الجمعة، 14 أغسطس 2020

حوار في ذكرى رابعة..

حوارفي ذكرى رابعة..

"عربي21" تحاور والد قتيل وثلاثة معتقلين رفضوا عسكرة مصروالد قتيل وثلاثة معتقلين رفضوا عسكرة مصر



إنها بداية نهاية الأمل في مصر، عندما قتلت وأصابت قوات الجيش والشرطة آلاف المصريين الرافضين للانقلاب العسكري، في مواقع اعتصامهم بالقاهرة والجيزة في صيف 2013، وفق الحاج صلاح مدني والد أربعة شباب فقدهم في أحداث الفض وما تلاها، قتيل وثلاثة معتقلين.

وكان تقرير لشبكة CNN الأمريكية، في نيسان/ أبريل 2019، حمل عنوان "رحلة القضاء على الأمل في مصر بدأت بفض اعتصام رابعة وانتهت بالتعديلات الدستورية"، أكد أنه منذ ذلك التاريخ دخلت البلاد في دوامة عنف، لم تسترد عافيتها منها بعد.

وفي حوار خاص لـ"عربي21"، قال الحاج صلاح مدني؛ إن "اعتصام ومرابطة أبنائي مع المصريين في ميدان رابعة؛ من أجل الحرية ومنع العسكر من سرقة إرادتهم التي عبروا عنها في صناديق الانتخابات، التي كانت أول انتخابات نزيهة في تاريخ مصر، وتحدث عنها العالم مذهولا مشدوها".

وأكد مدني أن رابعة كانت ملتقى الشرفاء؛ تتجلى فيها المآثر في حب الوطن والذود عنه وعن حقوق الشعب المصري، لعدم سلبه حريته، ولكن أراد أعوان الصهاينة ووكلائهم غير ذلك، وشهد لهم العالم بالسلمية والوطنية، وقتل فيها الضمير الحي للإنسان والإنسانية، ولم تأخذ حقها حتى الآن.

وتاليا نص الحوار:

في مثل هذه الأيام يستذكر الملايين في العالم واحدة من أكبر مجازر العصر وهي مجزرة رابعة.. كيف تستذكرها وقد فقدت فيها أربعة من فلذات كبدك ما بين قتيل ومعتقل؟

كنت أود الحديث عن أبنائي، الشهيد أحمد، والمعتقلين، محمد وياسر ومصطفى، في ذكرى المجزرة الكبرى التي وقعت على أيدي قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي وعصابته، لكن سمعنا خبر استشهاد الدكتور والمجاهد الخلوق عصام العريان، عرفناه رجل العلم والإيمان والعطاء والبذل، ولن نوفيه حقه مهما تحدثت عن مناقبه وصفاته.

الدكتور عصام ورفاقه في المعتقلات هم خيرة أبناء البلد، استهدفهم الصهاينة من خلال وكلائهم في مصر للنيل من عقول المحروسة إما بالقتل أو الحبس أو المطاردة، ومن قبل الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، وغيرهم كثر من خيرة أبناء الشعب.

ماذا تقول في الذكرى السابعة لمجزرة رابعة وأخواتها؟

ذكرى رابعة ستظل في وجدان الشعب المصري شاهدة على إجرام العسكر والعصابة التي سرقت الأمل والحلم والأمن والأمان والحاضر والمستقبل، رابعة كانت أمل الشرفاء من أبناء هذا الوطن من أجل حياة كريمة وديمقراطية حقيقية وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

كيف ترى ما حدث في رابعة من قبل قوات الجيش والشرطة؟

خيانة.. الخيانة جاءت على ظهر دبابة، كنا نقول إن الجيش الذي حمى ثورة يناير وخرج المتحدث باسم المجلس العسكري ليلقي التحية العسكرية لشهداء الثورة في مشهد أثلج صدور المصريين، لن يخذل المصريين، ولكنه كان مشهدا خادعا، وعقيدة الجيش تغيرت من أجل الحكم، وإعادة البلاد تحت حكم العسكر مجددا.

كيف فقدت نجلك أحمد في فض اعتصام رابعة؟

يوم الأربعاء، أي يوم الفض استشهد ابني أحمد بسلاح جيش السيسي وليس الجيش المصري في الحقيقة، ليس الجيش الذي حارب الاحتلال الإسرائيلي في 1973، أحمد كان خلوقا؛ مشهود له بالخلق بين أقرانه، وحب الوطن، والاستعداد للتضحية من أجله، وكان يسأل الله الشهادة على أبواب المسجد الأقصى برصاص قوات الاحتلال لا قوات السيسي.

كيف ودعت أحمد القادم من الإسكندرية للقاهرة للمشاركة في الاعتصام؟

في يوم الجمعة، في اليوم الثالث من استشهاد أحمد دفن في جنازة مهيبة، انطلقت من مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية إلى المدافن، ورغم أن المسافة لا تستغرق 10 دقائق، ولكنها استغرقت ساعة إلا ربعا بسبب شدة الازدحام وكثرة المشيعين، وبعد الجنازة اعتدت قوات الجيش والأمن على الناس المسالمين، وقتل نحو 30 منهم في مشهد أشبه بمجازر الاحتلال.

ما هي العلامات التي رافقت استشهاد أحمد ؟

أحمد عقب استشهاده لم يكن ميتا بل كان نائما، جسده غض طري، رغم دفنه في اليوم الثالث دون أن يدخل ثلاجة لعدم وجود مكان، ولكن سبحان الله! كانت رائحته الزكية ملأت جوانب المكان، والعلامات التي رأيناها عليه أثلجت صدورنا، وأكدت لنا أن دماءهم لم تذهب سدى وكانوا على حق، والجميع رأوا وشموا الروائح الزكية لكثير من الشهداء.

"جنازة مهيبة لوفاة أحمد مدني"
ماذا عن معاناة باقي الأبناء الثلاثة في سجون مصر؟
 
القتل والسجن والاضطهاد الذي شاهدناه لن يمر أبدا، لأن الله لا يرضى لعباده الظلم، يقول الحق يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، ولن يترك الله الظالمين ليفلتوا بجرائمهم من أمثال السيسي وأعوانه من الإعلام والقضاء الفاسد، فمن أعان على قتل مسلم جاء مكتوبا على جبينه (آيس من رحمة الله)، والوقت يمر سريعا، والحساب آت.

الحديث عن معاناة المعتقلين في سجون السيسي كثير، وما يلقونه في أوقات الحر والبرد لا يلقاه أحد في أي سجن في العالم، فهم شباب وشيوخ ونساء بلا زيارات، وبلا حقوق، وبل دواء، إضافة إلى القتل خارج إطار القانون، والموت البطيء.

حدثنا عن معاناة ياسر مدني المصاب في أحد السجون المصرية؟

أحد أولادي، ويدعى ياسر، غربوه من سجن بالإسكندرية إلى سجن جمصة، رغم أنه يعاني من رشح في المخ، وحرموه من زيارة أهله له، ووضعوه مع الجنائيين، ولديه عين فقئت لا يرى بها، والعين الأخرى ضعيفة، وكسر أحد كفيه، وحالته يرثى له، ومع ذلك لا يزال معتقلا ومحكوما عليه بالسجن 13 عاما في قضية ملفقة، مثله مثل باقي آلاف المعتقلين.

ماذا عن محمد مدني الصحفي الذي عمل في العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية كمراسل؟

الابن الثاني محمد مدني، صحفي معروف، ثار على أوضاع الأطفال في سلخانة، المؤسسة العقابية بالدور الرابع بمديرية الأمن فكتب عنها، ولكن اعتقلوه وحكم عليه في قضية عسكرية بالسجن 10 سنوات، ورغم مرضه في ظل هذه الظروف البائسة لا توجد رعاية طبية متكاملة، ولكن له الله يحفظه.

أخيرا ماذا عن نجلكم الأصغر الذي نال قسطا من السجن والملاحقة الأمنية؟
 
أما مصطفى، الابن الأصغر،  فأمضى سنتين في السجن حيث ألقت قوات الأمن القبض عليه بعد الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة بيومين فقط، وتم اتهامه باتهامات باطلة لا أساس لها، ولكن الله منّ عليه، وحفظه من مكرهم وشرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق