الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية
إن دراسة تاريخ الجزيرة العربية يحتاج لبحث وتنقيح في المعلومات والوثائق التاريخية التي نجت من التلف وتتسم بالمصداقية، ولا شك أن الوثائق البريطانية تعتبر المرجع الأكثر غزارة بالأخبار والأحداث التي عرفتها الجزيرة منذ بداية القرن العشرين موثقة توثيقًا يستحق الاهتمام.
وتعود أهمية هذه الوثائق من جهة أولى لكون بريطانيا كانت تمثل اللاعب الأساسي الذي أثر في تغيير خريطة العالم الإسلامي بشكل مباشر وسريع، فضلًا عن علاقتها الوطيدة بالساسة العرب في الجزيرة العربية الذين مكنوها من تمرير مكرها الكبار في المنطقة.
ومن جهة ثانية تمثل هذه الوثائق كنزا تاريخيا يسمح بفهم خلفيات الأحداث الكبرى التي وقعت في قلب العالم الإسلامي ويشرح كيفية رسم خريطة المنطقة مطلع القرن العشرين.
محتوى الوثائق البريطانية
وقد تميزت هذه الوثائق باحتوائها لكمّ هائل من المعلومات المترجمة التي كشفت النقاب عن سياسة بريطانيا واستراتيجيتها التي اتبعتها في إدارة الصراع منذ بداية سنة 1914. وهي الفترة التي عرف العالم خلالها الحرب العالمية الأولى وتغيرت على إثرها الخريطة وموازين القوى بعد أفول نجم الدولة العثمانية.
كما نجد في هذه الوثائق جميع المراسلات والتقارير من العمال البريطانيين الذين كانت لهم صلات مباشرة مع العالم الإسلامي ويتواصلون مع القادة والحكام العرب على اختلاف مشاربهم.
ولكن في سنة 1967 تم تقليص مدة الكمون والحفظ هذه لثلاثين عاما. ما اعتبر فرصة ذهبية للباحثين والمؤرخين الذين انكبوا على هذه الوثائق لدراستها وتنقيحها.
تقسيم الوثائق
فبريطانيا كانت ناقمة على العثمانيين؛ لدخولهم في صف ألمانيا إبان الحرب العالمية في 1914 بجوار ألمانيا يؤكد ذلك مذكرة إستراتيجية أعدتها الدائرة السياسية البريطانية في وزارة الهند توضح بأن المخاطر التي تخشاها بريطانيا من تصرفات العثمانيين تتمثل في:”الخوف من ثورة المسلمين في مصر والهند ضد الوجود البريطاني وإحياء فكرة الوحدة الإسلامية مجددا”.
ومن ثم أوصت المذكرة بقطع دابر تلك المخاطر عبر إضعاف الحكومة المنظمة الوحيدة القادرة على إعطاء زخم لفكرة الوحدة الإسلامية آنذاك ألا وهي الحكومة التركية.
الجزء الثاني
وفي هذه السنة أمدت بريطانيا الشريف بالمال والسلاح، وقد أحصي -خلال العام الأول فقط من ثورته- ما يصل إلى 71 ألف بندقية وأكثر من أربعين مليون طلقة، تم تزويد الشريف بها، بل الدعم اللوجستي وصل إلى حد إرسال ألف سيجارة إلى نجلي الشريف، فيصل وعلي، لكونهما المدخنَين الوحيدَين في عائلتهما.
ومن ناحية أخرى عززت بريطانيا جيش الشريف بأعداد كبيرة من الأسرى العرب التابعين للجيش العثماني، ووصلت الغطرسة والبجاحة البريطانية لدرجة أن الجنرال كلايتون في أكتوبر 1917 توجه إلى معسكر الأسرى العرب ليخطب فيهم قبل التحاقهم بالشريف قائلًا:
الكشف عن الوثائق بعد سرية متعمدة
لم يعرف محتوى هذه الوثائق ردحا من الزمن بسبب صدور قانون يقر بكمون هذه الوثائق في أدراج الحكومة البريطانية خمسين سنة كاملة، باعتبارها وثائق يُحَتّم حفظها في سرية تامة.ولكن في سنة 1967 تم تقليص مدة الكمون والحفظ هذه لثلاثين عاما. ما اعتبر فرصة ذهبية للباحثين والمؤرخين الذين انكبوا على هذه الوثائق لدراستها وتنقيحها.
الجزيرة العربية في الوثائق
كان للجزيرة العربية نصيب الأسد في هذه الوثائق ومن قبل أن تظهر “المملكة العربية السعودية” سنة 1932. حيث تقدم لنا هذه الوثائق حيثيات نشأة هذه الدولة التي كانت مناطقها تخضع شكليًا للنفوذ العثماني في حين تتقاسم القبائل والعائلات النفوذ الفعلي والسيطرة على الأرض، فالأشراف كانوا يحكمون الحجاز وآل سعود كانوا يحكمون نجد والأدارسة كانوا يحكمون عسير وآل رشيد كانوا يحكمون حائل والجوف.الوثائق في كتاب
ومن المؤرخين الذين اغتنموا فرصة ظهور هذه الوثائق للعلن، كان الدبلوماسي والكاتب العراقي نجدة فتحي صفوة، الذي بذل جهدًا ملحوظًا في جمع كل ما يخص الجزيرة وضمه في صفحات متناسقة فشكل بهذا الجمع موسوعة من سبعة أجزاء اعتنى بها عناية فائقة من ناحية أساسيات البحث والتسلسل الزمني والدقة في النقل، وبالمثل تعامل مع الوثائق التي تخص العراق وأخرج موسوعة أخرى باسمها فأضحت مؤلفاته ضالة كل باحث.
تقسيم الوثائق
عمد نجدة إلى تقسيم هذه الوثائق الخاصة بالجزيرة العربية بعد ترجمة دقيقة دون أن يؤثر في مضمونها أو يبتر منه، عمد إلى تقسيمها إلى عدة أقسام، كان الأول يعتني بتاريخ نجد والحجاز في في سنتي 1914 و1915.
وهي الحقبة التي حرضت فيها بريطانيا الشريف حسين للثورة على الدولة العثمانية واعدين إياه بمنصب الخليفة، ومن الوثائق التي شهدت لأسلوب البريطانيين الماكر في استدراج واستغفال الشريف حسن تلك الرسالة التي أرخت بتاريخ 30 أغسطس 1915 وأرسلها المندوب السامي البريطاني في مصر مكماهون، إلى الشريف جاء فيها:
إن جلالة ملك بريطانيا العظمى يرحب باسترداد الخلافة إلى يد عربي صميم من فروع تلك الدوحة النبوية المباركة.
فبريطانيا كانت ناقمة على العثمانيين؛ لدخولهم في صف ألمانيا إبان الحرب العالمية في 1914 بجوار ألمانيا يؤكد ذلك مذكرة إستراتيجية أعدتها الدائرة السياسية البريطانية في وزارة الهند توضح بأن المخاطر التي تخشاها بريطانيا من تصرفات العثمانيين تتمثل في:”الخوف من ثورة المسلمين في مصر والهند ضد الوجود البريطاني وإحياء فكرة الوحدة الإسلامية مجددا”.
ومن ثم أوصت المذكرة بقطع دابر تلك المخاطر عبر إضعاف الحكومة المنظمة الوحيدة القادرة على إعطاء زخم لفكرة الوحدة الإسلامية آنذاك ألا وهي الحكومة التركية.
الجزء الثاني
أما الجزء الثاني فتخصص في سنة 1916، وهي سنة الثورة العربية بامتياز، فكان حجم هذا الجزء كبيرا بحجم أحداث وتفاصيل الثورة العربية.
وفي هذا الجزء سنكتشف كيف كان مكماهون يعمد لمخاطبة “الشريف” بألفاظ التعظيم، فراسله في 10 مارس 1916 قائلا: “إلى ساحة ذلك المقام الرفيع ذي الحسب الطاهر والنسب الفاخر، قبلة الإسلام والمسلمين، معدن الشرف وطيب المحتد، سلالة مهبط الوحي المحمدي الشريف ابن الشريف، صاحب الدولة السيد الشريف حسين بن علي، أمير مكة المعظم، زاده الله رفعة وعلاء”.
فكانت استجابة الشريف للإغراءات البريطانية سريعة وأعلن الثورة على العثمانيين في 10 يونيو 1916، تماما كما خطط لذلك مكماهون، الذي أرسل إلى وزارة الخارجية في لندن في 14 أغسطس 1916 قائلا: “إن لدينا فرصة فريدة قد لا تسنح مرة أخرى في أن نؤمّن بواسطة الشريف نفوذا مهما على الرأي العام الإسلامي والسياسة الإسلامية، وربما نوعا من السيطرة عليهما”.
وفي هذه السنة أمدت بريطانيا الشريف بالمال والسلاح، وقد أحصي -خلال العام الأول فقط من ثورته- ما يصل إلى 71 ألف بندقية وأكثر من أربعين مليون طلقة، تم تزويد الشريف بها، بل الدعم اللوجستي وصل إلى حد إرسال ألف سيجارة إلى نجلي الشريف، فيصل وعلي، لكونهما المدخنَين الوحيدَين في عائلتهما.ومن ناحية أخرى عززت بريطانيا جيش الشريف بأعداد كبيرة من الأسرى العرب التابعين للجيش العثماني، ووصلت الغطرسة والبجاحة البريطانية لدرجة أن الجنرال كلايتون في أكتوبر 1917 توجه إلى معسكر الأسرى العرب ليخطب فيهم قبل التحاقهم بالشريف قائلًا:
وجدير بالذكر أن بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية قد تقاسمت تركة الدولة العثمانية بينها في اتفاقية “سايكس بيكو” في 1916، وهي الاتفاقية التي حرص سايكس في برقية أرسلها إلى وزارة الخارجية بلندن في 17 مارس 1916 على التوصية بكتمان بنودها عن زعماء العرب.هل من واجبي -أنا الإنجليزي- أن أذكركم بآل بيت علي ومعاوية والعباس بالأولياء والأبطال الذين صنعوا أمجاد العرب في العالم، بالتأكيد إن ضمائركم تقول لكم ذلك. ولكنني كرجل إنجليزي سأقول لكم التالي: إن إمبراطوريات العرب دمرت وجعلت ترابًا بالخلافات والتكاسل، وإن نير الترك كبل أعناقكم 900 عام لأنكم أتبعتم أهواءكم ولم تكونوا متحدين أبدًا. والآن بيدكم الفرصة التي إذا أضعتموها فلن يغفر الله لكم.. إن من الأفضل أن يكون المرء طاهيًا في السرية العربية من أن يكون وزيراً خاضعاً للأتراك.
الجزء الثالث
أما الجزء الثالث فشمل الوثائق المتعلقة بالجزيرة من كتب ومراسلات بين الجانب البريطاني وجدة والقاهرة والبصرة وبغداد ولندن والهند وعدن، على امتداد 1917 و1918، إضافة إلى ، تطور العمليات العسكرية للثورة ومراسلات الملك حسين وأولاده مع المسؤولين البريطانيين.
كما احتوى هذا القسم -أيضًا- على الوثائق المتعلقة “بأمير نجد” عبد العزيز آل سعود والمراسلات معه ومع الجهات المعنية حول علاقاته بابن رشيد وبالملك حسين. ولعل أبرز ما احتواه هذا الجزء هو تلك المذكرة المفصلة للسير برسي كوكس بعنوان “علاقات بريطانيا مع ابن سعود” وتقارير مفصلة في التعامل مع عبد العزيز آل سعود.
لقد وثقت هذه الملفات كيف عاش الشريف أحلامًا وردية بسبب الوعود من بريطانيا بأنها ستهبه حكم الجزيرة العربية والعراق والشام وفلسطين، لدرجة صاح في نجله فيصل عندما قال له:” ماذا ستفعل إذا افترضنا أن بريطانيا العظمى لم تنفذ الاتفاق في العراق؟”، قائلًا:” ألا تعرف بريطانيا العظمى؟ إن ثقتي فيها مطلقة”.
ولكن أبت الحقائق إلا أن تحطم آمال الشريف، فاندلعت ثورة البلاشفة الروس في أكتوبر 1917، ونشر البلاشفة الوثائق السرية التي عثروا عليها في مقر وزارة الخارجية الروسية بالعاصمة بتروغراد، ومن بينها اتفاقية “سايكس بيكو”، فوصلت أنباء الاتفاقية إلى الشريف، فبادر للاستفسار عن حقيقة الأمر، فاستغفل كما هي عادة البريطانيين في استغفال رجلهم المدلل وتم تغييبه من جديد.
لقد وثقت هذه الملفات كيف عاش الشريف أحلامًا وردية بسبب الوعود من بريطانيا بأنها ستهبه حكم الجزيرة العربية والعراق والشام وفلسطين، لدرجة صاح في نجله فيصل عندما قال له:” ماذا ستفعل إذا افترضنا أن بريطانيا العظمى لم تنفذ الاتفاق في العراق؟”، قائلًا:” ألا تعرف بريطانيا العظمى؟ إن ثقتي فيها مطلقة”.
ولكن أبت الحقائق إلا أن تحطم آمال الشريف، فاندلعت ثورة البلاشفة الروس في أكتوبر 1917، ونشر البلاشفة الوثائق السرية التي عثروا عليها في مقر وزارة الخارجية الروسية بالعاصمة بتروغراد، ومن بينها اتفاقية “سايكس بيكو”، فوصلت أنباء الاتفاقية إلى الشريف، فبادر للاستفسار عن حقيقة الأمر، فاستغفل كما هي عادة البريطانيين في استغفال رجلهم المدلل وتم تغييبه من جديد.
ومن تلك التبريرات السقيمة التي ابتلعها الشريف بسذاجة عجيبة قول البريطانيين:”أن البلاشفة وجدوا في وزارة خارجية بتروغراد سجلًا لمحادثات قديمة وتفاهم مؤقت وليس معاهدة رسمية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا”. وصدّق الشريف تبريرات الإنجليز، وبرع في الحماقة حين هنأهم بإجرامهم بحق القدس قائلًا:” إن هذا النبأ مستلزم للفخر العظيم”؛ كونه طمع أن تكون تحت بساط ملكه!
الجزء الرابع
ثم يأتي الجزء الرابع ليحتوي على الوثائق التي عرفتها سنة 1919، ويقدر عددها بـ 250 وثيقة بين برقية قصيرة، وكتاب شخصي أو رسمي، وتقرير قصير أو تفصيلي، ومذكرة رسمية وشبه رسمية متعلقة بهذه السنة، وهي السنة ذاتها التي عقد فيها مؤتمر الصلح في فرساي لإعادة رسم خريطة العالم بعد الحرب.
وهي نفسها السنة التي تفاقمت خلالها الخلافات بين الملك حسين وملك الحجاز والأمير عبد العزيز آل سعود أمير نجد، وسنجد في هذا الجزء المراسلات والتقارير التي قامت بتغطية العلاقة بين هؤلاء وبين بريطانيا أيضا، ثم قضية (الخرمة) التي أدّت إلى الحرب بينهما، وانتهت باحتلال قوات الأمير عبد العزيز آل سعود للخرمة.
ويمكن القول أن هذه القرية الصغيرة على الحدود الحجازية النجدية كان لها أثارها الخطيرة التي أدت إلى تغيير مستقبل الجزيرة العربية برمته.
ثم كشفت هذه الوثائق أيضا النقاب عن زيارة الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى لندن وهو لا يزال في الرابعة عشر ة فقط وكذا مباحثاته مع ساسة بريطانيا، إضافة للوثائق الخاصة باشتراكه في مؤتمر الصلح بباريس كممثل للحجاز وهناك تفاجأ بواقع السياسة الدولية والمساومات ومشكلة فلسطين ومشكلة توزيع الانتدابات.
الجزء الخامس
أما الجزء الخامس فشمل الوثائق الخاصة بسنة 1920 حين تصاعد الخلاف الهاشمي السعودي، ويحتوي هذا الجزء على المراسلات المتبادلة بين الملك حسين والمعتمد البريطاني في جدة، وبين المراجع البريطانية في جدة والقاهرة ولندن ومن جهة، وبين الملك عبد العزيز والوكيل البريطاني في البحرين والمفوّض المدني في بغداد.
ثم كشفت هذه الوثائق أيضا النقاب عن زيارة الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى لندن وهو لا يزال في الرابعة عشر ة فقط وكذا مباحثاته مع ساسة بريطانيا، إضافة للوثائق الخاصة باشتراكه في مؤتمر الصلح بباريس كممثل للحجاز وهناك تفاجأ بواقع السياسة الدولية والمساومات ومشكلة فلسطين ومشكلة توزيع الانتدابات.
الجزء الخامس
أما الجزء الخامس فشمل الوثائق الخاصة بسنة 1920 حين تصاعد الخلاف الهاشمي السعودي، ويحتوي هذا الجزء على المراسلات المتبادلة بين الملك حسين والمعتمد البريطاني في جدة، وبين المراجع البريطانية في جدة والقاهرة ولندن ومن جهة، وبين الملك عبد العزيز والوكيل البريطاني في البحرين والمفوّض المدني في بغداد.
كما كشفت هذه الوثائق الستار على أهم المشكلات التي واجهت الملك حسين والملك عبد العزيز؛ وهي قضية الحج. ويعد في هذه المجموعة حوالي خمس وعشرين رسالة من الملك عبد العزيز إلى الملك حسين والوكيل البريطاني وغيرهما وحوالي 20 أخرى من الملك حسين.
أضف لذلك عدة مذكرات وتقارير مهمة توضح موقف بريطانيا الحقيقي من كثير من القضايا، كمثل مذكرات كتبها الممثلون البريطانيون، أو دوائر الاستخبارات البريطانية عن حركة الإخوان والسيطرة على الشرق الأوسط في المستقبل والحالة السياسية في نجد.دون أن ننسى العديد من المذكرات والدراسات الهامة التي أعدتها وزارة الخارجية وترتبط بمستقبل المنطقة ومكوناتها.
ويسلط الضوء هذا الجزء على عام 1921 حين أعلن
رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل “وعد بلفور”
الذي منح بموجبه إسرائيل “وطنًا” في فلسطين، وكذا
الضغوط التي أدت إلى “معاهدة فرساي“، وبالتالي تقسيم
فلسطين بين العرب وإسرائيل في وقت لاحق.
الجزء السادس
أما الجزء السادس، فانفرد بالوثائق التي خرجت في 1922 و1921، من بينها المراسلات المتبادلة بين الملك حسن وابن سعود، وبين الحكومة البريطانية. وكذا الجدل الذي ثار حول مسألة حج الوهابيين إلى مكة، وتداعياتها على العلاقات النجدية ـ الحجازية، وما يخص المرحلة ما قبل توحد نجد والحجاز.ويسلط الضوء هذا الجزء على عام 1921 حين أعلن
رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل “وعد بلفور”
الذي منح بموجبه إسرائيل “وطنًا” في فلسطين، وكذا
الضغوط التي أدت إلى “معاهدة فرساي“، وبالتالي تقسيم
فلسطين بين العرب وإسرائيل في وقت لاحق.
فاحتلت الجيوش الفرنسية سوريا، وطردت منها فيصل، نجل الشريف حسين، وعندما رفض الشريف تلك الإجراءات، وامتنع عن التوقيع على معاهدة فرساي، تخلت عنه بريطانيا ووجهت دعمها كله لأمير نجد، عبد العزيز بن سعود، الذي اجتاح الحجاز عام 1924، ما اضطر الشريف إلى الهرب إلى العقبة ليجبره الإنجليز على مغادرتها ليعيش في منفاه الإجباري في قبرص وكانت هذه النهاية البائسة لسذاجة مهلكة.
وسنجد في هذه الوثائق ما يتعلق بالنفط في نجد والحدود بين نجد وشرق الأردن، ومواقف الملك عبد العزيز تجاه بريطانيا والحجاز، وتضم أيضًا تقريرًا مفصلًا عن “الأحوال الاقتصادية والمالية في الحجاز”، وتقريرًا آخر للمعتمد والقنصل البريطاني في جدة حول موضوع الاستيلاء على الطائف.
لقد كشفت هذه الوثائق الستار عن العديد من رسائل ابن سعود المتعددة للإنجليز؛ التي توضح كراهيته للشريف حسين، وكيف كان يعتبر البريطاني أقرب إليه من أخيه!
وقد تحققت بالفعل نظرية مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة حين قال في وقت مبكر في 1916:
فهل نجعل هذه الخاتمة كما أرادها البريطانيون، أم لا زال بأيدينا أن نغير واقعًا مظلمًا فرض على المسلمين؛ بسبب خطيئة بعض حكامهم؟.
لا شك أن للمستقبل البقية!.
الجزء السابع
بينما شمل الجزء السابع والأخير أهم الوثائق المتعلقة بالحجاز ونجد لسنتي 1923 و1924 كتلك المتعلقة بـ “مؤتمر الكويت” الذي عقد كمحاولة لتسوية الخلافات بين نجد والحجاز، ولكنه فشل في تحقيق ذلك الهدف، ومجمل الخلافات والتجاذبات في تلك الحقبة وكذا حصار جدة الذي دام قرابة عشرة أشهر وانتهى الأمر بخروج علي ابن الملك حسين،ودخول عبد العزيز آل سعود إلى جدة.وسنجد في هذه الوثائق ما يتعلق بالنفط في نجد والحدود بين نجد وشرق الأردن، ومواقف الملك عبد العزيز تجاه بريطانيا والحجاز، وتضم أيضًا تقريرًا مفصلًا عن “الأحوال الاقتصادية والمالية في الحجاز”، وتقريرًا آخر للمعتمد والقنصل البريطاني في جدة حول موضوع الاستيلاء على الطائف.
لقد كشفت هذه الوثائق الستار عن العديد من رسائل ابن سعود المتعددة للإنجليز؛ التي توضح كراهيته للشريف حسين، وكيف كان يعتبر البريطاني أقرب إليه من أخيه!
ختامًا
لقد وثقت الوثائق البريطانية تاريخًا بشعًا وقبيحًا يجدر بنا دراسته والاستفادة من أخطائه وكبائره؛ حتى نستفيد منها ونبصر أعداءنا بنظارة حقيقة، لا سذاجة مهلكة!وقد تحققت بالفعل نظرية مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة حين قال في وقت مبكر في 1916:
إن هدف الشريف هو تأسيس خلافة لنفسه. نشاطه يبدو مفيدًا لنا؛ لأنه يتماشى مع أهدافنا الآنية؛ وهي تفتيت الكتلة الإسلامية ودحر الإمبراطورية العثمانية وتمزيقها. إن العرب هم أقل استقرارًا من الأتراك؛ وإذا عولج أمرهم بصورة صحيحة فإنهم يبقون في حالة من الفسيفساء السياسية؛ مجموعة دويلات صغيرة يغار بعضها من بعض؛ غير قادرة على التماسك. وإذا تمكنا فقط من أن ندبّر جعل هذا التغيير السياسي عنيفًا؛ فسنكون قد ألغينا خطر الإسلام بجعله منقسمًا على نفسه.
فهل نجعل هذه الخاتمة كما أرادها البريطانيون، أم لا زال بأيدينا أن نغير واقعًا مظلمًا فرض على المسلمين؛ بسبب خطيئة بعض حكامهم؟.
لا شك أن للمستقبل البقية!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق