الأحد، 30 سبتمبر 2018

أبو ظبي وصناعة الأزمات: أليس فيهم رجل رشيد؟!

أبو ظبي وصناعة الأزمات: أليس فيهم رجل رشيد؟!


الشيخ محمد المختار دي
فتش عنها وراء كل أزمة وابحث عنها بعد أي مشكلة تقع في عالمنا العربي، سل عنها شوارع القاهرة ومساكن بنغازي درنة ومباني عدن وصنعاء، فستجيبك أزماتها بأنها جزء من الأزمة إن لم تكن هي الأزمة نفسها، فرغم أنها من بني جلدتهم فإنها غيرت جلدها كثيرا بعد رحيل قائدها ومحبوب العرب الأول الشيخ زايد، ورغم أنها الدولة المسلمة والمحتضنة للعديد من الفعاليات الإسلامية والمسابقات القرآنية وتلك شارقتها شاهدة على ذلك، فإنها في سنينها الخالدية بدت في حرب مع المساجد ومراكز العلم ودور الفقه وتحفيظ القرآن، وسواء كان مبررها في ذلك حربا على الإخوان أم غيرهم فلا عذر لها أمام عامة المسلمين في الهجوم على المناهج والمقدسات.
ها هي أصابع الاتهام القادمة من شمال أفريقيا، وتحديدا من بلاد شنقيط الهادئة قبلها والبعيدة جدا عن العالم   تشير في أزمتها المفتعلة إلى الإمارات وإلى أبو ظبي راعية الانقلابات وفاتنة الجنرالات.
وأمامنا قرار جنرال موريتانيا محمد ولد عبد العزيز المنتهية ولايته قريبا بإغلاق مركز تكوين العلماء الذي أنشأه العلامة الموريتاني المعروف محمد الحسن ولد ددو عام 2007م ليكون فكرة رائدة لتدريس العلوم الشرعية والأدبية للشباب في بلد تغيب فيها المبادرات ويغيب التعليم.
لقد بدا الأمر قرارا إماراتيا وإملاء واضحا خاصة مع الاحتفاء الاعلامي الإماراتي بإغلاق مركز تكوين علماء في موريتانيا، كما لا يخفى على أي عاقل من يتربص بكل شيخ مخالف لسياسة أبو ظبي.
وهي التي طالما أمدت بأموالها جنرالات العرب ليقتلوا كل ديمقراطية وليدة في بلادهم ويفتعلوا أزمات إن لم يكن لديهم أزمات. ألم تزين أبو ظبي للسيسي فعله بالمصريين وببلده الذي حوله من أم التاريخ والحضارات إلى مركز ترعاه الإمارات بأموالها؟
ألم تدفع دبي بحفتر والليبيين إلى التقسيم والانقسام والحروب التي لا يعرف متى تنتهي فكلما اقتربوا من الحل والتوافق زينت لجنرالها هناك وأمدته بالسلاح وبشهادة أممية؟
فقبل أسابيع خرج تقرير الخبراء الأمميين متهما الإمارات وبالأدلة بخرق قرار حظر السلاح المفروض على ليبيا بسب الأزمة الراهنة هناك أو على الأصح المرهونة بمن يصغي للإمارات.
أما اليمن فسجن كبير وعذاب أكبر فالبلد الذي رعى علي عبد الله صالح وساهم بتقويته، هو نفسه الذي عاد بعد سنوات ليعيد الشرعية المغتصبة، فبنى سجونا ليعذب فيها الثوار وأنصار الشرعية واستولى على موانئ البلاد وخيراتها وزاد الطين بله والفقر فقرا وفوق الأمراض أمراضا، ثم جاءت محاولة رابعة فاشلة كشفت عنها صحيفة فرنسية وهي محاولة تدبير انقلاب وقتل ديمقراطية وليدة وطبعا المستهدف بلدا عربيا بل هو رأس الربيع ومهده وصاحب التجربة الأفضل تونس التي أرادت اليد الإماراتية أن تطولها ولكن الشعب أبى إلا الحياة.
الصومال الجريح لم يسلم من الاستفزاز وهو المطعون بداخله ولديه من الجراح ومن الأزمات ما يكفي. حاولت أبو ظبي الدخول إليه بأموالها فأبت مقديشو التي استعصت ذات يوم على  أقوى بلد في العالم "الولايات المتحدة الأمريكية" ولقنتها درس حرب قبل أن يكون درسا سياسيا.
وأما الشقيقة الأقرب لها جغرافيا وتربطها بها روابط الدم الخليجي فتلك قصة أخرى تحتاج أكثر من مقال واحد لسردها كحال قصة صفقة القرن التي قيل إنها ممولة من قبل حكام أبو ظبي اليوم، تفتعل أزمة في بلد طالما كان بعيدا عن العالم سياسيا واقتصاديا وفي كل المجالات، قبل أن تصله حرب الإمارات على الإخوان ويبدأ عسكره بترداد تلك النبرة السيسية الشامية الحفترية السعودية والمعزوفة الملهمة للإمارات: الإسلام السياسي خطر على الأمة، وتلك نبرة تحتاج الكثير من تمويل ليس أقله الرز السعودي ولا أعلاه الدراهم الإماراتية.
لقد أصبح العرب معتادين فيما يبدوا على الأزمات والنزاعات وإذا لم يكن عند جنرال عربي أزمة فما عليه سوى الاتصال برقم مسؤول إماراتي أو زيارة مطار دبي ليعود محملا بالرسائل ومشحونا ضد الإخوان وإخوان الإخوان من المعارضين وحتى الذين لا علاقة لهم بالسياسة سيدخلونها مجبرين.
هذه هي إمارات زايد شيخ العرب ومحبوبهم الذي خلف من بعده خلف أضاعوا أمجاده وربما يضيعون بلده فلم يتركوا لهم شقيقا عربيا إلا آذوه، وليست موريتانيا الأولى ولن تكون الأخيرة. لقد أدمعت قبلها عيون في عدن وصنعاء ودرنة وبنغازي وحارات القاهرة وكادت الخضراء تسقط في الفخ أفلا يحق لي ولكل مواطن عربي آذته الإمارات وآذت بلده وتريد أن تؤذيه، أفلا يحق لنا أن نسأل الإمارات: لماذا لا ترسمون البسمة على وجوه الشعوب العربية بدلا من صناعة الأزمات وافتعالها؟
أليس فيهم رجل رشيد يسدي نصيحة لحكام أبو ظبي قبل فوات الأوان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق