الأربعاء، 19 أغسطس 2020

تختار واحداً... ولا خمسة؟!

تختار واحداً... ولا خمسة؟!

خواطر صعلوك


خمسة أشخاص نُقلوا إلى المستشفى في حالة حرجة، وكل منهم بحاجة إلى عضو مختلف لكي ينجو، وليس هناك وقت يكفي لطلب أعضاء من خارج المستشفى، لكنّ هناك شخصاً سليماً في غرفة الانتظار في المستشفى. 
إذا قام الطبيب بتخديره وأخذ أعضاء هذا الشخص المنتظر، فسيموت، ولكن في المقابل الخمسة أشخاص ذوي الحالات الحرجة سينجون... 
السؤال هو هل تؤيد هذا العمل؟
هل تؤيد أخذ أعضاء السليم المنتظر لصالح الخمسة المُحتاجين؟

عزيزي القارئ إذا كانت إجابتك «لا» فأنت ضمن 97 في المئة ممن أجابوا أن هذا الفعل محرم، وأنه لا يجوز أن يُقتل المُنتظر السليم من أجل الخمسة الحرجين، وهذا حسب استطلاع الرأي الذي قامت به جامعة «هارفرد».
وإذا كانت إجابتك «نعم» فأنت ضمن الـ3 في المئة الذين لهم وجهة نظر أخلاقية أخرى.
وربما تكون من الذين يفكرون خارج الصندوق الإجرامي، فتقرر أن تقتل الطبيب ذاته، وتستدعي طبيباً آخر من المستشفى نفسه ويُوزع أعضاءه... وينجو الجميع بمن فيهم الرجل الذي ينتظر.
وربما تكون إجابتك نفعية فتقرر أن ندع الخمسة يموتون، ونأخذ ما يصلح من أعضائهم، لاستقبال حالات أخرى من النوع نفسه.
أياً كانت إجابتك... فليست مهمة أصلاً، بل المهم ما هو الذي تمارسه في حياتك وفي يومك؟
فمثلاً الـ97 في المئة الذين رفضوا رفضاً قاطعاً أن يُقتل بريء من أجل «حالات مستعصية»، فيهم من يؤيد فقد «القلة» المعدومة لهويتهم وانتمائهم لحساب «الغالبية» المترفة، ومنهم من يؤيد جرح وبعثرة كرامة المغترب والغريب لحساب «الغضب الجمعي»، ومنهم من «يرتويت» في وسائل التواصل الاجتماعي لحالات تنمر جماعية على شخص ما، بريء أو تمت إساءة فهمه... ورغم ذلك فهم أنفسهم الأشخاص الذين صنفتهم جامعة «هارفرد» حسب استطلاعها أنهم أناس أخلاقيون...على الورق.
لا ينظر الله إلى صور الناس وأجسامهم وما يكتبون في استطلاعات الرأي، بل ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم حسب الحديث الشريف، فما فائدة أن يجد المرء كيساً من الرمل وسط الصحراء؟!
وأنا هنا لا أقلل من استطلاعات الرأي، ولكنها ليست حاسمة وليست مؤشراً عالياً على الواقع.
وأختم هذا المقال بهذا السؤال - أيضاً - من باب التمرين الذهني، وليس من باب الحكم الأخلاقي، فإن الخيال إذا لم يكن خيلك الذي تركبه، فهو لعنتك التي تركبك... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
السؤال هو:
قطار يسير بسرعة كبيرة، وعلى وشك أن يدهس خمسة أشخاص يسيرون على خطوط السكة الحديد، وهناك عامل سكة حديد يرى الموقف ويقف بجوار مفتاح يمكنه تغيير مسار القطار إلى خط آخر، ولكن في هذا الخط الجانبي يقف شخص واحد، ولكن بموته سينجو الأشخاص الخمسة، فهل ينقر على المفتاح ويغير المسار؟
وأياً كانت إجابتك، فهل ستتغير إذا علمت أن الخمسة أشخاص عمال نظافة، والشخص الواحد عالم طاقة نووية؟
شاركونا آراءكم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق