خالد علي: البوب الجديد
وائل قنديل
للتاريخ باب واحد، للدخول والخروج أيضا، وخالد علي، الحقوقي البارز، والمرشح الرئاسي السابق، ورئيس حزب العيش والحرية يقف على أبواب تاريخ جديد للثورة المصرية الآن.
سطع اسم خالد علي في نهاية يوم جمعة الأرض كمتحدث باسم الغضب، حين أدار عملية التفاوض على إنهاء الفعاليات الحاشدة، وأقنع المتظاهرين بالخروج من مراكز الغضب الشعبي، بسلام ومن دون صدامات دامية، على أن يعودوا في الخامس والعشرين من إبريل/ نيسان الجاري، لمواصلة النضال ضد سلطة البيع والتفريط والإهانة الوطنية.
إذن، تحول هذا الموعد إلى اتفاق ثوري واضح المرتكزات والأهداف، ومحل احترام جميع الأطراف، ويضع على كاهل خالد علي مسؤوليةً وطنيةً وأخلاقية، كونه كان مشرفاً أو منسقاً عاماً للغضب الشعبي العارم الذي انفجر في الأسبوع الماضي.
لا نملك إلا أن نصدّق الوعد ونحترم الموعد، بالنظر إلى تاريخ خالد علي النضالي، منذ ما قبل ثورة يناير، وقد كتبت، في هذه المساحة، منذ نحو عام كامل، تحت عنوان "خالد علي: في البدء كانت الثورة"، حين تحدّث دقيقتين، مشعلاً مواقع التواصل الاجتماعي، بقوله إن الميادين ستمتلئ من جديد، وستعود الثورة، وسيتحرّر المساجين، ويدخل مكانهم سجانوهم.
هذه التصريحات تلقفتها المنابر الإعلامية التي تأسست على قاعدة "دعم الشرعية"، واحتفت بها وأبرزتها، وتناقلها معارضو الانقلاب في الفضاء الإلكتروني، باعتبارها عتاداً هائلاً في ترسانة الحرب على الانقلاب.
وكما سجلت وقتها، فإن تصريحاتٍ من هذا النوع، حين تصدر من شخصيات مثل خالد علي، تكون أكثر تأثيرا وأوسع وصولاً، وتعطي مؤشراً على أنه بالإمكان استعادة الأمل في تحقيق معادلة ثورية حقيقية وناجعة، كتلك التي تألقت في 18 يوماً خالدة من يناير/ كانون ثاني 2011.
وكان ضرورياً، بل واجبا، في ذلك الوقت، الاحتفاء بهذه النبرة الثورية الصادقة، والدفاع عنها بمواجهة ما أسميتها "منصات الحمق" التي تقصف كل من يفكر في استعادة حالة انصهار، تتجاوز الحدود الضيقة للفصيل الواحد إلى براح الثورة، وهي المهمة التي تتطلب تعطيل ماكينات العزلة والإقصاء التي تستخدم في رش كل من يقترب من فكرة إعادة بناء جبهة يناير (الحقيقية وليست المزيفة) بالمياه وأحيانا بالنار.
الآن، وبعد عام من كلام خالد علي بشأن امتلاء الميادين بالثوار من جديد، يجد خالد علي نفسه واقفاً في قلب ميادين تقترب من الامتلاء، وتنتظر منه تلبية نداء التاريخ الذي يدعوه إلى الدخول من أوسع أبواب الثورة، في فرصةٍ لم تتهيأ لأحد قبله، إلا في حالة محمد البرادعي في العام 2010، حين هتفت الجماهير "شد القلوع مفيش رجوع يا برادعي"، وكما نجح الأخير في تجاوز الامتحانات المؤدية إلى ثورة يناير، أظن أن خالد علي يواجه امتحانا كبيراً، مماثلاً، في الخامس والعشرين من إبريل الحالي، وأظنه أيضاً قادراً على الإجابة عن الأسئلة والمعادلات الصعبة التي قرّر الاضطلاع بها، حين تولى مسؤولية تنظيم حركة الجماهير مساء الجمعة الماضية، طالبا منهم الانصراف، استعداداً لحضورٍ حاشد بعد أسبوع من الآن، لاستئناف الثورة، ووصل ما انقطع من زئيرٍ يسعى إلى تحرير مصر من سلطة البلادة والعجز وقلة القيمة، كسبيل لتحرير السيادة الوطنية من سجن العملات الصعبة والصفقات الحرام.
لقد ألقت المقادير بخالد علي في وضعية "البوب"، اللقب الذي كان يطلقه الشباب المتحمس على البرادعي 2010.
وعلى ذلك، يتطلع الجميع إلى معرفة إجابات خالد على امتحان 25 أبريل.
ومن قبيل إنعاش الذاكرة، نقول "لقد نجحت يناير في خلع مبارك، لأنها تأسست على قاعدة "الكل في واحد"، وستسقط "يونيو" عاجلاً أو آجلاً، كونها قامت على منطق عصابات المافيا "الكل على واحد"، ولن تعود الثورة إذا كان هناك من يتمسك بوضعية "واحد ضد الجميع".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق