ بعد أن تجرأ وخالف أمر الجنرال وأسقط التعديلات الدستورية المقترحة آنذاك جاءت نتائج انتخابات 2018 في مقدماتها مبشرة لإسلاميي موريتانيا فقد بدت العاصمة في الدور الأول أقرب لهم ولها ثقلها السياسي والسكاني في البلاد وإن كانوا قد تراجعوا في الشوط الثاني وكذلك كان الحال في العاصمة الاقتصادية وكبرى مدن موريتانيا وإن حقق حزب الجنرال الأغلبية إلا أنه لا يستطيع إنكار واقع المعارضة الكبيرة له في كبرى مدن البلاد، الجديد في الانتخابات اليوم المسبوقة بتهديد من الجنرال محمد ولد عبد العزيز بإقصاء التيار الإسلامي من الحياة السياسية والذي اتهمه بأنه سبب خراب المنطقة العربية وهي تهمة معهودة ومستحدثة لها أنغام مصرية ورنين دمشقي وأموال سعودية إماراتية.
 الجديد اليوم أن الصراع إن لم يكن ميدانياً بين إسلاميي موريتانيا وعسكريا فهو اليوم سياسيا تخشى عواقبه وقد يكلف المواطن الموريتاني البسيط ولديه من المشاكل ما يفوق مشكلة الجنرال العربي مع الاخوان ومن لف لفهم من أبناء التيار الإسلامي. وإسلاميو موريتانيا اليوم إما يحذو حذو التجربة المصرية وهي تجربة خاسرة ومكلفة
ظلم فيها الثوار والثورة، وإما أن تكون تونسية نهضاوية تشاركية يحمدها الجميع ويتمنونها لأنفسهم ولبلدانهم، أو سودانية يختفي فيها الحزب الإسلامي تحت عباءة الجنرال دون أضرار وكفى الله المؤمنين شر القتال، والاحتمال الرابع وهو ضعيف جدا أن يأتي التيار الإسلامي بالجديد وهو أمر مستبعد نظرا لأن موريتانيا من البلدان المعسكرة التي يتحكم الجيش بمداخلها ومخارجها، وكذال حال أفريقيا من بعد المستعمرين والمطلوب اليوم من تواصل وغيره من الأحزاب الإسلامية بحسب مراقبين هو قراءة الواقع جيدا والاستيعاب من دروسه، وإن في غيرهم لعبرة وما يذكر إلا أولو الألباب فالنسبة الانتخابية ليست بالضرورة هي النسبة الشعبية للحزب، ومن ينتخب حزبا ليس معناه انتماءه لذلك الحزب ربما خير بين ضررين، فاختار أخفها وهو أحد الأخطاء التي غالبا ما يقع فيها الإسلاميون بحسب رأي أحد كبار الشيوخ المؤسسين للتيارات الإسلامية وواحد من فضلهم سياسيا فكريا وهو الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية، والمطلوب أيضا هو تقديم شيء للمواطن الموريتاني الذي يعلق كثيرا من الآمال على الحزب الذي انتخبه وحين يخفق في أول امتحان من الصعب أن يستعيد ثقة الشارع وهو ما حدثت حين تراجعت شعبية بعض الأحزاب الإسلامية في بلدان العرب ولك أن تلاحظ  ذلك في انتخابات المغرب وتونس البرلمانية الأخيرة وستلاحظه لو أجريت انتخابات في مصر وشارك بها الاخوان.
 اليوم يضع الموريتانيون أيديهم على قلوب منتظرين مؤملين أن يجنبهم الجنرال والأحزاب السياسية صراعا ستخسر فيه البلاد أكثر من خساراتها السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية وهي البلاد التي اعتادت أن تحكم بالدبابة والمدفع كما اعتاد إسلاميوها ومعارضوها على السجون ما يرجو الجميع أن يتجنبوه أو يجنبوه البلاد في قادم الأيام كرجائهم أن لا تدخل جيوب جنرالنا وحزبه دراهم إماراتية ولا سعودية فوراء كل أزمة وجنرال وانقلاب وخراب عربي وإجهاض تجربة ديمقراطية فتش عن حكام أبو ظبي   وستجدهم ولو بعد حين فللإسلاميين في قلوبهم مكانة كبيرة جدا أكثر من وزرهم في طرابلس وبنغازي والقاهرة ومحاولاتهم اليائسة في تونس
لم تصدر بعد النتائج النهائية للدور الثاني من الانتخابات النيابية والبرلمانية في موريتانيا والذي كان التنافس فيها قويا بين الحزب الحاكم بأمر الجنرال والدبابة والحزب الإسلامي الصاعد التواصل المدعوم من أحزاب المعارضة ضمن ما يعرف بتحالف قوى المعارضة.. إلا أن النتائج الأولية تؤكد أن الصدارة للأغلبية الحاكمة والمركز الثاني سيكون تواصليا إسلاميا مما يعني أن التنافس قادم بين الإسلاميين والعسكر ولكن أي نوع من أنواع التنافس؟
 أهو منافسة سياسية أم صراع ميداني لا تحمد عواقبه؟ يتساءل مواطن موريتاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق