الاثنين، 10 أغسطس 2020

تأملات حول الجبري والجبرية.. (١)

تأملات حول الجبري والجبرية.. (١)

د.عبدالعزيز كامل
صار اسم طاغية آل سعود (سعد الجبري) متداولا عالميا؛ فاضحا ومفضوحا ، بعد أن كان إجرامه سرا مكتوما، وسوءة مخفاة؛ أمنيا وسياسيا..
فماذا حدث لهذا " السعد" الذي لا ينتمي لأسرة " آل سعود".. حتى صار يهدد عروشهم بعد أن كان حامي حمى ملوكهم..؟
**.. سعد الجبري كان رمز المكر والدهاء؛ بأولياء الله من الدعاة والمصلحين والمجاهدين و العلماء ، على مدى سنين طويلة، حيث كان ضابط المخابرات الأبرز من مزدوجي الولاء عند الأمريكان و ( ولاة الأمر يكان).. وهذا يفسر سر حنق الأمريكيين اليوم من انقلاب آل سعود عليه..وانقلابه عليهم، في دولة لا عهد لها بالانقلابات .. إلا ضد الأحرار في بلاد الثورات..!
**.. كان الجبري أداة " البطش الأكاديمي" ب (أكاديمية نايف الأمنية) المشيدة بجوار سجن الحائر بالرياض، ورشحته دراسته المخابراتية بأمريكا لأن يكون الذراع اليمنى لوزير الداخلية ثم ولي العهد؛ محمد بن نايف، الذي كان ذراعا لأبيه نايف بن عبد العزيز، الذي احتكر منصب وزارة الداخلية لنحو أربعين عاما، حتى لقب ب(عميد وزراء الداخلية العرب)..حيث كان يجتمع بشياطينهم دوريا في ضيافة الهالك ؛ طاغية تونس السابق (بن علي) أمين سر الفضائح العربية..! الذي تم تهريبه سريعا لجدة في ضيافة بن نايف بعد الثورة التونسية..!
**.. قابلني الجبري بسجن الحائر مرتين ، ولم أر وجهه بسبب الغمامة على وجهي، فمقابلاته مع المعتقلين كانت على طريقة كبير الشياطين، حيث يرى ضحاياه هو وقبيله من حيث لا يرونهم..!! وعرفت من المعتقلين بعد الحبس الانفرادي أنه كانت له قصص مؤلمة مع كثير منهم .. وأنه كان يشرف شخصيا على تعذيب بعضهم؛ مستخدما مهارات ( الذكاء الصناعي) التي اشتهر بالخبرة فيها..
**.. في المقابلة الأولى مع الجابري ، وبعد فشل متكرر من المحقق الأصغر والأحقر في انتزاع اعترافات مزورة مني ؛ للإيقاع بي وبأبرياء آخرين في مآزق لامخرج منها ؛ دخل علي ضابط الأمس المتجبر.. وهارب اليوم المنكسر ، متصايحا بغرفة التحقيق في ليلة عصيبة، ومزمجرا بصوت أجش كريه ، قائلا لي بعد أن سبني سبا بذيئا منحطا : ( .. والله إذا لم تعترف.. سنقص جلد ظهرك بالكماشة..قطعة قطعة !! .. يا كذا وابن كذا..) فلم أزد عن أن قلت له.. ( ماعندي غير ماقلته في أول تحقيق منذ شهور .. وحسبي الله ونعم الوكيل ) ..
**.. كانت الاعترافات المكذوبة التي طالبوني بها تكفي للحكم علي بثلاثين عام سجنا، وهو ما طالب به صراحة (المدعي العام) في حضور " القاضي "الشرعي" خلال جلسة ثلاثية بيننا نحن الثلاثة فقط ، في قاعة محكمة سرية، بمكان ناء وبعيد وغير مأهول بمدينة جدة.. لكن الله تعالى وحده ثبتني، فلم ألن لهم على مدى جلسات التحقيق المتتابعة في عامين..
**.. في المقابلة الأخيرة مع رمز الجبرية القهرية بالجزيرة العربية.. كانت الثورة المصرية قد قامت، فقابلني الجبري بعدها بوجه آخر (لم أره أيضا)..! وبشرني بصوت هادئ ولين؛ بأن الإفراج عني سيكون قريبا؛ وعرفت بعدها أن وزارة الداخلية في عهد الشهيد (بإذن الله) الرئيس محمد مرسي؛ قد قدمت طلبا رسميا بالإفراج عن المعتقليين السياسيين المصريين بالسعودية.. وأن اسمي في مقدمتهم..
**.. أيقنت بعدها بأن دوام الحال من المحال، وأن تلك الثورات التي أجبرت الأنظمة الجبرية على التخلي عن جبروتها إلى حين .. ستجتمع عليها وعلى غيرها ذئاب الأرض وكلابها وضباعها.. وهذا ما كان.. والله المستعان..
لكن تلك الثورات التي كانت تمحيصا لصفوف المؤمنين .. كان ما أعقبها - وسيظل - إملاء وإمهالا من الله للجبابرة الظالمين، فهو القائل سبحانه: ( وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) ( الأعراف/ ١٨٣)
يتبع بإذن الله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق