الثلاثاء، 4 سبتمبر 2018

أسْوَاقُ الذَّهَبِ


أسْوَاقُ الذَّهَبِ


أسم الكتاب:  أسْوَاقُ الذَّهَبِ
الكاتب:أمير الشعراء أحمد شوقي

وصف الكتاب

«هي كلمات اشتملت على معان شتى الصور، وأغراض مختلفة الخبر، جليلة الخطر منها ما طال عليه القدم، وشاب على تناوله القلم، وألم به الغفل من الكتاب والعلم. ومنها ما كثر على الألسنة في هذه الأيام وأصبح يعرض في طرق الأقلام وتجرى به الألفاظ في أعنَة الكلام، من مثل: الحرية، والوطن، والأمة، والدستور، والإنسانية، وكثير غير ذلك من شئون المجتمع وأحواله وصفات الإنسان وأفعاله، أو ما له علاقة بأشياء الزمن ورجاله، يكتنف ذلك أو يمتزج به حكم عن الأيام تلقيتها، ومن التجاريب استمليتها، وفي قوالب العربية وعيتها وعلى أساليبها حبرتها ووشيتها، وبعض هذه الخواطر قد نبع من القلب وهو عند استجمام عفوه وطلع في الذهن وهو عند تمام صحوه وصفوه.»

مقتطفات من كتاب أسواق الذهب 
الحيــاة : 
أحق أنها هى الدم حتى يجمد ؟ وأنها هى الحرارة حتى تبرد ؟ وأنها هى الحركة حتى يقطعها السكون ؟ ، وأنها هى الجاران (1) حتى تفرّق بينهما المنون ؟ 
الحق أن افتئات الفلسفة ، على ضنائن الله (2) سفه ، وأن علم الحياة عند الذى يهبها ويستردّها ، والذى يقصرها ويمدّها ، والذى يخلقها ويستجدّها : والذى كل حىّ سواه يموت ، وكل شىء ما خلاه يفوت . 
( 1 ) الجاران : الروح والجسد 
( 2 ) ضنائن الله عز وجل : ما اختص ذاته بعلمه من الأمور

الأمس : 
أمس ما أمس ؟ خطوة إلى الرمس ( 1 ) ، خرزة هوت عن السلك ، أغلى من خرزات الملك ؛ صحيفة طويت والصحف قلائل ، من كتاب العمر الزائل ، ثلمة ( 2 ) فى الجدار ، وهت لها الدار ، وأنت غير دار ؛ جزء من عمرك حضرت وفاته ، وقبرت بيدك رفاته ، لم ترق عليه عبرة ولم تشيّعه بالتفاتة ؛ وهو القاعدة التى يُبنى عليها العمر ، والحَبّ الذى ينبت عليه الشجر ، ويخرج منه الثمر ؛ وهو الخبر والأثر ، والكتب والسير ، والأسى ( 3 ) والعبر ، وهو أبو يومك ، والولد سر أبيه ، وجدّ غدك ، فاجعله النبيل فى الجدود النبيه . 
( 1 ) الرمس : القبر مستويا مع وجه الأرض 
( 2 ) ثلمة فى الجدار : الخلل 
( 3 ) الأسى : جمع أسوة وهى ما يتعزى به الحزين

الجمـــال : 
جمعت الطبيعة عبقريتها فكانت الجمال ، وكان أحسنه وأشرفه ما حل فى الهيكل الآدمى ، وجاور العقل الشريف والنفس اللطيفة والحياة الشاعرة ؛ فالجمال البشرى سيد الجمال كله ... لا المثّال البارع استطاع أن يخلعه على الدّمى الحسان ، ولا للنيّرات الزهر فى ليالى الصحراء ماله من لمحة وبهاء ، ولا لبديع الزهر وغريبه فى شباب الربيع ماله من بشاشة وطيب . وليس الجمال بلمحة العيون ، ولا ببريق الثغور ، ولا هيف القدود ، ولا أسالة الخدود ، ولا لؤلؤ الثنايا وراء عقيق الشفاه ، ولكن شعاع علوى يبسطه الجميل على بعض الهياكل البشرية ، يكسوها روعة ويجعلها سحرًا وفتنة للناس .

الحياة وهم ولعب :
الحياة توهّم ، عشنا بالوهم الزمن الرغد ، وعشنا بالوهم الزمن النكد ؛ طاف بنا الوهم على السعادة أحيانـــا ، ومرّ بنا على الشقاء آنــًا فآنـــا ، وبالوهم عاديْنــا ، وبالوهم واليْنــا ، وبالوهم مرضنــا ، وبالوهم تداويْنــا ؛ حتى إذا جاءت سكرة الموت كان ذلك أول العهد بالحقيقة ؛ والحياة لعب ، قضينا الطفولة باللعب ، وقطعنا الشباب ملاهى وملاعب ، ولعبنا فى ظل المشيب ؛ حتى إذا جاءت سكرة الموت ؛ كان ذلك أول العهد بالجدّ .

أيها الشيّخ المهندم المقذّذ : ما غرّك بالسّنّ حتى لبست للصبا ثيابه ، ونازعْت حفيدك شبابه . إتما مثلك فى هذا البريق المزوّر وهذه النضارة المصطنعة ، كمثل الضّرس المحشوّ المكسوّ ، نُزع منه العصب ، وخُلع عليه الذهب .

حب القلوب يزول ، ويبقى حب العقول .


إليك كتاب أسواق الذهب  بقلم أحمد شوقي نتمنى لك قراءة ممتعة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق