من وثائق الأرشيف البريطاني المرفوع عنها السرية
العهود المغدورة.. كيف فضح الأرشيف البريطاني السعوديين؟
أحمد مولانا
تكشف وثائق الأرشيف البريطاني المرفوع عنها السرية الكثير من التفاصيل الهامة عن حيثيات نشأة الدولة السعودية الثالثة في مطلع القرن العشرين. فقبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت الجزيرة العربية تخضع شكليا لنفوذ الدولة العثمانية، وتوجد في المدينة المنورة حامية تركية تشرف على تأمين خط سكة حديد الحجاز، بينما تتقاسم القبائل والعائلات النفوذ الفعلي والسيطرة على الأرض، فالأشراف يحكمون الحجاز وآل سعود يحكمون نجد والأدارسة يحكمون عسير وآل رشيد يحكمون حائل والجوف.
بداية العلاقات السعودية البريطانية
في تلك الآونة كانت بريطانيا تحرص على استقرار الدولة العثمانية وتتجنب إقامة علاقات خاصة مع زعماء المناطق الخاضعة للنفوذ العثماني، وهي السياسة التي تغيرت مع اندلاع الحرب العالمية الأولى.
سعى أمير نجد، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، إلى فتح خطوط تواصل مع بريطانيا، فقابل في أبريل 1911 المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الكابتن شكسبير، الذي دوّن في تقرير مطول بعثه إلى قياداته مجريات اللقاء قائلا "لم يُظهر ابن سعود ولا إخوته أي أثر من روح التعصب التي كان يمكن توقعها من الأسرة الوهابية الحاكمة... وحينما أخذ عبد العزيز يسألني عن رأيي في العلاقات بين بريطانيا وتركيا، قلت فورا إني لم آت لبحث الشؤون السياسية، وإنما كي أرى كيف يعيش زعماء العرب في البادية، كما أنني لست مخولا للبحث في السياسة معه، وإن حكومة صاحبة الجلالة لا تتدخل في شؤون البلاد العربية الوسطى الخاضعة للنفوذ العثماني، وتحصر اهتمامها في مصالحها على خط الساحل.
فقال عبد العزيز إنه يفهم موقفي تماما، ولكنه يكون شاكرا إذا سمعت ما يريد قوله، وإذا رغبت بعد ذلك في إبداء أرائه لرؤسائي فذلك من شأني". وتمثلت مقترحات ابن سعود في رغبته في دعم بريطانيا له في مواجهة الأتراك الذين يعززون قواتهم عبر ساحل الإحساء، ما يعيقه عن إعلان التمرد عليهم قبل الحد من قدرتهم على جلب الجنود بحرا. ومن ثم تكررت لقاءات ابن سعود مع شكسبير.
ولاء ابن سعود الشكلي للعثمانيين
في الوقت ذاته الذي كان ابن سعود يجسّ نبض البريطانيين ويطلب دعمهم، كان يوطد علاقته مع العثمانيين، فأرسل في مطلع 1914 إلى صديقه طالب النقيب، المقرب من الأتراك، قائلا "سررت كثيرا بتسلم خطابكم الذي تعبرون فيه عن ولائكم للحكومة العلية، وهو الولاء الذي أشارككم إياه، وكما تعلمون يا أخي فإنني أول من أرجو الخير للحكومة والبلاد".
وقع ابن سعود في 15 مايو 1914 معاهدة مع العثمانيين نصت على توليه منصب (والي نجد) طيلة حياته، ووراثة أولاده للمنصب من بعده، وعلى أن الدولة العثمانية متى دخلت في حرب مع دولة أجنبية أو إذا حدث اضطراب داخلي في أي من ولاياتها، وطلبت منه ارسال قوة دعم، فعليه توفير تلك القوة مع كامل أسلحتها ومؤنها.
لم يفت ابن سعود قبل التوقيع على المعاهدة أن يأخذ رأي الإنجليز سرا، فكتب، في 2 أبريل 1914، إلى المعتمد السياسي البريطاني في البحرين، تريفور، قائلا "تسلمت معلومات من المبعوث التركي عمر بك مارديني، الذي وصل من القسطنطينية مباشرة.. ولم أحب أن أراه حتى أخبركم لكي تعلموني بالمطلوب وبأي شكل يكون".
تقلبات الحرب العالمية الأولى
عندما لاحت بوادر مشاركة الدولة العثمانية في الحرب، كتب السير ماليت، سفير بريطانيا في القسطنطينية، إلى وزير خارجيته إدوارد غراي، بتاريخ 4 سبتمبر 1914 قائلا "أوافقكم على أنه إذا تحالفت تركيا مع ألمانيا وأصبحت الحرب محتومة؛ فمن المحتمل أن يصبح من أهم الأسلحة دعم وتنظيم حركة عربية.. يجب أن يوجهها ابن سعود.. بالتعاون مع أصدقائنا من زعماء العرب". ووقعت الحرب بالفعل، وصار ابن سعود الرجلَ المفضل في الجزيرة العربية بالنسبة إلى حكومة الهند التابعة للتاج البريطاني، بينما صار الشريف حسين الرجلَ المفضل لدار المندوب السامي في مصر.
انقلب والي نجد (ابن سعود) على العثمانيين فسجن ضابطا تركيا أوفدته حكومة الباب العالي إليه لتدريب قواته، كما اعتقل أربعة علماء أرسلتهم السلطات التركية إليه للدعوة في نجد إلى الجهاد ضد الإنجليز وأرسل إلى القنصل البريطاني العام بالخليج بيرسي كوكس في نوفمبر 1914 قائلا "إنني واحد من أكبر أعوان حكومة بريطانيا العظمى التي ستحصل بعون الله مني على نتائج مرضية". كما شن ابن سعود حربا ضارية ضد آل رشيد الموالين للعثمانيين، وقُتل الكابتن شكسبير في تلك الحرب في 1915 أثناء تواجده مع الجيش السعودي.
موقف ابن سعود من الثورة العربية الكبرى
عندما أعلن الشريف حسين ثورته ضد الأتراك انطلاقا من الحجاز في يونيو 1916 سارع ابن سعود، في 20 يوليو من العام نفسه، إلى ارسال رسالة إلى برسي كوكس قال فيها "نصيحتي أن تساعدوا الشريف بشكل جزئي، لكي يبقى لدى الأتراك أمل في القضاء عليه، ويبقى هو أيضا خائفا من الأتراك، وهكذا سيصبح الأتراك محرجين جدا في الحجاز، وسيساعدكم هذا على عملكم في العراق وأماكن أخرى".
وبالرغم من مضمون الرسالة السابقة التحريضية ضد الشريف حسين، فإن ابن سعود أرسل إلى الشريف رسالة في أغسطس 1916 قائلا "تعلمون سيادتكم أن كل شيء ثابت على أساسه، وإن أساس الدين والدنيا هو الصدق.. لقد ثبت لدي أن هدف الأتراك الوحيد هو تدمير الإسلام والمسلمين وخاصة العرب، ولذلك علينا أن نكون صادقين إزاءك وأن نتعاون معك في كل الأحوال".
كما أرسل ابن سعود رسالة إلى الشريف (عبد الله بن الحسين) في أكتوبر 1916 يهنئه فيها بالسيطرة على الطائف قائلا "كل من يحمل الحماسة الدينية من العرب يجب عليه أن يعمل قصارى جهده لمحاربة الأتراك وحلفائهم، لأنهم أخطر عدو للعرب والمسلمين...أعاهدك بالله أنني معك بكل قوتي وقلبي، ولا أخفي عنك أي شيء، والله شاهدي".
لم يوافق الشريف حسين على فرض الانتداب على فلسطين، فتنكرت له بريطانيا
وسمحت لابن سعود بالتمدد والقضاء عليه، ليؤسس نواة الدولة السعودية الثالثة
الخداع البريطاني
رغم رسائل ابن سعود المتعددة للإنجليز التي توضح كراهيته للشريف حسين، فإنهم حرصوا على تلطيف الأجواء بين الرجلين، فأرسل القنصل البريطاني في جدة (ويلسون) رسالة في نوفمبر 1916 إلى الشريف حسين متحدثا فيها عن دعم ابن سعود لثورته، ومؤكدا أن "حكومة بريطانيا حريصة جدا على أن يدعم جميع الشيوخ العرب القضية العربية الشريفة". ومن ثم أرسل الشريف حسين رسالة ودية إلى ابن سعود قائلا "أرسلت لك كل ما طلبته من مال.. علينا أن نوجه عملنا لهدف واحد، لأن كلينا حليفان وصديقان حقيقيان للحكومة البريطانية، التي هى الصديق الحقيقي للعرب".
ترجيح كفة ابن سعود على الشريف حسين
عقب انتهاء الحرب العالمية طالب الشريف حسين بحكم "الدولة العربية الكبرى"، التي وعدته بها بريطانيا، وتصور أنها ستشمل الحجاز والشام والعراق وفلسطين، ورفض التوقيع على معاهدة فرساي، ولم يوافق على فرض الانتداب على فلسطين، فتنكرت له بريطانيا، وسمحت لعبد العزيز بن سعود بالتمدد والقضاء عليه، ليؤسس نواة الدولة السعودية الثالثة التي عبّر عن أهميتها المعتمد السياسي البريطاني في البحرين الميجر ديكسن في أغسطس
1920 قائلا:
"جزيرة عرب وسطى قوية يحكمها ابن سعود، وهو مرتبط بأشد العلاقات الودية مع الحكومة البريطانية، تكون ملائمة للسياسة البريطانية كل الملائمة، إنها ستحسم الكثير من المصاعب، وفي الوقت نفسه تجعل كل الدويلات الساحلية معتمدة علينا أكثر مما هى عليه الآن. الكويت والبحرين والساحل المهادن وعمان والحجاز وحتى سوريا سوف تعيش كلها في هلع من جارها القوي، وتكون أكثر انصياعا لرغبات حكومة الجلالة مما هى عليه اليوم.. إن طريقة العربي هى أن يعيش على تحريض جيرانه الأقوياء بعضهم ضد بعض. وفي الوقت نفسه إذا لم يستطع القيام بذلك، فعليه أن يستند إلى دولة حامية قوية للالتجاء إليها، وإذا أصبح ابن سعود قويا جدا في جزيرة العرب، فإن النفوذ البريطاني يزيد زيادة عظيمة بين الدول الساحلية".
المصادر
الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية (نجد والحجاز) ترجمة نجدة فتحي صفوة، المجلدات: الأول والثاني والثالث والخامس، ط. دار الساقي.
مجموعة "الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية" سبعة أجزاء
ﺍختيار وترجمة وتحرير أ. نجدة فتحي صفوة
تعد الوثائق البريطانية أغزر مرجع عن الجزيرة العربية منذ بداية القرن العشرين، نظراًلعلاقة بريطانيا الوثيقة بشؤون الجزيرة العربية، ودورها المهم في الخليج العربي وإماراته، فضلاً عن العراق ومصر.
وتضم هذه المجموعة ترجمة لأهمّ الوثائق البريطانية التي تفصح عن سياسة بريطانيا ومواقفها وأعمالها منذ بداية سنة 1914 التي نشبت خلالها الحرب العالمية الأولى وكانت بداية عهد جديد في تاريخ المنطقة كلها. وهي تحتوي أيضاً على تقارير الممثلين البريطانيين ومراسلاتهم، لا عن صلات بريطانية بهذا القطر العربي أو ذاك فقط، بل عن الأحوال الداخلية في تلك الأقطار، وعن اتصالاتهم مع حكامها، ومحادثاتهم معهم.
وكانت هذه الوثائق محاطة بسرّية تامة نظراً لأن القانون البريطاني الخاص بحفظ الوثائق كان يحتّم بقاءها مغلقة لمدة خمسين عاماً. ولكن هذه المدة خفضت في سنة 1967 الى ثلاثين عاماً، ولذلك أخذ الباحثون والمؤرخون يتدفقون على مركز حفظ الوثائق بلندن للاطلاع على أحدث ما فتح من الوثائق البريطانية.
وقد روعي في اختيار وثائق هذه المجموعة، والمجموعات التالية، أن تقدم صورة متسلسلة ومترابطة بقدر الإمكان لأهم أحداث نجد والحجاز في سنتي 1914 و 1915، أي قبل توحيدهما تحت اسم "المملكة العربية السعودية" في سنة 1932.
وقد حرص نجدة فتحي صفوة أن لا تكون المجموعة تكديساً لوثائق ميتة، خرساء، جمعت بين دفتي كتاب قد يفيد منه الباحث أو المؤرخ ولكنه لا يستهوي القارئ العام، ولذلك حاول أن يجعلها، في الوقت نفسه، كتاباً يستطيع أن يقرأه ويستمتع به القارئ العادي الذي يهتم بتاريخ الوطن العربي وأحداثه القريبة لغرض الاطلاع وطلباً للمعرفة، فضلاً عن كونه مرجعاً لا غنى عنه للباحث المتخصص.
* ويحتوي الجزء الأول على الوثائق الخاصة بالجزيرة العربية (نجد والحجاز) في سنتي 1914 و1915، مترجمة ترجمة دقيقة دونما حذف ولا تصرّف.
* ويختص (الجزء الثاني) من المجموعة بوثائق سنة 1916، وهي السنة التي قامت فيها الثورة العربية، ولما كانت هذه السنة من أهم السنوات في تاريخ الجزيرة العربية، اذ حفلت بأحداث تعد من أخطر ما مر بها، فقد خصّص هذا الجزء برمّته لهذه السنة، فيما الأجزاء الأخرى من المجموعة يغطي كل منها وثائق سنتين اثنتين.
* بتضمّن الجزء الثالث أهم الوثائق الخاصة بعامي 1917 و1918 وهي عبارة عن الكتب والبرقيات المتبادلة بين الجهات البريطانية المعيّنة في جدة والقاهرة والبصرة وبغداد ولندن والهند وعدن حول شؤون المنطقة، وتطور العمليات العسكرية للثورة ومراسلات الملك حسين وأولاده مع المسؤولين البريطانيين.
أما في ما يتعلق بنجد فيحتوي (الجزء الثالث) على الوثائق المتعلقة "بأمير نجد" عبد العزيز آل سعود والمراسلات معه ومع الجهات المعنية حول علاقاته بابن رشيد وبالملك حسين. ومن أهم محتوياته مذكرة مفصلة للسير برسي كوكس بعنوان "علاقات بريطانيا مع ابن سعود" وتقرير مفصل كتبه فيلبي ـ لم يسبق نشره ـ عن البعثة التي ترأسها إلى الرياض واستغرقت سنة كاملة للتعامل مع "الإمام" عبد العزيز آل سعود في أمور ذات أهمية متبادلة مع ملاحق عديدة حول الموضوع.
ومما يزيد أهمية هذه الوثائق جميعاً أنه لم يسبق نشر معظمها بلغتها الأصلية، أما باللغة العربية فكلها تنشر للمرة الأولى.
* يحتوي الجزء (الرابع) من هذه السلسلة على الوثائق الخاصة لسنة 1919 التي كانت من السنوات الحاسمة في تاريخ المنطقة، لأنها كانت أولى سنوات السلام التي أعقبت أعظم حرب شهدها العالم حتى ذلك الوقت، وفيها عقد مؤتمر الصلح في فرساي لإعادة رسم خريطة العالم بعد الحرب.
ومن وجهة النظر العربية شهدت هذه السنة، بصورة خاصة، تفاقم الخلافات الكامنة بين الملك حسين، ملك الحجاز، والأمير عبد العزيز آل سعود أمير نجد، كما شهدت قضية (الخرمة) التي أدّت إلى الحرب بينهما، وانتهت باحتلال قوات الأمير عبد العزيز آل سعود للخرمة. وقد ترتبت على هذه العملية المتعلقة بملكية بلدة أو قرية صغيرة على الحدود الحجازية ـ النجدية، آثار خطيرة جداً، غيّرت مستقبل الجزيرة العربية تغييراً أساسياً.
وفي هذا الجزء أيضاً عدد من الرسائل التي تبادلها الملك حسين، و(الأمير) عبد العزيز آل سعود في ما بينهما، ومع بريطانيا، حول العلاقات بينهما، ومع بريطانيا.
وفيه أيضاً تقارير عن الزيارة الرسمية التي قام بها (الأمير) فيصل بن عبد العزيز (الملك فيصل في ما بعد) إلى لندن يوم كان في الرابعة عشرة فقط من عمره، ومباحثاته مع رجالات الحكومة البريطانية، فكانت بداية مبكرة لحياته الدبلوماسية الطويلة واللامعة، بوصفه وزيراً لخارجية المملكة العربية السعودية.
ويحتوي هذا الجزء أيضاً على الوثائق الخاصة باشتراك (الأمير) فيصل بن الحسين (ملك العراق في ما بعد) في مؤتمر الصلح بباريس ممثلاً للحجاز، وما اصطدم به من واقع السياسات الدولية، والمساومات الاستعمارية، وخاصة مشكلة التوفيق بين مصالح كل من بريطانيا وفرنسا في الأقطار المنسلخة عن الدولة العثمانية، فضلاً عن مشكلة فلسطين ومشكلة توزيع الانتدابات.
ويضم هذا الجزء 250 وثيقة بين برقية قصيرة، وكتاب شخصي أو رسمي، وتقرير قصير أو تفصيلي، ومذكرة رسمية وشبه رسمية، ومعظم هذه الوثائق لم يسبق نشره حتى بلغته الأصلية، وينشر للمرة الأولى.
* يحتوي الجزء الخامس من هذه السلسلة على الوثائق الخاصة بسنة 1920 التي كانت من السنوات المهمة في تاريخ العالم، وتاريخ الوطن العربي.
وفي هذه السنة تصاعد الخلاف الهاشمي ـ السعودي، وتحتوي المجموعة على المراسلات المتبادلة بين الملك حسين والمعتمد البريطاني في جدة، وبين المراجع البريطانية في جدة والقاهرة ولندن ومن جهة، وبين الملك عبد العزيز والوكيل البريطاني في البحرين والمفوّض المدني في بغداد.
وكانت قضية الحج من أهم المشكلات التي زادت العلاقات بين الملك حسين والملك عبد العزيز سوءاً. وفي المجموعة حوالى 25 رسالة كتبها الملك عبد العزيز إلى الملك حسين والوكيل البريطاني وغيرهما ، وحوالى 20 رسالة وبرقية من الملك حسين، وبعض رسائل من الأمير فيصل بن الحسين. ومعظمها بأصلها العربي.
وفي المجموعات أيضاً عدة مذكرات وتقارير مهمة توضح موقف بريطانيا الحقيقي من كثير من القضايا، وكيفية روايتها لها، منها ـ على سبيل المثال ـ مذكرات كتبها الممثلون البريطانيون، أو دوائر الاستخبارات البريطانية في المنطقة، عن:
- حركة الإخوان.
- السيطرة على الشرق الأوسط في المستقبل.
- الحالة السياسية في نجد.
وكذلك مذكرات ودراسات أعدت في وزارة الخارجية عن:
- السياسة البريطانية في القضايا العربية.
- التغييرات في الوضع الدولي العام منذ صدور التعهدات البريطانية الرئيسية حول الشرق الأوسط.
- المفاوضات الممكنة مع الحجاز.
- السياسة المقبلة للحكومة البريطانية عن الإعانات المالية لحكام شبه الجزيرة العربية.
ومعظم هذه الوثائق مما لم يسبق نشره كاملاً، حتى بلغة الأصلية، ولم ينشر منها سوى مقتطفات قصيرة وردت في بعض الدراسات التاريخية الحديثة، وهي تنشر للمرة الأولى كاملة باللغة العربية، وربما بأية لغة أخرى.
* ضم الجزء السادس من هذه السلسلة، الوثائق البريطانية السرية عن الجزيرة العربية والخاصة بعامي 1922 و1921 وهما عامان حاسمان ومصيريان في تاريخ العالم العربي، وشكلا مفصلاً مهماً في تاريخ العلاقات البريطانية ـ العربية والعلاقات الهاشمية ـ السعودية.
وتكشف هذه المجموعة النقاب عن المراسلات المتبادلة بين الملك حسين (ملك الحجاز) وابن سعود (أمير نجد)، وبينهما وبين الحكومة البريطانية. وتتطرق إلى النزاع والخلاف القائمين بينهما حول مسألة حج الوهابيين إلى مكة، وتداعياتها على العلاقات النجدية ـ الحجازية، وتتناول تطوّر هذه العلاقات والتهديد النجدي السعودي للحجاز قبل أن تتوحّد نجد والحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز.
كذلك يعرض هذا الكتاب ما شهده عام 1921 من التزام صريح لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بـ"وعد بلفور" يمنح بموجبه إسرائيل "وطناً" في فلسطين، ويكشف النقاب عن الضغوط البريطانية الهائلة التي تعرّض لها الملك حسين في ذلك العام، وأثمرت تصديقه على "معاهدة فرساي"، وبالتالي تقسيم فلسطين بين العرب وإسرائيل في وقت لاحق.
* ويحتوي الجزء السابع من سلسلة "الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية"، على أهم الوثائق المتعلقة بالحجاز ونجد لسنتي 1923 و1924 اللتين كانتا من أهم السنوات في التاريخ الحديث لهذين القطرين العربيين. فقد مرت بهما خلال هاتين السنتين أحداث خطيرة كان لها أبعد الآثار في مستقبلهما.
وتلقي الوثائق التي يتضمّنها هذا الجزء الأضواء على موقف بريطانيا من هذه الأحداث، وهو موقف على جانب عظيم من ألاهمية، لأن بريطانيا كانت في تلك الفترة قادرة على التأثير في اتجاهها وتغليب كفة على أخرى.
ومن أهم الأحداث التي شهدها نجد والحجاز، خلال هاتين السنتين، "مؤتمر الكويت" الذي عقد كمحاولة لتسوية الخلافات بينهما، ولكنه فشل في تحقيق ذلك الهدف، واستمرت المفاوضات بين الملك حسين والحكومة البريطانية بشأن عقد معاهدة بينهما، فلم تسفر عن شيء. وخلال ذاك شنّ سلطان نجد عبد العزيز آل سعود هجومه على الحجاز، وتنازل الملك حسين عن العرش لابنه "الأمير علي" وبدأ حصار جدة الذي دام قرابة عشرة أشهر وانتهى الأمر بخروج "الملك علي" ودخول السلطان عبد العزيز آل سعود إلى جدة.
وتحتوي هذه المجموعة على بعض الوثائق المهمة بامتيازات النفط في نجد، ووثائق عن مسائل الحدودبين نجد وشرق الأردن، ومواقف الملك عبد العزيز تجاه بريطانيا والحجاز، كما تحتوي علي مراسلات بشأن تمثيل "سلطان نجد" في لندن، وموقفه من "ميثاق المحمرة" ومن العراق، وتضم أيضاً تقريراً مفصلاً عن "الأحوال الاقتصادية والمالية في الحجاز" وتقريراً آخر للمعتمد والقنصل البريطاني في جدة حول موضوع الاستيلاء على الطائف. وهي جميعاً وثائق في غاية الأهمية، وكانت في حينها على جانب عظيم من السرية.
---------------
نجدة فتحي صفوة دبلوماسي وكاتب عراقي. تخرج في كلية الحقوق ببغداد عام 1945 وواصل دراسته في جامعة لندن، وقضى في السلك الدبلوماسي العراقي 25 عاماً تقريباً عمل خلالها في لندن، وعمان والقاهرة وجدة وباريس وأنقرة وواشنطن وموسكو على التوالي، وكان وزيراً مفوضاً ومديراً عاماً للدائرة السياسية في وزارة الخارجية، وفي سنة 1967 عيّن سفيراً في الصين، وتفرغ للكتابة في الأدب والدبلوماسية والتاريخ، وحاضر في الدبلوماسية والتاريخ في عدة معاهد عالية في العراق، قبل انتقاله الى لندن سنة 1979.
عني بالأدب العربي منذ حداثته، ونشر له كتابان وهو لا يزال طالباً في بغداد، هما: "مذاهب الأدب الغربي" (1943) و"إيليا أبو ماضي والحركة الأدبية في المهجر" (1945) ومارس تدريس اللغة العربية والأدب العربي في "كلية بغداد" لمدة سنتين قبل التحاقه بوزارة الخارجية، وتحوّل اهتمامه خلال فترة عمله الدبلوماسي الطويلة، الى الكتابة في الموضوعات السياسية والتاريخية.
شارك في مؤتمرات علمية تاريخية في شتى الجامعات البريطانية والألمانية وكان أول مؤرخ عراقي يهتم بدراسة علمية، وأصدر مجموعة ضخمة منها بعنوان "العراق في الوثائق البريطانية ـ 1936".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق