حرائر مصر وبطولات العسكر...؟
داود البصري
يبدو أن الجنرالات الذين يحكمون مصر منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي وأورثوها كل عناصر الفشل والهزيمة والتراجع الحضاري، لم يكتفوا بفواتيرهم المكلفة والتي انطبعت على أجساد المصريين بمختلف شرائحهم، بل قرروا وعزموا وعقدوا النية على الاستمرار في منهجهم وتوسيع (بركاتهم) وممارسة أقصى درجات التنكيل والتعسف ليس ضد أعداء مصر والمتربصين شرا بشعبها وقيمها، بل ضد شبابها ورموز مستقبلها من شباب مصر الذين رفعوا راية التحدي والمقاومة ضد تعسف العسكر وانقلابيتهم ومزاجيتهم وما سببوه من دموية وعنف وتشويه لقيم ثورة شعبية وجماهيرية، البطولات الأخيرة لعسكر الانقلاب لم تكن في مقارعة أعداء مصر والمستهدفين لأمنها ومستقبلها ووجودها، بل تناولت فتيات مصر وشاباتها من اللواتي شاركن بحماسهن في الدفاع عن الديمقراطية وعن قيم الثورة الشعبية والتغيير الحقيقي، وعبرن عن رفضهن لانقلاب العسكر وما سببه لمصر من مآسي وتوتر وتخريب للديمقراطية وتعدي على الشرعية الدستورية، وما يخبئه ذلك الانقلاب من خيارات مستقبلية تكرس حكم العسكر وتعيد مصر للمربع الأول الذي تتخبط فيه منذ ستين عاما ونيف من السنين، فاعتقال واضطهاد شابات مصر ورميهن في غياهب السجون وتدمير مستقبلهن بل واعتقال حتى هيئة الدفاع المكلفة بالدفاع عنهن هو أكثر من تجاوز للخط الأحمر!
إضافة لكون ذلك الفعل الأخرق يشكل إهانة حقيقية لملايين الشباب الذين يقدمون دماءهم وأرواحهم ثمنا لحرية مصر وتحررها واستقلالها ومستقبلها، مؤسسة القمع العسكرية المتجذرة في خلايا الدولة المصرية تصر على معاندة منطق التاريخ والسير في الاتجاه المعاكس، وتحدي حقائق العصر والزمان والتي لا تسمح أبدا باستنساخ التجربة السلطوية الماضية وفي فرض دولة الرعب والمخابرات وزوار الفجر، التعرض لشابات مصر ومنعهن من الدراسة والحكم عليهن بسنوات طويلة في السجن لمجرد أنهن دافعن عما يعتقدن بأنه التصرف الصحيح أي الدفاع عن الشرعية الدستورية هو اعتداء غير مسؤول على مجمل الشباب المصري الذي يحاول عتاة الدكتاتورية والاستبداد سرقة ثورته والمزايدة على قيمها وشعاراتها وأهدافها، وتطويع الشعب لدكتاتورية عسكرية جديدة تعيد استنساخ مآسي الماضي وهزائمه أيضا.
مخطئ كل الخطأ من يعتقد أنه باستهداف وقمع حرائر مصر يحقق أهدافه بالسيطرة والهيمنة وترويع المصريين الذين خرجوا لصياغة عقد تاريخي واجتماعي جديد ومختلف لن تتمكن أي طغمة عسكرية من منع تبلوره وتحقيقه
مخطئ كل الخطأ من يعتقد أنه باستهداف وقمع حرائر مصر يحقق أهدافه بالسيطرة والهيمنة وترويع المصريين الذين خرجوا لصياغة عقد تاريخي واجتماعي جديد ومختلف لن تتمكن أي طغمة عسكرية من منع تبلوره وتحقيقه
لقد قدمت نساء مصر وشاباتها نماذج ثرية في الصراع من أجل الديمقراطية وبناء مصر الحديثة، فكما كان دورهن مشرقا وفاعلا خلال مرحلة النضال ضد الاحتلال الإنجليزي، فإنهن قد شاركن في جميع المواقف الكفاحية في تاريخ مصر الحديث
واليوم حينما توجه سكاكين الحقد ضد جمهرة من خيرة شابات مصر فهذا يعني استمرار جذوة النضال وتواصل الحماس الشبابي ورفد الزخم النضالي للشعب المصري المنتفض من أجل حريته ومستقبله، ما يفعله العسكر من ترويع وشمولية للظلم واستهداف للشباب ليس سوى محاولات يائسة وبائسة للوقوف أمام المد الجماهيري العارم، وضد الإرادة الشعبية التي يصوغ الشباب عقدها بتضحياتهم ومقاومتهم للهمجية والوحشية
في مصر اليوم تدور ملحمة نضال جماهيري خالدة يتصدر شباب مصر قيادتها وقد دفعت شابات مصر أثمانا غالية لها، وستؤدي لنتائج إيجابية على مستوى إدارة الصراع جماهيريا، والإيمان الشبابي بمستقبل مصر يمثل نقطة البداية الحقيقية لانتصار مبادئ الثورة الشعبية المصرية وفي منع قوى الظلام والاستبداد والدكتاتورية من التحكم في رقاب المصريين الأحرار..
شابات مصر هن النموذج الأروع لكفاح المرأة المصرية ولتألق الشباب المصري وهو يرسم فصلا حاسما من فصول حريته المقدسة والتي سقاها بالدم والدموع والآلام، ولا صوت في مصر يعلو على صوت الحرية..
ذلك قدر مصر الدائم ومعقد آمال وكفاح شابات مصر المضحيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق