الخميس، 13 سبتمبر 2018

لكنهم يفضلونه F killer للأسف

 لكنهم يفضلونه F killer للأسف  


 وائل قنديل
كلمتان فقط طارتا من صفحات كتاب المؤرخ الأميركي الأشهر، بوب وودورد، عن الرئيس دونالد ترامب، حملتا وصف الأخير للجنرال عبد الفتاح السيسي، الأولى نابية والثانية قاتل  killer)) لكنها جاءت في سياق إشادة من ترامب بقدرات الجنرال على تنفيذ أصعب المهام وأبشع الأعمال المطلوبة.
مضمون كلام ترامب أنه يعرف أنه قاتل وسخيف ولعين، لكنه يفضّل هذا النموذج من القتلة السخيفين، ما داموا يمارسون سخفهم في شعوبهم فقط، قتلًا وتعذيبًا وحرمانًا من أبسط الحقوق، ذلك أن القيمة الأسمى عند رجل الأعمال (المعتوه) على حد وصف الأميركيين أنفسهم، هي الأموال، من أي مكانٍ وبأية وسيلة (moneys ..jobs) وفقاً لصيحة ترامب الخالدة بعد عملية البلورة السحرية في عاصمة البلاد التي تضم الحرمين الشريفين.
وظنّي أن السيسي وجمهوره لم يغضبا من الكلمة الثانية (قاتل)، فتلك بضاعته الوحيدة، وصنعته التي يتقنها، منذ نصّب نفسه حاكمًا بعد تنفيذ مقتلةٍ، هي الأكبر والأفظع في تاريخ الشعب المصري، فضلًا عن أنه يتلقى المكافآت، من العالم المتحضّر، المتشدق بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، على الرغم من هذه المذبحة، أو ربما بسببها.
لا تخفي الأصوات الناطقة باسم نظام السيسي ريادتها في أعمال التصفية الجسدية والتعذيب والسطو على أموال الناس وممتلكاتهم، والتشهير بهم، والخوض في أعراضهم، فهذا يمكن، ببساطة شديدة، أن تسمعه في برامج التوك شو، وكأنهم يتحدّثون عن حالة الطقس أو أسعار العملة أو نتائج مباريات كرة القدم، بحيث صار التحريض على قتل المعارضين، وتصفيتهم شيئًا اعتياديًا منذ سنوات، بل ويتلقى عليه النظام مساعداتٍ ومنح بمليارات الدولارات، مكافأة على عملية قتل الربيع العربي، ابتداءً بثورة يناير المصرية.
لا يختلف الأمر كثيرًا من السيسي إلى بشار الأسد، إذ عرفت الدفعة الجديدة من الطغاة الدمويين العرب من أين تؤكل كتف الغرب الذي يمكن أن يتسامح كثيرًا، بل ويكافئ القتلة من الحكام العرب، على مجازرهم بحق شعوبهم، ما داموا يقدّمون خدمات جيدة في مشاريع الاستثمار في الحرب على الإرهاب.
 ولو عدت بالذاكرة إلى يناير/ كانون ثاني 2015، ستجد طغاة دمويين وقتلةً كانوا يتصدّرون مسيرة باريس للدفاع عن حرية التعبير والحق في الحياة، يمشون بالأسود الأنيق كتفًا بكتف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الصهيوني، على بعد شهورٍ قليلةٍ من مجازر العدوان على غزة، وقتل أطفالها ونسائها في الملاجئ والمشافي. ومع ذلك، كان الغرب الإنساني المتحضر قابلًا بفكرة (أو صفقة) تصوير فيلق القتلة وسفاكي الدماء، وكأنهم صاروا فجأة إنسانيين ومتحضرين ومرهفي الحس، بينما دماء ضحاياهم لم تجفّ بعد.
لخّصت هذه الصورة مبكرًا للغاية نمط العلاقة بين الحكومات الغربية وفيلق الطغاة والمستبدين العرب، وهو النمط الذي لا يختلف، في جوهره، عما يفعله ترامب، 
نعم: نعلم أنهم مستبدّون وقتلة لكنهم مفيدون لنا، وانظر إلى الحالة الإيطالية على سبيل المثال، على ضوء جريمة تعذيب الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، وقتله وتشويه جثته، على يد أجهزة الأمن المصرية، ستكفيك دليلًا.
ينطبق الأمر ذاته على رعاة الطغيان الإقليميين، فهم يريدونهم قتلةً ودمويين، يسهل تحريكهم بأموال المنح والمساعدات، والتحكّم في قرارهم السياسي، ليصل الحال بشابٍ أرعن، مثل تركي آل الشيخ، حالم بالهيمنة على الرياضة المصرية إلى أن يقول على فضائية، يمتلكها في مصر "طفح بي الكيل، وأطلب من عبد الفتاح السيسي رئيس مصر أن يرى حلًا نواجه به المضايقات التي يتعرّض لها القطاع الاستثماري والرياضي".
هكذا يُخاطَب حاكم مصر الآن مأمورًا بأن يتدخّل لمنح فريق المستثمر السعودي نقاط مباراة كرة قدم في الدوري المصري، بهذه السهولة، ولم لا وقد جرّبوه من قبل في جزيرتي تيران وصنافير، فلبّى طائعًا صاغرًا؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق