مقدم الحلقة:
ماهر عبد الله
ضيف الحلقة:
د. سلمان العودة: المشرف العام لمؤسسة الإسلام اليوم
تاريخ الحلقة:
12/10/2003
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
موضوعنا لهذه الحلقة سيتركز -بإذن الله- حول مفهوم الحرية، الحرية الآن تعتبر شعار المرحلة، خرج العالم للتو من حرب عالمية بكل المقاييس لفرض الحرية، سُمِّيت حرب تحرير، وسُمِّيت في البداية كان يفترض أنها.. أن تكون حرب الحرية المطلقة لتحرير شعب من نير.. القمع، من نير منعه من ممارسة حقوقه، من نير أن يعيش كما يريد أن يعيش، لا ندري عما ستسفر المخاضات الأخيرة لهذه الحرب، لكن كانت تجسيد فعلي وقوي وعنيف لمصطلح -كما قلت- يعتبر هو الآن الشعار الأول ليس فقط في عالمنا العربي، ولكن للعالم أجمع.
هناك أزمة حرية شديدة وكبيرة في عالمنا العربي، لكن للأسف الشديد يبدو أننا عندما نتحدث عنها نكاد نحصرها في الجانب السياسي، الحرية في أن نمارس حقنا السياسي، لكن هي أوسع من هذا أو يُفترض أنها أوسع من هذا.
عندما يتعلق الأمر بالإسلاميين هناك دائماً مخاوف من أن الإسلاميين هم أشد الناس حرباً للحرية لاسيما عندما يحاصرونها بالأخلاق، ثمة ارتباط كبير بين أن تكون حراً وبين أن تلتزم بمنظومة أخلاقية تضع قيوداً عند.. عندها يجب أن تتوقف.
مخاوف من الإسلاميين كثيرة، لكن أظن أنه من أحسن من يمكن أن يتحدث معهم حول هذا الموضوع وحقيقة حول مواضيع أخرى هم أصحاب المشاريع الذين يطالبون بإعادة تصحيح مسار هذه الأمة، جزء من نهضتها، ولكن ضمن شروطها الثقافية الخاصة بها، من خيرة هؤلاء -ولا نزكي على الله أحداً- الشيخ سلمان العودة، والشيخ سلمان العودة يمكن أن يوصف بأنه معارض سعودي سابق مع التركيز على كلمة سابق، لا ندري ربما مع نهاية هذا الحلقة سنتبين تأكيداً لهذا أو.. أو عكسه.
الشيخ سلمان العودة سبق له أن دفع ثمن لآرائه، كما عبر عنها في نشاطاته السياسية أو في.. في خطبه أو أشرطته المسجَّلة، كان من الذين من أوائل من بادر حقيقة بعد حرب الخليج للمطالبة بالإصلاح في المملكة العربية السعودية وفي منطقة الخليج والعالم العربي والإسلامي بعد هذه الخمس سنوات، وبعد خمس سنوات من انتهائها ثمة مقاربات للوصول إلى حلول وسط أثبت الزمن أن ليس كل ما طالب به كان غريباً ويستحق العقاب، كما أنه -لاشك- مر بمرحلة أيضاً مراجعات، وهذا شأن كل من يحمل هم أمة وهم شعب يُفترض أنه يعيد ترتيب أولوياته طبقاً للمرحلة.
سيدي، أولاً أهلاً وسهلاً بك في (الشريعة والحياة).
د.سلمان العودة: مرحباً بكم.


ماهر عبد الله: إحنا كنا حريصين على استضافتك الحقيقة من فترة طويلة، ولكن حالت ظروف دون ذلك.
سهل على من يُوصف بالمعارض السياسي أن يطالب بالحرية، لأنه في العادة أنت تطالب بالإصلاح السياسي لأنك تشعر بنقص في الحرية المتاحة بنوع من الضيق، لكن فيما لو ملكت سنعرف سلمان العودة آخر، فيما لو مُكِّنت، ليس بالضرورة من حكم دولة، ولكن من مشروع، من مدرسة، من جامعة، لأنه المسألة.. بداية عندما نتحدث عن الحرية، عندما تتحدث أنت عن الحرية كإسلامي كصاحب مشروع إصلاحي ينادي بالإصلاح، ما الذي تقصده؟
د.سلمان العودة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أولاً: لا أريد أن أستبق ربما لديك أسئلة أو محاور معينة في مقدمتك اللي ربما هي عدد من النقاط التي تستحق إننا نتحاور حولها، وأقفز إلى سؤالك الأخير المتعلق بالحرية ومفهوم الحرية.
أولاً: الحرية كلمة مأنوسة وكلمة جميلة، ويتغنى بها الجميع، ومن هنا أصبحت -كما ذكرت- شعاراً لكثير من الحروب التي تشن باسم الحرية، وربما نحن رأينا اليوم -على سبيل المثال- ما جرى في العراق، هذه هي.. يعني هذه هي الحرية التي ربما يتم التغني بها في كثير من الأحيان، فأقول إن كلمة الحرية كلمة جميلة، وكما يقولون في المثل: أيتها الحرية.. أيتها الحرية.. أيتها الكلمة الجميلة، كم من الجرائم قد اقترفت باسمكِ.
إذن نحن نريد أن نحدِّد أن الحرية ذات مفهوم واسع، وذات مفهوم غني، وذات احتمالات، وهي مصطلح مثله مثل أي مصطلح آخر يمكن أن يخضع لابتزاز، يخضع لتلاعب، يخضع للتوظيف السياسي أحياناً أو الحزبي أو المذهبي أو أي شيء آخر، لكن يجب أن نشير إلى أن العالم اليوم يشهد -بغض النظر عن التوظيف السياسي- العالم والعالم الغربي على وجه الخصوص يشهد إبرازاً كبيراً لهذه القيم، قيم الحرية، قيم حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل إلى آخره، حقوق الأقليات، فمن هنا أصبحت لغة إعلامية عالمية واسعة جداً، وأصبحت ممارسة على صعيد الفرد وعلى صعيد المجتمعات الغربية بشكل قوي، ربما الكثير من المسلمين يتوجسون خيفة من هذه الكلمة، لأنهم يفهمون منها جانبها المتعلِّق بالانفلات ربما، يفهمون الحرية الطليقة من القيود، والطليقة من القيم، والطليقة من المعاني الأخلاقية.
بينما الحقيقة إن الحرية الحقيقية هي المحافظة على القيم والمحافظة على حقوق الإنسان وحتى القيم الأخلاقية، يعني من معاني الحرية مثلاً التحرر من سلطة النفس، مما يسمى بالهوى، أو كما كان السلف يسمونه الشهوة الخفية، هذا النوع من الحرية لا يحصل عليه إلا أولئك الذين تحرروا من قبضة أنفسهم وأهوائهم، فربما البعض يظن أن الحرية هي أن يطلق العنان مثلاً لأمزجته، لذوقه، لعواطفه، لشهواته مثلاً، بينما الواقع أن الحرية من معانيها وشروطها التخلُّص من ضغط النفس ومن إملاءات الشهوات الرديئة المنحرفة.
إذن نحن نقول إن الحرية كلمة شرعية، يعني عمر -رضي الله عنه- مشهور عنه كلمته المشهورة: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، كلمة لها قيمتها، لها معناها، دلالتها اللغوية في الأصل ليست مقصورة على الحرية في مقابل الرق، كما يستخدمه الفقهاء أحياناً، وإنما يطلقون الحرية على معاني الكرم والرجولة، كما أيضاً هند لما قالت: يا رسول الله، أَوَ تزني الحرة؟ إذن عندهم للحرية مفهوم قريب مما نعانيه الآن ونتحدث عنه، وهو الحرية بمفهومها الذي.. مفهومها الغني الذي ينطلق من المحافظة على قيمة الإنسان كمخلوق خلقه الله -سبحانه وتعالى- وكرمه وأعطاه كثير من الخصائص، الغرب ربما تحدث كثيراً قوانين حقوق الإنسان، المدوَّنات التي صدرت من الأمم المتحدة وغيرها وشرحت في المؤسسات والمعاهد المختلفة أيضاً، ما هو الموقف من هذه الأشياء؟ ربما الكثير من الناس عندنا أصبحوا يتوجسون خِيفة من كلمة الحرية، وأصبح ربما رد الفعل الطبيعي..


ماهر عبد الله[مقاطعاً]: لأ خليني، طب اسمح لي قليلاً بس يعني فيه بالعكس هو الناس مش بس فقط يعني يتوجسون منها خِيفة، هناك حزب إسلامي معلن ومشهور يتحدث على أنه لا حرية أصلاً، لأننا محكومون ومقيدون بالنصوص في كل ما نفعل، فكيف تجمع بين هذا الأفق الرحب الذي نشرت فيه الحرية على الصعيد الشخصي على الأقل لو تحدثنا، هل نحن فعلاً مقيدون بالنصوص بحيث أننا نفقد الكثير من حريتنا؟
د.سلمان العودة: نعم، أنا أريد فقط أن أقول إن.. إن نظرتنا إلى الحرية يجب ألا تكون مجرد نقد لممارسات الغرب مثلاً كما تحدثنا قبل قليل مثلاً، الممارسة الغربية في العراق أو في أفغانستان أو في أي مكان ما أو.. أو في فلسطين أو في غيرها مثلاً، هذه ألوان من الممارسات المنحرفة البعيدة كل البعد عن.. عن القيم، فينبغي أن ننظر نحن إلى الحرية نظرة ابتدائية باعتبارها قيمة شرعية في.. في كتاب ربنا وفي شريعتنا وفي تاريخنا.
أما ما يتعلق بموضوع هل يوجد حرية، وهل نحن مقيدون بالنصوص، فأعتقد إنه يعني المسلم هو أخذ هذا الوصف كفرد، وهكذا الأمة الإسلامية أخذت هذا الوصف كأمة من منطلق إيمانهم بالله سبحانه وتعالى، وإيمانهم بالقرآن الكريم، وإيمانهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، إيمانهم بالقواعد الشرعية والثوابت والمسلمات القطعية التي لا جدل حولها، ومن هذا المنطلق هم مقيدون بهذا الاعتبار، لكن هذه النصوص نفسها هي منحتهم قدراً كبيراً واسعاً من الحرية، وحتى أولئك الذين لم يؤمنوا بهذا الدين، يعني أنا أقف عند قول الله سبحانه وتعالى: (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، يعني الله -سبحانه وتعالى- قادر على أن يخلق الناس كلهم مؤمنين، ولكنه أعطاهم هنا الخيار، الخيار لا يعني أن الله -تعالى- أباح لهم أو أذن لهم أن يكفروا، لكنه مكنهم من القدرة على هذا..
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: لكن إذا سمحت لي حتى هذه.. حتى هذه الآية يذكرها بعض من يقولون بأن الحرية غير موجودة أصلاً، إنها إنما وردت في معرض التهديد يعني (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) لكن اللي هيكفر..
د.سلمان العودة: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ..)
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: سيدي، ما.. ما تفضلت به يعني حتى الآية التي ذكرت هناك من يفسرها على أنها سيقت في معرض التهديد والوعيد.
د.سلمان العودة: نعم، ولذلك في آخرها قال (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، أنا أقول: هذه الآية هي صريحة بظاهرها، الواقع يؤكد أن الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان بكفاءة وقدرة على سلوك هذا الطريق أو ذاك، (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ)، (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، حتى طريق الانحراف مثلاً طريق الجريمة يستطيع الإنسان أن.. أن يحوله، إذن الآية تدل بظاهرها على الحرية، لكن الحرية هي مسؤولية في نفس الوقت، بمعنى أنه لا يتصور أبداً أن إعطاء الإنسان قدراً من الحرية معناه أن الإنسان فقد قيمته، وفقد معناه، الحرية مسؤولية، فأنت حينما تكون أمام عدد من الخيارات تختار واحداً منها، لكنك تتحمل مسؤولية هذا الاختيار، ومن هنا الله -سبحانه وتعالى- قال: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا)، وقال في الآية التي بعدها (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أيضاً يعني فيما يتعلق.. ربما أحد يطرح موضوع القضاء والقدر أيضاً، باعتبار إنه.. نحن لا نريد أن ندخل في هذه الجزئية في العمق، ولكن يكفي أن نعوِّل على الشعور الضروري الذي يشعر به الإنسان العادي وهو يسلك طريقة معينة، هو يشعر برغبة ذاتية، يشعر بإرادة من داخله إنه يسلك هذا الطريق أو ذاك، هو لا يشعر أن هناك قوة، ولذلك الكثيرون تحدثوا بعد كلام فلسفي طويل وأخلاقي إنه يكفي هذا الشعور الضروري عند الإنسان أنه يختار الطريق الذي يريد، فهذا يحمِّل الإنسان مسؤولية اختياره، يتحمَّل تبعاته، بل بالعكس أنا أقول: يعني في الآية الكريمة الله -سبحانه وتعالى- أعطى الإنسان أن يسلك هذا الطريق أو ذاك، مع إنه لو تأملت النتيجة المترتبة على هذا السلوك وجدتها نتيجة يعني ضخمة للغاية، إنه الإنسان ممكن يدخل الجنة، وممكن يحرم منها ويدخل النار خالداً فيها مثلاً، مع.. إذن الاختيار هنا للإنسان واضح، فمن هنا نقول: إن الإنسان يختار، ولكن هذا الاختيار يترتب عليه مسؤوليات دنيوية ومسؤوليات أخروية، الرسول نفسه -عليه الصلاة والسلام- خاطبه الله تعالى بالشيء ذاته (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، فهو يقول سبحانه للنبي -صلى الله عليه وسلم- إنه يعني أنت لا تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين..
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: تسمح لي في.. في أي معرض نزلت هذه.. هذه الآية تحديداً هذا التعليق في أي معرض نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم؟
د.سلمان العودة: هو ليس للآية سبب نزول خاص فيما أعلم وأحسب، ولكن الآية تظل بغض النظر عن وجود سبب نزول إلا.. إلا أنه كما يقال: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالله -سبحانه وتعالى- هنا يقرر للرسول -عليه الصلاة والسلام- أن الذي بيديه هداية الناس هو الله عز وجل، فلو شاء لهداهم أجمعين.


ماهر عبد الله: يعني سبب سؤالي هنرجع له في.. في محور آخر خلينا نؤجلها شوي، خلينا ندخل في.. في الجانب السياسي، نترك هذا الإطار العام عن الحرية المطلوبة كقيمة جميلة لابد من السعي إليها، عندما نتحدث عن شخص مثل سلمان العودة، لديه فكرة، لديه تصوُّر، لديه مشروع عما يجب أن يكون عليه حال الأمة، خلينا نستخدم هذا التعبير، في هذا الإطار ما الذي تعنيه لك الحرية عندما نتحدث عن إصلاح في العالم العربي والإسلامي، هناك حالة من الإجماع لأنه لم يعد أحد ينكر أننا بحاجة إلى إصلاح، لا في المعارضة ولا في.. في السلطات، جمع سلطة، هل نحن نتحدث فعلاً عن جانب سياسي صرف وفي هذا الإطار ماذا نعني؟ يعني هل يمكن أن نرى دولة -فلنقمها على المريخ- بزعامة إسلامي سلفي تحديداً -وأنت محسوب على التيار السلفي- ونرى فيها حزباً شيوعياً يعمل براحته، نرى أقلية غير مسلمة تصل إلى جزء كبير من السلطة لأنه عددها يسمح بذلك.
د.سلمان العودة: نعم، طبعاً بالنسبة للحرية يعني أشرت أنا في المقدمة إلى أن الحرية مفهوم غني واسع، هناك الحرية السياسية، هناك الحرية العلمية أو الشرعية، هناك الحرية الاجتماعية، هناك الحرية الفردية والذاتية، إذن نحن نطرح المفهوم بشموليته، ومنه الجانب السياسي اللي تحدثت عنه، فيعني قضية أن يكون للناس الحق في أن يدلوا مثلاً برأيهم في أن يشاركوا بقراراتهم، في أن يتحدثوا حديثاً عاقلاً منضبطاً عن مشكلاتهم، أعتقد إن هذا شيء لا يعني لابد منه، الإسلام نفسه يكفل هذه الحرية سواء في نصوص الكتاب والسُّنة أو في الممارسات النبوية أو الراشدية فيما بعد ذلك، بمعنى أنه لكي يكون الفرد المسلم منتمياً إلى هذا المجتمع لابد أن يكون مشاركاً فيه، لابد أن يكفل هذا المجتمع له حقوقه، حقوقه كإنسان، حريته في التعبير عن رأيه، في التعبير عن.. عن وجهة نظره، أنت أشرت -قبل قليل- إلى قضية مسألة المعارضة، أنا في نظري إنه ربما كثير من صيغ المعارضة قد تكون أحياناً مرسومة من دول أو.. أو مدروسة أو هي جزء من المشهد السياسي، ليست بالضرورة تعبيراً جاداً صادقاً عن معنى الحرية، الحرية هي في قدرة الإنسان على التعبير عن رأيه، يعني سواء كان موافقاً للسلطة أو كان معارضاً لها، لأنه ليست القضية مسألة أنه يعني يكون هناك نوع من المشهد المتبادل بين هذا الطرف وذاك، فالذي أعتقده أنه حين نتحدث عن الحرية كقيمة شرعية، وأما بالنسبة للواقع الإسلامي حتى على الصعيد السياسي أو.. أو على الصعيد العلمي الفقهي أو على الصعيد الحركي الدعوي كما أن تشير أكثر من مرة، أو الاجتماعي لا نعتقد أن الواقع اليوم هو الذي نحن نتحدث عنه أو نقدمه مقارنة بالدعوات الغربية..

ماهر عبد الله: هذا.. هذا كان سؤالي، يعني أنت استبقت.. استبقت سؤالي التالي إليك، وهو أن ما تفضلت به عن هذه المكفولات العديدة، هذا على الصعيد النظري، هذا ما كفلته النصوص، هذا ما.. ما كفله علماؤنا عندما كان الإسلام مرتاحاً وهو سيد الموقف في.. في.. في هذا الكون، سلمان العودة مر بمجموعة تجارب، قراءاته الخاصة.. أعاد بعض قراءاته الخاصة، من خلال متابعتك لحركة الفكر الإسلامي -لنقل- في الخمسين سنة الماضية، هل أنت راضٍ؟ تقديرك الشخصي بعد كل هذه التجربة، هل أنت راضٍ عن ما يجري من ممارسة للحرية أو حصر لها بالأحرى عندما نتحدث لنكن صرحاء، التيار العام والغالب في الفكر الإسلامي بمختلف تياراته الداخلية واضح أنه ينافي الحرية، هذا تقديري، هل أنت راضٍ عن حركة الفكر الإسلامي فيما يتعلق بالحرية؟
د.سلمان العودة: والله أنا في نظري إنه فيه خلل كبير في هذا الجانب، وإنه ربما الفكر الإسلامي والدعوة الإسلامية بشكل عام انهمكت في كثير من التفاصيل والجزئيات والخصوصيات على حساب طرح النظريات الواقعية التي تكافئ ما يحتاجه الناس اليوم، وتساهم في حل مشكلاته، ربما في كثير من الحالات، يعني حتى داخل الأطر الإسلامية نفسها لا تجد هناك ممارسة جادة وصادقة للحرية بضوابطها الشرعية، فكيف تستطيع يعني كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه، يعني نحن نريد أن نقدِّم للناس يعني أن.. أن دين الإسلام هو الذي يكفل لهم حقوقهم..
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله: سيدي، كان سؤالي إليك عن.. عن تقييمك الشخصي، تقويمك -إذا حبينا نصححها لغوياً- لوضع الفكر الإسلامي يبدو مخيف لكثير من الناس، حتى بعض الإسلاميين الذين عرفوا حقيقة الحرية، عرفوا إنه هذا الخطاب مخيف، يعني تجد إسلامي لا يعتد بإسلامي آخر، يعني لا يريد شيعي في.. في دولته السُّنية مثلاً؟ تقييمك للخمسين سنة الماضية هذه، كيف كانت حركة الفكر الإسلامي في علاقته بموضوعات الحرية؟
د.سلمان العودة: يعني أنا في تقديري إنه هناك خلل كبير جداً في داخل إطار الفكر الإسلامي والحركة الإسلامية في موضوع الاعتراف بهذه القيمة، تقديري إن هذا الخلل يرجع إلى جانبين.
الجانب الأول: الوضع السياسي الذي تعيش فيه جميع النظم التي نشأت فيها هذه الحركات، فهي نشأت في ظل أزمة وظروف غير طبيعية، وأعتقد إنه يعني من الطبيعي أن يكون انعكاس الأوضاع على الأفراد وعلى المؤسسات والمجموعات الموجودة في العالم الإسلامي.
الجانب الآخر: إنه ربما أشرت إليه أنت ضمناً قبل قليل، وهو قضية إنه البعض ربما يوظف النص الشرعي توظيفاً غير صحيح، نحن نؤكد دائماً على أهمية الفصل بين النص الشرعي الذي له القداسة والمرجعية عند كل المسلمين، وبين اجتهادي الخاص في فهم هذا النص، ما دامت في هذا ليس موافقة ليس قطعياً مثلاً، وليس إجماعاً تلقته الأمة واستقرت عليه، وإنما هو اجتهاد ضمن اجتهادات أخرى، قد لا يعدو أن يكون اختياراً معيناً، فمن الخطأ أن يرقى اجتهادي في هذه الحالة سواء كان اجتهادي فقهياً أو حركياً شخصياً أو حتى جماعياً أن يرقى إلى رتبة أن يتم المفاصلة عليه، واعتباره مفصل للولاء والبراء مثلاً أو المباعدة، يعني الوضع السياسي المغلق الخانق في العالم الإسلامي، وربما بعض المفاهيم الشرعية التي تسرَّبت بطريقة ضيقة، أفرزت نوعاً من الإشكالية، ولذلك ربما يكون الكثير من الإسلاميين ممن يصح أن يوصف عليه بأنه يعني هو ضحية، وهو يمارس التعذيب في الوقت ذاته يعني فهو ضحية عسف وربما مصادرة وإقصاء وتهميش ومطاردة واغتيال في كثير من الحالات، وفي الوقت ذاته ربما هذا ينعكس عليه، أعتقد أن العملية فيها دورة تحتاج إلى أن نبحث أين بداية هذه الحركة.
ماهر عبد الله: اسمح لي كونك ذكرت هذا يعني التفريعة ليست في جوهر الموضوع، ولكن مهمة في التعامل مع النصوص، يعني أفهم من.. من خلال كلامك إقرار بأثر البيئة في فهم الإسلام وفهم نصوصه، كأنك تقر أنه هناك...
د.سلمان العودة: هو.. هو أولاً قبل أثر البيئة، أثر الشخص نفسه، كل إنسان عنده تكوين، تركيب نفسي وخلقي معين، يعني أبو بكر غير عمر، فأبو بكر رجل مؤلف محبب في قومه، فيه سماحة، بينما عمر فيه القوة والشدة، ولذلك مواقفهم حتى في فهم بعض القضايا والاجتهاد فيها مختلفة، كمثال موقفهم في قضية أسرى بدر، ماذا كان يريد أبو بكر يعني تأليفهم وفكاكهم، بينما عمر كان يرى قتلهم، إذن هذا الجانب وهذا يؤثر حتى على اجتهاد الإنسان في كثير من الأحيان، فربما تجد الشخص الذي يكون هو شديداً على نفسه، وآخذاً نفسه وأهله بالعزيمة، ربما تجد الغالب أنه يميل إلى أخذ هذا اللون من الاجتهادات الفقهية التي تتناسب مع هذه التركيبة النفسية التي جُبِلَ عليها، وهذا أمر طبعاً لا.. لا يستطيع الإنسان الفكاك منه، بطبيعة الحال إلا أن يخرج من دائرة البشرية، لكن يقظة الإنسان، ملاحظة الإنسان لهذه الإشكالية ربما تعينه على أنه يحاول التجرد قدر المستطاع، ويراقب أثر الطبيعة النفسية على اختياراته الشرعية والفقهية والعلمية.
الجانب الثاني أيضاً وهو قضية البيئة، ما المقصود بالبيئة، المجتمع مثلاً، الظروف المحيطة، المناخ، الخلفية الثقافية، هذه الأشياء كلها تساهم في تشكيل الإنسان وفي تكوين عقليته، والتي ينظر بها إلى النص، ولهذا نعود لنقول: إن النص الشرعي له طلاقة، وله قداسة وله عصمة ليست للمجتهد العادي، الشافعي -رحمه الله- لم يكن يؤاخذ مالك في مخالفته أو العكس، والشافعي نفسه أيضاً كان منسجماً مع نفسه، ربما يختار قولاً اليوم، ويختار غداً قولاً آخر، لأنه لا يشعر أن ما يختاره أمر قطعي، وأنه دخل في النص بالاجتهاد فيه.
ماهر عبد الله: طيب اسمح لي قبل ما أسألك سؤالي الثاني، بس أذكر الأخوة المشاهدين إنه بعد قليل سنستقبل مشاركاتهم إما على رقم الهاتف: 4888873، بعد المفتاح الدولي لدولة قطر. أو على رقم الفاكس: 4890865 أو على الموقع الرئيسي على الصفحة الرئيسية (للجزيرة) نت على العنوان التالي: www.aljazeera.net
هذا الحديث عن عسف وقمع الموجود أثر على وضع الأمة، المسؤول عن التخلف النهضوي والابتعاد عن التنمية، ليس فقط أثر على هذا إنما انعكس على فهم النصوص -كما فهمت من.. من كلامك- وخلى بعض الناس حتى تتخوف من الحرية، وبدوا كأنهم مشاريع قمعية، قبل أن يصلوا إلى السلطة، هذا الوضع السيئ لابد من.. من فكاك منه، الطرح الإسلامي التقليدي، عندما نقول الإسلام هو الحل، الناس تطالب بتطبيق الشرعية، على هذا المنبر من حيث تجلس، من.. من فترة فضيلة العلامة الدكتور القرضاوي قال كلمة استفزت بعض الناس وأثارت ردود فعل، أنا كنت يعني رأيتها منطقية جداً، قال: للخروج من هذه الأزمة، وكونه نحن نتحدث عن مشروع إسلامي الآن قرابة القرن من الزمان، مطالبة بالشريعة، الأولى لنا الآن كحل مرحلي أن نطالب بالحرية، أن نقدم المطالبة بالحرية على المطالبة بتطبيق أحكام الشريعة، ليس تقليلاً من أهمية المطالبة بالشريعة، ولكن لأن الحرية هي الآن المطلب الأكثر إلحاحا، إنساناً يعني مثل الداعية الإسلامي سلمان العودة، يعيش في.. في منطقة متهمة بالجمود، بريدة للأسف لسبب أو لآخر اكتسبت هذه الصفة، إلى أي مدى يمكن للمفكر الإسلامي سلمان العودة أن يتفق مع هذه المقولة؟
د.سلمان العودة: نعم، يعني تحاسبني على قضية بريدة هذه.
ماهر عبد الله: الحرية.. يعني أنتم متهمين بالغلو إسلامييكم وعلمانييكم، الحَجْر للأسف وضع -صحح لي إذا كنت أنا غلطان- الحَجْر على الآخر، العلماني لا يريد الإسلامي أن يتنفس.
د.سلمان العودة: يعني عفواً، أنا أعتقد إنه هذا يعني بشكل عام يعني ربما في.. في العالم الإسلامي، قضية الأحادية، نعم تتفاوت المناطق، الأحادية في الرأي، قضية القطعية، قضية تحويل الرأي الخاص، أحياناً محاولة إلباسه لبوس يكون يستعصي على النقد، ويستعصي على المراجعة، هذه لما تنظر إليها على الصعيد السياسي أو على الصعيد الإسلامي، أو على الصعيد العلماني أحياناً، تجد أنها ظاهرة موجودة، وربما في كثير من الممارسات، يعني لو انتقلت إلى الطرف الآخر، بعض الممارسات العلمانية مثلاً، ربما تلاحظ بها المشكلة ذاتها، نعم نحن نقول إنه معالجة، وهذه القضية يجب أن تكون قائمة وأعتقد أن محاولة تعويد الناس على الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى بهدوء، التعبير عن آرائهم أيضاً، لأن الإنسان الذي يمنع من التعبير عن رأيه، ربما يحترم هذا الرأي في نفسه، يتحول أحياناً إلى بركان، وربما ينفجر بطريقة غير.. غير صحيحة، بينما إذا أمكن تعويد الإنسان على أنه يعبر عن رأيه لكن لا يعتبر إنه هذا الرأي ملزم أو قطعي، أو أنه يجب مصادرة آراء الآخرين، هذا المناخ الذي يجب أن نسعى إليه هو الذي من شأنه -ولو بعد فترة- أن يخفف من الحدة الموجودة في الخطاب..
ماهر عبد الله: طيب هذا.. هذا دخلنا في صميم سؤالي إليك، أعيده عليك باختصار، إذن الحرية يجب أن تقدم كمطلب، لأنه قبل أن نحكم إذا كنا مؤمنين بالأحادية، إذا حكمنا الإسلاميين سيقطعون الكثير من الرقاب.
د.سلمان العودة: يعني موسى -عليه السلام- ماذا قال لفرعون: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ) وكان هذا مطلب منطقي، أن يخلي بينه وبين بني إسرائيل، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الأمر نفسه لقريش، قال: خلوا بيني وبين سائر العرب، أعتقد إنه المطالبة بالحرية بالمفهوم الشرعي الغني الذي نتحدث عنه، المطالبة بالحرية هي مطالبة بشيء من الشريعة، وبطبيعة الحال يعني من.. من الممكن جداً أن يتصور الإنسان إنه وإن كنا نعتبر إنه المطالبة بشريعة الله -سبحانه وتعالى- هي في النهاية مطالبة بالعدالة، مطالبة بحفظ حقوق الناس، مطالبة بإقامة يعني الأحكام الشرعية، كلها.. في كل مجالات الحياة، تعبدية، أخلاقية، سياسية، مالية، إلى غير ذلك، لكننا في الوقت ذاته نقول إنه ربما لا يكون الواقع مسعفاً في تطبيق كل هذه الأشياء، ربما نجد أنفسنا أمام يعني إمكانية محدودة مثلاً، فكوننا نحاول أن نشهر قضية الحريات في العالم الإسلامي وفق الضوابط الصحيحة التي يتحمل الإنسان فيها مسؤولية ما يقول، ومسؤولية ما يعمل، ويلتزم فيها بضوابط، لأنه ما موجود شيء اسمه حرية مطلقة في.. في الكون كله أصلاً يعني، وعلى أقل تقدير حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين، فضلاً عن الضوابط الخارجية يعني، فنحن نقول إن.. على سبيل المثال الأخطاء والثغرات الموجودة وربما تسامحاً نسميها ثغرات، وإنه في الواقع إنه خلل يعني يخرج من الانهيار في النظام العربي والإسلامي في العالم اليوم، في ظل أيضاً تحديات ضخمة ولا تعطي فرصة للانتظار وطول النفس، ففي كثير من الأحيان، أنا أتساءل في داخل نفسي: ألا يوجد فعلاً عند النخب الحاكمة في العالم الإسلامي رغبة جادة في الإصلاح؟ على الأقل من أجل المحافظة على مواقعها، من أجل القدرة على أن تجد لنفسها يعني مكاناً في ظل التنافس الدولي الشديد، في ظل العولمة، في ظل ما يسمى بالحرب على الإرهاب، في ظل نوع من الهيمنة الأميركية الأحادية الآن، فأعتقد إنه ربما يكون فسح المجال لنوع من التعبير عن الرأي، نوع من الحرية الإعلامية المنضبطة، نوع من النقد الهادف، أن يتعود الحاكم وأن يتعود حتى العالم والفقيه والداعية والمسؤول، أن يتعود أن يسمع نقد، لأن هذا مع الوقت يربي الإنسان على أنه يبتعد عن الأبهة الكاذبة، عن الغرور، عن التعاظم، عن التعالم، عن الاغترار بالنفس، ويعطيه فرصة إلى أن يستمع للآخرين، يعني أن يصحح، أن يراجع، فأعتقد إنه لو خُيِّرنا بين مجموعة من المنح التي يمكن أن تمنح -إن صح أن هذه الأشياء تمنح- لكان قضية المطالبة بإعطاء الناس فرصة في التعبير الرشيد عن آرائهم وعن مواقفهم وعن يعني مشاركتهم أيضاً في بعض القرارات ولو بنسبة معينة، بأي طريقة، يعني الانتخاب أو الديمقراطية هي نمط من الأنماط العصرية، يعني ليس نمطاً ملزماً ولا كاملاً، ولكن يمكن أن.. أن يكون هناك نوع من التطوير لكثير من التجارب السياسية في هذا المجال، فأعتقد إنه لو كان هناك تحريك لهذا الجانب، وإعطاء الناس فرصة، سيكون هذا من أقوى الدوافع لمعالجة السلبيات الموجودة، لأن كل إنسان لا يريد أن يقال عنه إلا خير، ولا يريد أن يكون هناك مداخل على تصرفاته، أيًّا كان موقعه، وبالتالي ربما يكون هذا سبب في إقصاء كثير من المشكلات الموجودة في العالم الإسلامي.
ماهر عبد الله: طيب اسمح لي نشوف الإخوة المشاهدين إذا كان لهم تعليق أو أسئلة، مداخلات على ما تفضلت به، نسمع بداية من الأخت نورة السعد من السعودية، أخت نورة تفضلي.
د.نورة السعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام والرحمة.
د.سلمان العودة: وعليكم السلام.
د.نورة السعد: أحييكم شيخ سلمان وأستاذ ماهر، طبيعي الموضوع مهم جداً، وخصوصاً في هذه المرحلة، التي نعيشها -مثل ما تفضل الشيخ- في ظل أحادية القطب المهيمن حالياً.
ذكر الشيخ أنه ينبغي على.. علينا ألا نناقش مفهوم الحرية وفق مساوئ تطبيقها حالياً في الغرب مثلاً، أعتقد هذا المهم، لأننا أصبحنا حقيقة في عالمنا الإسلامي، في معظم مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص، نقيس جميع مفاهيمنا وأفكارنا وتطلعاتنا المستقبلية وفق مفاهيم الغرب مع.. مع الاختلاف الجذري طبعاً، عند أي مفهوم غربي سواء لمفهوم الحرية أو مفهوم الديمقراطية، عن جذور مرجعيتنا نحن الإسلاميين، لكن بالمقابل حقيقة يجب أن نعترف أنهم يمارسون نوع من الحرية على الأقل في حرية التعبير عن الرأي، نحن نفتقدها في عالمنا العربي، كيف نوازن بين هذين الحدين المتناقضين في ظل الإطار الفكري والاجتماعي والسياسي الذي نحن نتحدث فيه حالياً عن مساحات الحرية؟ مثلاً حرية الرأي، حرية الرأي أو حرية التعبير، إذا أخذت فقط مثلاً في الجانب السياسي، هي حرية اختيار الحاكم، وأيضاً بالمقابل حرية محاسبة الحاكم، أو السلطة الحاكمة أو المجموعة، وينطبق هذا أيضاً على أصغر وحدة مسؤولة في المجتمع، أعتقد أن ما يتاح الآن من فرص على الأقل للتيارات الفكرية الدينية الملتزمة، الذين يطلقون عليها اسم الأصولية هرباً من أن يطلق عليها اسم الإسلامية، تجاربها تجارب لا يمكن الحكم عليها بالفشل، لأنهم لم يأخذوا الفرصة كاملة، في داخل هذا الإطار الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، لحجب الحرية، سواء حرية الفكرة، حرية التعبير، أو حتى حرية التنقل، فأنا أتمنى من الشيخ أن يعني في.. سؤالي إذا لخصته: كيف يمكن لنا حقيقة في هذه المرحلة أن نحقق مفهوم الحرية الاجتماعية أو الحرية السياسية، أو حرية -على الأقل- التعبير عن الرأي دون مصادرة هذا الرأي من الطرفين؟ وجزاكم الله.
ماهر عبد الله: طيب مشكورة أخت نورة، نسمع من الأخ طالب نعيم من لبنان، أخ طالب تفضل.
طالب نعيم: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د.سلمان العودة: وعليكم السلام ورحمة الله.
طالب نعيم: تحية لك يا أخي ماهر ولضيفك.
د.سلمان العودة: حياك الله، بارك الله فيك.
طالب نعيم: بسم الله الرحمن الرحيم، إن الأكيد أن الحرية المراد معرفة حكم الإسلام فيها ليست الحرية التي هي المقابلة للرق، أو معرفة بعض المعاني اللغوية للحرية، وإنما الحرية المقصودة هنا هي تلك التي يجري الترويج لها في العالم، وتحمل لواءها.. لواءها الدول الرأسمالية، لذلك فالمقصود من البحث هو الحريات الغربية، وحتى نستطيع أن نحكم على هذه الحريات، لابد من فهمها أولاً، وأية فكرة يراد فهمها لابد من العودة إلى مصادرها، فمصادر أية فكرة هي التي تبين لنا واقع هذه الفكرة، والمقصود منها، ومن الخطأ الرجوع إلى.. في فهم فكرة معينة إلى ما فهمه فلان من هذه الفكرة، لأنه قد يفهم جانباً من هذه الفكرة، أو قد يكون متأثراً بسياسات إعلامية مضللة، تجعل فهمه لفكرة معينة فهماً خاطئاً، فحين نعود إلى المصادر التي موجود فيها فكرة الحرية، نجد أن هذه الفكرة منبثقة من عقيدة فصل الدين عن الحياة، فإنهم لما أنكروا أن يكون لله الخالق علاقة في تنظيم شؤون الحياة جاءوا بالنظام الديمقراطي، والذي يعني أن الشعب هو الذي يشرع القوانين ويختار حكامه تبعاً لذلك، وهو مصدر السلطات كلها، ولذلك قالوا حتى يستطيع الشعب أن يقوم بذلك، كان لابد من تأمين.
ماهر عبد الله: بس لا اسمح لي أخ طالب، اسمح لي.. اسمح لي يعني أنت افترضت افتراض على الأقل أنا لم يكن في ذهني عندما طرحته.. أنت افترضت أننا انطلقنا من تصور غربي، وانتصرنا من فصل الدين على الحياة، ليس هذا هو الافتراض، نحن نتحدث بشيء أبسط من هذا، لا نتحدث لا عن فلسفة سياسية، نحن نريد أن نتنفس ببساطة شديدة، نتنفس بحرية، نسعد بحرية، نأكل بحرية، نصلي بحرية، ليس بالضرورة يعني نرجو ألا نبقى محصورين في إطار التفكير فيها فقط، مقارنة بالنموذج الغربي، أخ طالب لسه معانا؟
طالب نعيم: نعم، معك يا سيدي.
ماهر عبد الله: تفضل.
طالب نعيم: أخي ماهر.
ماهر عبد الله: لأ.. لأ يعني أرجو.. أرجوك أخ طالب ما تحشرنا في المقارنة بالنموذج الغربي إحنا الآن مخنوقين، كل العالم العربي، ليس فقط الإسلامي ولا فقط سلمان العودة، نحن نريد الخروج من حالة الخناق والحصار، تفضل.
طالب نعيم: نعم، إذن نحن هناك اتفاق بيننا على أن الحريات الغربية تتناقض وتتعارض مع الإسلام، أليس كذلك؟ حتى أكمل.
ماهر عبد الله: تفضل، لكن موضوعنا مش الغربي، الآن ليس هذا موضوعي، تفضل.
طالب نعيم: نعم ماشي، الحريات الغربية تتناقض مع الإسلام، إذن نحن عن أي حرية نتكلم؟ إذا عدنا إلى الإسلام نجد أن الله -سبحانه وتعالى- قد خلق الإنسان ليكون عبداً له، ومن أجل ذلك أرسل له نظاماً لينظم شؤون حياته كلها بهذا النظام، وأمره أمراً جازماً بأن يقيد أعماله بهذا النظام، وتوعده إن لم يفعل ذلك بعذاب أليم يوم القيامة، قال تعالى (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) والكل يعلم أن الله -سبحانه وتعالى- حين أرسل هذا النظام أرسله نظاماً شاملاً لجميع شؤون الحياة، فقال تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) وهذا الكتاب كونه شمل كل شيء فلا يوجد فعل من أفعال الإنسان إلا وجاء حكم شرعي يقيد هذا الفعل، فالإنسان في كل أفعاله مقيد بالأحكام الشرعية..
ماهر عبد الله: كل أفعاله..
طالب نعيم: فهو ليس حراً في كل أفعاله..
ماهر عبد الله: بس.. كل أفعاله يا أخ طالب كل أفعاله.
طالب نعيم: نعم.. نعم، نعم في كل أفعاله الإنسان مقيد بأوامر الله، لأن الله -سبحانه وتعالى- قال (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) وقد أرسل الله -سبحانه وتعالى- رسولاً هو سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكان خاتم المرسلين من أجل أن يُعبِّد الناس لله، وقد بيَّن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أن هذا الإسلام جاء ليشمل جميع نواحي الحياة، وبالتالي لا يوجد فعل من الأفعال ولا يوجد شيء من الأشياء ولا يوجد مشكلة من المشاكل إلا وقد جاء الإسلام بعلاجٍ لها، والله -سبحانه وتعالى- قد أوجب علينا أن نتقيد بالإسلام تقيداً كاملا.
من هنا نقول أنه لا يوجد فعل من الأفعال إلا وله حكم شرعي جاء يبين، فنحن مقيدون بما جاء من عند الله -سبحانه وتعالى- ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) وهنا يخالفون عن أمره في أي أمر من الأمور (أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) فإذن لا يوجد شيء.. لا يوجد على الإطلاق أي أمر من الأمور قد.. لم يبينه الشرع لنا، وبالتالي نحن أحرار به، وإنما كل الأعمال يجب أن تكون مقيدة وفق أوامر الله عز وجل..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ طالب مشكور.. مشكور جداً.. مشكور جداً، الفكرة أعتقد واضحة وأعتقد تكون واضحة أيضاً صارت في ذهن الشيخ يكون سامعها كويس ويعلق عليها، نسمع من الأخ صالح عبد الله من السعودية، أخ صالح اتفضل.
صالح عبد الله: آلو. السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. سلمان العودة: وعليكم السلام.
صالح عبد الله: مساء الخير يا أخي ماهر مساء الخير شيخ سلمان.
ماهر عبد الله: حياك الله.
د. سلمان العودة: بارك الله فيك.
صالح عبد الله: أدعو لكم بالتوفيق - إن شاء الله-.
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
صالح عبد الله: أتكلم عن الحرية، فلماذا نخشى الحرية الغربية؟ هل لدينا حساسية من الحرية الغربية يا شيخ سلمان؟ هذا سؤال، أنا أعتقد اعتقاد جازم أن الحرية الغربية أخذت الكثير من الحرية الإسلامية، إن لم يكن قاعدتها هي الحرية الإسلامية، بمعنى أنه لما وقف أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وقال "ولِّيت عليكم ولست بخيركم، الضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه" قائمة جميع الدول الغربية التي.. التي تقول عن الحرية قائمة على هذا المبدأ، هذا من حقوق المجتمع، أيضاً من الحق السياسي أو الحق الاجتماعي من.. من الناحية الثقافية الإسلامية أيضاً لما وقف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال لأبي بكر: كيف تقاتل -في حرب المرتدين- كيف تقاتل من يقول أشهد أن لا إله الله وأن محمد عبده ورسوله؟ قال والله لأقاتلهم لو منعوا عني عقال بعير عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه تعتبر من عمر بن الخطاب تعتبر الحرية الديمقراطية التي ننشدها نحن، نعارض الحاكم، نعارض السياسي، نعارض المثقف نعارض رجل الدين إذا قال شيئاً لم ينطلق منه من منطق أساسي حرفي، فنحن يا شيخ سلمان لا نخشى من الحرية الغربية إلا إذا كنا ضعاف في أنفسنا أو ضعاف في ديننا، لا نخشاها، إذا كنا أقوياء.. إذا كنا أقوياء لا.. لا أحد يؤثر علينا، أما إذا كنا ضعاف..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب، أخ.. أخ صالح أعتقد النقطة.. يعني النقطة واضحة رغم أنه برضو مازال تحفظي قائم إنه يعني ذكرت القصة الغربية عرضاً، نحن نتحدث عن أزمتنا كيف نخرج منها، ماشي قد يكون النموذج الغربي نموذج مطروح ولكن.. يعني أرجو أن لا ينحصر النقاش فيها، نسمح من الأخ أبو مشاري من قطر، تفضل سيدي.
أبو مشاري: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
أبو مشاري: مساء الخير.
ماهر عبد الله: حياك الله، اتفضل.
أبو مشاري: كيف الحال أخ ماهر؟
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
أبو مشاري: وكيف حال الشيخ أبو معاذ؟
د. سلمان العودة: الله يحفظك، بخير..
أبو مشاري: إن شاء الله طيبين ..
د. سلمان العودة: يا مرحباً.
أبو مشاري: أنا مداخلتي قصيرة، ومن باب الحرية سوف أعبر عن رأيي، أبو معاذ أعرفه متسع الصدر، فأتمنى منك يا أبا معاذ أن تكون هذه الليلة أيضاً متسع الصدر، أبو معاذ في منهجه تحول وتبدل كثيراً كثيراً حسب رأيي، حسب الأهواء وحسب الأمزجة تحول وتغير وتبدل وخاصة نتكلم منذ أزمة الخليج وحتى الآن فهو يتقلب، يبحث عن المنهج السديد ولم يصل إليه البتة، لأنه يتقلب فكرياً ومنهجياً ويتكلم أحيانا عن أمور يجهلها كثيراً، مثل الوضع في أفغانستان والعراق..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: سيدي.. اسمح لي أخ صالح..
أبو مشاري: عفواً.. كلمة عندي فقط أخيرة..
ماهر عبد الله: هأخليك تكمل.. أخ سيدي أبو مشاري، أنا هأعطيك فرصة تكمل، إحنا يعني موضوعنا اليوم الحرية، ليس موضوعنا التبدلات الفكرية للشيخ سلمان العودة، الله يخليك أنا هأعطيك فرصة تكمل، بس احصر لي إياها في هذا النقاش، يعني دعه يمارس حريته في تبدل وتغير آراءه، خلينا في.. في موضوعنا لأنه لسنا في معرض محاكمته، نحن في معرض أن.. أن نسمع وجهة نظره في موضوعة محددة هي موضوعة الحرية، اتفضل.
أبو مشاري: والله أنا الآن يعني لست يعني طاعناً بأبو معاذ، وإنما أعبر عن رأيي وقد.. يعني هو يتقبلها وقد لا يتقبلها، والآخرين أيضاً يشاهدونه يتقبلونه بعضهم وبعضهم ما يتقبلها، ولكن عندما نحجر على الأشخاص، والشيخ سلمان الآن أنا واثق وعندي إحساس إنه لو.. لو يعني سألته هل تجعل أبو مشاري يكمل انتقاده علي سوف يوافق، وعندي إحساس بذلك..
ماهر عبد الله: ماشي بس هو.. بس سيدي..
أبو مشاري: فعلى هذا الأساس..
ماهر عبد الله: يعني اسمح لي.. بس..
أبو مشاري: دعني أتكلم ..
ماهر عبد الله: يعني اسمح لي.. بس..
أبو مشاري: دعني أتكلم ..
ماهر عبد الله: أخ مشاري، اسمح لي، ما هو اللي بيدير الحوار لا أنت ولا الشيخ سلمان، سيدي أنا بأدير الحوار، لا هو ولا أنت، هو ليس من حقه إنه يسمح لك.
د. سلمان العودة: وأنت ديكتاتور..
ماهر عبد الله: فاسمح لي بس.. مش ديكتاتور، أنت قلت من قليل إنه لابد من قيد وإلا هذا موضوع أخي قد يطول به النقاش.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: سيدي.. يعني تحب تعلق على كلام الأخ أبو مشاري، يعني ولكن باختصار شديد، لأنه إحنا الآن لسنا في معرض.. يعني الأخ جعفر لا يذكر من أين، يقول: ذكرت قبل قليل أن الشخص يتأثر بطباعه، ألا ترى أن ذلك ينطبق على كثير من الدعاة عندما كان الفكر والقول والتأمل والتحليل غالباً عليهم، فأنكروا على المجاهدين بتصور منهم أن أفعالهم متطرفة يعني هذا الجزء هل.. هل لنعد صياغة كلام الأخ أبو مشاري عندما نتحدث عن حرية الفكر، عندما تتحدث عن حرية الفعل، هل غيرنا في معتقداتنا؟ أليس من حق من يرى أن التغيير يجب أن يكون عنيفاً، أليس من حقه أن يمارس هذا أيضاً؟ مع التعليق على كلام الأخ أبو.. إذا أردت.
د. سلمان العودة: التعليق.. على المداخلتين يعني أنت تريد تتجاوزه..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: هذا السؤال.. لأ.. الأسئلة الأخرى اللي بالهاتف موجودة، بس لأنه هذا شعرت إنه قريب مداخلة من الأخ جعفر.
د. سلمان العودة: طيب، يعني مسألة قضية أفغانستان والعراق والمجاهدين اللي طرحها الأخ أبو مشاري والمداخلة التي معك، يعني هي ليست سوى تعبير عن رأي، أنا عبرت عن رأيي بوضوح في القضية هذه، طيب أشعر يعني عليَّ مسؤولية شرعية، إنه يجب أنه الإنسان يقول رأيه بوضوح وشفافية وألا يوصل رسالة خاطئة إلى أي طرف من الأطراف، بعدين كون هذا الطرف يتقبل الرأي أو يرفضه، يسلك هذا الطريق أو ذاك، هذا أمر يرجع إليه هو، أنت يعني ليس لك عليه أي ممارسة يعني سلطوية، لكن المقصود هو محض الأمانة ومحض النصيحة، خصوصاً في قضايا ربما لا تكون مجرد مداولات فكرية أو نظرية بقدر ما هي ممارسات يعني لها ما بعدها، لأن العمل.. ما يسمى أحياناً المواجهات العسكرية، يعني هذه قضية هي.. هي نهاية المطاف، ربما لا يكون هناك مجال للتراجع عنها، كان رأينا فيها قديماً في قضية أفغانستان، حتى قبل أيام الغزو السوفيتي، لم نكن متشجعين، يعني لا أنا ولا من أعرف من حولي من المشايخ والدعاة وطلبة العلم في ذهاب الشباب نعم كنا ندعم الجهاد الأفغاني ضد السوفييت مثلاً من النواحي المادية والمعنوية وغيرها، لكن ذهاب الشباب لم يكن أمراً مرحباً به لاعتبارات كثيرة، منها إنه ربما الكثير من الشباب يكونوا تربوا في محاضن معينة، وفق منهجية ورؤية خاصة بهم، فإذا ذهبوا إلى موقع آخر لم يجدوا تطابق مع هذه المنهجية ومن هنا يقع إشكال معين، ربما يرى الإنسان أحياناً بعد ما يعايش وضع معين، بعض الإخوة الذين نشأوا في جو يحسوه بأنه جو صافي ونقي ربما يشعرون أن يبدءوا بمن حولهم قبل الأبعدين مثلاً أحياناً، بينما الذين يعيش الوضع ويعيش الظروف والمشكلات بشكل مباشر ويعانيها يكون عنده دقة في حساب الأولويات في تقديم الأهم على المهم، في إرجاء بعض الأمور، في تجنب افتعال معارك معينة، أنا في نظري طبعاً الأخ له وجهة نظره، إنه لم نكن نجهل هذه الأمور، لا في أفغانستان ولا في العراق، بل ربما الأحداث التي حصلت هنا وهناك أكدت يعني إلى حد كبير صوابية وجهة النظر التي كنا ندعو إليها مع إنه نحن ندعو بطبيعة الحال كل الشعوب المضطهدة والشعوب المحتلة إلى أن تقاوم وتدافع عن نفسها وتطالب بحريتها كما نتكلم، لكن فكرة ترحيل مثلاً أعداد كبيرة من الناس الصلحاء والمتحمسين إلى هذه المواقع في نظري إنها ليست بالقضية السهلة التي يمكن أن نتسامح فيها أو على الأقل أن يتم ترويجها بشكل علني ومن خلال فتاوى ومن خلال يعني مشورة معينة.
ماهر عبد الله: طب لو رجعنا إلى سؤال الأخ صالح أيضاً من السعودية، باختصار يعني بعض الحيثيات اللي ذكرها لماذا نخشى الحرية الغربية؟
د. سلمان العودة: هو الأخ صالح يقول إنه قاعدة الحرية الغربية هي حرية إسلامية، أنا في..
ماهر عبد الله: مرجعية.
د. سلمان العودة: مرجعية، يعني أنا في نظري إنه الخشية من الحرية الغربية الآن موجودة باعتبار أن العالم الإسلامي غير متهيأ، ربما دعنا نسأل سؤال: لماذا نخاف من العولمة؟ لأنه ليس عندنا قدرة على المنافسة في إنتاجياتنا، في شركاتنا، في.. في قوانا، دول متفرقة، دول متباعدة ضعيفة رخوة تواجه قوة ليست بالسهلة فهنا ميدان ..مضمار السباق يعني غير متكافئ بكل حال، فأنا أعتقد إنه لو استطعنا أن نربي أجيالنا شبابنا فتياتنا على الاعتماد الذاتي وعلى الشعور بالرقابة الذاتية أعتقد إنه ربما يعني يكون هذا ضرورة في ظل انفتاح إعلامي له، سواء خشينا أو لم نخش الحرية الغربية تطل علينا من خلال القنوات الغربية، من خلال العلاقات، من خلال الضغوط المختلفة أيضاً.
ماهر عبد الله: طب تسمح لي نؤجل السؤالين سؤال الأخت نورة وسؤال الأخ طالب، بس نسمع من الأخ شاكر منصور من الدنمارك، أخ شاكر اتفضل وأرجوك باختصار.
شاكر منصور: نعم، السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د.سلمان العودة: وعليكم السلام.
شاكر منصور: الواقع الموجود في بلاد المسلمين إنه الاستعمار الغربي فرض أوضاع قاسية وصعبة تسود فيها أجواء القمع والاضطهاد، والآن عندما بدأ يتململ المسلمون من هذه الأوضاع ويعملون للتغيير والخروج من هذا الوضع المأساوي الذي يعيشون فيه، بدأ الغرب يطرح في بلاد المسلمين بشكل مركز ومن خلال عملائه وأدواته فكرة الديمقراطية والحرية، وجعلها متنفساً، من يريد الخروج من هذا الواقع الذي فرضه الغرب نفسه، هذه الديكتاتوريات والنظم القمعية هو فرضها.. الغرب هو الذي فرضها، فتح متنفساً للناس بالدعوة للديمقراطية والحرية بدلاً من أن تتوجه الجهود المسلمين للعودة للإسلام وتغيير الأوضاع تغييراً جذرياً بالعودة للإسلام نظاماً كاملاً للحياة بإقامة دولته فيتم إلهاء الناس بالدعوة إلى الحرية والديمقراطية.
المسألة الثانية: وهي أن المجتمعات تقدمها ورقيها وتماسكها وقوتها لا تقاس بمدى ما فيها من حرية، إنما المعيار في تقدم المجتمعات ورقيها هو مدى ما فيها من نظام صحيح دقيق شامل يعالج كل مناحي الحياة وبالتالي لو أخذنا الدنمارك أو سويسرا أو أي بلد غربي، إن قوة هذه المجتمعات وتماسكها ورقيها وتقدمها ليس بناء على ما فيها من حريات، إذ إنك إذا نظرت إلى بعض الدول الإفريقية ترى أن ما يتمتع فيه الإنسان من الحرية أكثر مما هو موجود في هذه البلاد وبالتالي تلك البلاد التي فيها حرية أكثر من هذه البلاد ليست متقدمة على هذه البلاد، بسبب وجود الحرية. إنما التقدم الموجود بهذه البلاد كالدنمارك راجع إلى وجود نظام متجانسٍ شاملٍ يعالج كل مناحي الحياة، مبني على قاعدة واحدة وعقيدة واحدة، حتى وإن كانت خاطئة وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة، وأيضاً لو أخذنا الاتحاد السوفيتي عندما كان لم تكن فيه حرية..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ شاكر.. أخ شاكر مثال واحد.. مثال واحد أعتقد يعني يكفينا، كون الوقت بدأ يدركنا، نسمع من الأخت سعدية من قبرص اتفضلي أخت سعدية.
أخت سعدية من قبرص معانا؟ طيب الأخت سلمى من السعودية.
سلمى الصوفي: آلو.
ماهر عبد الله: اتفضلي.
سلمى الصوفي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. سلمان العودة: وعليكم السلام.
سلمى الصوفي: يعطيك العافية أخ ماهر.
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
سلمى الصوفي: سلام للشيخ سلمان.
د. سلمان العودة: الله يسلمك.
سلمى الصوفي: أنا بس بدي أقول إن عندي ملاحظة بسيطة وسؤال، ملاحظتي كانت على الشيخ سلمان إنه حضرته كان دبلوماسي نوعاً ما بكلامه لما حضرتك سألته عن المطالبة بالشريعة أو المطالبة بالحرية يعني ما.. ما قدرنا نوصل لشو هو رأيه بالضبط، ورأيه هو المعروف كما أنا قرأت له في موقعه أو في موقع إسلام أون لاين، إنه هو من اللي بينادوا بتطبيق الشريعة، وهون ما بينَّها وهذه مش مشكلة، المشكلة هون فيه عندنا اللي حضرته عمال يتفضل على.. بيقول موضوع حرية الرأي والإصلاح، وحكى كلمة إنه على النخب الحاكمة، أنا برأيي إنه في بعض البلاد العربية بعض النخب الحاكمة تريد الإصلاح، لكن المستفيدين من الوضع لا يريدون التغيير، من ضمن هؤلاء بعض الفئات التي تحتكر الدين لنفسها، والدليل إنه أول ما يظهر مثقف بينتقد هذه المنظمات الدينية إلا وتراهم يباشرون بتكفيره أو منع أفكاره أو باتهامه بالزندقة، هون فيه.. دكتور أو شيخ سلمان بيعرف إنه بالسعودية حصلت ها الأشياء هذه، فسؤالي أنا للشيخ سلمان، إنه ليش ما يكون واضح أو صارم مع هؤلاء الذين يُكفِّرون إخوتهم في الدين، الله -سبحانه وتعالى- أمرنا (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) وفيه بعض الفئات تبغي على بعض المثقفين الذين هم أساساً من.. من صلب الجماعات الإسلامية، لكن لهم فكر حر يتماشى أكثر مع الواقع..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخت.. أخت سلمى.. أخت سلمى نقطة يعني أعتقد إنها جميلة وعملية وفي صميم الموضوع، خلينا نرجع لسؤال الأخت نورة ونرجع لهم بالترتيب ويصبروا علينا شوي بالهواتف خمس ست دقائق. سيدي، باختصار الأخت نورة كانت سألت عن كيف توازن بين ما نحن فيه ومحاولة إصلاحه وبين أننا نقيس كل شيء وفق مفاهيم غربية فرضت علينا بحكم واقع الحال، كيف.. والإسلاميون عندما نتهمهم لم يأخذوا كما قالت الفرصة الكاملة ضمن أطرنا الثقافية والحضارية، حتى.. كيف لنا أن نحقق مفهوم الحرية ونحن نعيش هذه المتناقضات؟
د. سلمان العودة: يعني أعتقد إن هو الأخت نورة أشارت إلى أنه في الغرب يمارسون حرية، أعتقد هذا صحيح، الغرب -على الأقل- داخل مجتمعاتهم، ربما حينما ينتقلون كما نراه اليوم أو في عصور الاستعمار..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لأ يعني إذا فهمت الجزء الأول من كلامها إنه في مفهوم الحرية وكثير من المفاهيم الأخرى نحن ننطلق دائماً من أن نقيس أنفسنا إلى ما هو.. يعني الأجندة مفروضة غربياً، وهذا.. يعني ما ألمح إليه حتى بعض الإخوة منهم الأخ طالب والأخ شاكر إنه الأجندة مفروضة علينا، يعني ذهب الأخ شاكر إلى القول إنه كشعار مطروح أو يطرح هو جزء من صنيعة غربية متنفس جميل أن نتحدث عنه لكن يصرفنا عن مطالبتنا الجوهرية التي يجب أن تتركز في الدول الإسلامية.
د. سلمان العودة: يعني هو لا ليس مطلوب منه على سبيل المثال من الخطاب الإسلامي ليس مطلوباً منه أن يتجاهل الأوضاع القائمة ويغرد بالناس في.. في مجال آخر، فرؤية الواقع والانطلاق منه أعتقد إنها قضية لابد منها، وبالتالي ترتيب الأولويات ضمن الطرح الإسلامي ومن الخطاب الإسلامي تأثر بهذه الأشياء الغرب الآن له حضور قوي جدا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، حضور سياسي، حضور اقتصادي، حضور إعلامي، ربما أكثر من حضور المجتمعات الإسلامية نفسها وبكثير أيضاً ومن هنا فإن هذه القيم هي كما ذكرنا هي قيم شرعية، وقيم إسلامية عصرية، ليست قيم غربية، لكن ربما مع كثرة الاستعمال لها، أصبح هناك نوع من العولمة لها، أو التدويل لها، فأصبحت كلمة الحرية بمجرد ما تقال ينطلق الفهم الذي ذكره أحد، الأخ طالب مثلاً، إن والله الحرية التي يروج لها اليوم هي الحرية الغربية، وكأنه مثلاً نقول لا حرية للإسلام، طيب ماذا يعني عمر حينما يقول مثلاً "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" فهو يتحدث عن نوع من الحرية، دون شك.
ماهر عبد الله: يعني هو الأخ سعود بيوض التميمي مثلاً يوضح المقصود إنه هي محصورة، إن الحرية في الإسلام هي عكس العبودية عكس الرق، وأبسط من هذه المسألة أن الإسلام جاء وأعتق العبيد وحث على إعطائهم حرياتهم، يعني لماذا تفترض أن هذه الحرية.. بالعكس أنا اللي فهمته من كلام الأخ طالب إن الإسلام بالحرف قال يقيد الإنسان في أعماله كلها هناك نظام منظومة تبياناً لكل شيء، كل أفعاله.
د. سلمان العودة: هذه.
ماهر عبد الله: يسيطر.. على كل أفعاله.
د. سلمان العودة: هذه موجودة، أولاً دعنا نسأل سؤال حول هذه النقطة، طالما قلنا الإسلام نظام محدد لم يترك شيء إلا وبينه، أسأل سؤال، المباح أليس من الأحكام الشرعية؟ دائرة المباح، المباح حكم شرعي طيب ما هي دائرة المباح بالشريعة، بدون شك ولا ريب أن دائرة المباح في الشريعة هي أوسع الدوائر كلها، وتأتي بعدها دائرة المستحب ودائرة المكروه أيضاً وهي ليست من الأشياء الملزمة بقدر ما هي أمور للإنسان فيها اختيار، ومندوحة شرعية يعني يفعل أو لا يفعل، أضيق الدوائر هي دائرة الواجب ودائرة المحرم، فالمحرمات مثلاً معدودة محدودة مقيدة مكتوبة وكذلك الواجبات محددة، إذن دائرة المباح أو دائرة ما يسميه بعض الأصوليين بالمسكوت عنه، هي دائرة الحرية هذه، وهي دائرة واسعة جداً لا يمكن تحديدها بل الأصل أن كل ما سكت الشرع عنه أو لم يأت فيه ببيان الأصل فيه.
ماهر عبد الله: طب ماذا تقول له على (تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)، ما المقصود إذن بـ (تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)؟
د. سلمان العودة: يعني، لماذا بعث الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولماذا أنزلت الكتب؟
أولاً: التعريف بالله سبحانه وتعالى، القضايا الغيبية التي لا يستطيع العاقل إن يصل إليها.
ثانياً: ما يتعلق بالعبادات التي يتقرب بها الناس إلى ربهم ولا يملكون هم أيضاً أن يبتكروها ولا داعي أيضاً لتوسيع مجالها بحيث كل أحد يمكن أن يضيف إليها جديداً، فتكون محددة، ثم وضع الأطر العامة للحياة، القواعد الكلية، الأسس العامة، مثلاً لما ننظر إلى موضوع الاقتصاد، الشريعة ما جاءت بتنظيم مفصَّل لألوان التعامل والبيع والشراء والشركات و.. وإلى آخره وإنما أتت بقواعد كلية في الغالب أنها تحدد الممنوع، لأنه يمكن تحديده، بينما ما سواه فالأصل أنه مسموح للناس أن يتحركوا ضمن هذه الدائرة الواسعة والواسعة جداً يعني، وتتسع للإبداع البشري يوماً بعد يوم، طبعاً هو أشار الأخ طالب إلى قضية إن كل مسألة لها حكم شرعي، هذه قضية عنصرية ليست محل إجماع، هناك من ينازع فيها، وإن كنا نحن نختار القول بأن كل قضية يعني فعلاً لها حكم، لكن كما ذكرنا إنه غالب الأحكام تدخل في دائرة الإباحة الشرعية.
ماهر عبد الله: طب اسمح لي نرجع لسؤال الأخت سلمى الصوفي، سؤالها الأول: هل يمكن أن تجيبنا بنعم أو لا، الحرية أولاً أم الشريعة أولاً في ضمن.. ضمن شروط هذا المرحلة ليس على إطلاقها...
د. سلمان العودة: أنا أجبت في تقديري إنه..
ماهر عبد الله: هي كانت تريد يعني اعتبرت إنه جوابك.. جواب دبلوماسي.
د. سلمان العودة: دبلوماسي لا بأس، نحن نقول إنه الحرية جزء من الشريعة، وكوننا نعتبر المطالبة بالشريعة مطلب.. مطلب للناس كلها، والشريعة ليس بالضرورة أن دولة كما يقال دولة دينية أو كما يسمونها ثيوقراطية، لأ الشريعة حكم يعني له كما ذكرنا يعني ليس بالضرورة أن كما تتصور الأخت أو غيرها، إنه والله حكم يمارسه رجال الدين مثلاً، لأ، هي قضية نظام نطالب الناس بتطبيقه لكن إذا تضايق المجال، أو لم يعد هناك فرصة للمطالبة بتطبيق الشريعة كلها، فكون الناس يطلبون أشياء منها إصلاحية هنا وهناك، يقدمون الأولويات.
ماهر عبد الله: إذن أنت تقدم يعني بجواب بسيط.. أنت تقدم الآن ضمن هذه الظروف غير متاح لنا بها أن نحكم بالشريعة نطالب بالحرية أولاً.
د. سلمان العودة: نحن.. نحن نقول الحرية جزء من الشريعة.
ماهر عبد الله: طيب ماذا تقول على.. لنقطتها التالية أن بعض النخب السياسية ما أسميتها بالنخب السياسية تريد الإصلاح في بعض الأقطار العربية، لكن بعض الذين اللي يعارضون الإصلاح هم من النخبة الدينية المستفيدة من الوضع الحالي، وبالتالي هي إن لم تكن متحالفة مع النخبة السياسية التي لا تريد أو أجنحتها التي لا تريد الإصلاح، هي تعيق هذا الإصلاح.
د. سلمان العودة: أولاً يعلم الله، إني أتمنى كل التمني، أن يكون ما تقوله الأخت صحيح.
ماهر عبد الله: من النخبة السياسية تريد..
د. سلمان العودة: هناك نخب حاكمة في العالم الإسلامي تريد الإصلاح فعلاً..
ماهر عبد الله: هذه نظرة تشاؤمية، أنت لا تؤمن بأن أحد..
د. سلمان العودة: يعني بدأت صراحة أشك، إلا أنه ربما يكون.. يكون من هذه النخب تواجه أوضاعاً داخلية تشعر أن تحريكها يمكن أن يأتي عليها بمشكلات معينة، ولهذا تفضل إبقاء الأوضاع كما هي مثلاً، مع إنها تدرك المخاطر الخارجية، وطالما كنت أقول لبعض الإخوة يعني لو أن نظام حكم كالعراق مثلاً، توقع ماذا يمكن أن تؤول إليه الأمور في ظل الأوضاع الحالية، ما هو حجم التعديلات والإصلاحات الجذرية التي يمكن أن يمارسها من أجل تجنب أو تلافي مثل هذه الخطوة، فأنا أتحدث الآن في ظل التهديد مثلاً لسوريا، في ظل التهديد لإيران، في ظل التهديد للسعودية ودول الخليج في ظل المخاطر المحدقة.
ماهر عبد الله: اسمح لي بس أستوقفك قليلاً نأخذ المكالمة الأخيرة ونذكر الإخوة المشاهدين إنه.. يعني أن الحوار مع الشيخ سلمان العودة يعني قطعاً ممتع وطبعاً سيطول، نذكركم موقعه على الإنترنت. Islamtoday
سترونه على الشاشة الآن فمن أحبوا.. أظنكم ترونه.. أنا هنا لا أستطيع قراءته من هذه المسافة يمكنكم أن تتابعوا هذا الحوار مع الشيخ مباشرة على موقعه على الشبكة الدولية: www.islamtoday.net
ولعلكم تجدونه على الشاشة بوضوح أكثر مما أستطيع قراءته أنا الآن. نسمع المكالمة الأخيرة من الأخ وليد خالد من بريطانيا، أخ وليد أرجوك بالاختصار لأن الوقت أدركنا.
وليد خالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخ ماهر.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام، تفضل يعني تفضل..
د. سلمان العودة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وليد خالد: بصراحة أني أستغرب جداً لما أسمع المفكر الإسلامي يدعو إلى إنه الأحزاب الشيعية تنادي بحرية في الدولة الإسلامية وتنادي وتطالب بالإلحاد وبالكفر وتطالب وتطالب بفصل الدين عن الحياة وبالكفر في الدولة الإسلامية، يعني يا ريت يعني هل دخل هذا في دائرة الأوضاع.
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: تسمح لي أخ وليد، تسمح لي أخ وليد يعني بماذا تختلف بماذا تختلف.. وستسمع من الشيخ، لماذا تختلف هذه الأحزاب عن عبد الله بن سلول اللي خاض رجع من أحد الغزوات يقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز أي (المنافق) منها الأذل أي (محمد) هل قتله محمد -صلى الله عليه وسلم- أم سمح له بالعيش؟ ألم يكن في عداد الصحابة في ذلك الوقت؟
وليد خالد: طيب اسأل الشيخ إذا كان الشيخ..
ماهر عبد الله: لا ما هو الشيخ، أنت استهجنت منه الشيخ كان واضح الشيخ كان واضح على كل الأحوال سنسمع من الشيخ، يعني المنافقين خرجوا بثلث الجيش يا سيدي وكانوا معروفين والرسول -صلى الله عليه وسلم- اكتفى فقط بألا يصلي عليهم، على كل أنت ستسمع رأي، طب فيه عندك سؤال ثاني أخ وليد،
وليد خالد: ... حوار والشيخ هو يرد لا ترد أنت، فأنا سألت الشيخ.
ماهر عبد الله: أنا ما رديت أنا بس كنت أوضح سؤالك يا سيدي إيه تفضل.
وليد خالد: إنه كيف تطالب.. الحزب الشيوعي ينادي بالكفر والإلحاد في دولة إسلامية، هل هذا في دائرة المباح أم هذه الدولة علمانية؟ والسلام عليكم.
ماهر عبد الله: شكراً يا أخ وليد، سيدي.
د. سلمان العودة: طب عندي الأخ شاكر منصور باقي كم سؤال.
ماهر عبد الله: إحنا الآن باقي عندنا دقيقتين بترد على الأخ وليد وهو استهجن عليك أن تقول بأن هذه دعوات إلحادية.. من يدعو إلى دعوات إلحادية كيف قلت بأنه يجوز له أن..
د. سلمان العودة: أولاً هذه أنت اللي قلتها، (...) ورد في سؤالك بس أنا ما تحدثت عنها بشكل محدد أنا تكلمت عن قضية النظام الإسلامي بشكل عام، أما مسألة وجود حزب شيوعي بمعنى حزب شيوعي، أنا لا أعتقد أن النظام الإسلامي يسمح بتشكيل حزب على أساس شيوعي، المنافقون نعم كانوا موجودين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- لكنهم لم يكونوا يعلنون بالمبادئ أعتقد إنه يعني يفترض في كل من يعمل.
ماهر عبد الله: يعني ربنا -سبحانه- في القرآن لو لم يعلنوا.. القرآن أعلن..
د. سلمان العودة: أي قصة؟
ماهر عبد الله: (لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ) ربنا وصفهم..
د. سلمان العودة: صحيح، على كل حال هذا.. هذه الرأي اللي أراه أرى إنه..
ماهر عبد الله: تفضل.
د. سلمان العودة: يمكن أنه أو أولاً الآن الأحزاب ربما في كثير من البلاد يمنع وجود أحزاب على أساس ديني كما تعرف، يمكن يسمح لأحزاب علمانية لكن يمنع وجود حزب إسلامي، فهذه نقطة، الوقت يضيق، أعلق على الأخ شاكر منصور وهو يتكلم عن مسألة إنه الغرب فرض الديكتاتورية والغرب الآن يحاول أن يفرض الديمقراطية فأنا أقول أين موقعنا إذن إذا كان الغرب يفرض علينا ما صار في الأمس وما سوف يحصرها..
ماهر عبد الله: كان يريد أن يصل إلى أنه يجب أن نركز على المطالبة بعودة الدول الإسلامية ولا نضيع وقتنا بالجزئيات مثل حرية ديمقراطية.
د. سلمان العودة: نعم أما القضية الثانية قال أن المجتمعات لا تقاس بالحرية بل بالنظام الصحيح.. النظام الشامل، أقول كيف يمكن الوصول إلى النظام الدقيق الصحيح الشامل إلا من خلال الإبداع الذي ينتعش في جو الحرية الشرعية المنضبطة.
الأخت سلمى أخيراً تكلمت عن قضية الفئات التي تحتكر الدين وربما تحارب.. تسعى إلى الإصلاح، أقول أتمنى إن تكون النخب الحاكمة تريد الإصلاح وهذه أمنية عظيمة ولعل الكثير منهم يسمعوني.
ماهر عبد الله: طب سيدي.. سيدي، يعني موقعك على الإنترنت الآن على الشاشة، بإمكان..
د. سلمان العودة: وممكن أن تجد الأخت فيه موضوع عن الحرية..
ماهر عبد الله: وفيه مواضيع عن الحرية، أنا شفت أكثر من أربع حلقات منشورة من كتابة الشيخ، الموقع كان أمامكم، بإمكانكم مواصلة الحوار معه، سنسعى جاهدين أن نستضيفه مرة أخرى.
إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم، تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.