سر مهرجان البراءة اليوم
شريف عبد العزيز
شهدت مصر اليوم سلسلة من أحكام البراءة والإفراج لمئات من أنصار الشرعية في عدة دوائر قضائية مختلفة ، كما شهدت محاكمة الدكاترة البلتاجي وحجازي وغيرهم تنحي هيئة المحكمة بسبب استشعارها الحرج ، فما سر هذا المهرجان المفاجيء للبراءة
هل عاد القضاء لرشده و استيقظ ضميره فجأة ؟
هل شعر القضاء بوطأة مطالب العسكر التي جعلت سمعة القضاء المصري في الحضيض داخليا وخارجيا ؟
هل أيقنت سلطة الانقلاب أن القمع الأمني والقانوني لن يزيد الثوار إلا ثباتا وحمية ، وأن القمع أصبح مثل وقود الثورة ، كلما زادت وتيرته ، كلما ارتفع لهيب الثورة ؟
هل الضغوط الدولية عامة ومكالمة تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي للسيسي خاصة كان لها أثر في ذلك ؟
هل هناك صفقة يجري الاعداد لها بين الجانبين ؟
قد تكون واحدة أو أكثر من هذه الأسباب قد أدت لمهرجان البراءة ، ولكن تحليل المشهد السياسي والحراك الثوري ، وتفكيك مفرداته يقودنا إلى نتيجة ربما تكون مغايرة لهذه الأسباب كلها ،
والسرفي تتبع آليات التغير في الكفاح السلمي المستمر دون انقطاع ، والتي لها أربعة مراحل :
1 ـ التحول : وفيه نجد مطالب المعارضين مع الاستمرار والصمود والبسالة في مواجهة القمع تتحول لمطالب مقبولة شعبية وتزداد شريحة الموافقين عليها يوم بعد يوم ، بل إن جزء من النظام الحاكم نفسه قد يتبنى وجهة نظر المعارضة في بعض زواياها ـ مثل اعتراض عدة شخصيات في حكومة الانقلاب على قانون التظاهر ، وتصاعد القمع الأمني
2 ـ التكيف : وفيها النظام يقرر تقديم بعض تنازلات لحركة المعارضة ، وهي عادة ما تكون تنازلات محدودة ، وغالبا ما تكون مجرد تخفيف من وتيرة التضييق والقمع ، ولا تمتد هذه التنازلات إلى حدوث تغيير جذري في موقف النظام ، وهذه التنازلات يقدم عليها النظام عندما يدرك أن مصلحته في ذلك ، ولقطع الطريق على احتمالية حدوث انشقاق في بنيته السياسية الداخلية ، بسبب تصاعد وتيرة المعارضة . وهو ما جرى اليوم تحديدا
3 ـ الإرغام : فيها تستطيع المعارضة إرغام الانقلاب على تقديم تنازلات رغم إرادته ، وهذا لا يكون إلا إذا نجحت المعارضة في قطع مصادر قوة الانقلاب ، وذلك عبر اتساع نطاق المعارضة الجماهيرية وخروجه عن السيطرة ، وعندما تتقلص قدرات الانقلاب على رفع وتيرة القمع بسبب صلابة وبسالة المعارضة .
4 ـ التحلل : وفيها تبدأ سلطة الانقلاب في التحلل والانهيار جزءا جزءا ، وتتداعى مؤسساته ومصادر تمويله ، ويتخلى عنه داعموه وممولوه ، وذلك عندما يرى كل هؤلاء إصرار الشعب على النضال والكفاح من أجل إسقاط هذا الانقلاب
الثورة قد قطعت بالفعل مرحلتين ، تبقى المرحلتان الأهم ، وما هم عنا بإذن الله ببعيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق